دعوات حقوقية لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات بحق المعتقلين في سوريا
تاريخ النشر: 6th, February 2025 GMT
أفادت الرئاسة السورية، الأربعاء، بأن رئيس سوريا للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، عقد لقاء مع وفد من روابط الناجين والناجيات وعائلات المعتقلين والمعتقلات والمفقودين والمفقودات، بحضور ممثلين عن منظمات حقوقية وعدد من عائلات الضحايا.
وخلال الاجتماع، أكد المشاركون ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لكشف مصير المفقودين، وضمان معرفة الحقيقة حول ما جرى في المعتقلات وأماكن الاحتجاز، باعتبار ذلك خطوة أساسية لتحقيق العدالة والمصالحة الوطنية.
وذكرت "رابطة معتقلي ومفقودي صيدنايا"، في بيان لها، أن الروابط الحقوقية شددت على أن كشف الحقيقة حول عشرات الآلاف من المفقودين ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات هو حق غير قابل للمساومة، مشيرة إلى أن العدالة الانتقالية لا تقتصر على المساءلة الجنائية فحسب، بل تشمل أيضاً إصلاح المؤسسات وضمان عدم تكرار الانتهاكات.
وطرحت الروابط خلال الاجتماع مجموعة من المطالب، من بينها ضمان عدم تكرار جرائم التعذيب والإخفاء القسري، وتأمين وصول العائلات إلى المعلومات المتوفرة حول المفقودين، والحفاظ على الأدلة في السجون ومقرات الأمن، وحماية المقابر الجماعية من أي محاولات للعبث بها، كما دعت إلى إشراك الضحايا وعائلاتهم في جميع جهود العدالة الانتقالية، والتعاون مع المؤسسات الأممية والدولية المختصة بملف المفقودين نظراً لحجم القضية وتعقيداتها.
من جانبه، أكد أحمد الشرع التزام الحكومة بإعطاء قضية المفقودين أولوية قصوى، والعمل على إنشاء هيئة متخصصة لمعالجة هذا الملف وضمان عدم تكرار الانتهاكات السابقة، وأشار إلى أهمية التواصل المستمر مع عائلات الضحايا والجهات الحقوقية المعنية، مؤكداً أن الحكومة لن تعتبر المخفيين قسراً في عداد المتوفين دون أدلة قاطعة.
وأوضحت "رابطة معتقلي ومفقودي صيدنايا" أن الروابط الحقوقية ستواصل متابعة تنفيذ هذه الالتزامات، وستمارس الضغوط اللازمة لضمان تحويل التعهدات إلى إجراءات ملموسة، كما شددت على أن العدالة لا يمكن أن تتحقق بالوعود، بل تتطلب خطوات عملية واضحة تضمن المساءلة والإنصاف.
وأكدت الروابط أن حل قضية المعتقلين والمفقودين يشكل عنصراً محورياً في أي عملية سياسية ذات مصداقية، مشيرة إلى أن تحقيق الاستقرار يتطلب معالجة هذا الملف بجدية وشفافية، بما يسهم في بناء الثقة بين السوريين ويمهد الطريق لتحقيق مصالحة وطنية حقيقية.
الرئيس التركي: نواصل التعاون مع ألمانيا بشأن غزة وسوريا وأوكرانيا
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن هناك مسؤوليات كبيرة تقع على عاتق الجميع في الحفاظ على وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين حركة "حماس" وإسرائيل.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده، الأربعاء، مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير، في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، حيث شدد على أن تركيا ستواصل التعاون مع ألمانيا بشأن الملفات الإقليمية، مثل التطورات في سوريا وقطاع غزة والحرب في أوكرانيا.
وقال أردوغان: "يقع على عاتق الجميع مسؤوليات كبيرة في الحفاظ على وقف إطلاق النار بغزة، وعلينا كمجتمع دولي مواصلة الجهود من أجل حل الدولتين"، وأضاف أن المشاورات بين تركيا وألمانيا اليوم "تحمل أهمية كبيرة من ناحية الجهود المشتركة لتحقيق السلام والاستقرار في المناطق المجاورة لنا".
