المتطوع صهيب الرومي: النساء والشابات لعبن أدوارًا كبيرة في العمل الخيري
تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT
رأى المتطوع صهيب الرومي أن النساء والشابات السودانيات لعبن أدوارًا كبيرة في العمل الخيري قبل الحرب الدائرة في البلاد وبعدها. وحكى في حوار مع التغيير قصته مع المطابخ والتكايا، وكشف عن مصادر دخل هذه الجهات، وتحدث عن بدايات رحلته في العمل الخيري وكواليس مشاركته رفقة المتطوعات والمتطوعين في أم درمان بعد نشوب الحرب.
كما شرح ظروف المستشفيات والمطابخ وقتها، وتناول العديد من القضايا المتعلقة بالعمل التطوعي.
حوار: عبدالله برير
منذ متى بدأ حبك للتطوع؟ وأين كانت أول مشاركة رسمية لك في العمل الخيري؟حبي للتطوع بدأ منذ نشأتي، فقد كنت أحب المشاركة في مناسبات الجيران في الأفراح والأتراح، ووجدت نفسي عاشقًا لخدمة الناس. أما البداية الرسمية فكانت بإعداد وجبات وتوزيعها لأطفال الشوارع المشردين في أم درمان، ثم اقترحت مبادرة لكسوة الشتاء، ووجدت تجاوبًا كبيرًا. تطورت علاقتي معهم حتى وصل الأمر إلى أن يحفظ هؤلاء الأطفال اسمي ويتعرفوا عليّ وينادوني كلما مررت مع أسرتي، ثم تطور الأمر لمشاركتهم همومهم، حتى أصبحت أفصل في نزاعاتهم وصداماتهم. أذكر أنني كنت في منطقة الشهداء بأم درمان مع أسرتي، وحالما مررنا بقربهم احتضنوني، وكان الموقف مدهشًا ومفرحًا لوالدتي. كما كنت أعد لهم البرامج في حوش الخليفة بأم درمان، إلى جانب مباريات كرة القدم وغيرها من الأنشطة.
ماذا حدث بعد ذلك؟تحوّل الأمر بعد ذلك إلى مبادرات كبيرة وتنظيم الإفطارات الرمضانية. أذكر أنني خرجت من منزلنا في منطقة العباسية، وأعطتني إحدى الثائرات مبلغًا من المال للمساهمة في توفير الطعام والشراب للمشاركين في المواكب الاحتجاجية، وكانت تلك هي البداية الفعلية لي في العمل التطوعي خلال ثورة ديسمبر.
ماذا عن العمل التطوعي في بداية الحرب؟بعد نشوب الحرب، أخبرتني زميلتي بأنها ذاهبة للتطوع في المستشفيات، ولم تكن لديّ خبرة في المجال الطبي، فاتجهت إلى المطبخ والإطعام وجمع المساعدات وإعداد الوجبات للمرضى والمرافقين. اشتد القتال وقتذاك، ففكرت في أطفال الشوارع، وكنا نقدم لهم ثلاث وجبات يوميًا، لكن الجنود في الارتكازات نصحونا بعدم الحركة ليلًا بسبب وجود القناصين. لاحقًا، أُغلق مستشفى أم درمان، وتوقف عملنا فيه.
هل واجهتم صعوبات أو مضايقات؟في البداية، كان الأمر عاديًا، حيث كنا نمر عبر ارتكازات الطرفين، وكانوا يتعاونون معنا بصورة جيدة، كما أن مستشفى الحوادث لم يكن بعيدًا عن منزلي. كنت أذهب بدافع أن المرضى والمرافقين لا يستطيعون التحرك لتوفير وجباتهم. ومع مرور الوقت، بدأت في المساعدة بتنظيف الجروح وتركيب المحاليل والأوكسجين، ثم اقترح علينا أفراد القوات المتحاربة في الارتكازات المبيت في المستشفى وعدم التحرك ليلًا.
متى وكيف بدأت التكايا والمطابخ الخيرية فعليًا؟برزت الحاجة إلى التكايا والمطابخ بعد ازدياد وتيرة الحرب وتزايد أعداد الأسر المحتاجة. أعددنا تكية في الثورة بأم درمان، تحديدًا في الحارة 55، وكانت الأولى من نوعها، حيث بدأنا بوجبة عدس. ثم أقمنا مطبخًا خيريًا آخر في منطقة العباسية. في ذلك الوقت، كانت مصادر الدخل تعتمد على مساهمات المتطوعين وأهالي الحي، وكانت أسعار السلع مناسبة. لكن مع تدهور الأوضاع الإنسانية، قررت مغادرة الخرطوم.
