انتقد معهد المشروع الأمريكي لأبحاث السياسة العامة، بشدة، اتفاق ستوكهولم بين الحكومة اليمنية ومليشيا الحوثي، مع استمرار الأخيرة في استخدام ميناء الحديدة لأغراض عسكرية وتهريب مواد ممنوعة، مشيرًا إلى أنه في حال حدوث أي تنسيق مع القوات الحكومية وإسنادها جوًّا لتحرير المدينة، ستنهار الجماعة أسرع مما انهار حكم بشار الأسد في سوريا.

وأوضح المعهد، في قراءة له بشأن التطورات في اليمن، خصوصًا في ظل التصعيد الحوثي في البحر الأحمر وتهديد الملاحة الدولية، أن استمرار سيطرة هذه المليشيا على مدينة الحديدة المطلة على البحر الأحمر يعزز المخاطر التي تهدد الأمن البحري.

وأكد أن "ميناء الحديدة كان ولا يزال شريان حياة لمليشيا الحوثيين في اليمن"، مشيرًا إلى أن المليشيا تتلقى أسلحة إيرانية أكثر تطورًا تصل إلى مدينة الحديدة عبر طرق تهريب تمر عبر سلطنة عُمان.

ولأن مليشيا الحوثي تدرك أهمية الميناء لبقائها، فهي تعمل جاهدة للحفاظ على سيطرتها عليه، وفقًا للمعهد.

دعايات حوثية بدعم قطري

وعلى الرغم من أن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً حظيت بدعم كبير من السعودية والإمارات ضد مليشيا الحوثي بهدف تحرير الميناء، إلا أن الدعاية الإعلامية للجماعة تصاعدت بشكل كبير، "مدعومة بوسائل إعلام قطرية مثل الجزيرة، التي كانت تُقدِّم آنذاك عداء قطر للسعودية والإمارات على أنه حقيقة".

وزعمت هذه الدعاية أن "تكلفة إخراج الحوثيين من الحديدة ستكون باهظة، خصوصًا إذا تسببت في تعطيل عمل الميناء ووصول المساعدات الإنسانية"، وهو ما قبله "التقدميون في الحزب الديمقراطي، واليساريون الأوروبيون، ومعظم العاملين في المجال الإنساني".

وأضاف المعهد: "هنا تدخلت الأمم المتحدة ساعيةً إلى حوار بين أطراف النزاع لتخفيف المعاناة الإنسانية. وتُوِّجت هذه الجهود في ديسمبر 2018 باتفاقية ستوكهولم، التي اشترطت –ضمن بنود أخرى– على الحوثيين السماح لطرف ثالث محايد بإدارة الميناء، واستخدام عائداته لدفع رواتب القطاع العام".

ولفت المعهد إلى أن "الحوثيين خرقوا الاتفاق منذ البداية، وأصروا على الاحتفاظ بموظفيهم في الميناء، مما خلق وضعًا تدفع فيه الأمم المتحدة رواتب موظفين تابعين للحوثيين".

أسلحة وممنوعات

وكشف المعهد عن حزمة من الأخطاء والتجاوزات التي تخللت نظام التفتيش الأممي للسفن المتجهة إلى ميناء الحديدة، مما أسهم في تعزيز قدرات المليشيا، رغم أن هذا النظام، من وجهة نظر المعهد، يعد نموذجاً للحلول غير الفعالة.

وقال المعهد: "نظام التفتيش الذي أنشأته الأمم المتحدة كان نموذجًا للحلول التي تفضل الرمزية على الفعالية، وهو أسلوب تتبعه الأمم المتحدة دائماً؛ إذ كانت السفن تتوجه إلى جيبوتي للتفتيش قبل الإبحار إلى الحديدة، ثم تصدق الأمم المتحدة أن مفتشيها لم يجدوا سوى بضائع إنسانية على كل سفينة".

