ما إن تجوب الصحراء تاركاً مدينة أسيوط، متجهاً إلى الجبل الواقف، منتصباً غرب المدينة، تتجه جنوباً ثلاثة كيلومترات أخرى لقرية درنكة، لتتّخذ الطريق الصاعد للجبل مسافة كيلومتر، قبل أن تتسابق إلى مسامعك ترانيم يصل رنينها إلى أطراف السماء، قشعريرة تسرى فى جسدك من سحر المكان، لتخطو إلى بوابة رئيسية بين 3 بوابات موجودة بالدير، وتبدأ رحلتك الساحرة سيراً على الأقدام، باحتفالات العذراء.

الأطفال يهرولون والعجائز يتكئون على عصيهم ويسيرون ببطء نحو مطلع يتطلب صعوده مشقة، غير أن الكثيرين يجدون ضرورة بذل الجهد للوصول إلى «العذراء» وطلب شفاعتها.

رحلة الصعود للدير على الأقدام، حسبما ذكرت سالى أمير، من زائرات الدير، بها مشقة. يمكن دخول المغارة، وهى وفقاً لـ«سالى» مكان جميل جداً، سكنته السيدة مريم العذراء، والدة نبى الله عيسى، ويمكن من أعلى مشاهدة زفة العذراء «الدورة» وسط زحام شديد، وتليها التسابيح من الأنبا يؤانس.

منذ بداية اليوم تستمر الفعاليات وتسيطر على الزوار غير المصريين من الأجانب السعادة والبهجة: «الدنيا بتبقى هايصة والشباب بيطبل»، وفقاً لحديث «سالى» لـ«الوطن»، مع حلول منتصف الليل تغلق البوابات بعد مغادرة بعض الزوار وبقاء آخرين للمبيت، يظلون يردّدون ترانيم العذراء حتى الصباح، وتتم إعادة فتح البوابات مرة أخرى الساعة الخامسة فجراً «بتتمنى إنك ماتمشيش». يوفر الدير استراحات للمبيت أشبه بالشقق للأسر القادمة لزيارة الدير، حسب «سالى»، ويقيم بها الأسر من 3 أيام وحتى 15 يوماً، ويظل باقى الزوار خلال المبيت على الكراسى بالاستراحات أو على مفارش بالأرض، يتمتّعون بالأجواء الساحرة «ناس كتير بتبقى فارشة سهرانين، أما كبار السن فممكن يناموا».

مع خيوط الصباح الأولى تبدأ صلوات القداس بالخامسة صباحاً بدير العذراء مريم، الدير مدشن به الكثير من الكنائس يصل عددها إلى 10 كنائس، منها كنيسة الصليب، وبساحة كبيرة تُباع مزروعات، ومن جهة اليمين بالسير إلى أعلى يوجد مزار الأنبا ميخائيل، تليها المغارة الصغيرة مقر السيدة العذراء خلال مرورها بالأرض المباركة، متضمنة كنيسة المغارة.

وبالساحة الواسعة يبدأ الحدث الأهم الذى يأتى إليه الناس من كل صوب من مختلف الجنسيات بالعالم لمشاهدته، وهو «زفة الدورة»، تبدأ من مسرح أمامه 3000 كرسى، ولف الدير بأكمله من الساعة السادسة مساءً، وصلاة رفع البخور، ثم يتقدّم الشمامسة ممسكين بالصلبان، وصور للسيدة العذراء متدشنة، أى تم الصلاة عليها، لتبدأ الزفة بالتصفيق والزغاريد والتهليل واستقبال الزحام «زفة الدورة للست العذرا»، متعلقين بصورها يتوسمون أن تجمع من قلوبهم طلباتهم ورجاءهم.

تمثال من البرونز للعذراء: طوله 9 أمتار ووزنه 10 أطنان

يخطف الأنظار هناك لأول مرة هذا العام التمثال الجديد للعذراء المصنوع من البرونز، الذى زين مدخل الدير على اليسار، ويطلق عليه الضيوف اسم تمثال الملكة، هو الأكبر من نوعه بمصر، ويحظى بإعجاب الكثير من الزوار، الذين أبدوا دهشتهم من حجم التمثال ومواصفاته الفنية؛ إذ يبلغ طول التمثال 9 أمتار، أى ما يقارب 3 أدوار، وعرضه 4 أمتار، ويزن ما يزيد على 10 أطنان، حتى شبّهه البعض بمزار سيدة حريصا الشهير بلبنان.