بعد مغادرة العاصمة، هل واصلت العمل الخيري في مراكز الإيواء في الولايات؟في البداية، نزحت إلى الحصاحيصا، ثم مدني، ومنها إلى سنار. وهناك بدأت العمل التطوعي بالتزامن مع سقوط ود مدني. ومع ازدياد موجة النزوح من الجزيرة إلى سنار وانقطاع الاتصالات، بدأنا في جلب المياه للوافدين باستخدام عربات الكارو. وقتها شاهدت النساء والأطفال وكبار السن في شاحنات، يعيشون أوضاعًا إنسانية سيئة لا تليق بالبشر. ساعدَنا أصحاب الأفران والبقالات والطواحين كلٌّ بما يستطيع، وركّزنا على استهداف الأسر النازحة على الطريق العام في مايرنو.
كيف جاءت فكرة مطبخ مايرنو الخيري؟أنشأنا مطبخ مايرنو الخيري بالتعاون مع غرف طوارئ سنار، وأصبح الدعم يأتي من المجلس النرويجي للاجئين ومنظمات أخرى. توسع العمل ليشمل مراكز الإيواء في المدارس.
كيف ترى وضع العنصر النسائي في العمل التطوعي؟النساء والشابات لعبن دورًا كبيرًا في العمل التطوعي، بدءًا من الإفطارات الرمضانية، ثم المطابخ والوجبات، واحتياجات أطفال الشوارع، وقبلها في اعتصام القيادة العامة. أما في المستشفيات مع بداية الحرب، فكان عددهن قليلًا بسبب المخاطر الأمنية والانتهاكات التي كانت تحدث أثناء التنقل.
هل كنتم تعملون بأريحية في الولايات دون صعوبات؟تعرضنا لتضييق أمني، وبعد فترة شعرت أننا كمتطوعين مستهدفون، لذلك غادرت مع أسرتي إلى مصر. لكن بخصوص مطبخ مايرنو الخيري، فقد واصلت العمل فيه مع المتطوعين، وتواصلت مع المنظمات لتقديم المساعدات.
هل تشعرون بأن المتطوعين يتم اتهامهم بالانتماء إلى أحد طرفي الصراع؟هذه الحرب لعينة ولا خير فيها، والمواطن هو المتضرر الأساسي. المشكلة أن كونك لا تحمل سلاحًا يُعدّ مشكلة، وإذا لم تحمله يتم تصنيفك بالانتماء لأحد طرفي الصراع، وتُوجّه إليك الاتهامات بأنك متعاون مع جهة ما.
ما أكثر المواقف الحزينة أو المفرحة التي تذكرها؟أكثر موقف أحزنني كان عند تواصلي مع شخص في إحدى مناطق الحرب بالسودان، طلب مني مبلغًا ماليًا لإجراء فحوصات طبية، لكن لم تكن هناك أموال في حساب المساعدات. كلفت وسيطًا هناك بالتواصل مع المريض لتوصيل المبلغ، لكن بعد يومين فقط أخبرني بوفاته. هذا الموقف أثّر فيّ وهزّني كثيرًا، وكشف لي الوجه القبيح للحرب.
أما أكثر موقف أفرحني، فكان في أحد مراكز الإيواء، حيث أنجبت سيدة حبلى طفلًا، وأطلقت عليه اسمي تيمنًا بي ومحبة لي، وكنت في غاية السعادة.
أعتقد أن الإعلام مقصر في عكس القضايا الإنسانية، حيث يقتصر التغطية أحيانًا على نشطاء المجتمع، بينما تسيطر أخبار طرفي الحرب والتحركات العسكرية على المشهد. هذه رسالة لكل الإعلاميين بضرورة لفت الأنظار إلى معاناة المواطنين المتضررين. كما أتقدم بالشكر للمتطوعات والمتطوعين وفاعلي الخير، وأطالبهم بعدم التوقف مهما كانت الظروف.