لكن الثغرة كانت واضحة، وفقًا للمعهد، حيث "يمكن للسفن التي ترفض التفتيش التوجه مباشرة إلى الحديدة وتفريغ حمولتها – غالباً أسلحة وممنوعات أخرى – لعمال الميناء الحوثيين، الذين ينقلونها بسرعة".

وأشار المعهد إلى أن "اتفاقية ستوكهولم كان لها هدف آخر"، حيث "وفرت ذريعة لتجنب العمل العسكري"، وهي الذريعة التي تجلت في ادعاءات "العالم بأن الاتفاقية حلّت مشكلة تهريب الأسلحة عبر الحديدة، وأن نقص المساعدات الإنسانية لم يعد مبررًا لشن معركة وشيكة".

واستغلت مليشيا الحوثي وحليفتها إيران هذا المشهد الضبابي للسعي إلى "تأمين ميناء الحديدة"، في حين كانت القوات المشتركة "متحفزة للاستيلاء على المدينة"، بعدما توغلت في أجزاء منها قبل اتفاقية ستوكهولم في ديسمبر 2018.

وأوضح المعهد أن "المناورات السياسية حول الحديدة أدت إلى تعزيز نفوذ الحوثيين وزيادة التهديد الذي يشكلونه على الملاحة البحرية"، بدلاً من تحقيق السلام.

وأكد أنه في حال كانت هناك جدية لدى "الولايات المتحدة والإمارات والسعودية ومصر والشركاء الدوليين في إنهاء تهديد الحوثيين، فعليهم التخلي عن وهم نجاح اتفاقية ستوكهولم، وسد الثغرة التي تجعل التفتيش اختياريًّا".

واقترح المعهد على "الولايات المتحدة وحلفائها فرض حصار على الحديدة، والسماح فقط للسفن التي تخضع لعمليات تفتيش حقيقية بالمرور، بدلًا من اللجوء إلى تحركات عسكرية غير فعالة، مثل الدوريات البحرية التي وصفها بأنها غير مجدية، والتي اتبعها بايدن".

وشدد على ضرورة التنسيق مع القوات الحكومية اليمنية لدعمها جوًّا من قِبَل الولايات المتحدة، ما "يمكنها من التقدم نحو الحديدة والسيطرة عليها"، خصوصًا أن "الحوثيين غير محبوبين في الحديدة"، كما أن "قبضتهم ضعيفة وسينهار تحكمهم في المدينة المينائية أسرع مما انهار حكم بشار الأسد في حلب ودمشق خلال الهجوم الأخير لهيئة تحرير الشام".

واختتم التقرير بالقول: "اليمن جاهز لبداية جديدة، واليمنيون مستعدون وينتظرون أن يلحق الحوثيون بحزب الله إلى غياهب النسيان".

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: میناء الحدیدة الأمم المتحدة إلى أن

إقرأ أيضاً:

لماذا تطرح بعض الأوساط الإيرانية فرضية التخريب وراء انفجار الميناء؟

طهران- رغم أن التحقيقات الأولية بشأن انفجار ميناء "الشهيد رجائي" الواقع بمدينة بندر عباس الإيرانية لم تتضح بعد، فقد طرحت بعض الأوساط الإيرانية احتمالية أن الانفجار قد يكون ناتجًا عن عمليات تخريبية، نظرا للظروف السياسية المحيطة بهذا الحادث.

الحادث المشابه إلى حد كبير لكارثة مرفأ بيروت التي وقعت عام 2020، جاء نتيجة اندلاع حريق في إحدى الحاويات التي كانت تحتوي على "بضائع خطرة ومواد كيميائية"، وتحول الحريق بسرعة إلى انفجار ضخم أدى إلى تصاعد سحابة فطرية ضخمة برتقالية اللون، وهو ما أثار الذعر في المنطقة وأدى إلى تدمير جزء من الميناء.