تمثال السيدة العذراء جرى نحته بطلب من نيافة الأنبا يؤانس، مطران أسيوط، رئيس الدير، حسب ما أكد د. جرجس الجاولى، أستاذ النحت الميدانى والفراغ، رئيس قسم النحت السابق بكلية الفنون الجميلة - جامعة المنيا، الذى نحت التمثال، وفقاً لحديثه لـ«الوطن». وأشار «جرجس» إلى أن صعوبة نحت التمثال كانت بعد أن طلب منه الأنبا يؤانس أن يكون وجه السيدة العذراء مبتسماً، وهو ما جعله ينحت البورتريه أكثر من 18 مرة، ليُحقّق معادلة هى الأصعب، بأن يحتفظ للعذراء بملامحها التى اعتاد عليها الجميع حول العالم، والبقاء على سماته من الوداعة والوقار والهدوء، مع جعلها تبتسم وتُظهر الفرحة التى هى جزء أصيل من الديانة المسيحية، كما ينص الكثير من الآيات بالإنجيل.

وتابع: «أنا فنان، وليّا رؤيتى وماينفعش أطلعها فى غير صورتها الوقورة، والموضوع كان صعب، وجربنا لغاية ما توصلنا لحل نهائى وارتضينا الشكل الأخير، بأن تكون مبتسمة قليلاً، مع الحفاظ على سمات شخصيتها الشهيرة».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: السيدة العذراء السيدة البتول كنيسة العذراء القدس

إقرأ أيضاً:

الكوادر العمانية تستثمر في إدارة المواقع الأثرية .. حصن جبرين أنموذجا

ـ عبدالله العلوي لـ«عُمان»:

افتتاح مشروع «المول التراثي» الأول من نوعه في سلطنة عُمان نوفمبر المقبل مع بدء موسم السياحة الشتوي

حصن جبرين هو تحصين دفاعي أثري يقع في بلدة جبرين جنوب غرب مركز ولاية بهلا، ويمثل أولى تجارب الاستثمار للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في إدارة المواقع الأثرية في سلطنة عُمان، وقد جعلت تجربة شركة الثقة المتكاملة للاستثمار في إدارة موقع حصن جبرين منه مزارًا سياحيًا يجذب الزوار والسياح على حد سواء، حيث تجاوز إجمالي الزوار والسياح 72 ألفًا خلال 9 أشهر من العام الجاري، وتعتزم الشركة افتتاح مشروع «المول التراثي» الأول من نوعه في سلطنة عُمان في نوفمبر المقبل، مع بدء موسم السياحة الشتوي.

وقال المهندس عبدالله بن حمد العلوي، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة الثقة المتكاملة للاستثمار: «إن حصن جبرين العريق بناه الإمام بلعرب بن سلطان بن سيف اليعربي، ثالث أئمة الدولة اليعربية، الذي شهد عهده الكثير من الإنجازات العظيمة، بينها طرد البرتغاليين من عُمان بشكل كامل وتوسيع رقعة الإمبراطورية العُمانية آنذاك، حيث بلغت قوة الدولة اليعربية أوجها في عهده».

وقد تم بناء الحصن على ثلاث مراحل استغرقت 12 عامًا، ويعتبر حصن جبرين العريق أول مدرسة «جامعة» نظامية في عُمان، وقد خرّج العديد من العلماء البارزين في التاريخ العُماني، وكذلك العديد من العلماء من خارج عُمان، وتحديدًا من الجزائر وبلاد المغرب العربي، في شتى مجالات العلوم المختلفة.

