تونس – أثارت الأحكام المشددة الصادرة عن المحكمة الابتدائية بتونس فيما تعرف إعلاميا بقضية "أنستالينغو" موجة غضب واسعة في الأوساط السياسية والحقوقية، في وقت تواجه فيه السلطات التونسية اتهامات متزايدة باستهداف المعارضين وقمع الأصوات المعارضة.

وتأتي هذه الأحكام وسط انتقادات حادة من قبل المعارضين للرئيس الحالي قيس سعيد، تفيد بأنه يستخدم القضاء أداة لتصفية حساباته السياسية ضد خصومه، مما زاد من حدة الجدل حول استقلال القضاء في تونس.

 

عاجل | محكمة تونسية تقضي بالسجن:

???? 22 عاما على راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة و35 عاما على ابنه و25 عاما على ابنته و15 عاما على صهره بتهمة المساس بأمن الدولة

???? 13 عاما على القيادي بحركة النهضة السيد الفرجاني والناطق السابق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي pic.twitter.com/Iq1Grz6FvE

— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) February 5, 2025

وكانت المحكمة قد أصدرت فجر اليوم الأربعاء أحكاما قاسية بحق عدد من المتهمين، من بينهم قيادات بارزة في حركة النهضة، حيث حكم على راشد الغنوشي بالسجن لمدة 22 سنة، ورفيق عبد السلام بـ34 عاما، وسمية الغنوشي بـ25 سنة، إضافة إلى آخرين. كما شملت الأحكام قرارات بمصادرة ممتلكات وفرض غرامات مالية على عدد من المتهمين.

إعلان

وتعود أطوار قضية "أنستالينغو" إلى يوليو/تموز 2021، حيث داهمت السلطات التونسية مقر الشركة بذريعة تلقيها معلومات عن أن الشركة متورطة في الاعتداء على أمن الدولة وتبييض الأموال والإساءة إلى الغير عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وتتهم السلطات الشركة بأنها كانت تنفذ حملات إعلامية مشبوهة تستهدف خصوم النظام، وهو ما تنفيه عائلات المتهمين وهيئات حقوقية تعتبر القضية ذات طابع سياسي.

ورغم مرافعات المحامين ودحضهم لكل التهم وتأكيدهم أن الشركة تعمل في إطار القانون كغيرها من الشركات المختصة في إنتاج المحتوى الإعلامي والصحفي بما في ذلك الترجمة، فإن المحكمة الابتدائية بتونس قررت إصدار أحكامها المشددة، مما عمّق حالة الصدمة والإحباط لدى الأوساط السياسية والحقوقية.

 

 

موجة استنكار

في هذا السياق، ندّد القيادي في حركة النهضة بلقاسم حسن بهذه الأحكام، واصفا إياها بأنها "أحكام سياسية ظالمة تهدف إلى التشفي واستهداف قيادات الحركة".

وأكد للجزيرة نت أن تلك الأحكام تعكس نية واضحة لضرب حركة النهضة والعودة بالبلاد إلى زمن الاستبداد. وتساءل عن الأدلة التي استند إليها القضاء في إدانة المتهمين. وقال إن السلطة اكتفت بسجن النشطاء وكيْل التهم لهم دون تقديم أي حجج أو إثباتات.

من جانبه، قال القيادي في حزب التيار الديمقراطي المعارض هشام العجبوني للجزيرة نت إن كل الأحكام السياسية باطلة إلى أن تتوفر ضمانات المحاكمة العادلة.

وأضاف "اليوم في تونس لا يوجد مجلس أعلى للقضاء، وهناك مرسوم أصدره الرئيس قيس سعيد بمفرده يمكّنه من عزل القضاة بجرة قلم، مما يجعل من المستحيل الحديث عن قضاء محايد".

وأشار إلى أن الهدف من هذه الأحكام هو إقصاء الخصوم السياسيين وإشاعة مناخ من الخوف.

قضاء غير مستقل

المحامي والناشط السياسي عبد الوهاب معطر أكد للجزيرة نت أن هذه الأحكام "تندرج في نطاق الظلم الصارخ الذي يعيشه المعتقلون السياسيون في تونس".

إعلان

وأضاف أن ملف "أنستالينغو" لا يستحق هذه الأحكام القاسية، بل إنه لا يستحق أي إحالة على القضاء من الأساس، معتبرا أن القضاء أصبح أداة طيعة في يد السلطة التنفيذية، مما يشكل تهديدا خطيرا للحريات العامة، بحسبه.

