على بُعد أمتار قليلة من كنيسة القيامة، أقدم الكنائس المسيحية التى عرفتها البشرية، يقع مبنى بسيط مكون من دور واحد فقط يُعرف باسم بيت السيدة العذراء مريم الذى عاشت فيه مدة 15 عاماً بعد قيامة السيد المسيح، حسب الاعتقاد المسيحى، ويخضع لإشراف كنيسة الروم الأرثوذكس، وفق حديث أديب الحسينى، عميد الأسرة المسلمة حاملة مفاتيح كنيسة القيامة.

وقال «أديب»، لـ«الوطن»، إن المنزل الذى يقع مقابل كنيسة القيامة بالقرب من منطقة الجثمانية هو المنزل الحقيقى للسيدة العذراء الذى عاشت فيه تعبد الله مدة خمسة عشر عاماً، وهو المنزل الذى شهد اللحظات الأخيرة من حياة أطهر نساء الأرض، مؤكداً أن الغالبية من الطوائف المسيحية تحتفى بعيد رقاد السيدة مريم العذراء، وصعود جسدها إلى السماء بعد وفاتها بثلاثة أيام فى مدينة بيت المقدس، لذلك تتوالى الاحتفالات فى شهر أغسطس بإقامة الصلوات والنهضات والألحان والترانيم المسيحية الشهيرة التى يرددها المسيحيون من كافة بقاع العالم ومعهم المسلمون أيضاً.

وأضاف: «المنزل مكون من طابق واحد، ويوجد به بعض الآثار التى يُعتقد أن السيدة مريم العذراء استخدمتها فى حياتها اليومية، فضلاً عن وجود تابوت زجاجى يحتوى على واحدة من أقدم الأيقونات المسيحية والمصنوعة من الفضة والذهب يزينها مجموعة متنوعة من الصلبان من عصور زمنية مختلفة، وتمثل السيدة مريم العذراء وهى تحمل رضيعها السيد المسيح».

تُشعَل قناديل زيت الزيتون احتفالاً بصعود جسدها فى شهر أغسطس من كل عام

كما يتضمن المنزل عدداً كبيراً من الأيقونات القبطية القديمة التى تمثل تلاميذ السيد المسيح الاثنى عشر، إضافة إلى الثريات والقناديل التى تضاء بالزيت. وفى كل عام، ومع اقتراب موعد الاحتفال بعيد رقاد السيدة مريم العذراء، تُفتح أبواب المنزل أمام الزائرين والراغبين فى الحصول على بركة المكان، وتبدأ العظات حول قصة رقود العذراء وصعود جثمانها إلى السماء.

وعلى سفح جبل الزيتون بالقدس، بالقرب من بستان الجثمانية مقابل المسجد الأقصى، تقع كنيسة الجثمانية المعروفة باسم كنيسة كل الأمم، التى بُنيت فى القرن الماضى على أنقاض كنيسة قديمة بُنيت وهُدمت أكثر مرة على مدى عصور طويلة ساحقة، ويُعتقد أنها بُنيت على الصخرة التى جلس عليها السيد المسيح وبداخلها يقع قبر السيدة العذراء مريم، ووالديها القديسة حنة ويواقيم، وقبر القديس يوسف النجار.

ومع بداية شهر أغسطس يتم تزيين قبر السيدة العذراء، وهو احتفال سنوى يشارك فيه معظم الطوائف المسيحية، إذ توضع الزهور والأيقونات والشموع على مقبرتها، وتنشط رحلات الحجاج إلى الكنيسة بالتزامن مع الاحتفالات بعيد صعود جسد السيدة العذراء، إذ تضاء سلالم الكنيسة بالشموع، وتُشعَل القناديل التى تعمل بزيت الزيتون، وهى رمزية للإيمان، ويمثل القنديل الإنسان، والزيت يمثل الإيمان المسيحى، وفق ما قال المطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس ومطران القدس.

