«الرَّئيس آلَسَيَسِى».. «يَصْدَعُ بِالْحَقِّ»
تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT
عِنْدَمَا تَحَدَّثَ الرئيس الأمريكى «دونالد جون ترامب»، بحديثه الْبَاطِل والضائع هدرا، الذى أدلى به أواخر الشهر الماضى، على متن طائرة الرئاسة الأمريكية، عن تهجير أهالى قطاع غزة أصحاب الأرض الْأَصْلِيِّينَ، وكأنه يعيد المنطقة الى عَهِدَ وعد بلفور المشؤوم، الذى أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق، حيث إنّ «ترامب» ذكر الأماكن التى سوف يتم نقلهم إليها تَحْدِيدَا «مصر والأردن»، وقد تحدث برأيه هذا عدة مرات، دون أن يعدَل أو يَثْنِيهِ أَحَدَ عَنْه، وكأنه يُمَضِّي قُدُمًا لتنفيذ خطّته وخطة الصهيونية العالمية، بنقل مايزيد عن ١،٥ مليون فلسطينى من سكان غزة وتَسْرِيح أهلها وتصبح خالية خربَة من دُونِهِمَا، مُتَعَلْلَا فى تَبْرِيرُهُ وتَذَرِّعه لهذا التهجير حسب قوله، عن قَسْوَةَ الْعَيْشِ وصُعوبة الْحَيَاةِ وشِدَّتَها، فى هذا القطاع المنكوب الذى ساده الخراب والدّمار، فكيف يقَاسَى أبناء غزة تَحَمَّلَهم مُكَابَدَةُ هذا الشَّقَاءَ وَالْعَذَابَ الأَلِيمَ، وَانٍ هذا التهجير يكون بصورة دائمة أو مؤقتة، لحين الانتهاء من إعادة إعمار غزة، لِكَيْ تُكَوِّنّ صَالِحَة لِعُيِّش مَعيشَةً الحَيَاةُ الآدَمِيُّة فِيهَا، وهذا يُعِدّ قول خاطئ وَفَهْمٍ غَيْرِ صحيح وَعَلَى غَيْرِ حَقيقَتِهِ، لأن الذى كَبَّدَ أهل غزة كل هذه الخَسائِرَ الفادِحَةً، والفَجِيعَةُ المُوجِعةُ المُؤْلِمَة فى الأرواح والممتلكات، وتدمير بنيتها التحتية تَحُتّ جَحِيْمُ الحَرْبُ وَوَطْأَتِهِا، وَنِيرَانها المُشْتَعِلَةٌ المُتَأَجْجَة شَّدِيْدَةُ التَّأَجُّجِ، وَقَامَ يُخَطِّطُ لارْتِكَابِ مَجَازِرُ أَشَدُّ قَسْوَةً وَوَحْشِيَّةٌ، وَجَرَائِمَ اُرْتُكِبت وَلاَزَالَ تَرْتَكِب ضِدُّ الْإِنْسانِيَّةِ، لِأَيُّ شَكْلٍ مِنْ أَشْكَالِ الْإِبَادَةِ الْجَمَاعِيَّةِ للقضاء على شعبها الأعزل، وشَرَدَ سُّكَّانِها وطَرْدُهُمْ وَتَرْكُهُمْ بِلاَ مَأْوىً، وفرض عليهم الحِصَار للتّضييق عليهم وتَجْوِيعُهم، ومنع وصول المُؤَن والإمدادات الإنسانية إليهم، وتسبب فى حدوث كوارث اقتصادية عالمية وَتَهْدِيدُهُ للسلم والأمن الدوليين، لِاِسْتِخْدَامه غَطْرَسَةِ وَجَبَرُوتِ القوة المفرطة، كل هذه الْجَرَائِمُ الْمُرْتَكِبَةُ جَرَائِمَ ضِدُّ سكان غزة جَرَائِمُ حَرْبِ، اِرْتِكَابها بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت، بدَعَمَ من الرئيس الأمريكى السابق «جو بايدن»، الذى أعانَه وأيَّدَه وسانده وقوَّاه عسكريا وماديا ومعنويا، على كل هذه الجرائم والفظائع العلنية، التى شاهدها العالم أجمع، وأصبح نتنياهو وجالانت مطلوب تَوْقِيفهُمَّا دُوَليا كمجرمين حرب، من قبل المدعى العام للمحكمة «الجنائية الدولية».
