رئيس سوريا الجديد ورسائل رحلاته الأولى
تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT
بدأ الرئيس السوري أحمد الشرع مهامّ منصبه الجديد باستقبالِ أمير دولة قطر في دمشق، ثم لقائِه وليَّ العهد السعودي والرئيسَ التركي في زيارتين متتاليتين إلى كل من الرياض وأنقرة، ليكون هذا الحراك الدبلوماسي الإقليمي رفيع المستوى هو فاتحة مشواره رئيسًا لسوريا، بعد المؤتمر الذي أعطاه هذه الصفة قانونيًا ودستوريًا، بمشاركة قادة بارزين في الإدارة الجديدة وجميع قادة الفصائل العسكرية باستثناء "قسد".
جاء هذا الحراك الدبلوماسي عقب المؤتمر مباشرة، بل لقد أوحى هذا الحراك الذي تمثل بثلاثة لقاءات إقليمية متتالية، بأنه سبب عقد المؤتمر وما نتج عنه، خاصة فيما يتعلق بتسمية رئيس الجمهورية، ليحمل الشرع الصفة السياسية في لقاءاته مع قادة وزعماء المحور الداعم لاستقرار سوريا، وغالبًا ما تمهد هذه اللقاءات الثلاثة لاحقًا إلى سلسلة من اللقاءات رفيعة المستوى عربيًا ودوليًا.
محور الأمن والاستقرارخلال أكثر من عقد من الزمن كانت سوريا محور الفوضى في منطقة الشرق الأوسط، واليوم بعد سقوط نظام الأسد فإن هناك فرصة حقيقية لتغيير جذري، تكسب فيه الدول التي تريد هدوء المنطقة واستقرارها الموقع الجيوسياسي السوري عبر تعزيز هذه الإدارة وفرضها، في مقابل ما تشكله الدول الأخرى من محاور وتحالفات بناء على مصالحها في استمرار الاستثمار في الفوضى.
إعلانإن الرئيس الشرع وحكومته الجديدة يدركون أهمية الموقع المتوسط الذي تتمتع به سوريا، وأن الشراكات الراسخة بين قطر وتركيا والشراكات الآخذة بالتطور والاتساع بين السعودية وتركيا لا بد أن تستدعي حرص الدول الثلاث على أمن سوريا واستقرارها، وبالتالي تقديم الدعم السياسي والأمني والاقتصادي لإنهاء كل ما يهدد الأمن الإقليمي والأمن الوطني في سوريا.
إنهاء مشروع التقسيمكانت تركيا تتعامل مع الملف السوري على أنه جزء من أمنها القومي، لاعتقادها أن إدارة أوباما خططت مع نتنياهو لدعم المشروع الانفصالي المعادي لتركيا، والذي بالضرورة يقود سوريا إلى التقسيم.
ربما كان سقوط الأسد مفاجئًا، بالسرعة والطريقة التي تهاوى بها، لكن أنقرة لن تنشغل كثيرًا بالمفاجأة، وستذهب سريعًا إلى دعم الإدارة الجديدة الحليفة لها في فرض سيطرتها على كامل البلاد وإنهاء المشاريع الانفصالية والمعادية لتركيا، وستضع تركيا شراكتها والعلاقات المميزة التي وصلت إليها مع السعودية ضمن سعيها لخلق إطار إقليمي داعم للإدارة الجديدة.
الانفتاح التركي على العربلم يكن خافيًا الدور الدبلوماسي التركي الذي عمل على إكساب الإدارة السورية الجديدة ثقة العمق العربي، بل غالبًا لم تمانع تركيا أن تكون الزيارة للرياض قبل الزيارة لأنقرة، فحكومة أردوغان لا تريد العودة للاستقطاب التركي العربي مجددًا.
والرئيس الشرع الذي لم يخفِ إعجابه بالتجربة الاقتصادية والتنموية السعودية يدرك أن التوازن في العلاقات العربية التركية أمر بالغ الحساسية والأهمية في هذه المرحلة، لذلك جاء الحراك الدبلوماسي متتاليًا ولا يترك مجالًا لتصور الاستقطابات، بل تعمدت الإدارة السورية الجديدة تعزيز الانطباع بحصولها على الدعم الإقليمي العربي والتركي في آن معًا.
