كواليس صادمة.. كيف وُلد مقترح ترامب للسيطرة على غزة؟
تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT
عندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء عن اقتراحه بأن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على غزة، صدم حتى كبار أعضاء إدارته وحكومته، وفقاً لتقرير في صحيفة "نيويورك تايمز".
وبينما بدا إعلانه رسمياً ومدروساً – حيث قرأ الخطة من ورقة مكتوبة – إلا أن إدارته لم تقم بأي تخطيط أساسي حتى لدراسة مدى إمكانية تنفيذ الفكرة، وفقاً لأربعة مصادر مطلعة على المناقشات، لم يُسمح لهم بالتحدث علناً، وفق "نيويورك تايمز".
ولم يكن الأمريكيون وحدهم في حالة ارتباك، بل كان الإعلان مفاجئاً بنفس القدر للزوار الإسرائيليين لترامب. فقبل لحظات من خروجهم لعقد المؤتمر الصحافي المشترك، الثلاثاء، فاجأ ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بإخباره عن نيته الإعلان عن فكرة السيطرة على غزة، وفقاً لمصدرين مطلعين على تفاعلاتهما غياب أي تخطيط حكومي مسبق
كما لم يكن هناك أي اجتماعات مع وزارة الخارجية أو وزارة الدفاع الأمريكية كما هو معتاد عند طرح أي مقترح جاد للسياسة الخارجية، ناهيك عن فكرة بهذا الحجم، إذ لم تُشكّل أي مجموعات عمل، ولم تقدم وزارة الدفاع أي تقديرات حول عدد القوات المطلوبة، أو تكاليف التنفيذ، أو حتى تصور مبدئي عن كيفية تطبيق هذا الاقتراح. لم يكن هناك سوى فكرة داخل عقل الرئيس.
وعلى عكس الإعلانات الكبرى للسياسات الخارجية التي سبق أن أعلنها رؤساء أمريكيون – بمن فيهم ترامب نفسه – لم يكن هناك أي نقاش عام حول فكرة سيطرة الولايات المتحدة على غزة قبل يوم الثلاثاء.
لكن في الأحاديث الخاصة، كان ترامب يناقش فكرة ملكية أمريكا للقطاع منذ أسابيع. ووفقاً لمسؤولين اثنين في إدارته، تسارعت أفكاره بعد عودة مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، من زيارة إلى غزة الأسبوع الماضي، حيث وصف الظروف المروعة هناك.
President Donald Trump's proposal for the US to take over Gaza and transfer Palestinians out of the enclave was defended by his top aides, while it drew widespread condemnation around the globe https://t.co/KDNlNtRX7m pic.twitter.com/zMZr2qIlH5
— Reuters (@Reuters) February 6, 2025 ردود فعل مفاجئة وغاضبةلكن لم يكن أحد – لا في البيت الأبيض ولا في إسرائيل – يتوقع أن يطرح ترامب الفكرة علناً يوم الثلاثاء حتى اللحظات التي سبقت الإعلان.
ولقيت الفكرة معارضة فورية من العالم العربي، بما في ذلك من السعودية، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة. وفي تعليقاتها للصحافيين يوم الأربعاء، حاولت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، تخفيف بعض تصريحات ترامب.
فبينما تساءل ترامب عن سبب رغبة الفلسطينيين في العودة إلى غزة بعد تدميرها من قبل الجيش الإسرائيلي، واقترح إمكانية تحويل المنطقة إلى ملاذ سياحي، زعمت ليفيت أن ترامب كان ببساطة يريد من الأردن ومصر استقبال الفلسطينيين "بشكل مؤقت". كما قللت من أهمية فكرة الاستثمار المالي الأمريكي، رغم أن ترامب تحدث عن "ملكية طويلة الأمد".
وأكدت أيضاً أن الرئيس لم يلتزم بإرسال قوات أمريكية إلى غزة، رغم أن ترامب نفسه قال: "سنفعل ما هو ضروري، وإذا كان ذلك ضرورياً، فسنقوم به".
4 explanations for Trump’s shocking Gaza proposal https://t.co/BI7nA0yrEZ
— Charles Powell (@CharlesTPowell) February 6, 2025 أسئلة بلا إجاباتمن غير الواضح ما إذا كان ترامب قد ناقش الأمر مسبقاً بتفاصيله مع الإسرائيليين.
ولم تردّ المتحدثة باسم السفارة الإسرائيلية على طلب الصحيفة للتوضيح.