ومن تُرَّهَات ترامب الْبَاطِلة الْمُنَافِيَة اللَّحَقُ والعَدْلُ، وفيها اختراق وعدم احترام لسيادة الدول، بدعوته ومقترحه المعلن لتهجير سكان أهالى قطاع غزة، إلى رد قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِى يَصْدَعُ وَيُجَاهِرُ مُصَرِّحاً به «الرَّئيس آلَسَيَسِى» فى مؤتمر صحفى علنى عالمى، بقصر «الاتحادية» مع نظيره الكينى «ويليام روتو»، حيث قال سيادته ردا على اِدِّعَاءَات «ترامب» وفكرته بخصوص هذا الشأن، بأن تهجير الفلسطينيين ظلم لن نشارك فيه، وهذه ليست المرة الأولى التى صرح فيها «الرَّئيس آلَسَيَسِى» على رفضه مخَطِّطُ التهجير القسرى للشعب الفلسطينى، بل تحدث فيه قبل ذلك فى مؤتمر صحفى والذي تم عُقده أيضا بقصر «الاتحادية بتاريخ ١٨/١٠/٢٠٢٣ عندما استقبل سيادته، «أولاف شولتس» المستشار الفيدرالى لجمهورية ألمانيا الاتحادية، حيث قال سيادته لَوّ طَلَّبْتُ من المصريين الخروج للتعبير عن رفضهم مخَطِّطُ التهجير، فأن الملايين منهم مستعدون للتظاهر فى الميادين رافضينه، وقد تحقق ذلك بالفعل فى حينه، وقد خرجت جموع الشعب المصرى فى شوارع وميادين مصر كلها تندد بهذا المخَطِّطُ، و«الرَّئيس آلَسَيَسِى» مُصَمِّمُ بِآرَائِهِ وَمَبَادِئِهِ وَعَزِيمَته الوَطَنِيَّةُ الْحَقَّةُ، الصَّادِقَةُ الخالِصَةُ الثَّابِتَة،لحُبَّه لِوَطَّنهُ وَلشَّعْبُه وَ لِأُمَّته الْعَرَبِيَّةِ، وخُصوصاً ضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، و عَلَى حَقٍّه فى تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة على حدود ١٩٦٧ وعاصمتها «القدس الشرقية»، وهذا ما دلَّل على عزمه تأكُّيدًا و تصميمًا، على رفضه لطَلَبِ «ترامب» ومقصده بتهجير الفلسطينيين إلى مصر، حتى لا يتصدع الأمن القومى ووحدة وسيادة البلاد لهذا التهجير، ولا يكون سببا فى إفشال عملية السلام الذى كسبته مصر وإسرائيل، الى جانب ما ينطوى عليه من المطامع الإسرائيلية، وليس ثمة شك الى تحقيق اطماعها التوسعية على حساب الأراضى العربية، وتكون الضفة وغزة فى طليعتها، وقد اتضحت سوء نيتها ومقصدها السىء فى ذلك، بعد ما أَقْدَمَت عَلَيْهِ من جُرْمٍ عن عَمْد، بتوغلها نهاية العام المنصرم داخل الجنوب السورى، فى مدينة «البعث والقنيطرة»، إن مقصد ترامب بتهجير الفلسطينيين ليس شعوره بالعطف والرحمة وَالشَّفَقَةُ عليهم، ولكن سياسته مبنية على تحقيق مصالح سياسية وشخصية له، وتحقيق مصالح توسعية لإسرائيل وتحقيق مصالح أمريكية فى هذه المنطقة العامرة، لأن لا يُهِمّهُم إلا تقويضًا للقضية الفلسطينية، والتوسع على حساب الأراضى العربية، ونهب ثرواتها المادية والتاريخية، إن إجهاض مخَطِّطُ التهجير القسرى للشعب الفلسطينى، عمل مصرى كامِلٌ مُتَكَامِل أَتَمّه الشعب تَضَامَنَا وَ مُؤازِرٌ وَ مُدَعِّمٌ، لمبدأ ومواقف»الرَّئيس آلَسَيَسِى» الرافض لَهّ، ولا