قلما يجود الزمان بمثلها..أم كلثوم وحكاية نصف قرن على الرحيل
تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
صوت انطلق من أعماق الوطن، ليتردد صداه في كل جنبات العالم، حاملًا نبض أمه تتوق إلى آفاق بعيدة من الحرية، إلى التحرر من قيودها والعبور نحو النور، ليعزف على أوتار القلوب، إنه صوت أم كلثوم، التي غنت وغنى الوطن العربي كله معها من المحيط إلى الخليج، في لحظات الانكسار وفي لحظات الانتصار، محفزة الهمم للبناء والعمل، وشاحذة عزم الرجال وقت المحن.
احتفاءً بالإرث الفني العريق الذي خلّدته كوكب الشرق أم كلثوم في وجدان المصريين والعرب، أعلنت وزارة الثقافة المصرية عن إطلاق "عام أم كلثوم 2025"، تزامنًا مع الذكرى الخمسين لرحيلها، ويتضمن العام سلسلة من الفعاليات والحفلات والمعارض والمسابقات التي تستمر على مدار العام، تكريمًا لمسيرة سيدة الغناء العربي وإحياءً لفنها الخالد.
في اليوم الثالث من هذا الشهر «فبراير» حلت ذكرى رحيل أم كلثوم الخمسين عن عالمنا بجسدها، ولإن باعد ذلك بيننا وبينها لكنها ما زالت تحيا في قلوب الأجيال، لنعيش حالة من الاحتفال بذكراها العطرة من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق من المحيط إلى الخليج، وإلى الآن ما زالت تتردد عبارة «عظمة على عظمة يا ست»، التي لا تصلح إلا أن تقال لها على مر الزمان والعصور، كلما داعبت كلماتها أذاننا وحركت لواعج قلوبنا وحملتنا على أثير كلثومي عذب رقراق، ألحان وصوت عظمة على عظمة يا ست الكل ثومة، فكل أغنية من أغنياتها تعد قصة في حد ذاتها، فهي الموروث المتأصل في إرواء شجرة مشاعرك منذ كانت نبتة صغيرة وأنت تتلمس وتستكشف علاقاتك نحو الآخرين والكون منذ مراحل حياتك الأولى، وكلما كبرت كبر قبولها حتى تشغل مساحة من وجدانك، لتصبح مسيطرة على كيانك الشعوري وهذه ظاهرة شعورية يعيشها العاشقون، وخصوصًا الشرقيين، لأن أم كلثوم تتجاوز القيمة الموسيقية، لتصبح قيمة روحانية لا يمكن الاستغناء عنها.
فلا تزال أم كلثوم تتربع على عرش الغناء، وما زال صوتها له القدرة على الاستحواذ على عقل المستمعين؛ لأنها هي صاحبة السلطة الأولى الفنية للطرب الأصيل ولتظل رمزًا شامخًا لجمال مصر وسحرها وعظمتها وتاريخها العريق.
لم تكن كوكب الشرق فتاة مرفهة، بل عاشت قصة كفاح منذ مراحل الطفولة، حيث حفظت القرآن الكريم ثم جاءت إلى القاهرة بصحبة أبيها وكانت تعيش ما بين الإنشاد والتواشيح الدينية في بدايتها حتى سنحت لها الفرصة للتعرف على أمير الشعراء أحمد شوقي في أواخر أيامه، وتتم دعوتها للغناء أمام أمير الشعراء أحمد شوقي في منزله، لتذهب أم كلثوم مع والدها وشقيقها وغنت ليلتها كما لم تغن من قبل وبعد انتهائها إذ بأمير الشعراء يقدم لها هدية، تعبر عن إعجابه بصوتها، وهي قصيدة «سلوا كئوس الطلى هل لا مست فاها و استنجدوا الراح هل مست محياها»، وبالفعل غنتها أم كلثوم بعد رحيل أحمد شوقي عام 1932.
بدأت مشوارها الفني والطربي في الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث امتلكت الست «ثومة » منذ بدايتها مشروعًا متكاملًا من كل الأركان كانت فروعه الصوت العظيم القوي المليء بالإحساس و الألحان، التي لا تكتب لغيرها، والقصائد التي لم تترك مفردة في الرومانسية والحب والعطاء والقوة الوطن والضعف الإنساني إلا وتغنت بها، حيث شاركت في أوائل الأفلام السينمائية الناطقة، ثم اتجهت للغناء في الحفلات وبمشاركة كبار الشعراء أحمد شوقي وأحمد رامي ومرسي جميل عزيز والحفناوي وغيرهم من شعراء الأغنية الطربية، التي اختفت منذ رحيل أم كلثوم وعن المدارس الموسيقية تعاملت أم كلثوم مع كل مدارس الموسيقى في مصر «السنباطي والقصبجي وموسيقار الأجيال عبدالوهاب وبليغ حمدي»، إنهم هم المدارس الحقيقية للطرب الموسيقى المصرى، فلا تتعجب أن تظل أم كلثوم مئات السنين متعة شرقية ووثيقة تاريخية.
