آخرها تحرير طفل.. جهود مواجهة ظاهرة الخطف في مدينة حمص
تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT
حمص- لمدة 7 أيام، لم يعرف النوم وهو يعيش برعب وقلق خوفا على ابنه المختطف زين، "لأنني لم أستطع تأمين مبلغ 50 مليون للإفراج عنه" حسب ما يقول مدين الأحمد، معبرا عن اللحظات التي كانت تعيشها أسرته في مدينة حمص.
وفي حديثه للجزيرة نت عن تفاصيل الحادثة، يقول الأحمد إن طفله زين (4 سنوات) كان برفقة أخته ووالدته في سوق "كرم شامي" في مدينة حمص لشراء الثياب، وفجأة فقدت الأم أطفالها لتبدأ البحث عنهما في السوق والصراخ باسمهما، وبعد مرور ما يقارب الساعة وجدت الطفلة دون الطفل، لتخبرها أن "هناك أشخاصا أخذوا أخي، وأنا هربت منهم".
وأضاف أنه بعد يوم، جاءه اتصال من رقم مجهول يطالب بفدية 50 مليون ليرة سورية مقابل ترك الطفل، مهددين بذبحه إذا لم يستجب لمطالب الخاطفين، ليبدأ معهم التفاوض، لأنه لا يملك المال "والمبلغ المطلوب كبير جدا ولا يمكن تأمينه بأي شكل" حسب وصفه.
وعلى مدى 7 أيام، لم يترك الخاطفون الطفل، رغم كل محاولات الوالدين التوسل لهم دون تحقيق أي فائدة، ويقول الأحمد "مع التهديد من قبل الخاطفين بذبح الطفل أو دفع المال، توجهت إلى قسم الشرطة في حمص، وأبلغتهم بالتفاصيل، فتم تحديد موقعهم بعد التواصل معهم بداعي تسليمهم المبلغ، فألقت الشرطة القبض عليهم وحررت طفلي من الخطف".
بدوره، وضّح المساعد أول أحمد الحمادة رئيس قسم حمص الخارجي في الشرطة للجزيرة نت قائلا إنه "بعد ورود بلاغ لقسمنا بوجود طفل مخطوف، وطلب الخاطفين مبلغ 50 مليون ليرة سورية مقابل إطلاق سراحه، تمكنا من تحديد المكان ومحاصرته، ومن ثم تحرير الطفل واعتقال الخاطفين".
ووجه رسالة إلى "كل من يحاول العبث بأمن سوريا، سواء من خاطفين أو مجرمين أو مروجي مخدرات، بالملاحقة والقبض عليهم ويد العدالة سوف تطول جميع المجرمين، وسيتم تحقيق العدل والمساواة بين جميع طوائف المجتمع" حسب قوله.
إعلانوأضاف أنه في لحظة تحرير الطفل، لم يتوقع الخاطفون وجود مراقبة لهم من قبل قوات الأمن والشرطة، "وتم تنفيذ العملية بشكل سريع وخاطف، وبفضل من الله لم يتأذ الطفل، وهو بصحة جيدة وتم تسليمه لأهله" يقول الحمادة.
أكد قائد الشرطة في محافظة حمص المقدم علاء العمران أن ظاهرة الخطف مقابل الفدية المادية تراجعت بشكل كبير بعد انتصار الثورة السورية، وبعد سقوط النظام وحل جميع المليشيات والمجموعات التابعة له، التي كانت تقوم بخطف المدنيين بحجج سياسية وأمنية، بهدف ابتزاز أهالي المخطوفين بمبالغ مالية كبيرة مقابل إطلاق سراحهم.
وأضاف في حديث للجزيرة نت أن "عمليات الخطف كانت مرتبطة ببنية النظام البائد، ومنتشرة بكثرة في ظل غياب القوانين وسيطرة شريعة الغاب، وانتشار مليشيات النظام، بل إن النظام اعتمد عليها في تمويل عمله واستمرار نشاط المليشيات التابعة له" حسب قوله.
ونوه العمران إلى أن آلية قيادة شرطة حمص بالتعامل مع قضايا الخطف تتركز حول استقبال الشكوى من ذوي المخطوف، وجمع المعلومات حول أي حادثة خطف أو غيرها، ومن ثم التنسيق مع بقية الجهات الأمنية ومراكز الشرطة في محافظة حمص لمتابعة القضية والوصول إلى معلومات تساعد في إنجاز أي مهمة، أو الوصول إلى تحرير المخطوفين واعتقال الخاطفين.
