ترامب المصارع أو التجسيد المفضوح للإمبريالية الأمريكية
تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT
لا ستر ولا ستار أمام سياسة ترامب الإمبريالية سوى زجاج شفاف، فهو على عكس من سبقه من رؤساء أمريكا يعملون وراء ستائر الديمقراطية، وحجب حقوق الإنسان للوصول إلى الهدف المنشود، هو يفعل ما يقول، يفكر بصوت عال ليسمعه من يحاول تصنع الصمم.
قبل بدء ولايته الثانية التي فاجأت الجميع، وأول المتفاجئين منافسته كامالا هاريس التي اعتقدت أن الفوز على هذا «المصارع» سهل المنال، خاصة وأن مجموعة من القضايا الجنائية تلاحقه في المحاكم منها حالات اغتصاب، وتهرب ضريبي، والاحتفاظ بوثائق سرية في منزله (أعطى ترامب صفة المصارع في العام 2007 عندما واجه خصمه فانس مكماهون رئيس اتحاد المصارعة الحرة، وكسب الرهان وحلق له رأسه على حلبة المصارعة) هذا المشهد فوق حلبة المصارعة يلخص شخصية الرئيس رقم 47 للولايات المتحدة.
في ولايته الأولى كان تركيزه على جمع المال من أجل «عودة أمريكا العظمى» بالتهديد والوعيد، بدأ ولايته بزيارة السعودية فحصل على 400 مليار دولار، ثم هدد دول الخليج برفع الحماية إذا لم يدفعوا «ضريبة بدل حماية» ثم هدد الدول الأعضاء حلف شمال الأطلسي بالسماح لروسيا بغزوها إذا لم تدفع مخصصاتها، ولم يتوان عندما خسر الانتخابات أمام خصمه جو بايدن من رفض النتائج معتبرا أنه هو من فاز بهذه الانتخابات، وقاد «ذو القرنين» الدهماء في الحملة الشهيرة مع مجموعة كبيرة من مؤيديه على مبنى الكابيتول والتي أذهلت العالم بأن تتم مثل هذه المشاهد في الدولة الديمقراطية الأولى، ويخال المرء أنها مشاهد في دولة بدائية من تاريخ آخر.
مع بداية ولايته الثانية عاد فكرر شراهته للدولار عندما طالب المملكة العربية السعودية باستثمار مبلغ بليون دولار في أمريكا بدل 600 مليار قدمها ولي العهد محمد بن سلمان مقابل زيارة للرياض (فهل هو ابتزاز للسعودية، أم شراء رضى ترامب؟) وتمادى بطلبه منها ومن منظمة الأوبك بتخفيض سعر النفط، وتخفيض سعر الفائدة في كل أنحاء العالم، وقال:» مع أسعار النفط التي ستنخفض، أطالب بخفض معدلات الفائدة فورا وبالطريقة نفسها. يجب أن تنخفض في كل أنحاء العالم».
وفي خطاب تنصيبه أعلن الرئيس ترامب بأنه قد يفرض رسوما جمركية بنسبة 25 في المئة على الواردات من كندا والمكسيك في موعد أقربه الأول من شباط/فبراير، بينما تعهّد بإجراءات ضد بلدان أخرى كجزء من سياسة واشنطن التجارية الجديدة، وهدد قبل توليه الرئاسة بفرض رسوم جمركية مرتفعة على المنتجات الأوروبية، وتقليص الدعم لأوكرانيا، وإعادة تقييم تمويل حلف شمال الأطلسي، وأكبر المتضررين في أوروبا ستكونان ألمانيا وفرنسا أكبر اقتصادين في الاتحاد الأوروبي.
هذه السياسة التهديدية ستواجه برد فعل مماثل من قبل الدول المهددة وهذا يعني بداية حرب اقتصادية بين أمريكا ودول العالم المعنية، وأمر ترامب بعد ساعات من توليه منصبه يوم الاثنين بتعليق برامج المساعدات الخارجية في المجال التنموي لحين تقييم مدى كفاءة هذه المساعدات، واتساقها مع سياسته الخارجية، واستثني مصر وإسرائيل من هذا القرار.
الإمبريالية تطلق على كل دولة لها جيش خارج حدودها، خاصة بهدف احتلال أراضي دولة أخرى، إمبريالية ترامب تجلت، حتى قبل بدء تسلمه السلطة، برغبته الملحة على ضم كندا بكل بساطة، واعدا بخفض ضرائبها في حال باتت ولاية أمريكية، ووصف رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو بأنه «حاكم كندا» وقال: «إنه في حال أصبحت كندا ولايتنا رقم 51، فإن ضرائبها سوف تنخفض بأكثر من 60 في المئة وسوف تتضاعف أعمالها على الفور». (كندا تعتبر ثاني أكبر مساحة جغرافية في العالم بعد روسيا، ودولة غنية بالنفط، والمعادن، والمواد الغذائية).
لكن رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو أجابه إنّ «كندا لن تكون أبدا، على الإطلاق، جزءا من الولايات المتّحدة».