وتتجه الطوائف المسيحية للاحتفال بعيد صعود جسد السيدة العذراء إلى السماء بكنيسة كل الأمم، إذ تقام القداسات الإلهية والنهضات داخل منطقة قبر السيدة مريم العذراء، وتكثر الألحان والترانيم، ويتوجه بعدها المؤمنون لكتابة الطلبات والشكاوى التى يرغبون فى التعبير عنها ويتركونها للقديسة لحلها.

وخلال فترة الاحتفالات الخاصة بعيد صعود جسد السيدة العذراء يحرص المؤمنون على إضاءة الشمع على سلالم الكنيسة تبرُّكاً بالسيدة العذراء، وبعد انتهاء الاحتفالات يشارك عدد كبير من الراهبات والخدام والمتطوعين فى إزالة بقايا الشمع وتنظيف الكنيسة.

وبحسب المعتقد المسيحى فإن كلمة «جثمانية» هى آرامية وتعنى معصرة زيت الزيتون، وكانت حديقة جلس فيها السيد المسيح وتلاميذه يعلمهم أسراراً ودروساً سماوية، وعندما زارت الملكة هيلانا فى القرن الرابع الميلادى القدس أمرت ببناء كنيسة على مساحة 4 كيلومترات فى وادى قدرون وعلى مفترق الطرق بين القدس وسلون وباب الأسباط، لكن الكنيسة تعرضت مع مرور الوقت لاعتداءات وحشية على مدار العصور أدت إلى هدمها وإعادة بنائها أكثر من مرة، حتى مطلع القرن الماضى عندما شارك فى ترميمها أكثر من 16 دولة مختلفة، لذا باتت تُعرف باسم كنيسة كل الأمم، والتى أنشئت لتحيط بقبر السيدة العذراء مريم الفارغ الذى يقصده السائحون والحجاج من كافة بقاع الأرض ليتباركوا بالمكان الذى دُفنت فيه، وبها أكثر من 8 قباب مزينة بورق ذهبى وهى بديعة الصنع، لذلك تزار من قبَل الملايين سنوياً.

وتحتوى على الأيقونة العجائبية للسيدة العذراء والسيد المسيح، وفى حديقتها 8 من أقدم أشجار الزيتون فى العالم، وقد تم بناؤها عام 389 ميلادياً، إلا أنه تم تدميرها على يد الفرس عام 614، وبُنيت فى عهد الصليبيين فى القرن الثانى عشر.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: السيدة العذراء السيدة البتول كنيسة العذراء القدس السیدة مریم العذراء السیدة العذراء

إقرأ أيضاً:

اختتام معرض الأردن.. فجر المسيحية في الفاتيكان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

اختتم معرض “الأردن: فجر المسيحية” في الفاتيكان، الذي انطلق في 31 فبراير الماضي، محققًا نجاحًا استثنائيًا استقطب خلاله آلاف الزوار من مختلف أنحاء العالم.
 وبحسب بيان لهيئة تنشيط السياحة، اليوم السبت ، ضم المعرض مجموعة من القطع الأثرية النادرة التي تمثل مراحل مفصلية في التاريخ المسيحي على أرض المملكة، حيث عرض عدد منها للمرة الأولى خارج الأردن، ما منح الزوار فرصة نادرة للتعرف على الكنوز الأثرية التي توثق بدايات الدعوة المسيحية ومكانة الأردن.

وقالت الهيئة، إنه نظرا للإقبال الكبير والتفاعل الواسع، تقرر تمديد فترة المعرض، بعد أن كان من المقرر اختتامه قبل موعده بأسبوع ما أتاح الفرصة لعدد أكبر من الزوار لاكتشاف كنوز الأردن الثقافية، وأضافت أن المعروضات تمحورت حول العمق الروحي للمواقع المقدسة في المملكة، وفي مقدمتها موقع معمودية السيد المسيح “المغطس” على نهر الأردن، مكان ميلاد الديانة المسيحية عندما عمد يوحنا المعمدان سيدنا المسيح، وأحد مواقع الحج المسيحي المعترف بها من قبل الفاتيكان.

