تجددت الاحتجاجات الشعبية الغاضبة، الخميس، في مدينتي عدن والضالع (جنوبي اليمن)، تنديداً بتردي الخدمات واستمرار انقطاع الكهرباء بشكل كامل لأكثر من 48 ساعة متواصلة، وسط مطالب متزايدة بعودة مجلس القيادة الرئاسي وأعضاء الحكومة لممارسة أعمالهم من داخل البلاد.

وأفاد شهود عيان بأن احتجاجات غاضبة شارك فيها مئات المحتجين اندلعت ظهر اليوم الخميس في شوارع مديريات المنصورة، والشيخ عثمان، وخور مكسر، احتجاجاً على استمرار انقطاع الكهرباء.

وأضرم المحتجون النيران في إطارات السيارات التالفة، وأغلقوا الطرقات الرئيسة أمام حركة المرور، في ظل حالة من الغليان الشعبي المتصاعد.

وفي محافظة الضالع، ذكرت مصادر مطلعة أن مئات الشبان خرجوا في احتجاجات ليلية، وقاموا بقطع الخط العام وسط مدينة الضالع، عاصمة المحافظة.

وبحسب المصادر، أضرم المحتجون النيران في الإطارات، معبرين عن غضبهم من انهيار الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الكهرباء، التي قالوا إنها منقطعة عنهم تماماً منذ أسابيع.

وخرجت الكهرباء عن الخدمة بشكل كامل في عدن والمحافظات المجاورة منذ مساء الثلاثاء، بسبب نفاد الوقود في محطات توليد الطاقة وعدم تزويدها بكميات إضافية، نتيجة منع حلف قبلي في حضرموت نقل الوقود إلى عدن لتشغيل المحطات.

وكان حلف قبائل حضرموت قد أعلن، الإثنين الماضي، منع خروج النفط الخام، بما في ذلك النفط المخصص لكهرباء عدن، في خطوة تهدف إلى الضغط على مجلس القيادة الرئاسي لتنفيذ مطالبه.

انهيار الخدمات

على خلفية الأزمة، أطلق مرضى الفشل الكلوي في مستشفى الجمهورية بعدن، اليوم الخميس، نداء استغاثة عاجلاً عقب توقف المركز عن العمل بسبب انقطاع الكهرباء، مما يعرض حياتهم للخطر.

يأتي ذلك بعد يوم واحد من إعلان المؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي توقف خدماتها نتيجة تعطل محطات التوليد وعدم القدرة على تشغيل مضخات المياه.

تحركات حكومية متأخرة

من جانبه، شدد مجلس القيادة الرئاسي على ضرورة عودة الحكومة إلى عدن لمباشرة أعمالها من الداخل، بعد أن اكتفت بإدارة شؤون البلاد من العاصمة السعودية الرياض.

جاء ذلك بالتزامن مع إعلان رئيس الحكومة عن توفير حلول عاجلة لإمداد محطات الكهرباء بالوقود من شركة صافر بمحافظة مأرب.

في الوقت ذاته، تبادل شركاء الحكومة الاتهامات بالتقصير والفساد، مشيرين إلى أن أزمة الخدمات لم تعد مجرد مشكلة إدارية أو فنية، بل أصبحت مؤشراً خطيراً على تآكل سلطة الدولة وفشلها في أداء مهامها، في ظل استمرار الانقطاع التام للكهرباء والمياه لأيام متواصلة، وارتفاع أسعار الوقود والغاز، وانهيار العملة المحلية التي تقترب من 600 ريال مقابل الريال السعودي.

أزمة متكررة بلا حلول

ويرى مراقبون أن التصريحات الرئاسية والحكومية لن تحدث أي تغيير في مجريات الأزمة المتجذرة، خاصة أنها تتكرر سنوياً وعلى مدار أكثر من ست سنوات، مع غياب المحاسبة والمساءلة رغم توثيق قضايا فساد كبرى في تقرير لجنة الرقابة والمحاسبة الصادر مطلع يناير الماضي.

وشدد المراقبون على ضرورة مكافحة الفساد ومحاسبة المتورطين بقضايا الفساد وأيضاً بافتعال الأزمات، في ظل استمرار معاناة المواطنين الذين يدفعون ثمن الصراع السياسي والعسكري المستمر منذ انقلاب مليشيا الحوثي في سبتمبر/أيلول 2014.

فساد حكومي

وكانت لجنة الرقابة والمحاسبة في الحكومة المعترف بها دوليًا قد كشفت، في تقرير صدر مطلع يناير الماضي، عن مخالفات في قطاع الكهرباء كبدت خزينة الدولة مئات الملايين من الدولارات.

وذكر التقرير أن من بين هذه المخالفات إبرام شركة مصافي عدن عقودًا مع شركة صينية تحت مسمى "تحديث المصفاة"، بتكلفة 180.5 مليون دولار، رغم عدم وجود حاجة فعلية لهذا المشروع، مما يمثل إهدارًا للمال العام.

كما كشف التقرير عن تجاوزات في عقد شراء طاقة كهربائية بقوة 100 ميجا وات عبر سفينة عائمة من شركة "برايزم إنتر برايس"، بلغت قيمته الإجمالية 128.05 مليون دولار.

وأورد التقرير مخالفات أخرى، مطالباً بمحاسبة المتورطين في إهدار المال العام ونهب مقدرات الدولة، إلا أنه لم يُتخذ أي إجراء ضدهم حتى الآن.