يَخْفَى أن الحشود الشعبية، أمام معبر رفح الجمعة الماضية، فى إعلان رفضها لهذا المخَطِّطُ، هو انتصارا للسياسة المصرية، وإضعاف نفوذ السياسة الغربية الداعمة لأمريكا وإسرائيل، وَمَهَّدَ السَّبِيلَ لِطَرِيق الْحَقِّ الْمُسْتَقِيم، للقادة والزعماء العرب، لِيَحْذُوَ حَذْوَ «الرَّئيس آلَسَيَسِى»، فسَارَوَ عَلَى نَهْجَهُ السَالِكٌ الوَاضِحٌ نَهْجَة الْحَقِّ، فَسْتَقَامَ أَمْرُهُم لصُوِّت كَلِمَةِ الْحَقِّ الْأعْلَى وَالثَّبَاتِ عَلَيْهَا، وهى لا لتهجير الفلسطينيين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: دونالد جون ترامب المنطقة الى هذه ال
إقرأ أيضاً:
قرار التهجير لا يخضع لأوامر ترامب ولا موافقة مصر والأردن
يمانيون../
عندما يطلب رئيس أكبر دولة في العالم وبشكل علني وليس من وراء الكواليس تهجير شعب، ويوجه طلبه إلى رئيس مصر وملك الاردن، فهو أمر يجب ألا يُستهان به أو وضعه في خانة جس النبض أو بالونات الاختبار أو المناورات السياسية، خاصة وأنه كرر حديثه أكثر من مرة وبعد إعلان مصر والأردن رفضهما علناً، مما يشير إلى أن هناك إصرارًا أمريكيًا وأن هناك أوراق ضغط أمريكية تجعل من الحديث الأمريكي حديثًا متعاليًا وواثقًا بهذا القدر.
ومن المعلوم أن ملف تهجير أهل غزة إلى مصر والأردن ليس وليد اللحظة، وإنما هو ملف قديم وقابع في أدراج وثائق الأمن القومي الصهيوني، ومن المعلوم أيضاً أن الشعب الفلسطيني أفشله في أكثر من محطة بسبب تمسك الشعب بأرضه، وبسبب وجود مقاومة باسلة تقاوم محاولات التهجير القسري المستمرة، مما يؤكد أن التهجير ليس قراراً أمريكيًا ولا صهيونيًا ولا يخضع لموافقة الدول العربية من عدمه، ولكن يقود الإصرار عليه إلى تداعيات خطيرة على الشعب الفلسطيني، وخاصة في ملف إعادة الإعمار، وكذلك إلى تداعيات نذر المواجهة بين الأنظمة الرافضة وأمريكا وتداعيات ذلك على المنطقة.
وهنا نحاول إلقاء الضوء على ملف التهجير وخلفيات دعوة ترامب وعوامل الرفض العربي ومدى صدقها وإمكانية صمودها وهل توجد أوراق قوة لدى هذه الأنظمة، وكذلك العامل الشعبي الذي استدعته الأنظمة للاستقواء به وأهميته، وذلك تالياً:
1- ملف التهجير القديم المتجدد:
فكرة التهجير تولَّدت مع النشأة المشؤومة للكيان الصهيوني القائم على الاحتلال والاستعمار الاستيطاني، وفكرة تهجير أهل غزة نوقشت في مخططات تفصيلية وبشكل جدي بعد حرب العام 1967 في حكومة “ليفي أشكول” عبر “موشي دايان” وعدة وزراء، وكانت خطة “يغال ألون” من أبرز وأشهر خططها، وكانت تحت مسميات مخففة وهي التشجيع على الهجرة الطوعية، وهو نفس المسمى الذي يستخدمه “بن غفير” و”سموتريتش” حالياً.
وكانت خطة الجنرالات التي يكمن وراءها “إيغورا آيلاند” جزءًا من هذه الخطة في شمال غزة، ويعد إيغورا أبرز الداعين إلى تهجير أهل غزة، وقد أعاد إحياء الفكرة في مطلع القرن الحالي.
