«حماة التراث».. مكتبة حمزة قصفها الاحتلال الإسرائيلي مرتين فعاد صاحبها لبنائها من جديد
تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT
منزل مهدم وحجراته وصالته وأركانه حجارة متناثرة، حاله كحال أغلب بيوت مخيم جباليا شمال قطاع غزة، التى طالتها آلة الحرب والقتل والقصف الإسرائيلية، حتى أصبحت أثراً بعد عين، إلا أن الشاب الثلاثينى حمزة أبوتوهة، والذى يحمل شهادة الدكتوراه فى اللغة العربية ويدرِّسها بالجامعة الإسلامية فى غزة.
كان تفكيره وعيناه تنظران صوب شىء آخر بعيداً عن إعادة بناء مأواه من جديد بعد إعلان الهدنة والعودة إلى الديار، فى قلب المخيم المنكوب الذى لم تعد فيه بنايات قائمة على أعمدتها، وإذا وجدت فإنها ما تلبث أن تتهاوى على المارة بمجرد مرور سيارة بجانبها يقودها سائقها على سرعة متوسطة.
يرتدى «حمزة» صاحب الجسد النحيف والبدن المنحول حذاءه الأسود المهترئ الشاهد على المجازر والدماء والأشلاء والنزوح لأكثر من 11 مرة رفقة زوجته وأطفاله الثلاثة، إذ لم يستبدله منذ بداية العدوان على القطاع، بينما يرتدى بنطالاً وسترة باللون ذاته، يتجول بين الركام، يقلب نظره فى السوق التى بدأت تنتعش بالمنتجات المتنوعة والبضاعة بفعل إدخال المساعدات الإنسانية، ليتوقف فجأة عن السير، فقد وجد ضالته التى يبحث عنها منذ أن قصفت الطائرات الحربية منزله فى الثامن والعشرين من شهر أكتوبر عام 2023.
فى «سوق جباليا»، وبمجرد أن لمحت عينا «حمزة» قطعة قماش بالية وتتراص فوقها مجموعات مختلفة من الكتب التى غطاها رماد القنابل والصواريخ والردم، حتى هرول نحوها وانكب على ركبتيه يبحث فيها عن مراده وتحديداً كتب اللغة العربية والنحو والأدب، فمكتبته المنزلية التى كانت تعج بآلاف الكتب التى اشتراها من أماكن ومكتبات ودور نشر خارج فلسطين.
وعكف على جمعها عشرات السنين لم يعد لها أثر، يحكى الشاب الثلاثينى بينما تمتزج نبرة صوته بالسعادة تارة وبالحزن تارة أخرى: «مر عام كامل على تدمير البيت والمكتبة»، لا شىء يشبه ذلك الشاب الذى يتلذذ بأن يحمل على أكتافه عشرات الكيلوات من الورق، رغم كونه هزيل البنية، غير أنه إذا وصل إلى القاهرة، وأنفق فيها آلاف الدولارات فى سبيل جمع الكتب، كأن الله يعطيه من الطاقة ما يتوزع فى عشرة من الرجال غيره، «كان أول شىء أقوم به بمجرد العودة إلى المخيم هو التفكير والعمل على إعادة بناء المكتبة مرة أخرى».
يقول «حمزة» إنه مثل كل سنة يقضى شهره المفضل من الصيف حول جنبات الجامع الأزهر، حيث الشوارع -خصوصاً درب الأتراك- تعج بما لذ وطاب من المكتبات، عشرة كتب يشتريها من هذه المكتبة القديمة، وعشرة كتب من تلك الحديثة، وعشرون كتاباً يهديها له مؤلفوها مع كتابة إهداءاتهم له فى الجزء الفارغ من أول ورقة، ويواصل سرده فى الاستمتاع باقتناء الكتب - «حتى إذا اجتمعت لى حديقة غناء من تلك الطيبات من الكتب حَزَمتها فى حقائب السفر بدلاً من ملابسى، أحملها من القاهرة إلى حيث أسكن فى شمال غزة، لا شىء يعدل تلك الفرحة التى أعيشها حينما أعود من سفرى، فلا أنام قبل أن أضع كل كتاب فى مكانه، بعد أن أشمه وأقبله وأعطيه حقه من حواسى الخمس»، يقول «حمزة»، إنه لم يكن أمراً غريباً عليه أن يخصص نصف حقائب النزوح لدس الكتب داخلها وحملها معه حيث المجهول: «جلست فى ليلة نزوحى الأولى أفاضل بين الكتب التى سآخذها معى، كان شعوراً صعباً جداً أن أترك مكتبتى وحدها، كان وقع خبر قصفها وضياعها كالصاعقة على قلبى».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: القضية الفلسطينية غزة تصفية القضية الفلسطينية وزارة الخارجية
إقرأ أيضاً:
رأي الشرع في العثور على مبلغ مالي في الشارع .. دار الإفتاء تجيب
أجابت دار الإفتاء المصرية ، على سؤال ورد إليها بشأن كيفية التصرف في مبلغ مالي تم العثور عليه، وهل يجوز التصدق به ليعود ثوابه على صاحبه.
وأوضح الدكتور محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن الفقهاء يفرقون بين اللقطة المحقرة واللقطة المعظمة، مشيرًا إلى أن اللقطة المحقرة هي التي لا يعود صاحبها للبحث عنها، مثل مبلغ 70 جنيهًا أو 20 جنيهًا، والتي تختلف قيمتها تبعًا للمكان، ففي المناطق الريفية قد يبحث صاحبها عنها، أما في المدن الكبرى فقد لا يهتم بذلك.
وأكد أن مثل هذه اللُقط يمكن لمن يجدها أن يتمولها دون إعلان عنها، لكن إن ظهر صاحبها فيجب ردها إليه.
أما اللقطة المعظمة، والتي تكون ذات قيمة كبيرة، فلا يجوز أخذها، بل يجب الاحتفاظ بها ومعرفة أوصافها والإعلان عنها لمدة عام كامل، وبعد ذلك، إن لم يظهر صاحبها، يكون لمن وجدها الخيار بين الاحتفاظ بها أو التصدق بها عن صاحبها، لكن إذا عاد المالك لاحقًا فله حق استردادها، ويُخير بين أخذها أو احتساب أجرها عند الله.
هل الصدقة تخفف من ذنوب المتوفي
وفي سياق آخر، ورد إلى دار الإفتاء سؤال حول أثر الصدقة على المتوفى، وأجاب عنه الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى، مؤكدًا أن الصدقة تعد من أعظم العبادات التي تعود بالنفع على المتوفى، استنادًا إلى قول النبي ﷺ: "والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار" (صحيح الترمذي)، كما أن صدقة السر تطفئ غضب الله وتقي من ميتة السوء، مستشهدًا بقول الله تعالى: "وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [الحج: 77].
وأكد الشيخ شلبي ، أن الصدقة ليست مجرد وسيلة لمغفرة الذنوب، بل توفر الستر، وتسهل الأمور، وتقي من العذاب، موضحًا أن النبي ﷺ جعل من السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة رجلًا تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، مما يدل على عظيم أجرها في الدنيا والآخرة.