أثار قرار أصدرته المحكمة الاتحادية في العراق، يقضي بإيقاف تطبيق قانون العفو العام الذي أقره البرلمان، بموجة غضب واسعة لدى القوى السياسية السُنية، الأمر الذي دفع مجلس القضاء الأعلى بالدخول على خط الأزمة والإصرار على تنفيذ المحاكم العراقية للقانون.

وبلغة شديدة اللهجة، أصدرت القوى السنية، ومنها تحالفي السيادة وتقدم، إضافة إلى كتلة المبادرة بيانات تجاه قرار المحكمة الاتحادية، الذي قالوا إنه جاء انسجاما مع بنود ورقة الاتفاق السياسي التي تم التوافق عليها بين مختلف القوى الوطنية ونتج عنها تشكيل الحكومة الحالية.



ورغم اعتراض "مجلس القضاء الأعلى" برئاسة فائق زيدان، على قرار المحكمة الاتحادية التي يرأسها جاسم العميري، لكن الأخير أصدر بيانا آخر أكد فيه أن قرارات محكمته ملزمة وباتة لجميع السلطات في البلاد، وأن ما اتخذه محصّن دستوريا مع إلزامية تنفيذه.


الجهة المسؤولة
ومن الناحية القانونية، قال الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، لـ"عربي21" إن "لكل من مجلس القضاء الأعلى، والمحكمة الاتحادية، قانون خاص يجري العمل به، ولا يوجد تداخل في الصلاحيات".  

وأوضح التميمي أن "مجلس القضاء اختصاصه تنظيم عمل المحاكم وإرسال التعليمات ونقل القضاة واستبدالهم وتعيينهم وله صلاحيات واسعة، أما المحكمة الاتحادية فهي تعمل على تفسير النصوص الدستورية".

وأكد الخبير القانوني أن "المسؤولة عن تطبيق قانون العفو العام هي المحاكم، وفقا للتعليمات التي صدرت من مجلس القضاء الأعلى، وأن الأخير يطبق حاليا قانونا مقر منذ عام 2016، وحتى التعديل عليه في الشهر الماضي من العام الجاري".

ولفت إلى أن "أن الأمر الولائي الصادر من المحكمة الاتحادية لا سند له من القانون، ويخالف قانون المرافعات، وأن القانون يتم الطعن فيه عندما ينشر في جريدة الوقائع الرسمية ويكون ملزما وباتا، وهذا رأي مجلس القضاء".

وتوقع الخبير القانوني "استمرار مجلس القضاء في تطبيق قانون العفو العام عبر المحاكم، لأنه يطبق قانونا نافذا ومشرّع من البرلمان،  بالتالي أصدر تعليماته لتنفيذه وهذا إجراء صحيح".

بالنسبة للمحكمة الاتحادية، يضيف التميمي، "مسموح لها بموجب القانون النظر في الدعاوى المقدمة أمامها، ولاسيما في مسألة الطعن في جلسة تصويت البرلمان على القوانين الثلاثة (الأحوال الشخصية، إعادة ملكية العقارات، والعفو العام). لكن تطبيق العفو سيستمر".

وأظهرت وثائق رسمية، مباشرة محاكم الاستئناف في مناطق وسط وجنوب العراق، بتطبيق قانون العفو العام، اليوم الخميس، استجابة لتوجيه مجلس القضاء الأعلى، رغم القرار الولائي الصادر من المحكمة الاتحادية والذي يقضي بإيقاف تنفيذه، وأكدت ضرورة الالتزام به.


خيارات السنة
وعن تداعيات محاولات تعطيل "العفو العام" بعد تقديم 10 نواب من القوى الشيعية شكاوى تطعن بالقانون، قال أستاذ العلوم السياسية في العراق، سعود المشهداني، إن "العفو هو أحد البنود التي اتفقت عليه الأطراف السياسية ضمن ورقة الاتفاق السياسي الذي تشكلت على أساسه الحكومة الحالية".

وأوضح المشهداني لـ"عربي21" أن "تنفيذ قانون العفو العام، هو حق مشروع، وليس مغنما سياسيا، كونه ينصف المظلومين ويفرج عن أبرياء، وليس كما يدعي البعض أنه يطلق سراح الإرهابيين".

وتابع: "تفاجأنا من إصدار المحكمة الاتحادية قرارا ولائيا يقضي بإيقاف تنفيذ قانون العفو العام، والذي كان غير مبررا، خصوصا أن مجلس القضاء الأعلى انتقده وصوب الكثير من أخطاء المحكمة هذه".