وأكد الرئيس التركي أن تحقيق السلام الدائم والازدهار في سوريا يمثل رغبة مشتركة للجميع، معربًا عن ثقته في أن ألمانيا ستوفر الدعم اللازم لجهود تركيا في إعادة إعمار سوريا، كما أشار إلى أن بلاده أكدت منذ فترة طويلة على ضرورة إنهاء الحرب في أوكرانيا بسلام عادل، مبينًا أنه ناقش هذه المسألة خلال لقائه مع نظيره الألماني.
وفي سياق آخر، حذر أردوغان من تصاعد الخطابات والأعمال المعادية للأجانب والعنصرية وكراهية الإسلام في أوروبا، معتبرًا أن هذه الظواهر تثير قلق المجتمع التركي أيضًا، وأوضح أن الزيارات والاجتماعات رفيعة المستوى الأخيرة بين البلدين تعكس الحوار الوثيق بينهما، لافتًا إلى أن العلاقات السياسية والاقتصادية والإنسانية والثقافية القوية تمنح الفرصة لمواصلة تطوير التعاون المشترك.
وأشار الرئيس التركي إلى أن مباحثاته مع شتاينماير تناولت التطورات الإقليمية والخطوات الممكن اتخاذها لتعزيز التعاون الثنائي، مشددًا على متانة العلاقات التجارية والاقتصادية بين تركيا وألمانيا.
وأضاف أن اللقاء ناقش أيضًا قضايا مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وتأشيرات الدخول والصناعات الدفاعية، إلى جانب المسائل التي تهم الجالية التركية في ألمانيا، وأكد أن بلاده ستواصل العمل مع ألمانيا بشأن هذه القضايا، مشيرًا إلى أنه تم التطرق بشكل خاص إلى مكافحة التنظيمات الإرهابية وتعزيز العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الرئیس الترکی إلى أن
إقرأ أيضاً:
تقرير :صرخات البحث عن المفقودين .. بين أنقاض غزة وسجون الاحتلال
غزة- «عُمان»- بهاء طباسي: في حي الشجاعية بمدينة غزة، كان منزل عائلة نعيم يعج بالحياة والضحكات. منذر، الأخ الأكبر، كان دائمًا يعتبر شقيقه محمود ليس فقط أخًا، بل صديقًا وشريكًا في كل تفاصيل الحياة. في أحد أيام العدوان، وبينما كانت الغارات الجوية تهز أركان المدينة، خرج محمود لجلب بعض المستلزمات الأساسية للعائلة. ومنذ ذلك الحين، انقطعت أخباره.
منذر، الشاب الثلاثيني، تنقل بين المستشفيات والمراكز الطبية، بحثًا عن أي أثر يقوده إلى شقيقه. طرق أبواب الصليب الأحمر والمؤسسات الحقوقية، لكنه لم يجد إجابة شافية. لا أحد يعرف إن كان محمود حيًّا في أحد السجون الإسرائيلية، أم أنه استشهد ودفن تحت الأنقاض دون أن يتمكن أحد من العثور على جثمانه.
قصة محمود.. أين أولادنا؟
يعيش منذر وعائلته في دوامة من القلق والانتظار القاتل. يقول منذر بصوت متهدج: «أنا أريد أن أطمئن على أخي محمود، مفقود منذ 11 شهرًا، ولا نعرف هل استُشهد أم هو محبوس؟ لم نترك مكانًا إلا وذهبنا إليه، بداية من الصليب الأحمر، مرورًا بجميع المؤسسات الإغاثية، وجميعها لا تعرف عنه شيئًا. نفسنا نعرف هل هو شهيد أم محبوس ويرفض الاحتلال إعطاء اسمه للصليب الأحمر».
كل يوم يزداد الوضع سوءًا، والعائلة تفقد صبرها مع غياب أي معلومة جديدة. منذر يشعر بالعجز أمام نظرات والدته التي لا تتوقف عن السؤال عن ابنها الغائب. يضيف بحرقة لـ«عُمان»: «لا ندري إلى أين نتوجه بالشكوى؟ نريد تدخلًا دوليًا للناس اللي فاقدين ولادهم يعرفوا ولادهم وين؟ مثلما يطالب الاحتلال بأسراه، لابد أن نطالب نحن بمعرفة مصير الغزيين المفقودين».