الوسومآثار الحرب في السودان العمل التطوعي حرب الجيش والدعم السريعالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان العمل التطوعي حرب الجيش والدعم السريع فی العمل الخیری العمل التطوعی
إقرأ أيضاً:
ماجدة الرومي تغنّي للحب والإنسانية والأمل في "دار الأوبرا السلطانية"
مسقط- الرؤية
عادت النجمة اللبنانية ماجدة الرومي مجدّدا إلى دار الأوبرا السلطانيّة مسقط، لتُحيي حفلين غنائيين زاخرين بالأحاسيس المرهفة والعواطف الدافئة، في برنامجها للموسم الحالي (2024-2025) الحافل باستضافة كبار نجوم الغناء في الوطن العربي والعالم، فأطربت الحضور بصوتها العذب، وذلك على خشبة الأوبرا السلطانية- دار الفنون الموسيقيّة، يومي الخميس والسبت الموافقين 30 يناير و1 فبراير، بمصاحبة الأوركسترا بقيادة لبنان عبد الحميد بعلبكي، والكورال.
وغنّت أشهر أغانيها فاستحوذت بأدائها المميز على إعجاب الجمهور الذي تفاعل مع أغانيها وهي تغنّي للحب، والإنسانية، والأمل، والحياة، وفي كلمة لها عبّرت عن سعادتها بوقوفها على خشبة هذا الصرح الفني الكبير، وقالت "إن لعُمان مكانة خاصةً في قلبي، وحين اعتلي مسرح دار الأوبرا السلطانية مسقط لإحياء حفلي الغنائي هذا، فإنما أشارك هذه العاصمة العزيزة المفعمة بالأمل والعطاء، وتلك الدار العامرة بالأصالة، محبةً تغط على أغصانها عصافير القلوب، وصرح مجد يشهد على العظمة والبطولة، وغابات ورد يفوح في النفوس والأرجاء عطرًا وأريجًا".
وعلى مدى 90 دقيقة في كلّ ليلة، قدّمت ماجدة الرومي باقة من أجمل أغانيها، من بينها: الحرية وعم يسألوني، وخذني حبيبي، ومررت في الخيال، وعيني ليال صيفية، وغنّي للناس، وتسأل، أحبك جدًا، أنا عم بحلم، التوبة، مطرحك بقلبي، وكلمات، ملك قلبي، ميلي، فصفّق الجمهور بحماس لهذه المطربة التي بمقدار ماهي متجذّرة في أرضها، مثل أرزة في وجدان شعبها مثل الأمل، فهي تظلل أمكنة وقلوبًا في العالم أجمع، لشدة ما أغصانها وارفة. فكأنها ولدت سفيرة للفرح. وهي كذلك، وقد صدح صوتها غناء في أداء لا يُنسى في دار الأوبرا السلطانية مسقط التي أعدّت جمهورها المزيد من البرامج والعروض، والحفلات الغنائية الكبرى لمشاهير النجوم.
وماجدة الرومي المولودة عام 1956 قامةٌ فنيةٌ لبنانيةٌ، تعكس في صوتها وحضورها ومضمون أغانيها واهتماماتها اليومية صورة وطن وشعب، لقد توّجت مسيرة ماجدة الرومي الفنية بالعديد من الأوسمة والألقاب التي نالتها بفضل عطائها الغزير، منها: وسام العمل الوطني من رئاسة الجمهورية التونسية عام 1987، ووسام الأرز الوطني اللبناني من رتبة فارس عام 1994، ووسام الاستحقاق المدني من نقابة الصحافيين المصريين عام 2000، وسفيرة النوايا الحسنة منظمة (الفاو) عام 2001، وفي عامي 2004 و2012 نالت وسام الاستحقاق من رتبة ضابط من دولة ساحل العاج، كما منحتها الرئاسة التونسية الوسام الوطني للاستحقاق الثقافي من الصنف الأول، ووسام الأرز الوطني اللبناني برتبة كومندور، ومنحتها وزارة الثقافة الفرنسية وسام الفنون والآداب من رتبة ضابط عام 2012، وفي عام 2017 منحها ملك إسبانيا وسام الاستحقاق المدني. كما حصلت على الدكتوراه الفخرية في العلوم الإنسانية من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 2009، وفي عام 2018 حصلت على الدكتوراه الفخرية في الفن وعلوم الفن من الجامعة اللبنانية في بيروت، ومن جامعة بيروت العربية.