وأعرب الخبير السياسي عن اعتقاده بأن "قرار المحكمة الاتحادية بخصوص العفو العام كان سياسيا، واتخذ تحت ضغوط سياسية، وبالتالي القوى النيابية السنية لها الحق في المطالبة بقوة لتطبيقه، وأن جميع الخيارات مطروحة في حال لم يُطبق وتنصل الشركاء عن وعودهم".

وأشار إلى أن "الجمهور السني وقع عليه الكثير من الحيف والظلم وزج أبناؤهم في السجون نتيجة وشاية مخبر سري في مرحلة مظلمة مر بها البلد، لذلك القوى السنية مطالبة بإقرار قانون العفو وإخراج الأبرياء".

وأكد المشهداني أن "الضغط الكبير من الشارع السني يُحتم على القوى السنية أن تكون لها ردود فعل كبيرة إذا لم يفرج عن الأبرياء، سواء الانسحاب من العملية السياسية أو عدم المشاركة في الانتخابات المقبلة أو خيارات أخرى".

وشدد على أن "التنصل من بنود الاتفاق السياسي سيعدم الثقة بين الفرقاء السياسيين، إضافة إلى أن الجمهور نفسه سيفقد ثقته بالعملية السياسية وجدوى المشاركة في الانتخابات، بالتالي يصبح هناك عزف كبير عنها".

وخلص المشهداني إلى أنه "إذا جاءت الانتخابات دون الإفراج عن الأبرياء، فكيف تستطيع القوى السنية أن تقنع جماهيرها بأنهم سيحققون مطالبهم، وهم قد فشلوا في نيل حقوقهم، بالتالي يحصل عزوف من القيادات السنية عن المشاركة بالانتخابات المقبلة".


وأعلنت أربع محافظات عراقية ذات غالبية سنية، هي نينوى، الأنبار، صلاح الدين، وكركوك، تعطيل الدوام الرسمي في مؤسساتها الحكومية، أمس الأربعاء، في خطوة اعتُبرت احتجاجا على ما وصفوه بـ"الظلم القانوني" الذي طال العديد من السجناء والموقوفين.

وفي السياق ذاته، وجه السياسي والنائب السابق، مشعان الجبوري، الأربعاء، اتهاما مباشرا إلى رئيس ائتلاف دولة القانون، القيادي في الإطار التنسيقي، نوري المالكي، بالوقوف وراء تعطيل قانون "العفو العام"، الذي صوّت عليه البرلمان الشهر الماضي. 

وكتب الجبوري، تدوينة على منصة "إكس"، قائلا: "قبل يومين، قال الرئيس نوري المالكي إنه يعارض شمول المدانين بقضايا الإرهاب (وهم جميعا من السنة) بقانون العفو كاشفا أن المحكمة الاتحادية ستنقض القانون، وها هي اليوم تصدر أمرا ولائيا بإيقاف تطبيقه".

وأوضح الجبوري، أن "هذا يؤكد أن الدولة العميقة لا تزال فوق كل السلطات، تفرض إرادتها كما تشاء، وأن محنة أهل السنة المستمرة منذ 2003 ليست وهمًا، بل واقع لا يتغير".

وشدد السياسي العراقي على أن "العراق بحاجة إلى تحقيق العدالة والمساواة بين أبنائه، لا قرارات تُعيد إنتاج الظلم باسم الدستور والقضاء، ولا يجوز أن يُستخدم القانون لاستهداف مكون دون آخر".

ويقبع في السجون العراقية أكثر من 70 ألف معتقل من المكون السني، جرى اعتقالهم بسبب تهم كيدية وفقا لما يعرف بـ"المخبر السري" وانتزعت منهم اعترافات تحت التعذيب، وحكم الكثير منهم على إثرها بالإعدام والسجن المؤبد، وفقا لمنظمة العفو الدولية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية العراق العفو العام السنة العراق السنة العفو العام ازمة قضائية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مجلس القضاء الأعلى المحکمة الاتحادیة القوى السنیة إلى أن

إقرأ أيضاً:

عاجل - الرئيس السيسي يستقبل الحاكم العام لأستراليا في زيارة رسمية بقصر الاتحادية

استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، بقصر الاتحادية، سام موستين الحاكم العام لكومنولث أستراليا، في زيارة رسمية شهدت إقامة مراسم الاستقبال الرسمي التي شملت عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف، في جو يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين.

مباحثات موسعة لتعزيز التعاون بين مصر وأستراليا

صرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن اللقاء شهد مباحثات موسعة بين وفدي البلدين، حيث رحب الرئيس السيسي بالحاكم العام لأستراليا في القاهرة، معربًا عن سعادته بزيارة "موستين"، التي تعتبر الأولى لها إلى مصر. 