محمود ليس الوحيد، بل هناك آلاف العائلات التي تبحث عن أبنائها المفقودين في غزة، وسط مشاعر مختلطة بين ألم الفقد والقلق من المجهول. رغم أن القتال توقف، إلا أن المأساة لم تنتهِ، ولا تزال الأسر الغزية تعيش كابوسًا مرعبًا بين انتظار قد لا ينتهي وأمل يذبل مع مرور الأيام.
بعض العائلات وجدت أبناءها شهداء تحت الأنقاض، وأخرى تلقت اتصالات نادرة من معتقلين أكدوا أنهم ما زالوا أحياء، لكن المئات لا تزال أسماؤهم مجهولة في السجون الإسرائيلية. مأساة لا تزال مستمرة، وقضية لا يبدو أن لها نهاية قريبة، ما لم يكن هناك تدخل دولي حقيقي للكشف عن مصير المفقودين.
أرقام مفزعة
فمنذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، وصولًا إلى الأسابيع على وقف إطلاق النار، تفاقمت أزمة المفقودين والمدفونين تحت الأنقاض بشكل مأساوي.
وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة، بلغ عدد الشهداء حتى يناير 2025 حوالي 47.161 شهيدًا، بالإضافة إلى 111.166 مصابًا.
ومع ذلك، لا تزال هناك أعداد كبيرة من المفقودين تحت الأنقاض وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم بسبب الدمار الهائل. وفقًا لبيانات الحكومة وهيئة الدفاع المدني، هناك أكثر من 12,000 شخص بين طفل وامرأة ورجل وشاب وفتاة مفقودين تحت الأنقاض.
بالإضافة إلى ذلك، أفادت تقارير محلية بأن عدد الشهداء الذين تبخرت أجسادهم ولم يُعثر لهم على أثر بسبب القصف الإسرائيلي بلغ 2.842 شهيدًا، وذلك بعد 471 يومًا من حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
ما يزيد من تعقيد هذه الأزمة هو تعنت سلطات الاحتلال في الكشف عن أسماء المعتقلين في السجون الإسرائيلية. فقد أبلغت اللجنة الدولية للصليب الأحمر منذ أكتوبر 2023 عن أكثر من 8.700 فلسطيني مفقود، معظمهم من قطاع غزة، بينما ترفض إسرائيل تقديم معلومات عنهم.
9 أشهر من البحث المتواصل.. بلا نوم
تشير الأرقام السابقة إلى أن هناك آلاف العائلات التي لا تزال تبحث عن أحبائها المفقودين، وسط مشاعر مختلطة بين ألم الفقد والقلق من المجهول.
في حي الزيتون بمدينة غزة، يعيش أبو سليم الديب مأساة فقدان ثلاثة من أفراد عائلته: ابنه وزوجته وزوجة ابنه. في ليلة مظلمة، اقتحمت قوات الاحتلال منزله واقتادتهم إلى جهة مجهولة. منذ ذلك الحين، لم يتلقَّ أي معلومات عن مصيرهم، مما جعله يعيش في حالة دائمة من القلق والترقب، يتنقل بين المؤسسات الحقوقية بحثًا عن أي خيط يقوده إلى معرفة مصيرهم.
يلخص أبو سليم معاناة أشهر كاملة من البحث في كلمات ممزوجة بالألم النفسي: «لم أنم منذ 9 أشهر، أفكر في ابني وزوجتي وزوجة ابني. تم اختطافهم من الدار، لا أعرف مصيرهم، أحياء أم أموات. الاحتلال يمنع المحامين والصليب الأحمر من الدخول إلى السجون والاطلاع على الأسماء. أعيش أيامًا صعبة».
طوال الأشهر الماضية، جاب أبو سليم جميع المؤسسات الدولية التي تعنى بشؤون الأسرى والمفقودين، لكن لم يجد إجابة شافية. يضيف لـ«عُمان»: «ذهبت إلى الصليب الأحمر، أخبروني أنهم لا يستطيعون معرفة أسماء المعتقلين لأن الاحتلال يرفض إعطاء أي تفاصيل. كلما حاولنا السؤال، يتم الرد علينا بالرفض أو التهرب».
