أغلبية الوفد ونكتة يحيى باشا!
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
أول انتخابات شهدتها مصر جرت يوم 12 يناير 1924 لانتخاب مجلس النواب، جاءت هذه الانتخابات التى خاضتها أربعة أحزاب سياسية وهى الوفد والأحرار الدستوريين والحزب الوطنى، تتويجًا لكفاح الشعب المصرى، وصدور دستور 1923، وأسفرت عن مفاجأتين: سقوط رئيس الوزراء يحيى باشا إبراهيم، وحصول حزب الوفد على الأغلبية من مقاعد مجلس النواب بواقع 195 مقعدًا.
جرت هذه الانتخابات فى أجواء تاريخية بعد ثورة 1919 فى ظل دستور 1923، وهو أول دستور يتم تفعيله فى تاريخ مصر الحديث، وينص على إقامة حياة نيابية فى مصر يشارك فيها الشعب المصرى حكم البلاد من خلال مجلس نيابى يختار الشعب أعضاءه ويقوم الحزب الذى يحظى بأغلبية الأعضاء بتشكيل الحكومة.
كان البرلمان يتكون من مجلس النواب 264 عضوًا بطريق الانتخاب العام، ومجلس الشيوخ يتكون من 147 عضوًا منهم 28 عضوًا بالتعيين والباقى بالانتخاب. وتم افتتاح البرلمان فى 15 مارس 1924، والقى سعد زغلول خطاب العرض نيابة عن الملك.
شكل سعد زغلول الوزارة برئاسته، فكان أول مصرى من أصول ريفية يتولى هذا المنصب وسميت وزارته بوزارة الشعب.
فى هذه الانتخابات فشل وزير الداخلية ورئيس الوزراء فى نفس الوقت يحيى باشا إبراهيم حيث رسب أمام مرشح حزب الوفد فى دائرته التى ترشح فيها وهى دائرة منيا القمح بمحافظة الشرقية وذلك دليل على نزاهة الانتخابات، وحصد حزب الوفد بزعامة سعد زغلول على أغلبية كاسحة من مقاعد البرلمان بنسبة 90٪، والنسبة الباقية حصل عليها حزب الأحرار الدستوريين الذى كان بزعامة عدلى باشا يكن، وبإجراء تلك الانتخابات بدأت الحياة البرلمانية فى مصر، وقدم يحيى باشا إبراهيم استقالة وزارته إلى الملك فؤاد.
وفى تلك الفترة الحرجة من تاريخ مصر زادت حدة المنافسة بين الأغلبية التى يتزعمها سعد باشا زغلول الذى لم ينفصل عن الشعب رغم صعوده بقوة إلى أعلى طبقات المجتمع المصرى، وكان يتمتع بكاريزما عظيمة مكنته من قيادة الجماهير.
وفى الحقيقة كانت انتخابات 1924 هى الأولى فى كل شىء، فهى الأولى بالدستور، وهى الأولى فى المفاجآت، وهى الأولى فى النزاهة، كذلك كانت الأولى فى نسبة الحضور حيث تجاوز الحضور الجماهيرى بنسبة 85٪.
تولى يحيى باشا إبراهيم رئاسة الوزراء بعد نسيم باشا الذى لم تتمكن حكومته من السيطرة على موجة العنف المناهضة للإنجليز فى مصر فى 15 مارس 1923، ومن أهم أعمال وزارته: الإفراج عن الزعيم سعد زغلول بعد أقل من أسبوعين من توليه الوزارة، وكذلك المعتقلون فى مصر، ثم المحكوم عليهم من أعضاء الوفد والمعتقلين منهم فى سيشل، كما الغيت الأحكام العرفية ويعتبر إصدار دستور 1923 أهم أعمال وزارته، هذا بالإضافة إلى أنه سن قانون الانتخابات، وأجريت الانتخابات فى نزاهة تامة بدليل رسوبه أى رئيس الوزراء يحيى باشا إبراهيم أمام مرشح الوفد أحمد مرعى.
