منزل مهدم وحجراته وصالته وأركانه حجارة متناثرة، حاله كحال أغلب بيوت مخيم جباليا شمال قطاع غزة، التى طالتها آلة الحرب والقتل والقصف الإسرائيلية، حتى أصبحت أثراً بعد عين، إلا أن الشاب الثلاثينى حمزة أبوتوهة، والذى يحمل شهادة الدكتوراه فى اللغة العربية ويدرِّسها بالجامعة الإسلامية فى غزة.

كان تفكيره وعيناه تنظران صوب شىء آخر بعيداً عن إعادة بناء مأواه من جديد بعد إعلان الهدنة والعودة إلى الديار، فى قلب المخيم المنكوب الذى لم تعد فيه بنايات قائمة على أعمدتها، وإذا وجدت فإنها ما تلبث أن تتهاوى على المارة بمجرد مرور سيارة بجانبها يقودها سائقها على سرعة متوسطة.

يرتدى «حمزة» صاحب الجسد النحيف والبدن المنحول حذاءه الأسود المهترئ الشاهد على المجازر والدماء والأشلاء والنزوح لأكثر من 11 مرة رفقة زوجته وأطفاله الثلاثة، إذ لم يستبدله منذ بداية العدوان على القطاع، بينما يرتدى بنطالاً وسترة باللون ذاته، يتجول بين الركام، يقلب نظره فى السوق التى بدأت تنتعش بالمنتجات المتنوعة والبضاعة بفعل إدخال المساعدات الإنسانية، ليتوقف فجأة عن السير، فقد وجد ضالته التى يبحث عنها منذ أن قصفت الطائرات الحربية منزله فى الثامن والعشرين من شهر أكتوبر عام 2023.

فى «سوق جباليا»، وبمجرد أن لمحت عينا «حمزة» قطعة قماش بالية وتتراص فوقها مجموعات مختلفة من الكتب التى غطاها رماد القنابل والصواريخ والردم، حتى هرول نحوها وانكب على ركبتيه يبحث فيها عن مراده وتحديداً كتب اللغة العربية والنحو والأدب، فمكتبته المنزلية التى كانت تعج بآلاف الكتب التى اشتراها من أماكن ومكتبات ودور نشر خارج فلسطين.

وعكف على جمعها عشرات السنين لم يعد لها أثر، يحكى الشاب الثلاثينى بينما تمتزج نبرة صوته بالسعادة تارة وبالحزن تارة أخرى: «مر عام كامل على تدمير البيت والمكتبة»، لا شىء يشبه ذلك الشاب الذى يتلذذ بأن يحمل على أكتافه عشرات الكيلوات من الورق، رغم كونه هزيل البنية، غير أنه إذا وصل إلى القاهرة، وأنفق فيها آلاف الدولارات فى سبيل جمع الكتب، كأن الله يعطيه من الطاقة ما يتوزع فى عشرة من الرجال غيره، «كان أول شىء أقوم به بمجرد العودة إلى المخيم هو التفكير والعمل على إعادة بناء المكتبة مرة أخرى».

يقول «حمزة» إنه مثل كل سنة يقضى شهره المفضل من الصيف حول جنبات الجامع الأزهر، حيث الشوارع -خصوصاً درب الأتراك- تعج بما لذ وطاب من المكتبات، عشرة كتب يشتريها من هذه المكتبة القديمة، وعشرة كتب من تلك الحديثة، وعشرون كتاباً يهديها له مؤلفوها مع كتابة إهداءاتهم له فى الجزء الفارغ من أول ورقة، ويواصل سرده فى الاستمتاع باقتناء الكتب - «حتى إذا اجتمعت لى حديقة غناء من تلك الطيبات من الكتب حَزَمتها فى حقائب السفر بدلاً من ملابسى، أحملها من القاهرة إلى حيث أسكن فى شمال غزة، لا شىء يعدل تلك الفرحة التى أعيشها حينما أعود من سفرى، فلا أنام قبل أن أضع كل كتاب فى مكانه، بعد أن أشمه وأقبله وأعطيه حقه من حواسى الخمس»، يقول «حمزة»، إنه لم يكن أمراً غريباً عليه أن يخصص نصف حقائب النزوح لدس الكتب داخلها وحملها معه حيث المجهول: «جلست فى ليلة نزوحى الأولى أفاضل بين الكتب التى سآخذها معى، كان شعوراً صعباً جداً أن أترك مكتبتى وحدها، كان وقع خبر قصفها وضياعها كالصاعقة على قلبى».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: القضية الفلسطينية غزة تصفية القضية الفلسطينية وزارة الخارجية

