أحمد الشريف
اهتمام حكومة البناء والتغيير بصرف جزء من المرتبات للموظفين، وفقاً لما هو متاح في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة والمعقدة بسبب العدوان والحصار الذي مضى عليه ما يقارب عشرة أعوام ولا يزال مستمراً، يعد خطوة إيجابية تحسب لها. هذا رغم أن الموظفين، خاصةً ذوي الدخل المحدود الذين لا يوجد لديهم مصدر دخل آخر، يعانون من الوضع الراهن.
إذا ما صلحت النية وجعلت معاناة الموظفين أولوية، فستتمكن الحكومة من الاستمرار في هذا النهج. لذا، وجدت أنه من العدل العودة قليلاً إلى الوراء لمقارنة الوضع الحالي بما كان عليه في العقود الماضية في ظل زمن السلم ووجود الموارد المحلية المتدفقة والمساعدات الخارجية التي كانت أكثرها متوافرة. رغم ذلك، كانت الحكومات اليمنية المتعاقبة تشكو وتلجأ، في كثير من الحالات، إلى اتخاذ إجراءات قاسية وأحياناً جرع تنعكس سلباً على الحياة المعيشية للمواطنين بحجة العجز عن دفع مرتبات الموظفين.
وتستمر “الشرعية المزعومة” في كونها امتداداً لتلك الحكومات، رغم ما تمتلكه من موارد ومساعدات وودائع بمليارات الدولارات. لم تتمكن هذه الحكومة من الحفاظ على سعر العملة الذي انهار تدريجياً حتى أصبح سعر صرف الريال السعودي في المناطق التي تسيطر عليها مساوياً لسعر الدولار في المناطق الحرة. وعلى الرغم من مواردها، لم تف الحكومة بالوفاء بصرف مرتبات الموظفين نتيجة الفساد الذي يمارسه مسؤولوها.
إلا أنني أجد نفسي حائراً ولا أستطيع تفسير ما يحدث اليوم في ظل الحصار الخانق الذي فرضه العدوان الظالم على اليمن للعام العاشر على التوالي من الجو والبحر والبر، وانعدام الموارد المحلية، وانقطاع المساعدات الخارجية. ورغم هذه الظروف الصعبة، تكاد الحياة تكون طبيعية ومؤسسات الدولة متماسكة، ويتم صرف جزء من مرتبات الموظفين بحسب المتاح.
هل يعني ذلك أن الفساد الذي كان متمثلاً في الموازنات الشهرية الخاصة للقادة العسكريين والمشايخ والوجاهات وكبار المسؤولين كان السبب في الأزمات المالية التي شهدتها الحكومات السابقة؟ عندما تم تجفيف هذه الموازنات الخاصة وقطعها، استطاع اليمنيون الاعتماد على أنفسهم بإمكاناتهم المتواضعة، واكتشاف مكامن الخلل التي كانت سبباً في رهن القرار السياسي اليمني للخارج.
كان الاعتقاد لدى البعض أن أي حكومة يمنية لا تعتمد على مساعدات الخارج سيكون مصيرها الفشل، وهو اعتقاد خاطئ أثبتت التجربة أنه مجرد وهم في مخيلة أولئك الذين جعلوا مصالحهم الشخصية فوق مصالح الشعب والوطن. وحتى اليوم، ما زال البعض يمارس هذه اللعبة القذرة، بما فيهم أناس محسوبون صورياً على المسيرة القرآنية. هذا هو السبب في أن قائد الثورة الشعبية السيد عبدالملك الحوثي قد وجه لهم انتقاداً شديداً في أكثر من مناسبة، مطالباً بإنزال أشد العقاب بحقهم وفضحهم على الملأ.
الدليل على صحة ذلك أن الوضع القائم، رغم صعوبته في ظل العدوان والحصار، صامد في مختلف الجبهات العسكرية والسياسية والاقتصادية بفضل الإرادة القوية التي برهن الشعب اليمني من خلالها، بتوكله على الله، أنه قادر على الدفاع عن نفسه وسيادته واستقلال قراره.
من الناحية العسكرية، تحوّل اليمن إلى دولة إقليمية يحسب لها ألف حساب. وما قامت به من دعم وإسناد لمظلومية غزة، وقصف إسرائيل في عمقها، ومحاصرتها اقتصادياً من البحر، يعد أكبر دليل على ما وصل إليه اليمن من قوة.
مع الأسف الشديد، لا يزال القرار العربي بيد الدول الكبرى، وخاصة أمريكا، التي تتحكم في مصائر الحكام العرب وتفرض عليهم توجهاتها. من موقفهم من العدوان الصهيوني على غزة ولبنان، يتضح أن ضعف العلاقات العربية-العربية لم يكن من فراغ، بل هو نتيجة تفاعل مجموعة من العوامل في البيئة العربية، مما يفرض وصاية على الدول العربية.
وقد أثبتت الأيام أن من يرهن نظامه لدول استعمارية من أجل حمايته سرعان ما يجد نفسه وحيداً عندما تضعف الدولة التي يعتمد عليها. وهذا هو حال النظام السعودي اليوم، بعد أن أصبح ضعيفاً في مواجهة التحديات. وما حدث في سوريا يجب أن يكون عبرة لمن لا يعتبر.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
بعد قرار الحكومة الأخير| شروط إعارة الموظفين للعمل بالداخل أو بالخارج
نشرت الجريدة الرسمية أمس الأحد، قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 725 لسنة 2025، باستثناء الهيئة العامة للرعاية الصحية من تطبيق أحكام قرار رئيس الوزراء رقم 1804 لسنة 2022، بشأن إطلاق مدد الإعارات والإجازات الخاصة بدون أجر للعمل بالخارج.
وبالتزامن مع هذا القرار، ننشر شروط إعارة الموظفين وفقًا لقانون الخدمة المدنية، والتي جاءت كما يلي:
نص القانون على إنه يجوز بقرار من السلطة المختصة إعارة الموظف للعمل بالداخل أو الخارج بعد موافقة كتابية منه، ويُحدد القرار الصادر بالإعارة مدتها، ويترتب على إعارة شاغل وظيفة من الوظائف القيادية أو الإدارة الإشرافية انتهاء مدة شغله لها.
يكون أجر الموظف المعار بكامله على الجهة المستعيرة ، وتدخل مدة الإعارة ضمن مدة خدمته، ولا يجوز ترقية المعار إلا بعد عودته من الإعارة واستكمال المدة البينية اللازمة لشغل الوظيفة الأعلى مباشرة ولا تدخل مدة الإعارة ضمن المدة البينية اللازمة للترقية .
وتدخل مدة الإعارة ضمن مدة اشتراك الموظف في نظام التأمين الاجتماعي واستحقاق العلاوة وذلك مع مراعاة أحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، وتحدد اللائحة التنفيذية القواعد الخاصة بالإعارة .
و يتم الأجر الوظيفي للوظائف، وفقا للأحكام الواردة بالقانون، حيث يستحق الموظف أجره من تاريخ تسلمه العمل.