التأثير على الموقف الأميركيتنتظر دول المنطقة باختلاف مواقفها من الحكومة الجديدة في سوريا إعلان إدارة ترامب موقف الولايات المتحدة، وتطمح بعض الدول وفي مقدمتها إسرائيل أن يستجيب الرئيس الأميركي الجديد لأصوات في إدارته ليتخذ موقفًا سلبيًا من الإدارة السورية الجديدة، في حين تعمل الدول الإقليمية الداعمة وفي مقدمتها تركيا لإقناع الإدارة الأميركية الجديدة برفع العقوبات عن سوريا.
إعلانيتوقع أنَّ اجتماع الرياض وأنقرة على موقف داعم للإدارة السورية الجديدة سيؤثر بشكل كبير على موقف ترامب وإدارته الجديدة، وسيكون مشروع أنقرة بإنشاء قواعد تركية في البادية السورية محفزًا لواشنطن في اعتماد الإدارة السورية الجديدة شريكًا محليًا في مكافحة الإرهاب، وفي منع عودة المليشيات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني إلى سوريا مجددًا.
الحاجة لدعم الاستثمار والاقتصادربما تتقدم أولويات ضبط الأمن وتحقيق الاستقرار على ما سواها في الحالة السورية، على المستوى الخارجي والداخلي معًا، غير أن الوضع الاقتصادي المنهار في سوريا هو جزء من التحديات الرئيسية المؤثرة بشكل مباشر على الحالة الأمنية وعلى المشهد السياسي.
تحتاج دول المنطقة إلى دعم الاستثمار وتدوير عجلة الاقتصاد في سوريا، أولًا لتقليل تداعيات الفقر والبطالة على المنطقة، وفي مقدمتها أزمة اللاجئين وأزمة الاتجار بالمخدرات، وثانيًا لما يوفره إنعاش الاقتصاد السوري من دور في التنمية والتطوير على مستوى المنطقة والتجارة البينية بين دولها.
وبمقدار إعجاب الرئيس الشرع بالتنمية الاقتصادية في السعودية، فإنه معجب كذلك برسوخ مؤسسات الدولة في تركيا، وفي زيارة البلدين فرص لتحقيق التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والإدارية، بعد أن تنجح كل منهما في الضغط لرفع العقوبات.
يحمل الحراك الدبلوماسي الخارجي للرئيس السوري الجديد إشارة إلى أن العامل الخارجي الداعم على المستوى الإقليمي يحتل درجة متقدمة بتقديره، ويساهم أكثر من العوامل الأخرى في تجاوز التحديات الراهنة والتهديدات المتوقعة، فضلًا عن دور الحلفاء الإقليميين قطر والسعودية وتركيا في إكساب الإدارة السورية الجديدة ثقة المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية، والغرب عمومًا وإقناعهم برفع العقوبات عن سوريا ودعم استقرارها، بعيدًا عن الحياد حيال من سيحاول التعطيل واستمرار الفوضى، فضلًا عن دعمه وتأييده.
إعلانالآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الإدارة السوریة الجدیدة الحراک الدبلوماسی فی سوریا موقف ا
إقرأ أيضاً:
الرئيس أردوغان: الشعب السوري الذي ألهم المنطقة بعزيمته على المقاومة قادر على إعادة إحياء بلده
أنقرة-سانا
أكد رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان أنه ليس هناك أدنى شك بقدرة الشعب السوري الشقيق الذي ألهم المنطقة والمظلومين بعزيمته على المقاومة، على إعادة إحياء بلده مرة أخرى.
وقال الرئيس التركي في عدة تغريدات على حسابه في منصة “إكس”: “أقدم التهنئة مرة أخرى إلى أخي العزيز الرئيس أحمد الشرع، وإلى الشعب السوري بأكمله على كفاحه وتحقيقه الانتصار، لقد تم فتح صفحة جديدة ليس في سوريا فحسب، بل في منطقتنا بأكملها، بعد 13 عاماً من الدماء والدموع، ونحن في تركيا، سنقدم الدعم اللازم إلى أشقائنا السوريين في المرحلة الجديدة أيضاً، مثلما لم نتركهم وحدهم في أيامهم البائسة والصعبة”.