وقال العمران إن الدوافع لعمليات الخطف كثيرة، منها:
نشر الفوضى، في ظل الوضع الأمني الذي دخلت فيه البلاد بعد سقوط النظام السابق. الحصول على مبالغ مالية بطريقة سهلة، في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتركة النظام المتهالكة في هذه المجالات. تصفية بعض الحسابات الشخصية من قبل بعض الأشخاص خارج نطاق القضاء، ردا على الظلم الذي تعرضوا له أيام حكم النظام البائد والمليشيات التابعة له. إعلانوموجها حديثه للمتسببين بهذه الحالات، قال العمران بخطاب شديد اللهجة "رسالتنا في هذا المجال هي الضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه العبث بأمن المواطنين وزعزعة الاستقرار، مستغلين الوضع الأمني، وخاصة الذين ينتحلون صفة أمنية بهدف إثارة النعرات الطائفية، ولتجييش الشارع ضد الدولة الجديدة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
ترامب ظاهرة الرئيس الصفيق الذي كشف وجه أمريكا القبيح !
صلاح المقداد
حتى وإن بدأ الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب المُثير للجدل لدى الكثيرين، لا سيما أولئك الذين تنحصر نظرتهم على بعض القشور، الظاهرة رجلاً معتوهًا وكثير التخبط، ونوع من رجال السياسة الذين عدا طوره بما يصدر عنه من تصريحات وتصرفات غير مقبولة تُعبر عن الدولة الأعظم قوة في العالم ، ويعتبرونه بذلك إنسان غير مُتزن تجاوز حدود الممكن والمقبول والمعقول، ويكتفون بهذا التوصيف والتحليل لشخصية ترامب كظاهرة أمريكية قديمة جديدة وتتكرر في التاريخ بإستمرار مع اختلاف في بعض التفاصيل، فإن هذا كله لا يعني كل الحقيقة أو حتى أقل القليل منها .
وتأسيسًا على ما ترسخ في أذهان من انحصرت نظرتهم لترامب على جوانب مُعينة، فلا غرابة أن تقتصر نظرتهم لهذا الرئيس الأمريكي على الإعتقاد الخاطئ بأنه “سوبرمان زمانه وأوانه”، وهؤلاء لا يجدون غضاضة من أن يعتبروا بأن ترامب الذي تم الدفع به للبيت الأبيض تلبيةً لمتطلبات تقتضيها المرحلة، هو أول رئيس أمريكي يستطيع أن يفعل ما يشاء ومتى شاء بلا أي عائق ومانع واعتراض، وتنحصر نظرتهم للرجل عند هذا الحد فقط.
والأكثر غرابة من ذلك أن بدأ ترامب لهؤلاء الذين ينظرون إليه تلك النظرة القاصرة والمحدودة كذلك، وكأنه خارق للعادة ومُغاير لما هو مألوف ومعهود من أمريكا وديمقراطيتها الزائفة التي وصلت اليوم لأسوأ المراحل في تاريخها الأسود لأكثر من سبب يطول شرحه، ويخال لهم أن ترامب جاء بما لم يستطع أن يأتي به من سبقوه في الوصول إلى البيت الأبيض والتربع على كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية .
وفي الحقيقة أن ما بناه أصحاب هذا الإعتقاد عن ترامب يُجافي أهم مضامين الحقيقة التي تُؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن ترامب لا يعدو عن كونه رجل المرحلة العُتل الصفيق بالنسبة لأمريكا ولما تحتاجه هذه الدولة الشريرة المارقة التي أشغلت العالم، وقد جاء ترامب هذا ليؤدي دوره ومهمته المحددة والمطلوبة منه ثم يمضي لحال سبيله.
فضلاً عن أن حقيقة ظاهرة ترامب التي حجبت عن الكثيرين هي ذاتها من تشير صراحةً إلى أن ترامب هذا ينتمي لعالم البزنس والمال ويمثل طبقة الإقتصاد الرأسمالي الإستغلالي الجشع وخصوصياته البرجوازية والإحتكارية بكل مساوئه.