لكن العرض الذي قدمه ترامب ترك العديد من الأسئلة بدون إجابة، مثل: كيف ستعمل هذه الفكرة؟ كم عدد الجنود الأمريكيين المطلوبين لتطهير غزة من حركة حماس وإزالة الأنقاض الضخمة ونزع المتفجرات غير المنفجرة؟ كم ستكلف إعادة إعمار منطقة مدمرة بحجم لاس فيغاس؟ كيف يمكن تبرير الاستيلاء على أراضٍ فلسطينية بموجب القانون الدولي؟ وماذا سيحدث لمليوني لاجئ فلسطيني؟
President Donald Trump’s proposal that the U.S. “take over” the Gaza Strip and permanently resettle its Palestinian residents was swiftly rejected and denounced on Wednesday by American allies and adversaries alike.
AP's Joe Federman breaks down what to know about his plan. pic.twitter.com/R22pZPQjG5
وفي الساعات التي تلت الإعلان، بدت الإدارة الأمريكية عاجزة عن تقديم أي إجابات ملموسة. واتضح السبب لاحقاً: لم يكن هناك أي تفاصيل فعلية.
وفي محاولة لترويج الفكرة، ظهر مستشار الأمن القومي لترامب، مايك والتز، في برنامج "سي بي إس مورنينغز" يوم الأربعاء، لكنه أقر بأن ما تم طرحه ليس "خطة" بقدر ما هو "مفهوم لخطة"، وهو نفس النهج الذي استخدمه ترامب لوصف أفكاره حول السياسة الصحية خلال حملة 2024، والتي لم تتحقق أبداً.
وقال والتز: "حقيقة أنه لا يوجد حل واقعي، وأن ترامب يطرح بعض الأفكار الجريئة والجديدة، لا ينبغي أن يُنتقد بأي شكل".
وأضاف: "أعتقد أن هذا سيجعل المنطقة بأكملها تأتي بحلولها الخاصة إذا لم تعجبها فكرة ترامب".
U.S. foes and allies alike condemned President Donald Trump’s proposal that the United States take over Gaza and remove its residents en masse — a suggestion world leaders and analysts said could amount to the forced displacement of a civilian population. https://t.co/dwNF0p6v3X
— The Washington Post (@washingtonpost) February 6, 2025 الترحيل القسريضغط ترامب علناً على الأردن ومصر لأسابيع لقبول لاجئين من غزة، لكن كلا البلدين رفض الفكرة بشدة.
ويُعد الترحيل القسري للفلسطينيين انتهاكاً للقانون الدولي، لكن ترامب قال في مؤتمره الصحافي يوم الثلاثاء إنه يتوقع أن يكون الفلسطينيون متحمسين للمغادرة لأن المنطقة أصبحت غير صالحة للسكن، وربما يمكنهم العودة لاحقاً.
وقال ذلك بينما كان يقف إلى جانب نتانياهو، الذي دمرت حملته العسكرية معظم غزة بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، مما أوجد الظروف نفسها التي أشار إليها ترامب.
وقال ترامب: "ستتولى الولايات المتحدة السيطرة على قطاع غزة، وسنقوم بعمل جيد هناك أيضاً".
وأضاف: "سنمتلكه ونتحمل مسؤولية إزالة كل القنابل الخطرة غير المنفجرة والأسلحة الأخرى. سنُسوّي الأرض ونتخلص من المباني المدمرة".
تناقض مواقف ترامبوأثارت الفكرة قلق العديد من المسؤولين الأمريكيين، حيث أكد اثنان من المقربين من ترامب أن الاقتراح كان فكرته وحده، وأحدهم قال إنه لم يسمع ترامب يتحدث عن إرسال قوات أمريكية من قبل.
من ناحية أخرى، اعتُبرت الفكرة متناقضة مع انتقادات ترامب السابقة للرؤساء الأمريكيين الذين انخرطوا في بناء الدول في الشرق الأوسط.
كما تأتي هذه المقترحات بينما يعمل ترامب على إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، التي تعد الجهة الفيدرالية الرئيسية للمساعدات الخارجية.
Press Secretary Karoline Leavitt said Wednesday that President Trump has not committed to sending troops to war-torn Gaza, and that he will not spend U.S. funds rebuilding it. Trump’s comments suggesting otherwise the previous day inflamed the region. https://t.co/JoHQx6jhBZ
— The Washington Post (@washingtonpost) February 6, 2025لكن ترامب لم يكن يوماً معادياً للتدخلات العسكرية بنفس الدرجة التي يرغب بها أنصار العزلة في حزبه.
ففي بداية حرب العراق، أيّدها قبل أن ينتقدها لاحقاً.
