طه العامري
يقال إن (الحق فوق القوة) وإن المقاوم المدافع عن حقه في وطنه وحريته وسيادته واستقلاله، هو الأقوى من المحتل والأكثر شجاعة من الغازي والوافد الغريب عن الأرض والتضاريس.
غزة تجاوزت بملحمتها (حطين) و(عين جالوت) وتجاوزت ملاحم العرب والمسلمين في مواجهة الحملات الصليبية.. نعم تجاوزت ملحمة طوفان الأقصى كل ملاحم العرب والمسلمين التي كانت متعادلة في قدرات أطرافها، غير أن ملحمة الأقصى كانت ملحمة استثنائية غير مسبوقة في التاريخ، لا من حيث قدرات أطرافها، ولا من حيث إمكانياتهم، إذ يصعب بل يستحيل أن نقارن بين قدرات وإمكانيات المقاومة ماديا ومعنويا وعلميا وتقنيا واستخباريا وعسكريا، مع عدو مدجج بكل القدرات العسكرية الحديثة بل والأكثر حداثة، والمتفوق تقنيا والمدعوم من كبرى جيوش العالم ودول العالم، التي اصطفت سرا وعلانية إلى جانب العدو، مقدمين له كل أشكال الدعم والإسناد بكافة أشكاله عسكريا استخباريا وأمنيا وتسليحا وتجسسيا وإعلاميا ودبلوماسياً وغطاء سياسياً في كل المحافل الدولية والمنظمات الدولية، لدرجة ان أمريكا ودول الغرب وكل عواصم الحريات والديمقراطيات في العالم تخلت من أجل الكيان الصهيوني عن قيمها وأخلاقياتها ومبادئها وقوانينها ودساتيرها من أجل نصرة العدو الصهيوني، فيما المقاومة التي حوصرت من العدو ومن كل دول العالم حوصرت أيضا من أشقائها عربا ومسلمين، في حرب إبادة جماعية دامت لأكثر من 15 شهرا، حربا أبادت القطاع ولم تترك فيه حجرا ولا شجرا وذهب ضحيتها أكثر من (70 ألف شهيد) غالبيتهم نساء وأطفال وشيوخ ومدنيون عزل، وهناك أكثر من (200 الف جريح) وآلاف المعتقلين، حرب مشفوعة بحصار جوي وبري وبحري، حرب منع الأعداء خلالها الطعام والماء والوقود والأدوية عن الأطفال والنساء والشيوخ وعن أكثر من (2.
حرب استهدف العدو فيها المنازل والمساجد والكنائس والمدارس والطرقات والمستشفيات وعربات الإسعاف وطواقم الدفاع المدني والدكاترة ومخازن الأدوية، حرب إبادة ممنهجة ومنظمة ومتفق عليها بالفعل والصمت والتجاهل، حرب عجزت المؤسسات الدولية المعنية بحماية السلم والأمن الدوليين عن إيقافها، حرب دمرت مقرات الأمم المتحدة، واهتان خلالها رموز المنظمات الدولية، حرب يمكن وصفها بأنها حرب إبادة كاملة جسدت انحطاط المجتمع الدولي وانهيار قوانينه وكل المنظومات القانونية والأخلاقية، سقطت خلالها حتى الأديان بكل مسمياتها (سقطت للأسف بكل قيمها) والهويات الحضارية والإنسانية.
حرب أخفق فيها العدو رغم كل ما سلف ذكره، عن تحقيق ولو هدف من بنك أهدافه التي أعلنها يوم قرر شن عدوانه وحرب إبادته على قطاع غزة بذريعة تصفية المقاومة وتجريدها من سلاحها والتخلص منها فكريا ووجوديا وماديا ومعنويا، نعم حرب رغم بشاعة العدو وجرائمه فيها ورغم المدد الغربي والشراكة الأمريكية والصمت العربي الإسلامي إزاءها، هزم فيها العدو هزيمة منكرة وساحقة، هزيمة قد لا يستوعبها البعض من أصحاب نظريات (الانبطاح) الذين ينظرون إلى الدمار في غزة ويعتبرونه دليلاً على (هزيمة المقاومة) فيما آخر سيقول: من قتلت المقاومة من العدو؟ مقارنة بما قتل العدو من الشعب الفلسطيني؟ وهناك من سيظل يتمسك بخيبته ويتحدث عن (مغامرات المقاومة) وأنها ضحت بالشعب الفلسطيني وضاعفت من معاناته ودمرت قدراته وعرضته للإبادة، وأمثال هؤلاء ومن يرددون مثل هذه الترهات هم بشر قد سلب الله منهم عقولهم وجَّردهم حتى من بقايا كرامة يمكن أن يتحلى بها إنسان لديه بقايا من كرامة وحرية وشذرات من نخوة عز.
