الدولار الأمريكي تحت الضغط.. تباطؤ سوق العمل والمصانع يزيد المخاوف الاقتصادية
تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT
يبدو أن الدولار الأمريكي يواجه ضغوطًا كبيرة حاليًا، حيث تراجع أمام معظم العملات الرئيسية بعد صدور تقرير "مسح الوظائف المفتوحة وتناوب العمالة" (JOLTS) لشهر ديسمبر، الذي كشف عن أرقام أقل من المتوقع. ومع انخفاض مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) إلى مستوى 108.00، تقوم الأسواق بتسعير استمرار الانكماش في سوق العمل، مما قد يعكس تباطؤًا اقتصاديًا قد يؤثر على سياسات الاحتياطي الفيدرالي في القريب العاجل.
أظهر تقرير JOLTS أن عدد الوظائف المفتوحة في الولايات المتحدة انخفض بشكل ملحوظ، حيث بلغ الرقم الفعلي 7.6 مليون مقابل التوقعات البالغة 8 ملايين. وفي رأيي، تأتي هذه البيانات في وقت حاسم، إذ يشير هذا الانخفاض إلى تراجع في الطلب على العمالة، مما يعكس بدوره ضغوطًا ركودية في بعض قطاعات الاقتصاد الأمريكي. وبينما قد لا تعني هذه الأرقام بالضرورة تباطؤًا شاملاً في الاقتصاد ككل، فإن تراجع التوظيف قد يضعف الثقة في النمو الاقتصادي المستدام.
لذا، أعتقد أن انخفاض عدد الوظائف المفتوحة ليس معزولًا عن باقي البيانات الاقتصادية السلبية، إذ شهدنا أيضًا انخفاضًا في طلبات المصانع لشهر ديسمبر بنسبة 0.9%، وهو ما كان أسوأ من التراجع المتوقع بنسبة 0.7% وأعمق من انخفاض الشهر السابق بنسبة 0.4%. تعكس هذه البيانات ضعفًا في القطاع الصناعي، مما يضيف إلى سلسلة من المؤشرات السلبية التي تعزز المخاوف بشأن تباطؤ اقتصادي محتمل. ومع تزايد هذه المخاوف، بدأ الضغط على الدولار الأمريكي يتزايد بشكل ملحوظ.
في رأيي، قد يحتاج الاحتياطي الفيدرالي إلى إعادة تقييم سياساته النقدية بحذر أكبر. وبعد صدور هذه البيانات، زادت التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة، حيث ارتفعت احتمالية بقاء المعدلات دون تغيير في الاجتماع القادم في مارس إلى 86.5%. قد يؤدي هذا الاتجاه إلى انخفاض إضافي في عوائد سندات الخزانة الأمريكية، مما يساهم في تراجع الدولار مع تسعير الأسواق لتخفيف التشديد من جانب الاحتياطي الفيدرالي.
من ناحية أخرى، يبدو أن رد فعل السوق تجاه الأخبار العالمية يسير في مسار متوازٍ. فقد أعلن الرئيس الأمريكي ترامب عن فرض تعريفات جديدة على البضائع الصينية، بينما ردت الصين بفرض تعريفاتها على المنتجات الأمريكية. يمكن أن تؤثر هذه المناوشات التجارية بشكل غير مباشر على الأسواق العالمية، مما يضيف مزيدًا من عدم اليقين بشأن مستقبل الاقتصاد الأمريكي، ويزيد من الضغط على الدولار. التوترات الجيوسياسية، بما في ذلك النزاعات التجارية المستمرة، تخلق بيئة اقتصادية غير مستقرة، مما يضاعف تأثيرها السلبي على العملة الأمريكية.
ومن اللافت أيضًا أن المكسيك وكندا شهدتا تأخيرًا في تنفيذ التعريفات الأمريكية، مما قد يشير إلى أن بعض الدول تتبنى سياسات تهدف إلى تخفيف الضغوط الاقتصادية في هذا الوقت. قد تؤدي هذه التطورات إلى هدوء مؤقت في الأسواق، ولكن على المدى الطويل، قد تعود الضغوط إذا استمرت التوترات التجارية في التصاعد.وستستمر هذه التوترات في التأثير على قوة الدولار الأمريكي، مع تزايد احتمالية أن يتخذ الاحتياطي الفيدرالي خطوات لتخفيف السياسة النقدية إذا استمرت هذه التحديات الاقتصادية.