ولعل إدارة ترامب التي اعلنت أن مساحة الكيان صغيرة، والتي اعترفت بضم الجولان في ولايتها الأولى وكذلك نقل السفارة للقدس هي الوجه الأمريكي الملائم لطرح الفكرة علناً وممارسة هذا الضغط غير المسبوق على النظامين المصري والأردني، وهو نوع من تحصيل الهدف عبر السياسة جراء العجز عن تحصيله بالقوة بعد عام وثلاثة أشهر من حرب الإبادة صمدت خلالها المقاومة وصمد خلالها الشعب على أرضه، وتم تكليل المشهد بعودة أهل شمال غزة باحتفالات شعبية تحتضن المقاومة.
2- الإدارة الأمريكية وتوزيع الأدوار:
بات من المعلوم بالضرورة في السياسة، أن الإدارات الأمريكية هي واجهات لنخبة إستراتيجية حاكمة عابرة للرؤساء، بدليل عقد اتفاقيات إستراتيجية كبرى عابرة للإدارات المتعاقبة، ولا يتم ترك حرية الانقلابات الإستراتيجية لأهواء الرئيس ولفترته الرئاسية المحدودة.
وقد سعت إدارة بايدن إلى تهجير الشعب الفلسطيني بطريقة خبيثة عبر دعم حرب الإبادة وتحويل غزة إلى مكان غير قابل للعيش، في الوقت الذي كانت تتظاهر فيه بدور الوساطة وتتغنى به بالمطالب الإنسانية والمساعدات وتدعي وجود خلافات وتمايزات بينها وبين حكومة نتنياهو المجرمة والمطلوبة للمحكمة الجنائية الدولية.
ومع تصدي شخص فج مثل ترامب لتمثيل “الإمبراطورية الأمريكية”، حاول ترامب ممارسة الإستراتيجية الأمريكية التي قوامها الحضور بالصورة وامتلاك مفاتيح الحل الإستراتيجي، ولكن جاء في لحظة أوشكت فيها الجبهة الصهيونية على الانهيار وأوشكت فيها أمريكا على التورط بشكل مباشر في الصراع بعد اشتباكها المباشر مع اليمن وخسائرها من الطائرات المسيرة واستهداف حاملات طائراتها بشكل مباشر.
وهنا كان قرار وقف إطلاق النار وبشكل ضاغط حقيقي لاحتواء تدهور الأوضاع مع لبنان بعد استهدافات المقاومة في لبنان للعمق الصهيوني بشكل نوعي وبعد يأس العدو من الاحتلال واختراق القرى عبر القوة العسكرية، وبعد الخسائر اليومية في غزة دون تحقيق أي هدف أو تحرير أي من الأسرى.
وبعد ما بدا أنها هزيمة صريحة للعدو باعتراف السياسيين والإستراتيجيين الصهاينة، وبعد نذر تفكك الائتلاف الحاكم وحالة الإحباط التي عمت الجبهة الداخلية للكيان، خرج ترامب بأوامر التهجير للأنظمة الرسمية كنوع من أنواع استرضاء اليمين الصهيوني وحماية حكومة نتنياهو من الانهيار وكبديل لمواجهة المقاومة بقراءة مفادها أن الضغط على الأنظمة الرسمية يمكن أن يحقق الأهداف التي فشلت بمواجهة المقاومة.
3- الموقف الحقيقي لمصر والأردن من التهجير:
لا شك أن موقف النظامين المصري والأردني من رفض التهجير هو موقف صادق، لأنه لا يتناقض مع الأمن القومي للدولة المصرية والأردنية فقط، بل يتناقض مع أمن النظامين.
ودون تفتيش في النوايا الوطنية أو تقييم لتوجهات النظامين المطبعين مع العدو، فإن في مخيلة الأنظمة وذاكرتها التاريخية، تكمن مشاهد التورط في الصراع بعد وجود جموع فلسطينية يتم تهجيرها قسرًا ولا تخلو من مقاومة ومطالب للعودة.
حيث توجد في الذاكرة الإستراتيجية للأنظمة مشاهد تواجد منظمة التحرير في الأردن ومقاومتها للعدو الإسرائيلي من داخل الأردن ثم الاشتباكات التي حدثت بينها وبين الجيش الأردني في ما عرف بأيلول الأسود بعد الضغط على الأردن لكبح جماح المقاومة، وكذلك توجه منظمة التحرير للبنان ومقاومتها للعدو من الجنوب وما تبع ذلك من تداعيات الحرب الأهلية والاجتياح الصهيوني للبنان.