إقرأ أيضاً:

تربية الكلاب تنقص من أجر صاحبها في هذه الحالة.. أمين الإفتاء يكشف عنها

أكد الدكتور هشام ربيع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أنه لا مانع شرعًا من امتلاك وتربية الكلاب إذا كان ذلك لغرض مشروع أباحه الشرع، مثل استخدامها في الصيد، أو لحراسة المنازل، أو للحماية من اللصوص، أو في تتبع المجرمين كما هو الحال في عمل الأجهزة الأمنية، مشيرًا إلى أن هذه الأغراض تُعد منافع معتبرة للفرد والمجتمع.

واستشهد ربيع في فتواه، التي نشرها عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، بقول الله تعالى:
﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ [المائدة: 4]، موضحًا أن كلمة "مُكلِّبين" تعني معلِّمين لها الصيد، ويشمل ذلك الكلاب المدربة.

هل يجوز تكرار الفاتحة مرتين في الركعة الواحدة.. دار الإفتاء توضحهل الأيام البيض هي الست من شوال؟ دار الإفتاء تجيب

وأشار أمين الفتوى إلى أن تربية الكلاب لغير غرض الانتفاع المشروع لا يُعد حرامًا، لكنه من باب المكروه، موضحًا أن الحديث النبوي الشريف الذي ورد فيه:
«من اقتنى كلبًا، ليس بكلب ماشية أو ضارية، نقص كل يوم من عمله قيراطان»، لا يُفهم منه التحريم المطلق، بل يُفسَّر بحسب الضرر الناتج عن اقتناء الكلب، كالإيذاء أو الترويع.

وأضاف أن العلماء اختلفوا في تفسير نقصان الأجر، وأن أقرب الآراء تقول إن النقصان يترتب على وجود ضرر أو أذى للناس، أما إذا خلا الأمر من ذلك، فلا يُنقص من حسنات صاحبه.

وأكد ربيع أن الفقه الإسلامي يُراعي مقاصد الشريعة ومصالح العباد، وأن كل ما فيه نفع مشروع للإنسان أو المجتمع يُعد جائزًا في إطار ضوابط الشرع الحنيف.

مقالات مشابهة

  • تركيا تنفي التفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي لإنشاء آلية لمنع الاشتباك بينهما
  • تربية الكلاب تنقص من أجر صاحبها في هذه الحالة.. أمين الإفتاء يكشف عنها
  • برلمانيون وسياسيون: مصر أكبر داعم للقضية الفلسطينية
  • مكتبة مصر العامة تنظم معرضا لبيع الكتب بأسعار رمزية
  • وقفة لطلاب جامعة حماة تنديداً بالعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة
  • مراسل سانا: مظاهرة شعبية في دمشق دعماً لغزة ووقف حرب الإبادة الجماعية فيها، ورفضاً للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا، واعتزازاً بشهداء درعا الذين ارتقوا جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي غرب المحافظة
  • بمشاركة عدد الخبراء الدوليين.. مكتبة الإسكندرية تفتتح فعاليات مؤتمرها الدولي لربط علوم التراث بتراث العلوم
  • إسرائيل تجدد قصفها على قطاع غزة وتستهدف خيام النازحين في دير البلح
  • «مكتبة مصر العامة» تنظم معرضًا لبيع الكتب بأسعار رمزية
  • مكتبة مصر العامة تنظم معرضًا لبيع الكتب بأسعار رمزية