الإعجاز العلمي في السياسة السودانية
تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT
قبل أبريل ٢٠١٩، كنت ضد الجنجويد منذ أول يوم ميلادهم. وكان خصوم الكيزان من أهل قحت ضدهم من معسكري. وكان الكيزان في المعسكر الاخر. وبعد أبريل ٢٠١٩ تبادل الكيزان واهل قحت المواقع وانضم الكيزان إلي معسكري الرافض للجنجويد وتحالف أهل قحت مع الجنجويد منذ أيام الشراكة المثالية المتناغمة وولدت أسطورة حميدتى “الضكران الخوف الكيزان”.
لحدي هنا عادي، يا هي دي تقلبات السياسة التي تحدث كثيرا. لكن غير العادي أن يجي زول تبادل المواقع مع الكيزان ويقول ليك إنت بقيت كوز بما أنك ضد الحلف الجنجويدي. معقول بس ياخي؟ يعني لو داير تصنف من المعلومة دي لاحظ أنو أنا موقفي نهائي ما اتغير منذ ميلاد الجنجويد، يعني لو مصر علي التصنيف المنطق بيقول أنو الكيزان هم الجوني في محلي وبقو أقرعيون مش أنا بقيت كوز لانهم هم الجوني في موقعي وموقفي الموثق منذ ميلاد الجنجويد.
الحاجة التانية أنا كنت ضد برامج الصندوق والرفع العشوائي للدعم منذ أيام البشير ومعتز موسي. وكان أهل قحت بيحتفلو بمقالاتي ويشيروها واحيانا بينشروها في الصحف بدون إذن مني.
ولما مسك أهل قحت الحكومة الإنتقالية نفذو جرعة مضاعفة من برنامج الصندوق ورفعو الدعم. ولما انتقدت هذه السياسة لنفس الأسباب الرفضتها بيها أيام معتز موسي، قال أهل قحت أنو دي شيوعية وتكلس أيديلوجى مني مع أنو ده نفس موقفي من نفس الحزمة بتاعت معتز موسي اللي أهل قحت كانو شايفنو شطارة ووطنية لما كانو في المعارضة.
في هذه الأيام أجد نفسي في موقع الدفاع عن الدولة ضد ميليشيا همجية وغزو أجنبي. أشارك الخندق الكثير من الشباب الكانو متحمسين لرفع الدعم وسياسة الصندوق وندافع معا عن الدولة والشعب بكامل الرفاقية والصداقة. خلافنا داك كان حول تفاصيل إدارة الدولة في قضايا يجوز الخلاف حولها بدون شك في وطنية أي طرف ولم يكن خلافا حول وجود الدولة أو تبعيتها للاجنبي.
طيب، لو كان وجود الكيزان في معسكري الرافض للميلسشيا يصلح كدليل علي كوزنتي، هل يترتب وجودي مع الصندوقيين في معسكر الدفاع عن الدولة أني بقيت نيو ليبرالي متحمس لرفع الدعم؟
معتصم اقرع
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
السودان.. حرب الهويات والغنيمة
رغم تغطية الإعلام الدولي للحرب في السودان، تصمت معظم الإذاعات العربية عن مأساة الحرب الأهلية في السودان، والتي طالت لعدة عقود، والسبب في ذلك أمرين: الأول اهتمام وسائل الإعلام بالحرب في غزة والتغيير السياسي في سوريا، والأمر الثاني، أن حرب السودان عرقية ناتجة عن التعريف القومي لهوية الدولة تابعها مفهوم الغنيمة، باحتكار النفط سابقا واحتكار والسيطرة على مناجم الذهب حاليا، وهي لا تساعد الحكومات العربية على وضع اللوم على الخارج الإمبريالي كما يوصف دائما.
خلال 40 عاما كان الجنجويد وجلهم من القبائل العربية في دارفور في صدارة الأحداث السودانية، ظهروا في دارفور عقب سقوط النميري ووصول سوار الذهب إلى الحكم لتأمين الطرق، وتشكلت منهم قوة عسكرية في سنة 2003م استغلها عمر البشير لمحاربة فصائل الجنوب، فانفصل عن شماله بعد حرب دامت عقدين من الزمان، ثم استخدم البشير هذه المجموعات لتصفية خصومه المعارضين له في الشمال والغرب.
في سنة 2013م تحولت تلك المجموعات تحت قيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) وبمساعدة جهاز الاستخبارات الوطني إلى قوة ضاربة بعشرات الآلاف من المسلحين تسمى قوة الدعم السريع.
برزت قوة الدعم السريع بعد سقوط نظام البشير وأصبح حميدتي نائب رئيس المجلس العسكري في السودان للفترة الانتقالية بقيادة البرهان، وبذلك أصبح للدعم السريع صلاحيات أكبر منافسة وموازية للجيش، من خلالها لعب الدور الأبرز في قمع المظاهرات في سنة 2019 م عقب الانقلاب العسكري، حيث نفدت قوات الدعم السريع مجزرة القيادة العامة في يونيو 2019 والتي راح ضحيتها 100 من المتضاهرين العزل.