???? بالصور.. الخسائر الناجمة عن انفجار ميناء رجائي

شهد ميناء “الشهيد رجائي” في مدينة بندر عباس، جنوب إيران، يوم السبت، انفجارًا ضخمًا أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 36 شخصًا وإصابة نحو 800 آخرين، بحسب ما أفادت به تقارير إعلامية رسمية. وقد خلف الحادث أضرارًا جسيمة في الميناء والمناطق… pic.twitter.com/jth451zsuy

إيران بالعربية (@iraninarabic_ir) April 27, 2025

تغريدة عراقجي

قبل وقوع الانفجار، نشر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي تغريدة على منصة "إكس" عبر فيها عن قلقه من "أي استفزازات أو محاولات تخريب" قد تهدف إلى عرقلة المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن.

إعلان

وأكد عراقجي، في تغريدته، أن "أجهزتنا الأمنية في حالة تأهب قصوى"، محذرًا من أن بعض الأطراف قد تسعى لعرقلة هذه المفاوضات باستخدام أساليب متعددة، وارتبطت هذه التغريدة بشكل واضح بالتحذيرات الإيرانية التي سبقت الانفجار، مما جعل فرضية التخريب تبرز بشكل قوي بين الأوساط السياسية الإيرانية، التي ربطت هذا الحادث بمحاولات لعرقلة التقدم في المفاوضات النووية.

وفي وقت الحادث الذي أسفر حتى مساء اليوم الأحد عن 40 قتيلا، كانت الجولة الثالثة من المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة قد اختتمت في سلطنة عمان، مع حديث إيراني عن خلافات مع واشنطن في القضايا الرئيسية والتفاصيل، حسب تصريحات لوزير الخارجية عراقجي أمس، ما أثار مزيدًا من التساؤلات حول إمكانية أن يكون الانفجار في ميناء رجائي مدبرًا بهدف التأثير على هذه المحادثات.

الباحث مصطفى نجفي، المعروف بقربه من قيادات رفيعة في النظام الإيراني، مثل الجنرال محسن رضائي، أشار إلى أن انفجار ميناء "الشهيد رجائي" في إيران جاء في التوقيت نفسه للتفجير الذي استهدف قائدًا عسكريًّا روسيًّا بالقرب من موسكو.

وقال نجفي، عبر قناته على منصة "تليغرام"، إنه من الممكن أن يكون هذا التزامن بين الانفجارات في روسيا وإيران مرتبطًا بزيارة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، إلى كل من موسكو ومسقط، ما يعزز فرضية وجود أطراف ترغب في إفساد المحادثات بين الأطراف المعنية.

على الرغم من أن إخماد الحريق في ميناء الشهيد رجائي كان على وشك الانتهاء، إلا أن عدة حاويات انفجرت واشتعلت النيران مرة أخرى. pic.twitter.com/wvAeaHzZ1C

— إيران بالعربية (@iraninarabic_ir) April 27, 2025

فرضيات التخريب

وفي سياق تحليل الأوساط الإيرانية، تشير بعض الدراسات إلى أن هذا الانفجار قد يكون محاولة لإرسال رسالة إلى الطرفين المعنيين بالمفاوضات، سواء كان ذلك من أطراف داخلية أو خارجية. وإذا كان هذا الحادث ناجمًا عن تخريب، فإن الهدف المحتمل من ورائه هو الضغط على إيران في المفاوضات النووية، عبر محاولة إظهار ضعف طهران في تأمين أهم منشآتها الحيوية.

إعلان

بينما يشير البعض الآخر إلى أن التفجير قد يكون محاولة لعرقلة تقدم المفاوضات بشكل عام وليس فشلها، إذ يمكن أن يكون الهدف هو إظهار أن هناك أطرافًا أخرى تراقب عن كثب سير هذه المفاوضات، ويجب أن تؤخذ مصالحها بعين الاعتبار.

مكانة إيران في المفاوضات

الباحث صلاح الدين خديو، في تحليله للوضع، أشار إلى أن انفجار ميناء "الشهيد رجائي" يمكن أن يكون له تأثير سلبي كبير على مكانة إيران في المفاوضات النووية. وإذا كانت إيران تحت ضغط اقتصادي أميركي، فإن هذا الحادث قد يعزز الموقف الأميركي في المفاوضات، ويُعرقل قدرة إيران على تقديم تنازلات.