وتأتي هذه التطورات في ظل أزمة سياسية متواصلة منذ إعلان الرئيس قيس سعيد يوم 25 يوليو/تموز 2021 تدابير استثنائية، تضمنت عزل رئيس الحكومة الأسبق هشام المشيشي، وتجميد عمل البرلمان، ثم حله لاحقا، إضافة إلى إلغاء المجلس الأعلى للقضاء.

وقد أثارت تلك الخطوات جدلا واسعا، حيث تتهم المعارضة الرئيس سعيد بـ"الانقلاب على الدستور والديمقراطية"، في مسعى لترسيخ حكم فردي مطلق، وفق تعبيرها.

 

 

انتقادات حقوقية

ويواجه قيس سعيد انتقادات متزايدة من قبل منظمات حقوقية بسبب تراجع الحريات العامة، والتضييق على الصحفيين والنشطاء، واعتقال عدد من السياسيين المعارضين.

وتؤكد المنظمات الحقوقية أن القضاء التونسي بات في وضع صعب، حيث يتم توظيفه في معارك سياسية، مما يزيد من حالة الاحتقان في البلاد.

وانتقدت اليوم الأربعاء نقابة الصحفيين التونسيين ما اعتبرتها أحكاما قاسية ضد الصحفية شذى الحاج مبارك بخمس سنوات على خلفية عملها الصحفي في شركة الإنتاج الإعلامي "أنستالينغو".

واعتبرت أن هذه القضية يتشابك فيها البعد السياسي والأمني، معتبرة أن هذه القضية جزء من التضييقات التي تستهدف الصحفيين وحرية الإعلام في تونس.

في المقابل، يؤكد أنصار الرئيس قيس سعيد أن التدابير الاستثنائية التي أعلن عنها يوم 25 يوليو/تموز 2021 تأتي في إطار تصحيح مسار الثورة، والقضاء على فساد الأحزاب السياسية التي حكمت البلاد بعد ثورة 2011.

ويعتبر أنصار الرئيس أن شركة "أنستالينغو" كانت أداة تستخدمها حركة النهضة لما كانت في السلطة لتشويه خصومها السياسيين، وأنه تم توظيفها لتشويه الرئيس سعيد.

إعلان

ومع استمرار هذه الأزمة، تظل قضية "أنستالينغو" من أبرز الملفات التي تعكس حالة التوتر السياسي والانقسام الحاد في تونس، وسط تساؤلات متزايدة عن مستقبل الحريات واستقلال القضاء في البلاد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات هذه الأحکام حرکة النهضة قیس سعید عاما على فی تونس

إقرأ أيضاً:

تونس.. السجن 22 عاما لراشد الغنوشي في قضية انستالينغو

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أصدرت محكمة ابتدائية في تونس فجر يوم الأربعاء حكما ضد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بالسجن لمدة 22 عاما في قضية التخابر المعروفة إعلاميا بقضية انستالينغو. 
وقضت هيئة الدائرة الجنائية الثانية بالمحكمة الابتدائية بتونس فجر اليوم فيما عرف بقضية انستالينغو ب22 سنة سجنا لراشد الغنوشي وغرامة قدرها 80 ألف دينار.
كما قضت الدائرة المتعهدة بسجن الناطق الرسمي السابق باسم وزارة الداخلية التونسية محمد علي العروي ب13 سنة سجنا، أما القيادي الأمني السابق لزهر لونغو مدير عام المصالح المختصة الأسبق فقد حكم عليه بـ15 سنة سجنا.

مقالات مشابهة

  • إنستالينغو تعلّق على الأحكام ضد قيادات بحركة النهضة ووزراء سابقين بتونس.. ماذا قالت؟
  • النهضة تدين أحكام السجن الظالمة بحق الغنوشي وسياسيين وإعلاميين
  • رئيسة المكتب القانوني للنهضة أحكام أنستالينغو سياسية وتم الزّج باسم الغنوشي
  • أحكام مشددة بحق الغنوشي وصحفيين تونسيين في قضية إنستالينغو
  • تونس… السجن 22 عاماً لـ«رئيس حركة النهضة» ومجموعة آخرين
  • مع ابنه وابنته وصهره..السجن 22 عاماً ضد الغنوشي زعيم النهضة في تونس
  • أحكام مشددة بحق رئيس النهضة وصحافيين تونسيين بتهمة "المساس بأمن الدولة"  
  • 22 سنة سجنا بحق راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في تونس
  • تونس.. السجن 22 عاما لراشد الغنوشي في قضية انستالينغو