وفي 6 سبتمبر 2023 تمردت قوات الدعم السريع عن الجيش السوداني وبدأ مسلسل الحرب الأهلية مرة أخرى، علما بأن الدعم السريع وقواعدة من الجنجويد في دارفور والجيش السوداني معضمه من السودانيين من أعراق أفريقية.
منذ البداية كان الجيش يتحصل على دعم من الجارة مصر لعدة أسباب منها محاولة نقل تجربة السيسي إلى مصر، وضمان وجود السودان كداعم لمصر في قضية السد الإثيوبي وتقاسم مياه المصب، إضافة إلى روسيا التي تحاول اللعب مع الطرفين.
بالمقابل لجئ حميدتي إلى الإمارات التي لها رغبة أكيدة في وأد أي تجربة ديموقراطية ونهضة عمرانية تؤثر سلبا على موقعها التجاري، فكانت الداعم الأكبر لحميدتي وساهمت في ترويض حفتر ليكون الممول بالسلاح والوقود عبر الصحراء الليبية إلى السودان، مقابل إشراك المرتزقة السودانيين في حرب حفتر على طرابلس وفتح مناجم الذهب للإمارات وجزئيا إلى روسيا، ويقدر كمية الوقود المهرب إلى السودان من المنطقة الشرقية بليبيا عن طريق ميناء ينغازي ما لا يقل عن 3 مليار دولار من مجموع 9 مليار مجموع دعم الوقود في ليبيا، أما الهدف الآخر للإمارات هو الحصول على ميناء بحري على البحر الأحمر لضمان استمرار تجارة العبور التي أصبحت مهددة من موانئ جنوب البحر المتوسط إن ساد في أي منها حكم رشيد.
يتم تمويل قوات الدعم السريع من تهريب الذهب من مناجم السودان حيث تقول التقارير في سنة 2017 تم تهريب أكثر من 145 طن من الذهب الخام من مجموع 250 طن تنتجها السودان جلها يصدر إلى الإمارات وروسيا، وهذه الأموال لا تعود للحكومة المركزية.
الأمر الآخر المهم أن السودان يوجد به أكثر من 200 مجموعة عرقية و 114 لغة جلها أفريقية، مما حدا بالمشرع في دستور 2005 أن تكون العربية والإنجليزية هما اللغات الرسمية، رغم ذلك تريد مجموعات الجنجويد والإخوان المسلمين أن تكون دولة السودان عربية إسلامية، وهذا النهج افضى إلى انفصال الجنوب عن الشمال بسبب الإقصاء، واليوم تتفكك الدولة في حرب أهلية مدمرة، وهي نتائج لتعريف الهوية بأنها نتاج اللغة السائدة المفروضة من المجموعة الأقوى في الدولة وليس الأكثرية.
إن هذا التعريف القومي المزيف للهوية بأن أساسها الدين والقومية قد نشر الحرب الأهلية في جل الدول العربية المنتفضة بعد 2011 مثل العراق وليبيا واليمن وسوريا والسودان وحتى تونس، وهو إرث ثقيل لم تتخلص منه عقليات شعوب العالم الثالث بعد.
من الملاحظ أن استقرار الدول المتقدمة أحد عواملة الأساسية تعريف هوية الدولة على أسس الجغرافيا والتاريخ المشترك، والتي تشيع اختلاف اللغات والثقافات ضمن الشعب الواحد، فمثلا عند معظم الدول الغربية من تواجد على أرض الوطن لفترة معينة وتقبل قوانينها وسار بنظامها وأصبح له مع موطنوا الدولة تاريخ مشترك (من 5 حتى 20 سنة) يصبح جزء من الدولة، ومواطن فيها وهويته الوطنية التي تجمعه بذلك الشعب جعلته جزء من وعاء الدولة بغض النظر عن اللغة والدين والعرق.
في ليبيا مثلا الإسلاميين السلفيين يريدونها دولة خلافة، وعائلات العهد الملكي تريدها ملكية دستورية، وأنصار حفتر والنظام السابق يريدونها دولة ذات هوية قومية عربية، أما المثقفين والنشطاء المدنيين وجل الأمازيغ والعائدين من المعارضة فيريدونها دولة مواطنة ديموقراطية هويتها الجغرافيا والتاريخ المشترك دون الاهتمام بالعرق والدين واللغة.
في السودان لو تم تأسيس الدولة على هوية جامعة وهي الجغرافيا والتاريخ المشترك لما كان هناك انهيار للدولة ولا مئات الآلاف من القتلى، وأكثر من 10 مليون مشرد معرضين للمجاعة، مع انهيار البنية التحتية، بالمثل تعريف هوية الدولة على أسس اللغة والدين، دمر اليمن والعراق والسودان وسوريا، وعطل قيام الدولة في ليبيا وتونس، وأوجد قلاقل في البحرين والجزائر.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.