مواقفها الوطنيةأم كلثوم تشع ثقافة بفن وطرب أصيل ولم تخلق للهرج والهذيان، ولها مواقف وطنية خالدة على مر الزمان وقدمت من أجل المجهود الحربي الكثير، ولن ينسى التاريخ موقفها، حيث شدت على أكبر مسارح العالم من أجل مصر و نالت احترام أمراء و زعماء العالم في جولتها التاريخية التي شملت فرنسا والكويت وليبيا والسودان والمغرب وتونس ولم تكتف، وعندما عادت من رحلتها الخارجية أقامت حفلات في محافظات مصر المختلفة، وليشهد كل عربي ومصري على حب وانتماء وولاء الشخصية الوطنية التي لن تتكرر على مر الزمان.
ورغم مرور خمسين عامًا على رحيل كوكب الشرق، إلا أنها حتى الآن الأعلى مشاهدة على «يوتيوب» لتتربع على عرش الغناء على مدار السنين إنها كوكب الشرق التي عاشت في مكانة أعلى من كل الملوك وعندما رحلت كانت كوكبًا يضيء بشعاع أقوى من كل الشموس، حقًا حين رحلت ودعها مليون مواطن بكت فيها الشوارع والميادين، حقًا إنها رحلت ولن تموت ومن الصعب أن يأتي الزمان بمثلها.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: كوكب الشرق ام كلثوم عام أم كلثوم 2025 کوکب الشرق أحمد شوقی أم کلثوم کوکب ا
إقرأ أيضاً:
وزيرة الثقافة الفرنسية تزور متحف أم كلثوم بالمنيل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تستقبل القاهرة، مساء اليوم، زيارة خاصة لوزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي، حيث تلتقي وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، في خطوة جديدة تهدف إلى تعزيز العلاقات الثقافية بين البلدين وتوسيع آفاق التعاون في مجالات الصناعات الثقافية والإبداعية في إطار زيارة الرئيس الفرنسي لمصر .
ومن المقرر أن يصحب الدكتور هنو الوزيرة الفرنسية في جولة داخل متحف كوكب الشرق "أم كلثوم" بمنطقة المنيل، حيث يطل المتحف على ضفاف النيل داخل أحد مباني قصر المانسترلي التاريخي، وقد خُصص ليكون شاهدًا حيًا على مسيرة سيدة الغناء العربي وتراثها الفني الغني.
وتأتي هذه الزيارة تتويجًا للقاءات سابقة، كان أبرزها اجتماع الوزير المصري في ديسمبر الماضي مع السفير الفرنسي في القاهرة، إيرك شوفالييه، والذي شهد مناقشات معمّقة حول سبل دعم الصناعات الثقافية والإبداعية المشتركة، بما يسهم في ترسيخ الحوار الثقافي بين البلدين وتعزيز مكانتهما على الساحة الدولية.
وأكد الوزير المصري، عمق العلاقات التاريخية التي تربط مصر وفرنسا، مشددًا على أهمية تبادل الخبرات ودعم المبادرات المشتركة التي تعزز من الاقتصاد الثقافي المستدام وتوفر فرص عمل للشباب.
متحف أم كلثوم في منطقة الروضة، وقد أنشئ على مساحة تبلغ 250 مترًا مربعًا، داخل أحد المباني الملحقة بقصر المانسترلي، ليحفظ بين جدرانه جزءًا أصيلًا من الذاكرة الفنية العربية.
وقد بدأت وزارة الثقافة المصرية منذ عام 1998 في تشكيل أول لجنة لجمع واستلام مقتنيات كوكب الشرق، لتتحول هذه المجموعة النادرة إلى متحف يضم مقتنياتها الشخصية مثل ملابسها، إكسسواراتها، حقائبها، وأدواتها الخاصة، إلى جانب مقتنياتها الفنية من عود ونوتات موسيقية وتسجيلات نادرة وأفلام ووثائق، بالإضافة إلى مجموعة من الأوسمة والنياشين التي حصلت عليها من مختلف الدول العربية.
ويُعد المتحف بمثابة مركز إشعاع ثقافي يخلد مسيرة فنية استثنائية، كما يمثل جسرًا للتواصل بين الأجيال ومحطة رئيسية ضمن مسار السياحة الثقافية في مصر.