المعاناة لا تقتصر على غياب الأحبة فقط، بل تمتد لتشمل القلق المستمر وعدم القدرة على الحداد أو حتى معرفة الحقيقة. يصرخ أبو سليم بحرقة: «لو كانوا شهداء، على الأقل كنا سنعلم ونقيم لهم جنازة، لكن أن يظلوا مفقودين، هذا عذاب لا ينتهي».
صور قديمة ودموع
بين أقمشة خيمة مهترئة، لا تكاد يحميها من برد الشتاء، تعيش أم بيسان أبو لبدة على أطلال ذكريات عائلة كانت تجتمع حول طاولة العشاء في بيتها المدمر. فقدت زوجها وابنها الأكبر تحت الركام حين هزّ انفجار عنيف مخيم جباليا ذات ليلة من ليالي العدوان، ولم يبقَ لها سوى صور قديمة ودموع ترفض أن تجف.
تقول بصوت خافت، متقطع من الألم خلال حديثها لـ«عُمان»: «كان بيتي مليئًا بالحياة، والآن بات قبرًا يحتضن أحبتي، ولا أملك حتى القدرة على الحفر بأظافري للوصول إليهم».
مرت شهور طويلة على تلك الليلة المشؤومة، ومع كل يوم يزداد أملها بالعثور عليهم أحياء يتلاشى، لكنها لا تزال تنتظر معجزة قد تأتي أو لا تأتي.
بحثت بين الأنقاض، نادت بأسمائهم، سألت فرق الدفاع المدني، لكن لا إجابة: «قالوا لنا إن جثثًا كثيرة لا تزال مدفونة تحت الخراب، وإنهم لا يملكون المعدات الكافية لرفع الركام». شعرت حينها بالعجز، كأنها محاصرة في كابوس لا نهاية له.
وتضيف بحزن عميق: «كيف لي أن أعيش وأنا لا أعلم إن كانوا قد استشهدوا أم لا؟ لا أملك حتى قبورًا أزورهم فيها أو أدعو لهم عندها. إنني عالقة بين الرجاء واليأس».
تطالب أم بيسان المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال للسماح بإدخال المعدات الثقيلة والفرق المتخصصة للمساعدة في انتشال الجثث: «نحن لا نطلب المستحيل، نريد فقط أن نعرف الحقيقة، أن نستطيع دفن أحبابنا بكرامة». لكن، كما تقول، لا أحد يستجيب، ويبقى الغزيون وحدهم في مواجهة الحزن والخراب.
وضع مأساوي يتطلب جهودًا دولية
أمام هذا الوضع المأساوي، تطالب المؤسسات الحقوقية والإنسانية بتدخل دولي عاجل للضغط على إسرائيل للكشف عن مصير المعتقلين والمفقودين. كما تدعو الحكومة في غزة إلى ضرورة إدخال المعدات الثقيلة للمساعدة في رفع الأنقاض والوصول إلى الضحايا، إلا أن الحصار المفروض على القطاع يعوق هذه الجهود.
مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية أمجد الشوا يؤكد أن أزمة المفقودين في غزة كارثة إنسانية تتطلب تدخلاً عاجلاً.
يقول لـ«عُمان»: «حتى الآن لا توجد معلومات عن مصير هؤلاء المواطنين الذين قام الاحتلال الإسرائيلي سواء بعملية قتلهم أو اعتقالهم».
يطالب «الشوا» اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وغيرها من الهيئات الحقوقية الدولية، من أجل التدخل لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، للإفراج عن المعلومات المتعلقة بهؤلاء المواطنين، والذين يُقدر عددهم بالآلاف، حسب تعبيره.
الشوا يشير إلى أن الاحتلال يستخدم التعتيم الإعلامي كأداة لزيادة معاناة الأهالي: «نحن نتلقى يوميًا استغاثات من عائلات تبحث عن ذويها، لكن دون أي وسيلة رسمية للحصول على معلومات. هذا جزء من سياسة الاحتلال لعقاب الجماعي بحق المدنيين في غزة».
إضافة إلى ذلك، يوضح الشوا أن الاحتلال يعمد إلى تعطيل عمليات البحث من خلال منع إدخال المعدات اللازمة وعرقلة عمل الطواقم الدولية: «نحن أمام أزمة غير مسبوقة، وعلينا التحرك بسرعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه».