أبعاد الخطاب الإعلامي للمتحدث الرسمي
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
يعد الخطاب هو اللغة الناقلة لمفهوم المعاني وترجمتها وفن الاتجاهات التي يريدها المتحدث الرسمي؛ إذ أن اللغة الخطابية تتجدد في كل مرحلة من مراحل تكوين صيغة الخطاب تجاه وسائل الإعلام وجمهورها، فالتحدث لوسائل الإعلام هو أحد أنواع الاتصال اللفظي والمتحدث الرسمي هو الشخص الذي يتلقى الأسئلة من وسائل الإعلام ويتفاعل معها عبر تغذيتها بتطورات الحدث أو الأزمة شريطة أن يكون الشخص مؤهلا للقيام بهذه المهمة ويحصل على جرعات تدريبية باستمرار لصقل مهاراته الاتصالية في التعامل مع الموضوعات والقضايا التي تتطلب استجابة سريعة وتعاملا مستداما عند الظهور في وسائل الإعلام حتى يكون الشخص الأكثر خبرة وأفضل من يمثل المؤسسة أمام مختلف وسائل الإعلام، ويمكن تعريف المتحدث الرسمي بأنه الشخص الذي يستطيع كسب الرضا والثقة بين المؤسسة والجماهير عبر تجويد الرسائل الإعلامية التي تتضمن تصريحاته وذلك لدورها في التأثير على الرأي العام عبر قيامه بجهود في مجالات البحث والتقصي عن المعلومة إضافة إلى قيامه بأنشطة اتصالية بجهود مشتركة بين الجماهير الداخلية والخارجية للمؤسسة ذات خطط مدروسة ودقيقة.
عندما نفكّر في مهمات المتحدث الرسمي يخطر في بالنا للوهلة الأولى بأنه يقوم بالتعامل مع وسائل الإعلام والتحدث إليها وهذا إلى حد ما صحيح ولكن هناك مهمات أخرى يقوم بها وجهود كبيرة يبذلها بالتعاون مع فريق عمله؛ فمهمة المتحدث الرسمي تتطلب عملا جادا وجهدا كبيرا كونها تهدف إلى تحقيق التفاهم بين المؤسسة وجماهيرها المختلفة، والمتحدث الرسمي يقع على عاتقه تحقيق عدة أهداف من بينها تكوين صورة ذهنية إيجابية وحسنة عن المؤسسة التي يتحدث عنها أمام الجماهير، ويقوم بقياس الرأي العام والتأكد من استقباله للرسائل الإعلامية التي تصدرها المؤسسة بصورة صحيحة ودقيقة لا تحتمل التأويلات ويكون قادرا على التعامل مع استفسارات الجماهير حولها، كذلك تبرز أهمية دور المتحدث الرسمي في إيجاد الفهم المشترك والثقة المتبادلة بين المؤسسة والجماهير وذلك عبر التخطيط الإعلامي المسبق بهدف تحسين الصورة الذهنية لدى الجماهير وترسيخها إيجابا، وإطلاعهم على مختلف الأنشطة التي تقوم بها المؤسسة باستمرار، إضافة إلى إدارة سمعة المؤسسة بحيث تصل رسائلها الإعلامية للجماهير صحيحة، وعموما خلاصة ما ذكرناه أعلاه فإن دور المتحدث الرسمي يتركّز في التعرّف على اتجاهات الجماهير والرأي العام من خلال دراسة التفاعل ورصده وتحليله للحصول على نتائج دقيقة تساعد المتحدث الرسمي على التواصل مع الجمهور وذلك لإيجاد قنوات تواصل مفتوحة معهم ولتحقيق التكامل بين سياسات المؤسسة واتجاهات الجماهير ومطالبهم، ولإقناعهم بتعديل الاتجاهات السلبية عن المؤسسة الناتجة عن تلقيهم معلومات مغلوطة أو غير دقيقة حولها تمهيدا إلى تحويلها لآراء إيجابية وإن كانت تحوي نقاشات بنّاءة بهدف تحسين الخدمات المقدَّمة للجماهير وتطويرها وتقييمها لكسب رضاهم وثقتهم، ولنجاح مهمات المتحدث الرسمي لا بد من تفعيل ممارسة الرصد والتحليل الإعلامي حول ما يُطرح من موضوعات في وسائل الإعلام وما يُتداول في شبكات التواصل الاجتماعي من قضايا ونقاشات وموضوعات وذلك لجمع المعلومات حول الموضوع المتداول مفصلا والتعرّف على تداعياته وحدود تأثيره على المجتمع وأفراده حتى يستطيع المتحدث الرسمي التحدث عما يُتداول باستفاضة وأريحية مستفيدا من البيانات والمعلومات والتحليلات التي حصل عليها فريق الرصد والتحليل، أيضا من المهم ألا يتأخر ظهور المتحدث الرسمي أمام وسائل الإعلام عند رصد تدفق رسائل إعلامية غير واضحة للجمهور وذلك تجنبا لانتشار الشائعات وتغدية الجمهور بالمعلومات والرسائل الصحيحة بهدف عدم إفساح المجال أمام التفاعل السلبي أو المغلوط وذلك وفقا لاستراتيجية المؤسسة.
قبل عدة أسابيع حضرت حلقة بعنوان «تعزيز الحس الأمني للمتحدث الإعلامي» في العاصمة القطرية الدوحة بالتعاون مع جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالمملكة العربية السعودية، سُعدت حقيقة بما تضمنته الحلقة من أطروحات ونقاشات متنوّعة وثرية بحضور نخبة من المتحدثين الرسميين والمتخصصين والخبراء في المجال ذاته واطّلعنا على تجارب بعض الدول في التعامل مع مختلف القضايا والأزمات والموضوعات التي كوّنت رأيا عاما نتيجة استقبال الجمهور لرسائل إعلامية غير واضحة وذلك عبر تفعيل دور المتحدث باسم المؤسسات الحكومية، وتعرّفنا على سمات المتحدث الرسمي الناجح التي تتمحور في ثلاث سمات رئيسة وهي السمات الشخصية والسمات الصوتية والسمات الإقناعية وتتلخص تفاصيل هذه السمات في الموضوعية والدقة والقدرة على الاتزان الانفعالي والقدرة على التعبير الحركي إلا أنه باتت السمات الشخصية غير كافية لوحدها ما لم يكون المضمون واضحا ورصينا، كذلك من العوامل التي تساعد على نجاح المتحدث الرسمي هو نطق المفردات بطريقة صحيحة ووضوح الصوت وضبط الوقفات خلال التحدث مع ضرورة تميّزه بأساليب إقناعية عند تفنيد الموضوعات.
أخيرا.. أرى أن مشروع المتحدث باسم الوحدات الحكومية خطوة في الاتجاه الصحيح مع ضرورة أن يمتلك المتحدث مهارات التواصل الدائمة مع الجمهور ليكون أكثر اطلاعا، وأن يكون متمكنا في الحضور والظهور الإعلامي، وسريع الفهم والاستيعاب إضافة إلى استخدام اللغة العربية بمفرداتها الرصينة.
راشد بن عبدالله الشيذاني باحث اقتصادي
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المتحدث الرسمی وسائل الإعلام
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية والهجرة يعقد لقاءً مع ممثلي وسائل الإعلام الكويتية والأجنبية بالكويت
عقد الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة، اليوم ٢٤ نوفمبر، لقاءً مع ممثلي وسائل الإعلام الكويتية والأجنبية خلال الزيارة التي يقوم بها إلى دولة الكويت الشقيقة.
استعرض الوزير عبد العاطي، مجمل جوانب الزيارة التي قام بها إلى دولة الكويت الشقيقة، واللقاءات التي عقدها مع كبار المسئولين الكويتيين لتعزيز العلاقات الثنائية والارتقاء بها إلى آفاق أرحب، حيث تناول أهم الموضوعات التي تم مناقشتها، مشيرًا إلى أنه كان هناك تركيزًا على الجوانب السياسية والاقتصادية في العلاقات الثنائية وتعزيز الاستثمارات، بالإضافة إلى الترتيبات لعقد الدورة ١٤ من اللجنة العليا المشتركة بالكويت برئاسة وزيري الخارجية. كما أبرز وزير الخارجية ما تم التوافق بشأنه بين الجانبين سواء فيما يتعلق بالشق الثنائي، أو على صعيد القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
وشهد اللقاء الإعلامي قيام وزير الخارجية بالرد على الاستفسارات التي طرحها الصحفيين، وذلك اتصالًا بأوجه التعاون الثنائي بين مصر والكويت، بالإضافة إلى مواقف البلدين إزاء أبرز الموضوعات المطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وبالأخص التطورات في قطاع غزة ولبنان، حيث شدد على ضرورة التوصل لوقف فوري ودائم لإطلاق النار، والعمل على خفض التصعيد من أجل تجنب الانزلاق إلى حرب إقليمية.