ووفقًا لخديو، فإن وجود هكذا حادث في هذا التوقيت يعكس تدهورًا أمنيًّا في إيران قد يؤثر على مصداقية طهران في أعين المجتمع الدولي، مما قد يضعف موقفها في التفاوض مع واشنطن.

من جهته، يبرز الناشط السياسي أحمد زيد آبادي فرضية أن الانفجار قد يكون نتيجة لعمليات تخريبية قامت بها إسرائيل أو جماعات إرهابية محلية، مضيفا في مقال له نشر في صحيفة "اقتصاد بويا" أن "تزامن الحادث مع المفاوضات النووية هو تزامن غير مألوف قد يكون مدبرًا".

واستشهد بذلك بما أشار إليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مقابلة مع مجلة "تايم" مؤخرًا، حيث قال إن "نتنياهو لن يجرني إلى حرب قد يخوضها مع إيران"، موضحًا أن هذا التصريح قد يكون دلالة على أن إسرائيل ربما تُشجع على القيام بعمليات تخريبية دون أن يكون هناك تدخل مباشر من القوات العسكرية.

الجوانب الاقتصادية والسياسية

في الوقت الذي تشير فيه بعض الأوساط إلى تورط أطراف خارجية، هناك من يذهب إلى أن الحادث قد يكون مدبرًا من قبل أطراف داخلية في إيران، فالباحث محسن زينلي بور يرى أن الحادث يمكن أن يكون خطوة من قبل جماعات داخلية مستفيدة من الوضع الراهن، خاصة تلك التي تتضرر مصالحها الاقتصادية إذا تم التوصل إلى اتفاق نووي يخفف من العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

إعلان

وذكر زينلي، في تحليله، أن وقف العمل مؤقتًا في ميناء "الشهيد رجائي" سيتسبب في عرقلة واردات السلع الأساسية، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في السوق المحلية، وهو ما سيعود بالفائدة على بعض الجهات التي تستفيد من الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.

وفيما يتعلق بالتقارير الغربية التي ربطت الحادث بتعامل غير صحيح مع شحنة من الوقود الصلب المخصص للصواريخ، نفى المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني إبراهيم رضائي هذه التقارير بشكل قاطع.

وأكد رضائي، في منشور له على منصة "إكس"، أن الحادث لا علاقة له بأنشطة الدفاع الإيراني، مشيرًا إلى أن التحقيقات ما زالت جارية لفهم السبب الحقيقي وراء الحادث.

مقالات مشابهة

  • رئيس الأركان: خريجو معهد ضباط الصف المعلمين هم العمود الفقري للقوات المسلحة
  • تغلغل جهادي.. معهد أمريكي يثير المخاوف من نشر التطرف القطري
  • مكتب “أوتشا” يعبر عن قلقه بشأن الغارات التي ضربت مركزًا لإيواء المهاجرين بصعدة
  • قسم شرطة حلب الجديدة يستعيد مسروقات بقيمة 20 ألف دولار أمريكي و35 مليون ليرة سورية
  • “أوتشا” يعبر عن قلقه بشأن الغارات التي ضربت مركزًا لإيواء المهاجرين بصعدة
  • إردوغان: 200 ألف سوري عادوا لبلادهم من تركيا منذ سقوط الأسد
  • لماذا تطرح بعض الأوساط الإيرانية فرضية التخريب وراء انفجار الميناء؟
  • معهد دراسات إسرائيلي: الإستراتيجية الروسية تشكل تهديدا لتل أبيب
  • الجمارك الإيرانية: حاويات ميناء رجائي المتضررة كانت محمّلة بمواد كيميائية
  • عاجل| الجمارك الإيرانية: الحاويات المتضررة بميناء رجائي كانت تحتوي على مواد كيمياوية