وأشارت إلى أن شركة الثقة المتكاملة للاستثمار حظيت بتوقيع أول عقد لاستثمار معلم تاريخي سياحي كأول شركة عُمانية مع وزارة التراث والسياحة في عام 2021، وقد أسهمت الشركة، المصنفة ضمن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سلطنة عُمان، في تطوير وتشغيل المعلم بصورة جديدة، حيث إنها وظفت أبناء المجتمع المحلي من أبناء الولاية خاصة، والولايات الأخرى عامة، في مختلف المجالات والدرجات التعليمية، بما في ذلك الإرشاد السياحي بعدة لغات مختلفة، منها الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والإسبانية، مما أضاف قيمة محلية وعالمية للحصن وللقطاع السياحي بوجه عام.

وبيّن أن الشركة تعمل على إيجاد تجارب للزوار من خلال الصناعات الحرفية التقليدية والحديثة للحرفيين العُمانيين بالولاية، والأسر المنتجة، والفنون الشعبية المختلفة في سلطنة عُمان.

وأوضح أن الشركة استطاعت استقطاب المزيد من الزوار والسياح عن طريق تنفيذ تجارب فريدة من نوعها وفعاليات متنوعة، العامة منها والخاصة، من أبرزها مهرجان حصن جبرين الأول والثاني، ومهرجان الداخلية الأول، بالإضافة إلى كرنفال الخزف الخليجي، الذي كان الأول من نوعه على مستوى دول الخليج، وشارك فيه العديد من الخبراء والأساتذة من الخزافين والحرفيين من سلطنة عُمان ودول مجلس التعاون الخليجي، وجمهورية مصر العربية، وجمهورية العراق، مما أسهم ذلك في زيادة عدد الزوار والسياح، حيث بلغ عدد الزوار والسياح منذ بداية السنة وحتى نهاية سبتمبر المنصرم أكثر من 72 ألف زائر وسائح.

وأضاف: «تكمن أهمية استثمار المعالم التاريخية والسياحية في تعزيز الخدمات والإمكانيات في هذه المواقع للزوار كافة، وتنويع الفعاليات وزيادة الجذب السياحي لسلطنة عُمان عامة، في القطاع السياحي الواعد، وتقوم الشركة حاليًا بتنفيذ مشروع «المول التراثي» الأول من نوعه في سلطنة عُمان، والذي سيكون مقصدًا للزوار من خلال توفير مقهى ومطعم للمأكولات الشعبية، بالإضافة إلى منفذ مبيعات للصناعات الحرفية والتقليدية العُمانية محليًا وعالميًا بمختلف أنواعها، ومن المتوقع افتتاحه في نوفمبر المقبل، تزامنًا مع الموسم السياحي، حيث يُعد موسم الشتاء الأبرز للسياحة في محافظة الداخلية خاصة، وسلطنة عُمان عامة».

مضيفًا: «كان للتجارب الأخرى، سواء العُمانية أو الخارجية، في استثمار المواقع التاريخية دور كبير في الاستفادة والتطوير، وتعد تجربة الشركة العُمانية للتنمية السياحية «عُمران» في هذا النوع من الاستثمار التنموي مُعززة للقطاع السياحي في سلطنة عُمان، حيث أسهمت بشكل كبير في إيجاد فرص عمل، وإتاحة الفرص الاستثمارية والاقتصادية للباحثين عن عمل، والحرفيين، والأسر المنتجة، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والمجتمع المحلي بشكل عام».

مقالات مشابهة

  • ميناء غرب بورسعيد يستقبل 2654 سائح من جنسيات مختلفة على متن سفينة هولندية
  • "دبي ميراكل" تبدأ موسمها الجديد بجوائز ومفاجآت
  • برج العذراء.. حظك اليوم الأربعاء 2 أكتوبر: حاول إرضاء مديرك
  • موسكو تحتضن فعاليات “أسبوع الفضاء العالمي”
  • إقبال واسع من الزوار على معرض الرياض الدولي للكتاب
  • الكوادر العمانية تستثمر في إدارة المواقع الأثرية .. حصن جبرين أنموذجا
  • مطار القاهرة يستقبل 75 ألف سائح ومسافر من جنسيات مختلفة خلال 24 ساعة
  • حكم أداء صلاة الفجر بعد شروق الشمس (فيديو)
  • بطريرك الأقباط الكاثوليك يشارك في الرياضة الروحية لأعضاء الدورة الثانية من الجمعية السادسة لسينودس الأساقفة
  • ضبط عامل تحرش بفتاة سودانية في السيدة زينب