وبالتالي فإن النظامين المصري والأردني على الأقل يخشيان من التورط في صراع وحرب مع الكيان إذا ما تسبب التهجير في انطلاق مقاومة من أراضي الدولتين أو احتكاك مع العدو يورط الدولتين بشكل مباشر في الصراع.
وبالتالي فإن السؤال ليس هو مصداقية الرفض للتهجير من عدمه، ولكن السؤال هو عن القدرة على التحدي والصمود والثبات على الرفض وتحمل تداعيات ذلك، خاصة وأن ترامب لوح بعصا المساعدات الأمريكية، وهي لا تقتصر على المساعدات الاقتصادية والعسكرية، بل تدخل إلى نطاق الشرعية التي تغطي هذه الأنظمة وتوفر لها شرعية دولية وأهلية للاستدانة ورفع للحصار والمضايقات التي تحاول أمريكا بها إسقاط الأنظمة الخارجة عن الطوع.
4- أوراق القوة لدى الأنظمة لمواجهة أمريكا:
لا شك أن النظامين المصري والأردني فرطا كثيرًا في أوراق القوة عبر الاعتماد على الاستدانة وعدم امتلاك اقتصاد مقاوم، كما تم تحييد القوة الشعبية في مصر والتي استدعتها مصر مؤخراً لتظاهرات بالتنسيق مع الأمن المصري لإيصال رسالة شعبية إلى ترامب، وربما لو كان النظام المصري ترك الإرادة الشعبية للتعبير عن نفسها منذ بداية الأزمة لما كنا قد وصلنا لهذه اللحظات الحرجة.
ولكن يبدو أن مصر والأردن قد اعتمدا على الدعم الخليجي سياسياً بتدشين مؤتمر سداسي تحضره مصر والأردن وقطر والإمارات والسعودية وجامعة الدول العربية، وهو أمر لا يشكل ورقة قوة لأن بياناته تشابه بيانات القمم العربية التي لم تمنع حرب الإبادة، والتي تخلو من أوراق الضغط.
ولو كان هناك دعم خليجي سياسي حقيقي، فإن الأنظار تتجه للسعودية التي وعدت ترامب باستثمارات قدرها 600 مليار دولار، ويريد ترامب زيادتها إلى تريليون دولار مقابل التوجه للسعودية كزيارة أولى بدلاً من بريطانيا، وبالتالي لا بد من جعل هذه الاستثمارات مشروطة لو أراد الخليج منع التهجير ومساندة مصر والأردن والفلسطينيين.
ولا شك أن احتضان البلدين لخيار وثقافة المقاومة والانفتاح على حركات المقاومة هو الرادع الأكبر، ولكن تاريخ الأنظمة منذ “كامب ديفيد” لا يجعل من هذا الأمر محل تفاؤل كبير.
والخلاصة أن هناك صراع إرادات بين أمريكا التي تدافع عن هيبتها بحتمية الانصياع لأوامرها من الدول التابعة وبين إرادة هذه الأنظمة للبقاء، وهو ما قد ينتج مشاهد جديدة في المنطقة، وهناك عرقلة محتملة لملف إعادة الإعمار لإجبار الفلسطينيين على الهجرة بعد ترك غزة ركامًا ورمادًا، وهناك نوايا واضحة للغدر وخرق وقف إطلاق النار وتجديد العدوان، ولكن لا خوف على المقاومة وعلى الشعب الفلسطيني إذا ما صمدت المقاومة وإذا ما تمسك أهل غزة والضفة بالأرض، فالتهجير ليس قراراً أمريكيًا ولا موافقة عربية ولا حرباً إجرامية للإبادة، وإنما هو رضوخ وكسر للإرادة، وهو ما لم يحدث مع المقاومة والشعب الفلسطيني ولن يحدث بعد إثبات المقاومة وجبهاتها والشعوب إصرارها على الانتصار والبقاء بعزة وكرامة مهما كانت التضحيات.
العهد الاخباري إيهاب شوقي