وقالت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي أنّ «تصريحات الرئيس المنتخب ترامب تظهر عدم فهم كامل لكون كندا بلدا قويا. ولن ننحني أبدا في مواجهة التهديدات». ولم يكتف ترامب بنيته ضم كندا، بل أضاف إليها رغبته في ضم غرينلاند وقال في مؤتمر صحافي في السابع من يناير/ كانون الثاني إنه لن يستبعد استخدام القوة الاقتصادية أو العسكرية للسيطرة على الجزيرة القطبية الشمالية.
وفي مكالمة هاتفية مع رئيسة الوزراء الدانماركية (غرينلاند تتبع للدانمارك) ميت فريدريكسن تحولت إلى مواجهة نارية وكان ترامب عدوانيا وهدد بفرض رسوم جمركية على الدانمارك (الحليفة في حلف الناتو) ويتابع ترامب سياسته الإمبريالية بمد سيطرته على قناة بنما ورد عليه رئيس بنما خوسيه راؤول مولينو بالقول:» تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خطاب التنصيب تعهد فيها باستعادة قناة بنما إن القناة بنمية وستبقى كذلك».
وقام بتغيير اسم «خليج المكسيك» إلى «الخليج الأمريكي». كل هذه الأمور مجتمعة تنم عن الشخصية المزهوة بالنفس للرئيس الأمريكي العائد إلى السطلة للمرة الثانية وفي جعبته أحلام إمبراطورية كبيرة تضاف إلى الإمبريالية الأمريكية، هذا في الوقت الذي قامت أمريكا منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا بدعم هذه الأخيرة بكل الأسلحة والمال، وتهاجم روسيا كدولة احتلال تريد قضم أكبر قدر ممكن من الأراضي الأوكرانية بعد ضمها لجزيرة القرم، ودعمت إسرائيل بكل أنواع الأسلحة والذخائر للسيطرة على غزة الضفة الغربية.
وألغى ترامب كل العقوبات التي فرضتها إدارة بايدن على مؤسسات ومستوطنين إسرائيليين، وعلى منع بيع دولة الاحتلال القنابل بزنة 2000 رطل، بل ويؤيد خطة ترحيل فلسطينيي غزة إذ طلب من العاهل الأردني أن يستقبل جزءا منهم، ومن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن يستقبل جزء آخر وقال عن غزة:» إنه مكان مدمر حرفيا، تقريبا كل شيء مدمر، والناس يموتون هناك، لذلك أفضل المشاركة مع بعض الدول العربية، وبناء سكن في موقع مختلف حيث يمكنهم العيش في سلام من أجل التغيير « أي بعبارة أخرى «الترانسفير» لإهداء إسرائيل نصرا لم تستطع تحقيقه ضد إرادة الشعب الفلسطيني، والتهرب من حل الدولتين. هذه السياسية الإمبريالية العدوانية ليس من شأنها تحقيق السلام كما يزعم الرئيس «المصارع» بل ستؤجج التوترات التي ربما أدت إلى حروب ونزاعات لا تؤمن عواقبها، وتحرق النار موقد النار.
القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب كندا الاحتلال كندا الاحتلال ترامب تهجير غزة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة أفكار صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
بعد فرض الرسوم الجمركية.. كندا ستتخذ إجراءً قانونياً ضد أمريكا
قال مسؤول حكومي كبير أمس الأحد إن كندا ستتخذ إجراءاً قانونياً أمام الهيئات الدولية ذات الصلة للطعن على الرسوم الجمركية البالغة 25 % التي فرضتها الولايات المتحدة على معظم السلع الكندية ووصفها بأنها غير قانونية وغير مبررة.
وتأتي هذه التعليقات بعد يوم من إعلان رئيس الوزراء جاستن ترودو عن مجموعة واسعة من الرسوم الجمركية المضادة بنسبة 25 % على السلع الأمريكية ردا على الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب أمس السبت.
وقال المسؤول في إفادة صحافية في أوتاوا "سنواصل بكل تأكيد اللجوء إلى الوسائل القانونية التي نعتقد أننا نملكها من خلال الاتفاقيات التي نتقاسمها مع الولايات المتحدة".
وفرض ترامب رسوما جمركية بنسبة 25 % على جميع السلع الكندية، باستثناء منتجات الطاقة مثل النفط والغاز والكهرباء، والتي ستخضع لرسوم جمركية بنسبة 10 % عند دخولها الولايات المتحدة. وستدخل الرسوم الجمركية البالغة 25 % حيز التنفيذ اعتباراً من يوم الثلاثاء، بينما سيتم تطبيق الرسوم الجمركية على الطاقة اعتبارا من 18 فبراير (شباط).
????BREAKING: Would you support Canada becoming the 51st U.S. state?
YES or NO? pic.twitter.com/7kSLVKfT8E
وردًا على ذلك، فرضت كندا رسوماً جمركية على 1256 منتجا، أو 17 % من إجمالي المنتجات المستوردة من الولايات المتحدة، بدءاً من يوم الثلاثاء. وتشمل هذه المنتجات عصير البرتقال وزبدة الفول السوداني والنبيذ والبيرة والدراجات النارية ومستحضرات التجميل وغيرها، والتي ستصل قيمتها الإجمالية إلى 30 مليار دولار كندي.
وقال المسؤول "إذا كانت هناك سبل قانونية أخرى متاحة لنا، فسوف نأخذها في الاعتبار أيضاً"