مدينة المحرس تعيش على وقع تميّز مهرجانها الدولي للفنون التشكيلية (صور)
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
بين زرقة البحر من شرقا وزرقة المباني غربا توجد حديقة الفنون بالمحرس التي تمتد على طول البصر وتشكل فضاء للراحة والاسترخاء والتمتع بالنسمات البحرية وسط عالم فسيفسائي من شتى الفنون التشكيلية بساحة يوسف الرقيق والتي ستجاورها ساحة اسماعيل حابة الرجل الذي غادرنا مؤخرا وهو الذي يعتبر أحد رموز مهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية.
وبالفعل صنعت معتمدية المحرس التميز وطبقت فن الشارع في واجهتها البحرية على طول الطريق الرئيسية وهي حديقة الفنون التي تنتصب فيها مجسمات فنية شتى.
وأضحى المهرجان الذي تختص به هذه المعتمدية الواقعة جنوب صفاقس سمة مميزة للولاية حيث تزدان حديقتها بشتى المجسمات والأعمال التشكيلية الفنية الرائعة التي صاغتها وصنعتها ونقشتها أنامل فنانين تشكيليين تونسيين وعالميين كانت لهم مساحات حب كبيرة مع المحرس ومهرجانها السنوي واجوائها الساحرة.
وقال الفنان التشكيلي التونسي عمر الغدامسي إنه يسجل حضوره بمهرجان المحرس منذ الدورة التاسعة وإلى الدورة الحالية عدد 35 ولم يتوقف الا في مناسبات قليلة مشيدا بطبيعة المدينة الساحرة والملهمة.
وأيّده في هذا الانطباع الفنان التشكيلي الجزائري مراد عبد اللاوي القادم من مدينة عين البيضاء بالشرق الجزائري وهو الذي يسجل حضوره للمرة الثالثة بمهرجان المحرس الدولي حيث قال أنّه بات مواظبا على تسجيل حضوره كل سنة بالمهرجان لما ينفرد به من خصوصيات ومن أجواء مميزة الى جانب انها فرصة لملاقاة مع عدد من زملائه التشكيليين من تونس ومن دول أخرى شقيقة وصديقة.
بدوره، أكد الفنان التشكيلي الليبي إيهاب الفارسي القادم من بنغازي أنه يسجل حضوره بالمحرس لأول مرة معبّرا عن انبهاره بالأجواء المتوفرة وأنه سيصبح مواظبا على تسجيل حضوره في الدورات القادمة بعد أن أعجب بالمدينة وطبيعتها الخلابة الموحية بكل ما هو جميل ومحفز للفنانين التشكيليين على الابداع.
وتجدر الإشارة الى أن مهرجان المحرس الدولي في دورته الـ35 التي تحمل شعار 'المهرجان على درب مؤسسيه ... في اختراع إمكانات جديدة للعيش ' نجح في المراوحة بين شتى أنواع الفنون وتقديمها إلى الجماهير والزوار بشكل فني رائع حيث ازدان الشارع الرئيسي بمجسمات وجداريات تحمل بصمات عديد الفنانين التشكيليين التونسيين والاجانب الى جانب عدد من الطلبة المرسمين بمعاهد الفنون.
وتضمنت فقرات الدورة 35 ورشات انقسمت إلى ورشات للأطفال واليافعين وأخرى للفنانين المحترفين من داخل تونس وخارجها إلى جانب ورشة الترميم وصيانة الأعمال الموجودة في حديقة الفنون وورشات أخرى للرسم والنحت والحفر والجداريات كما حضرت معارض لأعمال فنية خاصة بالضيوف جلبوها معهم وسيتم في الإختتام عرض الأعمال المنجزة خلال الدورة الحالية من قبل المحترفين والهواة والأطفال.
كما تم تنظيم منابر للمهرجان تخللتها نقاشات بين رموز من المفكرين والنقاد حول مواضيع ومحاور وتجارب فنية مختلفة الى جانب عقد ندوة من تنظيم المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة حول مسائل منها واقع الفن التشكيلي وأيضا القانون التونسي وحماية مصنفات الفن التشكيلي إضافة الى حماية مصنفات الفن التشكيلي في الفضاء الرقمي وكذلك ماهية حق التتبع وسبل التطبيق.
وحضرت كذلك العروض الثقافية بأمسيات شعرية أثثها الشاعر الهادي القمري مع تكريم الشاعر نور الدين بوجلبان الى جانب توقيع كتاب لأميرة مطيمط والدكتور إبراهيم الحيسن والدكتور بن يونس عميروش وسهرات فنية لاقت الاستحسان بالهواء الطلق على ضفاف البحر منها سهرة لمجموعة إليكن النسوية الموسيقية وسهرة أخرى لمجموعة غجر.