فيما يتعلق بعوائد سندات الخزانة الأمريكية، فقد ارتفعت قليلًا لتصل إلى 4.555% لسندات العشر سنوات، مما يعكس تقلبات السوق في وقت تتزايد فيه التوقعات بتخفيف سياسات الاحتياطي الفيدرالي النقدية. قد يكون هذا الارتفاع الطفيف في العوائد نتيجة لتراجع الدولار، حيث يسعى المستثمرون إلى ملاذات آمنة بعوائد أفضل وسط حالة عدم اليقين الاقتصادي. ومع ذلك، يظل هذا الارتفاع محدودًا بالنظر إلى الضغوط السلبية المستمرة على الاقتصاد الأمريكي، مما قد يؤدي إلى استمرار التقلبات في الأسواق المالية.
لذلك، يبدو أن الدولار الأمريكي يمر بفترة عصيبة مع استمرار ضعف البيانات الاقتصادية، سواء في سوق العمل أو القطاع الصناعي، إلى جانب استمرار التوترات الجيوسياسية والتجارية. قد نشهد المزيد من الضغوط على العملة الأمريكية إذا استمرت هذه الاتجاهات في التصاعد.وسيكون من المهم متابعة تصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي في الأسابيع القادمة، إذ قد تلعب تلك التصريحات دورًا حاسمًا في تحديد اتجاه السياسات النقدية، وبالتالي مسار الدولار الأمريكي في المستقبل القريب.
ملخص عن حركة سوق الأسهم الأمريكية البارحةشهد سوق الأسهم الأمريكي البارحة تقلبات ملحوظة مع تباين أداء القطاعات، حيث سجلت أسهم التكنولوجيا ارتفاعًا طفيفًا، بينما واجهت قطاعات أخرى ضغوطًا نتيجة المخاوف المتزايدة بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي والتوترات التجارية والجيوسياسية. كما تفاعل المستثمرون بحذر مع تصريحات بعض مسؤولي البنوك المركزية، مما أضاف بعدًا من التقلبات إلى المؤشرات الرئيسية. تعكس هذه الحركة التنوع في توجهات المستثمرين في ظل بيئة اقتصادية غير مستقرة، مما يشير إلى احتمال استمرار هذا المزاج المتردد في الأيام القادمة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الاحتیاطی الفیدرالی الدولار الأمریکی تباطؤ ا
إقرأ أيضاً:
انهيار جديد للريال اليمني.. العملة تواصل النزيف في عدن وسط تصاعد الأزمة الاقتصادية
العملة اليمنية (وكالات)
في تطور يعكس استمرار التدهور الاقتصادي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، سجل الريال اليمني صباح اليوم الإثنين تراجعاً حاداً أمام العملات الأجنبية، ما أثار موجة قلق في الأوساط التجارية والشعبية، خاصة في عدن.
وأظهرت التعاملات الصباحية غير الرسمية في سوق الصرف بمدينة عدن تدهوراً جديداً للعملة المحلية، حيث بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 2544 ريالاً للبيع، و2511 ريالاً للشراء، في حين واصل الريال السعودي صعوده إلى 667 ريالاً للبيع و660 ريالاً للشراء.
اقرأ أيضاً عقول الأمن في حالة صدمة: لماذا فشل "حيتس 3" و"ثاد" أمام الصاروخ اليمني؟ 4 مايو، 2025 احذر: علامات صامتة قد تُنذر بسرطان الجلد.. وهذه الفئات في مرمى الخطر 4 مايو، 2025
تفاوت كبير بين عدن وصنعاء:
وفي المقابل، لا تزال العاصمة صنعاء تسجّل استقراراً نسبياً في أسعار الصرف، حيث بلغ سعر الدولار الأمريكي 538 ريالاً للبيع و535 ريالاً للشراء، فيما استقر الريال السعودي عند 140.40 للبيع و140 ريالاً للشراء.
هذا التفاوت اللافت يعكس الانقسام النقدي الحاد بين شطري البلاد ويزيد من تعقيد المشهد المالي والاقتصادي.
ويحذر خبراء اقتصاد من أن استمرار تدهور العملة دون تدخل فعّال من قبل الحكومة والبنك المركزي قد يؤدي إلى كارثة معيشية ومالية، ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة لدعم استقرار الريال، وضبط سوق الصرف، ووقف المضاربات.