حرب عدوانية شنها العدو، وكانت بالنسبة للمقاومة مصيرية مرتبطة بحقها الوجودي وحق شعبها في الوطن والدولة والحرية، حرب حسمتها المقاومة الفلسطينية وانتصرت فيها ومشاهد تبادل الأسرى كافية لتثبت انتصار المقاومة التي لا يمكن مقارنتها بالعدو وقدراته وإمكانياته وإمكانيات حلفائه وداعميه.. فمن دعم المقاومة؟ حتى (سلطة عباس) المرتهنة شاركت العدو في عدوانه على المقاومة، العرب خانوا المقاومة ومن هرولوا ليتوسطون ما كانوا ليهرولون للوساطة لو كانت المقاومة ضعيفة أو تمكن العدو من سحقها، ماذا فعل هؤلاء في لبنان؟ وماذا فعلوا في سوريا؟ هل قدروا يلتزمون بما تعهدوا به للشعب اللبناني؟ هل تمكنوا من ردع العدو في سوريا؟ وحدها اليمن ممثلة بحكومة صنعاء، أقدمت على ما لم يكن يخطر ببال أحدا عدوا كان أو صديقا.. نعم عملت اليمن ما لم يجرؤ على القيام به ويعمله أي نظام عربي هل كانت صنعاء تغامر؟ لا كانت مؤمنة حد اليقين بما تقوم به وتعرف جيدا ما الذي قامت به والهدف من وراء ذلك، وهو ما لم يدركه أو يستوعبه أصحاب نظريات الانبطاح والارتهان..
لذا أعيد وأكرر ما سبق أن قلته في تناولة سابقة بأن اليوم التالي الفلسطيني هو يوم المقاومة وهي من سوف تشكل أطيافه وهذا ما نشاهده ويشاهده العدو والعالم الذين أرعبتهم مشاهد العزة والكبرياء والشموخ في قطاع غزة.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
أبو عبيدة يحيي موقف إخوان الصدق في اليمن وإسنادهم المستمر لغزة
الثورة /متابعات
حيا الناطق العسكري لكتائب القسام أبو عبيدة، إخوان الصدق أنصار الله في اليمن العزيز على موقفهم المشرف والبطولي المقدر الذي أعلنوا فيه الاستمرار في الإسناد والجهوزية لضرب العدو ودك معاقله في حال عاد العدو للعدوان على شعبنا في غزة.
وأكد أبو عبيدة، خلال كلمة مصورة، مساء أمس الخميس، أن ما لم يأخذه العدو الإسرائيلي بالحرب لن يأخذه بالتهديدات والحيل، موضحا أن أقصر الطرق هو إلزام العدو بما وقع عليه.
وقال ناطق القسام: إن تهديدات الاحتلال بالحرب لن تحقق سوى الخيبة له ولن تؤدي للإفراج عن أسراه.
وأكد أن المقاومة الفلسطينية التزمت بتعهداتها في اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، بينما واصل الاحتلال “الإسرائيلي” المماطلة والتنصل عن التزاماته.
وأضاف أبو عبيدة أن قيادة الاحتلال تسعى لتحقيق مكاسب حزبية على حساب حياة أسراها، وتحاول الحصول على غطاء أمريكي لمواصلة العدوان، مشددًا على أن أي تصعيد “إسرائيلي” سيؤدي إلى مقتل عدد من الأسرى “الإسرائيليين” المحتجزين لدى المقاومة.
وأشار إلى أن أي تصعيد للعدوان على الشعب الفلسطيني سيؤدي لمقتل عدد من أسراه، مؤكدا أن المقاومة في حالة جهوزية استعدادا لكافة الاحتمالات.
وحذر أبو عبيدة، عائلات أسرى العدو بأن لديه إثبات حياة حتى اليوم، لمن تبقى من الأسرى الأحياء، مشيرا إلى أن العالم شاهد الحالة الصحية الجيدة لأسرى العدو رغم صعوبة الحفاظ على حياتهم في ظل الحرب.
وأردف أبو عبيدة، أن العالم شاهد كيف حرصت المقاومة على حسن معاملة الأسرى التزاما بأدبيات الدين الإسلامي، مبينا أن الغرب يتباكى على العشرات من أسرى الاحتلال ولا يلتفت لمعاناة الآلاف من الأسرى الفلسطينيين.
ووجه رسالة لمليارين من المسلمين، قائلا: “إن إخوة لكم بالدين قد زكوا صيامهم بتقديم سيل من الدماء الزكية”.
وقال “الغرب يتباكى على العشرات من أسرى العدو ولا يلتفت لمعاناة الآلاف من أسرى شعبنا”.
كما أكد أبو عبيدة، أنه “لن تقوم قائمة لأمة الإسلام ولن يصبح لها شأن بين الأمم حتى تطهر هذه الأرض المقدسة من دنس المحتلين”.