فتحي بوجناح
المصدر: موزاييك أف.أم
كلمات دلالية: الى جانب
إقرأ أيضاً:
الواقعية والتسجيلية والانطباعية.. صفات ميزت الفن التشكيلي السوري بمرحلة الريادة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تعيش سوريا هذه الأيام، حالة ارتباك سياسي واجتماعي وثقافي، حيث ينتاب الشعب حالة من المشاعر المتضاربة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وسط القلق بما هو قادم، ولعل السنوات الماضية التي عاشها الشعب السوري، جعلت من فنه التشكيلي حالة مختلفة ومتميزة، لا تُشبه غيرها.
الواقعية والتسجيلية والانطباعية.. أبرز مدارس الفن التشكيلي الرائجة في سوريا منذ بداية الحركة التشكيلية المعاصرة، وذلك في عشرينيات القرن الماضي على يد مجموعة محدودة من الرواد، وكان من أبرزهم: توفيق طارق - ميشيل كرشة - محمود جلال ـ ناظم الجعفري... وغيرهم.
إن تباين اتجاهات الفنانين وأساليبهم في مرحلة الريادة عمومًا لم يخرج عن الواقعية التي ظلت مستمرة في الأجيال الفنية المتتالية بأشكالها.
*توفيق طارق.. رائد الفن التشكيلي السوري المعاصر
لوحة الأم للفنان طارق توفيقأجمع المهتمون بالفن، على تسمية توفيق طارق، رائدًا للفن التشكيلي السوري المعاصر، وهو مصور ومعماري درس العمارة ومساحة الأراضي في فرنسا، وقام بترميم بعض المآذن الأثرية ومنها مئذنة قايتباي في الجامع الأموي في دمشق التي أعاد تشييدها بعد الضرر الذي لحق بها من حريق نشب في الجامع في أواخر القرن التاسع عشر.
وتميز بتصوير مشاهد الطبيعة والحياة والأوابد والوقائع التاريخية بأسلوب كلاسيكي استشراقي، وأشهر لوحاته لوحة «معركة حطين» المحفوظة في القصر الجمهوري بدمشق.
*ميشيل كرشة.. رائد الانطباعية الفنية في سوريا
الفنان ميشيل كرشةوجاءت ريادة الاتجاه الانطباعي في سوريا من نصيب الفنان السورى ميشيل كرشة، والذي زامن توفيق طارق ودرس التصوير الزيتي في مدرسة الفنون الجميلة العليا في باريس، وكان من أهم من سار على دربه.
لوحة للفنان ميشيل كرشة
*نصير شورى.. أكثر حضورا فى الحياة التشكيلية السورية
الفنان نصير شورىفيما تميز نصير شورى، بأنه من أكثر الفنانين حضورًا في الحياة التشكيلية السورية، الذي درس التصوير الزيتي في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة وتنقل أسلوبه بين الواقعية والتجريد والانطباعية قبل أن يستقر على نموذج خاص به.
لوحة للفنان نصير شورى*محمود حماد.. مؤسس التجريدية بالحروف
الفنان محمود حماد
يُعد الفنان محمود حماد مؤسس الاتجاه التجريدي بعدما انتقل من الواقعية التعبيرية، حيث اعتمد على تحوير الحرف العربي إلى صيغة تشكيلية معاصرة.
لوحة للفنان محمود حمادفنانون سوريون جمعوا بين النحت والتصوير الزيتي
واللافت للانتباه أن بعض فناني مرحلة الريادة قد زاولوا النحت إلى جانب التصوير الزيتي كما هي حال محمود جلال وفتحي محمد وصبحي شعيب، بيد أن أسلوبهم في النحت كان في أغلب الأحيان مختلفًا عن أسلوبهم في التصوير.
لم يستطع قلمي رصد جميع من أثروا الحركة التشكيلية السورية فى مرحلة الريادة، ولكن الأكيد أن تباين اتجاهات الفنانين وأساليبهم عمومًا، لم يخرج عن الواقعية التي ظلت مستمرة في الأجيال الفنية المتتالية بأشكال شتى.
جمعيات فنية لتبادل الخبرات والأفكار
وسرعان ما أنشأ الفنانون التشكيليون السوريون جمعيات فنية لتبادل الخبرات والأفكار، أهمها،"ندوة الأندلس للرسم والأدب" عام 1940، ومرسم "فيرونيز" الذي أسس عام 1941، كما أنشىء الجمعية السورية للفنون عام 1950، بينما فى عام 1952، أنشأت جمعية محبي الفنون الجميلة"، فيما شهد عام 1969 إنشاء رابطة الفنانين السورية للرسم والنحت.