عاجل:- الرئيس السيسي يستقبل الحاكم العام لأستراليا في زيارة تاريخية بالقاهرة عاجل - الرئيس السيسى يستعرض مع الجانب الأسترالى فرص الاستثمار فى "اقتصادية قناة السويس"

وأشار الرئيس إلى أن هذه الزيارة تتزامن مع الاحتفال بمرور خمسة وسبعين عامًا على تدشين العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ما يعكس تطور الروابط التاريخية بين مصر وأستراليا.

الجالية المصرية في أستراليا: إسهامات كبيرة في بناء المجتمع الأسترالي

في إطار العلاقات الثنائية، أشاد الرئيس السيسي بالإسهامات الإيجابية للجالية المصرية في أستراليا، والتي لعبت دورًا بارزًا في بناء المجتمع الأسترالي. 

وأكد الرئيس على أن العديد من الأستراليين من ذوي الأصول المصرية قد شغلوا مناصب رفيعة في مختلف المجالات، مما يعكس متانة العلاقات بين الشعبين.

تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين

تناول اللقاء أيضًا سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين مصر وأستراليا. وأشار الرئيس إلى الفرص الواعدة المتاحة في مصر للاستثمار، خصوصًا في مجالات إنتاج الطاقة النظيفة، والهيدروجين الأخضر، والزراعة، والسياحة، والصناعات التكنولوجية والتعدين، مؤكدًا على أهمية المنطقة الاقتصادية لقناة السويس كوجهة جذابة للاستثمارات.

كما تم الحديث عن أهمية دعم التعاون بين البلدين في مجالات الأمن الغذائي، مشيرًا إلى إمكانية إقامة مشروعات مشتركة لتربية وتسمين الماشية في مصر، بالإضافة إلى تسهيل نفاذ الصادرات المصرية إلى الأسواق الأسترالية.

التعاون الثقافي: أهمية الاستثمار في المتاحف

أبدت الحاكم العام لأستراليا اهتمامًا خاصًا بتعزيز التعاون في مجال الاستثمار الثقافي بين البلدين، مع التركيز على المتاحف المصرية التي تحظى بتقدير كبير لدى الشعب الأسترالي. كما أكدت على دعم أستراليا المستمر لجهود مصر في استعادة الاستقرار في المنطقة.

التعاون بشأن القضايا الإقليمية والدولية

وتناول اللقاء أيضًا العديد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها الوضع في قطاع غزة.

 حيث تم استعراض الجهود المصرية الحثيثة لوقف إطلاق النار، وتبادل الرهائن، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، بالإضافة إلى رفض استخدام التجويع كسلاح ضد الشعب الفلسطيني. 

كما تم التأكيد على ضرورة إعادة إعمار غزة وفقًا للخطة العربية الإسلامية، ودعم تحقيق حل الدولتين كسبيل وحيد للسلام الدائم في المنطقة.

دعوة للمشاركة في افتتاح المتحف المصري الكبير

ووجه الرئيس السيسي الدعوة للحاكم العام لأستراليا للمشاركة في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير.

 وقد لاقت هذه الدعوة ترحيبًا من الحاكم العام، التي أكدت اهتمام بلادها بتعزيز العلاقات مع مصر في مختلف المجالات.

مقالات مشابهة

  • رئيس مجلس النواب: قرار “الرئاسي” بإلغاء قانون إنشاء المحكمة الدستورية هو والعدم سواء 
  • المجلس الرئاسي يوقف آثار القانون المتعلق بإنشاء المحكمة الدستورية العليا
  • مناشدة للسيد رئيس المحكمة الاتحادية العليا من النائب الغيور سعود الساعدي ..
  • مكتوم بن محمد يطلع على الخطط التطويرية للهيئة الاتحادية للضرائب
  • نقيب المحامين يطالب بتدخل البرلمان والحكومة لنزع فتيل أزمة زيادة الرسوم القضائية
  • محكمة النقض: قانون الإجراءات الجنائية فريد ويحقق أقصى درجات التوازن
  • الايزيديون مازالوا متخوفين من قانون العفو بالافراج عن مرتكبي المجازر بحقهم
  • تشريعان أمام البرلمان لحل أزمة الإيجار القديم.. وهذا موعد الإصدار رسميا
  • عاجل - الرئيس السيسي يستقبل الحاكم العام لأستراليا في زيارة رسمية بقصر الاتحادية
  • القضاء يواجه إدارة ترامب.. ترحيل طفلة إلى هندوراس يثير أزمة قانونية