وهناك حكاية طريفة تروى عن هذا الباشا المحترم يحيى باشا إيراهيم تقول الحكاية إنه كان يحب أن يقضى أجازته بعيدًا عن زحام القاهرة فى إحدى المناطق الريفية، وكان هناك فلاح بسيط اسمه «شحتة» يضحكه بسرعة بديهيته الفطرية، فيعطيه الباشا مبلغًا من المال نظير ما يقوله هذا الفلاح ويضحكه، فمازحه الباشا يومًا وأراد أن يسخر منه، فقال له إنه كان متوجهًا لافتتاح مزلقان فتعطلت سيارته واضطر لركوب حمار، لكن الحمار مات فى الطريق فحزن عليه وشعر بإحراج شديد، وسأل يحيى باشا الفلاح شحتة ساخرًا، هل تعرف لماذا كان الموقف محرجًا لى؟ وأجاب شحتة: لا؛ فأسرع يحيى باشا وقال له «لأن الحمار كنت شحته» أى أخذته شحاتة من أحد الفلاحين، وهنا كانت البديهية الفلاحى فوق أى توقع يمكن أن يتصوره انسان، إذ أسرع الفلاح شحتة يقول بسرعة بديهية وسخرية لاذعة ورد عبقرى: «لا تحزن يا باشا، بكرة تقوم القيامة والحمار «يحيى».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الحزب الوطنى مجلس النواب الشعب المصرى سعد زغلول الأولى فى فى مصر
إقرأ أيضاً:
مصطفى الثالث.. قائد الإصلاحات الذي حمى العثمانيين من التوسع الروسي| ماذا فعل
توفي السلطان مصطفى الثالث في مثل هذا اليوم من عام 1774، بعد فترة حكم حافلة بالإنجازات والتحديات. وُلد مصطفى في 31 يناير 1717 بمدينة القسطنطينية (إسطنبول حاليًا)، وتدرّج في مناصب الدولة حتى تولى الخلافة بعد وفاة ابن عمه عثمان الثالث، وكان يبلغ من العمر 42 عامًا.
عند توليه العرش، عين الوزير راغب باشا صدرًا أعظم للدولة، وهو رجل ذو معرفة واسعة بشؤون الحكم. شارك الاثنان رؤية مشتركة حول تصاعد الخطر الروسي، مما دفع السلطان مصطفى الثالث إلى التركيز على إصلاح الجيش العثماني وتعزيز قدراته لمواجهة التحديات. أبرم اتفاقية عسكرية مع بروسيا لضمان الدعم في حال اندلاع حروب مع النمسا أو روسيا.
إصلاحات داخلية وإنجازاتعمل مصطفى الثالث بالتعاون مع راغب باشا على تعزيز التجارة البحرية والبرية، وطرح مشروع طموح لحفر خليج يربط نهر دجلة بإسطنبول لتعزيز التجارة ومنع الغلاء والمجاعات. كما أسس مكتبات عامة ومستشفيات للحد من انتشار الأوبئة في المناطق الحدودية، إلا أن وفاة راغب باشا حالت دون استكمال بعض هذه المشاريع.
استعان السلطان بالبارون دي توت المجري، الذي ساهم في بناء قلاع مسلحة على ضفتي الدرنديل لحماية إسطنبول من الهجمات البحرية. كما أنشأ ورشًا لصب المدافع، وأسس مدارس حديثة لتخريج ضباط متخصصين في المدفعية والبحرية. أظهرت هذه الإصلاحات نتائج ملموسة، حيث حقق الجيش العثماني انتصارات بحرية، أبرزها هزيمة الأسطول الروسي الذي كان يحاصر جزيرة لمنوس.
التعليم والهندسةأولى السلطان اهتمامًا كبيرًا بالتعليم العسكري، فأسس مركزًا لتدريب ضباط البحرية، والذي تطور لاحقًا ليصبح جامعة إسطنبول التقنية، إحدى أبرز الجامعات الهندسية في الشرق الأوسط اليوم.
شهدت فترة حكم مصطفى الثالث اشتعال الحروب مع روسيا، حيث كانت المعارك سجالًا بين الطرفين. تمكن العثمانيون بقيادة القائد عثمان باشا من تحقيق انتصارات بارزة، واستعادوا بعض المدن المحتلة، مما دفع السلطان إلى منحه لقب غازي.
لم تقتصر إنجازات السلطان على الجانب العسكري، بل شملت إنشاء المدارس والتكايا، بالإضافة إلى تشييد جامع كبير على قبر والدته على الضفة الشرقية لإسطنبول، وترميم جامع محمد الفاتح بعد تعرضه لأضرار جسيمة بسبب زلزال.
وفاته وإرثهتوفي السلطان مصطفى الثالث عام 1187 هـ / 1774م، تاركًا خلفه إرثًا من الإصلاحات والإنجازات التي ساعدت الدولة العثمانية في مواجهة تحديات عصره. خلفه في الحكم أخوه عبد الحميد الأول.