أهم الأحداث التي أثرت بمسيرة الحركة التشكيلية السورية
ولعل إحداث كلية الفنون الجميلة التي بدأت بتخريج فنانين مميزين جدد كل عام، كان من أهم الأحداث التى أثرت بمسيرة الحركة التشكيلية السورية، حيث تخرج جيل جديد له الأثر الكبير على الحركة التشكيلية، كان حينها الفنان مهموم بإيجاد هوية فنية سورية معاصرة لها بصمتها الخاصة التي لا تخلو من الحداثة ولا من الأصالة.
فنانون رفضوا التقليد الأعمى وسعوا لترسيخ الهوية السورية
وظهر جيل جديد من الفنانين التشكيليين، يرفضون التقليد الأعمى ويجرون محاولات لترسيخ الهوية السورية، ومن أمثال هؤلاء فاتح المدرس– الياس الزيات– أحمد دراق السباعي– نذير نبعة– صبحي شعيب، لؤى كيالى، وآخرون غيرهم.
* "المدرّس".. رائدُ الحداثة
لوحة للفنان فاتح المدرسواستطاع الفنان فاتح المدرس، بالفعل من تحقيق هذه المعادلة، ونجح الفنان الغني عن التعريف فاتح المدرس، فى تميز أسلوبه الفني بالتعبيري، الواقعي التعبير حينًا آخر، حيث يستلهم موضوعاته وأشكاله من العلاقة بين الإنسان والمكان ومن التراث الحضاري على امتداد تاريخه.
لوحة الفنان فاتح المدرس*لؤى كيالي.. ريشته تُحاكى حياة الإنسان السوري البسيط
لوحة للفنان لؤى كيالىكما نجح أيضا الفنان الموهوب لؤي كيالي الذي تتميز أعماله بالخطوط الواضحة ذات الانحناءات التعبيرية الجميلة والمؤثرة والمساحات اللونية الهادئة والمواضيع الرمزية التي تحاكي الحياة اليومية للإنسان السوري البسيط، فى ترسيخ الهوية السورية.
* أحمد معلا.. مدرسة الانطباعية الفنية
لوحة الفنان أحمد معلا
ظهرت مدرسة الانطباعية الفنية، فى ذلك الوقت، بعدما غلبت المدرسة الواقعية على الفن التشكيلى حينها، والتى اجتمع فيها فنانون سوريون كثيرون مثل عماد جروة، وعصام درويش، وأحمد يازجي، وعبد الرزاق السامان، وغيرهم آخرون.
*نذير نبعة.. أهم تشكيليين ما بعد الريادة
لوحة الفنان نذير عنبة
أحد أهم الأسماء التي ظهرت في مرحلة بعد الريادة، وقد درس في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة وحافظ على حضور قوي ومستمر ومؤثر في الحياة التشكيلية السورية في عدة عقود عرفت فيها تجربته ببضعة تحولات مهمة من استلهام التراث الشعبي والزخرفة الهندسية إلى الواقعية الرمزية والرومانسية وصولًا إلى التجريد اللوني المستلهم من تأثيرات الضوء في المشهد الطبيعى.
حركة التسويق والاقتناء الفنية السورية
تميز الفن التشكيلي السوري، في مرحلة أواخر الثمانينيات ومطلع التسعينيات، بانتعاش حركة تسويق الأعمال الفنية، فإن بعض الفنانين كانوا يبيعون المعرض بكامله، كما أن ازدهار حركة الاقتناء انعكست بشكل إيجابي على حركة المعارض، وأدت إلى افتتاح صالات عرض خاصة جديدة، إلا أنّ هذه الصالات أغلقت الواحدة تلو الأخرى، إثر تراجع حركة شراء أو اقتناء العمل الفني، في حين استمرت الصالات الأخرى، وإلى يومنا هذا، ورغم الأزمات المتفاقمة التي أدت إلى تقلص حركة الاقتناء إلى حد بعيد، حتى أن الجهات الرسمية لم تعد تقتني إلا ضمن نطاق محدود وبأسعار رمزية، وقد شهد الجميع في تلك المرحلة معارض في جميع الصالات والمراكز الثقافية الأجنبية لكبار الفنانين ومن كل الأجيال، إضافة لأسماء جديدة موهوبة برزت في تلك الفترة، وأخذت موقعها المتقدم فيما بعد.
العملية الإبداعية فى الفن السوري.. تحولات أثرت على سوق الفن والاقتناء
طالت التغييرات والتحولات فى الحركة الفنية التشكيلية في سوريا منذ عام 2011، إلى محاور عديدة، فقد تأثرت الصالات الفنية العامة والخاصة والمراكز الثقافية، كما تأثرت ايضا الحركة النقدية التشكيلية السورية.