وأضاف الرئيس أردوغان: “إن تركيا في هذه المرحلة الحرجة، تولي أهمية كبيرة لبناء نظام للبلاد بنهج شامل يحتضن الجميع، ويعكس إرادة السوريين”، لافتاً إلى أنه إضافة للمساعدات الإنسانية، فإن بلاده مستعدة أيضاً لتقديم الدعم اللازم لإعادة إعمار المدن المدمرة والبنية التحتية الحيوية في سوريا، باعتبار أنه كلما تسارعت التنمية الاقتصادية، اكتسبت العودة الطوعية للسوريين زخماً.
وشدد الرئيس أردوغان على أن سلسلة العقوبات الدولية المفروضة على سوريا تشكّل عقبة أمام تعافي البلاد من الناحية الاقتصادية والبنية التحتية، مبيناً أن الجهود التركية الرامية إلى رفع العقوبات أثمرت بتخفيف جزئي للعقوبات التي كانت مفروضة على النظام المخلوع، وأن تلك الجهود ستتواصل حتى تحقيق النتائج بشكل كامل.
وقال الرئيس أردوغان: “أثبتنا منذ اليوم الأول بخطوات ملموسة ودون تردد أننا نقف إلى جانب الشعب السوري، فبعد أن أعدنا فتح سفارتنا في دمشق، قمنا بفتح قنصليتنا العامة في حلب، كما بدأت الخطوط الجوية التركية رحلاتها إلى دمشق، إضافة إلى أننا بذلنا قصارى جهدنا على الصعيد الدبلوماسي خلال الشهرين الأولين للإدارة الجديدة، من أجل جعل صوتها ونواياها الصادقة مسموعة في المنطقة وعلى الصعيد الدولي.”
وأشار الرئيس أردوغان إلى قيام مسؤولين في الإدارة الجديدة في سوريا بزيارات إلى تركيا، وإجراء العديد من الوزراء والبيروقراطيين الأتراك زيارات إلى دمشق، ومواصلتهم القيام بذلك، مؤكداً العمل على تطوير العلاقات بين البلدين بشكل متعدد الأبعاد وفي جميع المجالات، بدءاً من التجارة إلى الطيران المدني، ومن الطاقة إلى الصحة والتعليم.
ولفت الرئيس أردوغان إلى أن أساس السياسة التركية تجاه الجارة سوريا منذ فترة طويلة، هو الحفاظ على سلامة ووحدة أراضيها، موضحاً أن اللقاء الذي جمعه مع السيد أحمد الشرع رئيس الجمهورية العربية السورية كان مبنياً على هذا المبدأ.
وقال الرئيس أردوغان: “أسعدني أن أرى أننا متفقون تماماً بشأن جميع القضايا تقريبا، ولقد قمت وأخي العزيز بتقييم الخطوات المشتركة التي يمكن اتخاذها من أجل إرساء الأمن والاستقرار الاقتصادي في سوريا، وبحثنا على وجه الخصوص الخطوات التي يجب اتخاذها ضد المنظمة الإرهابية الانفصالية التي تحتل شمال شرق سوريا وداعميها”.
وأضاف الرئيس أردوغان: “أكدت له أننا مستعدون لتقديم الدعم اللازم إلى سوريا في مكافحة تنظيمي “داعش” و”بي كي كي”، وكل أشكال الإرهاب”، مجدداً تأكيد وقوف بلاده إلى جانب السوريين في إطار السيطرة على المعسكرات في شمال شرق سوريا.
وتابع الرئيس أردوغان: “أود أن أعرب مرة أخرى عن ترحيبنا بالإرادة القوية التي أبداها أخي أحمد الشرع فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، وأنا على ثقة أنه من خلال التحرك في نطاق التضامن بيننا، فإننا سنتمكن من ضمان أن يسود جو من السلام والأمن، خالٍ من الإرهاب في مناطقنا الجغرافية المشتركة”.