وفي 2011، عندما فكر في الترشح للرئاسة، قال إنه يجب على الولايات المتحدة "أخذ نفط" العراق. كما اقترح استخدام الجيش الأمريكي لاستخراج المعادن الحيوية من مناطق الحروب.
ردود فعل إسرائيلفي حين لقيت فكرة سيطرة الولايات المتحدة على غزة ترحيباً بين بعض الدوائر اليمينية المتطرفة في إسرائيل، كان هناك تشكيك واسع في جدواها.
وقال السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، إن اقتراح ترامب "مبدع وذكي للغاية"، لكنه اعترف بأنه فوجئ بالإعلان. وأضاف: "لم نجد أبداً من يمكنه حكم غزة دون أن يشكل تهديداً".
لكن مع غياب أي تفاصيل عملية، يتوقع العديد من مستشاري ترامب أن تتلاشى الفكرة بهدوء، مثلها مثل العديد من مقترحاته السابقة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية نتانياهو غزة ترامب ترامب غزة نتانياهو الولایات المتحدة یوم الثلاثاء لم یکن هناک العدید من أن ترامب على غزة هناک أی
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة ترفض خطة إسرائيلية للسيطرة على تسليم المساعدات في غزة
أعلنت الأمم المتحدة رفضها خطة إسرائيلية للتحكم في إيصال المساعدات إلى قطاع غزة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن المنظمة لن تشارك في أي ترتيب للمساعدات لا يحترم ما وصفه بمبادئ الإنسانية والنزاهة والاستقلال والحياد.
وأضاف غوتيريش أن آليات التفويض التي اقترحتها السلطات الإسرائيلية أخيرا لإيصال المساعدات تُنذر بمزيد من التحكم وتقييد المساعدات بلا رحمة حتى آخر سعر حراري وحبة دقيق.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة: "لأكن واضحا، لن نشارك في أي ترتيب لا يحترم المبادئ الإنسانية احتراما كاملا، الإنسانية والنزاهة والاستقلال والحياد. يجب ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، ويجب منح العاملين في المجال الإنساني الحماية التي يكفلها لهم القانون الدولي".
إسرائيل ملزَمةمن جانبه، قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن المنظمة لن تساهم في عملية تجبرها على خرق مبادئها، وإن إسرائيل ملزمة كقوة احتلال بإدخال المساعدات إلى غزة.
وأضاف دوجاريك، في مقابلة سابقة مع الجزيرة، أنّ المنظمة مستمرة في التواصل مع السلطات الإسرائيلية من أجل فتح الأبواب لدخول المساعدات إلى القطاع.
وأكد دوجاريك ضرورة العمل باتجاه حلول حقيقية لدخول المساعدات كوقف إطلاق النار، مضيفا أن الأمم المتحدة ستبقى في غزة وتقدم كل ما تستطيعه، كما أنها تواصل الحديث مع إسرائيل بشأن الحاجة لفتح المعابر.
وقد أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، الثلاثاء، رفضه لآلية إسرائيلية مقترحة لإدخال المساعدات للفلسطينيين، مؤكدا أنه "لن يقبل بتلاعب الاحتلال بالمصير الإنساني للقطاع".
إعلانوقال المكتب، في بيان، إن "الآلية المقترحة تنص على أن يتولى جنود الاحتلال أو شركة خاصة تابعة له توزيع المساعدات مباشرة على الأسر الفلسطينية".
وحذر المكتب من أنها تُعرض حياة المدنيين للخطر، عبر إجبارهم على التوجه إلى نقاط توزيع قد تكون مستهدفة ومحفوفة بالمخاطر الأمنية.
ومنذ 2 مارس/آذار الماضي يمنع الجيش الإسرائيلي دخول الإمدادات الأساسية من غذاء ومياه وأغذية لقطاع غزة عقب إغلاقه للمعابر ما تسبب في كارثة إنسانية وتفاقم للمجاعة.
وتحاصر إسرائيل غزة للعام الـ18، وبات نحو 1.5 مليون من مواطنيها، البالغ عددهم حوالي 2.2 مليون فلسطيني، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم، ودخل القطاع مرحلة المجاعة؛ جراء إغلاق تل أبيب المعابر بوجه المساعدات الإنسانية.
ومنذ استئنافها الإبادة الجماعية بغزة في 18 مارس/آذار 2025، قتلت إسرائيل حتى صباح الثلاثاء 1449 فلسطينيا وأصابت 3647 آخرين، معظمهم أطفال ونساء، وفق وزارة الصحة بالقطاع.
وبدعم أميركي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 166 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.