فى عام 2011، أقيمت أكثر من 150 معرضًا في سوريا، فى مدن متنوعة، على 45 صالة عرض فنية حكومية، أو خاصة، وبالمواقع التراثية والأثرية، وبالمراكز الثقافية العربية والأجنبية.
وبعد ذلك ووقع ضرر كبير على الحركة التشكيلية السورية، حيث تضررت عدد من صالات العرض الفنية، والتي كانت فاعلة ومؤثرة في المشهد الفني السوري، وبالأخص منها تلك الخاصة بالمراكز الثقافية الأجنبية في سورية. فمع توقف هذه المراكز عن العمل داخل سورية توقفت أنشطتها الفنية وأغلقت صالاتها المختصة، ومن أبرزها صالة المركز الثقافي الفرنسي-دمشق الذي عُرف بفاعليته وإسهامه المميز في الحركة الفنية، وكذلك صالة المركز الثقافي الألماني غوته-دمشق. كما توقفت صالات مراكز ثقافية أخرى مثل المركز الثقافي البريطاني-دمشق، والبيت الثقافي الدنماركي، اللذان كانا أقل فاعلية وتأثيرًا.
كما شهدت دمشق توقف اثنتين من أبرز الصالات الخاصة، والمشهود لهما المساهمة في تاريخ الحركة الفنية السورية، وصناعة الحدث الفني، وهي: صالة أتاسي وصالة أيام (٣). ولا ينحصر أثر توقف هاتين الصالتين على انخفاض عدد المعارض وحسب، وإنما أيضًا خسارة أفكار ومشاريع معارض متميزة على مستوى الموضوعات، وعلى مستوى التصميم الفني في ابتكار مفاهيم المعارض.
المركز الثقافي الفرنسي بدمشقوفى المقابل شهدت الحركة الفنية السورية ظهور عدد من الصالات المرفقة بفضاءات المطاعم والمقاهي، فتكاثرت الصالات الفنية الملحقة بالمقاهي، كما سعت الصالات الحكومية خلال السنوات الماضية، لتحقيق استمرارية فاعليتها الفنية، منها: صالة الشعب، صالة تشرين للفنون الجميلة-حلب، خان أسعد باشا-دمشق، صالة دار الأوبرا للثقافة والفنون، وغيرها من الصالات الرسمية التي نلحظ إصرارها ومثابرتها على متابعة فعالياتها وأنشطتها. فتتضح إرادة المسؤولين الثقافيين الحكوميين من خلال الحفاظ على عمل هذه الصالات لتعويض النقص الحاصل من فقدان أو توقف عمل الصالات المذكورة آنفًا.
وفى 2015، افتتحت الحكومة بعد سعيها إلى إيجاد أماكن عرض جديدة، المركز الوطني للفنون البصرية- دمشق.
نشاط الحركة التشكيلية السورية الرسمية
سعى المسئولون الثقافيون السوريون إلى استمرارية الفعاليات الأساسية السنوية، أبرزها (معرض الخريف السنوي، ومعرض الربيع السنوي)، والعديد من الملتقيات في مجال النحت والتصوير التي تجري في قلعة دمشق بوصفها فضاء ثقافيًا.
كما ركزت بعض الفعاليات على المشاركات الشبابية مثل: (ملتقى النحت على الخشب للشباب والمحترفين)، (إبداعات شبابية للتصوير والنحت)، (ملتقى طرطوس للنحت على الخشب والحجر)، (ملتقى خاص بالخزف)، (ملتقى الفنانين المهتمين برسوم الأطفال).
المركز الوطنى للفنون البصرية
فيما قامت بتُنظّيم العديد من المعارض الفنية والملتقيات الفنية المرافقة لاحتفالات وطنية أو معارض تجمع عددًا من الفنانين على موضوعات مثل: (الوطن، سورية، الشهداء، النضال الوطني).
ملتقى النحت السوري في بلدة النقيب
ملتقى النحت السوريوكذلك أقيمت معارض خاصة بالحَرْف العربي، ومعرض آخر عن اللغة العربية بعنوان "همس الحروف".
تتعدد هذه الفعاليات، مما يدفع إلى الاستنتاج بأن مديرية الفنون الجميلة وبعض المراكز والمعاهد التابعة لوزارة الثقافة تحرص على استمرارية الفعاليات الفنية وابتكار الجديد منها، والتركيز على الملتقيات التي تجمع الفنانين الشباب من مدن المحافظات المختلفة لتعزيز صورة الحوار الثقافي بين الجغرافيات السورية على تنوعها.