ووفقًا لنفس الحقيقة التي تستعصي على الحجب والتغييب، فإن ترامب كظاهرة أمريكية ميكيافيلية مرحلية لا يمكن في الواقع اعتباره استثناء ومن أكثر الرؤساء الأمريكيين صرامة وقدرة على اتخاذ القرار وبأنه يمتلك كل الصلاحيات التي تخوله وتعطيه حق التصرف ليفعل ما يريد، وتصور أنه يتصرف من تلقاء نفسه بحسب رؤية البعض الضيقة واعتقادهم الخاطئ بشأن الظاهرة الترامبية هذه.
والرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب الذي تم انتخابه عن الحزب الجمهوري وينتمي إلى طبقة رجال المال والأعمال، هو رجل أمريكا الذي يمثلها في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها، وما يصدر عنه يعبر عنها في كل الأحوال، والأهم من ذلك أنه يُؤدي مهمة وظيفية محددة ومرحلية طُلبت منه أو كُلف به، وما كان له أن يتصرف من رأسه كما يتصور البعض.
وقد أستهل ترامب فترة رئاسته الثانية بسلسلة من التصريحات الصاخبة واصدار القرارات المُثيرة للجدل التي لاقت استهجانًا وانتقادات دولية واسعة، ومنها اعلانه اعتزام ضم الولايات المتحدة، كندا وجزيرة غيرلاند وخليج بنما وأجزاء من المكسيك إليها، ورفع الرسوم الجمركية على عدد من الدول، والتهديد بإستخدام القوة في بعض القضايا والأماكن في العالم، والدعوة إلى تهجير سكان غزة وتأجيرها للولايات المتحدة وتهديد سكانها بالجحيم إن رفضوا التهجير القسري .
ولم يكتف ترامب بذلك بل وجه الدعوة مُطالبًا دول عربية واسلامية بدفع مليارات الدولارات لأمريكا نظير حماية وخلافه.
حيث طالب السعودية التي وصفها في فترة رئاسته السابقة بـ”البقرة الحلوب” بدفع خمسة ترليون دولار مقابل حماية وعقود سلاح قال أنها سددت ترليون منها قبل زيارته المرتقبة لها قريبا، وطالب دولة الكويت بالتنازل لبلاده عن نصف ايرادات نفطها لمدة 50 عاماً كنفقات خسرتها أمريكا حسب زعمه في تسعينيات القرن الماضي عند تحرير الكويت من القوات العراقية، وردت عليه الكويت بسداد إلتزامتها المالية تلك في حينه.
كما طالب البحرين خلال لقاء جمعه بولي عهدها قبل أيام بدفع الأموال لأمريكا وقال إن امتلاك دولة كالبحرين مبلغ 750 مليار دولار كثيرُ عليها وعليها دفع نصف هذا المبلغ لواشنطن نظير حماية، وطالب مصر بدفع نصف إيرادات قناة السويس للولايات المتحدة، وهذه المطالب من قبل رئيس الولايات المتحدة لدول معينة اعتبره عدد من المحللين والمراقبين بأنها نوع من الإبتزاز الرخيص والإستغلال الفج الذي تلجأ إليه واشنطن عادة وكانت تطلب تلك المطالب في السابق سراً واليوم اعلنتها وطالبت بها جهاراً بلا تحرج ولا خجل .
وما كان ترامب الذي لا يمكن مقارنته بأطنابه من رؤساء وزعماء العالم الثالث الذين يختزلون دولهم وحكوماتهم وقوانينها في شخصياتهم، كون أمريكا دولة مؤسسات وترامب مجرد موظف له صلاحيات محددة لا يتجاوزها، فيما الأمر يختلف بالنسبة لزعماء وحكام العالم الثالث الذين يمسكون بأيديهم مقاليد الأمور ويعتبرون كل شيء في بلدانهم ومصدر كل شيء وفوق كل القوانين.
وترامب الذي يثير اليوم الجدل والإهتمام وتسلط عليه الأضواء، نظراً لتصريحاته الغريبة ومواقفه الأكثر عجبا وإثارة للجدل في قضايا عدة على مستوى العالم، يمثل ظاهرة خاصة بالولايات المتحدة ويعبر عنها، وبإختصار شديد يمكن القول اجمالاً : إن ترامب بصفاقته وجرأته وحدة وقاحته وصراحته هو الرجل الذي اسقط القناع عن وجه أمريكا القبيح وكشف بما يصدر عنه حقيقتها وهذا هو التعليل الأنسب والأصدق للظاهرة الترامبية وما يترتب عليها من آثار وتداعيات.