وذكرت مصادر حكومية مطلعة أن الأزمة مرشحة للتفاقم في ظل عدم التعاطي الجاد معها، وعدم معالجة جذور المشكلة المتمثلة في إصلاح المؤسسات الخدمية، وتفعيل دور الرقابة والمحاسبة، وعودة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة للعمل من داخل البلاد، بدلاً من إدارتها عن بُعد.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: مجلس القیادة الرئاسی

إقرأ أيضاً:

عدن.. احتجاجات غاضبة بسبب انقطاع الكهرباء والمياه ورفضاً لحلول ترقيعية مؤقتة

تصاعدت موجة الاحتجاجات الشعبية في العاصمة المؤقتة عدن لليوم الثاني على التوالي، مع تفاقم أزمة الكهرباء التي أغرقت المدينة في ظلام دامس.

خرج المئات من المواطنين الغاضبين إلى الشوارع، في مشهد يعكس حالة السخط الشعبي المتزايد تجاه تدهور الخدمات الأساسية، وسط تجاهل حكومي واضح.

في أحياء المنصورة، الشيخ عثمان، خور مكسر، والقاهرة، أضرم المحتجون النار في إطارات السيارات التالفة، ما تسبب في شلل جزئي للحركة المرورية، فيما علت الهتافات المنددة بفشل مجلس القيادة والحكومة ومطالبة السعودية بترحيل تلك القيادات إلى العاصمة المؤقتة عدن لتتحمل المسؤولية أو محاسبتها على تقصيرها.

كما تكررت التساؤلات عن مصير الإيرادات المالية الضخمة للمدينة، والتي لم تنعكس على تحسين الخدمات، وأين تذهب أموال الجمارك والضرائب والكهرباء والاتصالات؟

قطاع الصحة على حافة الانهيار

أزمة الكهرباء لم تتوقف عند إغراق المنازل والمؤسسات في العتمة، بل امتدت إلى تهديد حياة المرضى، إذ حذرت وزارة الصحة العامة والسكان في عدن من كارثة إنسانية وشيكة، بعد توقف الكهرباء عن المستشفيات، مما يعرض حياة المئات للخطر، خاصة مرضى الغسيل الكلوي.

وأكدت الوزارة أن الوضع الصحي في تدهور مستمر، في ظل عجز الحكومة عن توفير وقود المولدات الكهربائية، مطالبة بتدخل عاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

أزمة وقود خانقة وارتفاع جديد في الأسعار

بالتزامن مع الاحتجاجات، شهدت عدن ارتفاعًا جديدًا في أسعار المشتقات النفطية، حيث بلغ سعر دبة البترول (20 لترًا) 31,800 ريال يمني، مما زاد من معاناة المواطنين الذين يواجهون أوضاعًا اقتصادية متردية.

وأرجعت مصادر في شركة النفط هذه الزيادة إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد وتراجع قيمة الريال اليمني، ما يفاقم أزمة المواصلات وارتفاع أسعار السلع الغذائية، في ظل غياب أي حلول حكومية حقيقية.

الحلول المؤقتة لا تجدي نفعًا

يرى مراقبون أن أي محاولات لتوفير المشتقات النفطية بهدف تهدئة الاحتجاجات لن تكون أكثر من "مسكنات مؤقتة"، إذ إن المشكلة الحقيقية تكمن في الفشل الإداري والفساد المستشري داخل الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.

ويؤكد المحللون أن استمرار الأزمة دون حلول جذرية يعزز حالة الغضب الشعبي، ويجعل عدن على صفيح ساخن، حيث لم يعد السكان يحتملون مزيدًا من المعاناة.

ويشير آخرون إلى أن الحل يكمن في إعادة القيادات الحكومية مع أسرهم المقيمين في الخارج إلى الداخل لمواجهة الواقع، بدلًا من إدارتهم للأزمات من الفنادق والشقق الفخمة في الخارج، حيث يعيشون بعيدًا عن معاناة المواطنين.

في الوقت نفسه، يحذر خبراء اقتصاديون من أن استمرار انهيار العملة وارتفاع الأسعار، مع غياب سياسات واضحة للإصلاح الاقتصادي، يجعل من الصعب التنبؤ بمستقبل الأوضاع، مما يهدد بانفجار أكبر للأوضاع في المدينة التي تعيش على وقع الأزمات المتتالية منذ سنوات.

مقالات مشابهة

  • عدن.. احتجاجات غاضبة بسبب انقطاع الكهرباء والمياه ورفضاً لحلول ترقيعية مؤقتة
  • توسع الاحتجاجات الغاضبة إلى لحج والضالع تنديدا بتردي الخدمات وانقطاع الكهرباء
  • الانتقالي يقر بفشله وعجزه من انقاذ عدن ويحمل المجلس الرئاسي والحكومة مسؤولية انهيار الاقتصاد
  • عدن تشتعل غضباً.. احتجاجات واسعة بسبب توقف الخدمات وانهيار العملة
  • بعد انقطاع الكهرباء..احتجاجات واسعة في عدن
  • عدن تشتعل غضبا احتجاجات ليلية وقطع طرق بسبب إنهيار كلي للكهرباء لأول مرة في تاريخ المدينة
  • "باتيس" يدعو المجلس الرئاسي والحكومة والبرلمان للعودة إلى اليمن وانتشاله من الانهيار الاقتصادي
  • عدن.. مؤسسة المياه تبعث نداء عاجل للمجلس الرئاسي والحكومة بتوقف الخدمة إثر نقص الوقود
  • تفاصيل إقالة السعودية لأعضاء مجلس القيادة الرئاسي في اليمن