وبينت الهيئة أن المعرض قدم تجربة ثرية بصريا ومضمونا، استعرض خلالها الزوار رواية تاريخية وروحية تجسد إرث الأردن أرضا للأنبياء وملتقى للحضارات، مشيرة إلى أن الأردن يشكل جزءا من الأراضي المقدسة، ويتميز بإرث ديني يشمل المكونات الإسلامية والمسيحية، في تناغم يعبر عن الهوية الروحية العميقة للمنطقة، سيما وأن هذا الإرث يمتد ليجسد قيم العيش المشترك والانفتاح التي لطالما ميزت المجتمع الأردني.
وقالت الهيئة إن المعرض اكتسب أهمية خاصة في ترسيخ وتعزيز السياحة الدينية إلى الأردن، حيث تحتضن المملكة 5 مواقع معترف بها رسميا من قبل الفاتيكان كمواقع للحج المسيحي، وهي: (المغطس، جبل نيبو، مكاور، موقع سيدة الجبل في عنجرة، وتل مار إلياس).
ولفتت إلى أن الأردن يعد من الدول القليلة في العالم التي حظيت بزيارة 4 بابوات، بدءًا من زيارة البابا بولس السادس عام 1964، تلاه البابا يوحنا بولس الثاني عام 2000، ثم البابا بندكتوس السادس عشر عام 2009، وأخيرا البابا فرنسيس عام 2014، وذلك في دلالة بالغة على المكانة الروحية الفريدة التي يتمتع بها الأردن على خارطة الدين المسيحي.
وقالت الهيئة إن المعرض تميز بزيارة الملكة رانيا العبدالله، حيث شكلت الزيارة محطة بارزة في سياق الدعم الملكي المتواصل لتعزيز صورة الأردن في المحافل الدولية، وتسليط الضوء على دوره في حماية المقدسات وتعزيز الحوار بين الأديان.
وأضافت أن هذا المعرض، في محتواه ورسالته، يؤكد التزام الأردن الدائم، بقيادة الملك عبدالله الثاني، الوصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، بحماية الإرث الإنساني والديني الغني، وتقديمه إلى العالم بوصفه نموذجا فريدا للعيش المشترك والسلام، من أرض لطالما كانت منبعا للرسالات السماوية وملتقى للحضارات والثقافات.
وشهد المعرض حضورًا دوليًا واسعًا من كبار الشخصيات الدينية والثقافية والإعلامية، وتوافدت وسائل الإعلام العالمية لتغطية فعالياته، حيث أشادت هذه الوسائل بمضمونه الغني وتنظيمه الرفيع. وعبر زوار المعرض من مختلف الجنسيات عن إعجابهم بما عرض، معتبرين المعرض منصة متميزة للتواصل الثقافي والديني، ونافذة لفهم أعمق لموقع الأردن في تاريخ المسيحية.


وتزامن تنظيم المعرض مع احتفالات الفاتيكان بسنة اليوبيل المقدس، وهي مناسبة دينية نادرة تقام كل 25 عاما، إلى جانب إحياء الذكرى الثلاثين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الأردن والكرسي الرسولي.
وبينت الهيئة أنه استكمالا لهذا النجاح، أعلنت وزارة السياحة والآثار والهيئة عن إطلاق جولة دولية تحت عنوان “الأردن: فجر المسيحية – المعرض المتحرك”، والتي من المزمع أن تشمل عددًا من الدول الأوروبية، منها فرنسا، البرتغال، واليونان، إضافة إلى دول أخرى يجري التنسيق معها حاليًا، حيث تهدف الجولة إلى إبراز التراث المسيحي في الأردن على نطاق أوسع، وتعزيز السياحة الدينية، وتقديم المملكة كمركز عالمي للسلام والحوار بين الأديان.

مقالات مشابهة

  • قبل عرض الحلقة الأخيرة لـ «لام شمسية».. مريم نعوم توجه رسالة لمحمد السعدي
  • الأنبا باسيليوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة السيدة العذراء بأبوان
  • اختتام معرض الأردن.. فجر المسيحية في الفاتيكان
  • بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يقيم صلاة في كنيسة القديسين: "ما أحلى وأجمل أن يجتمع الإخوة معًا"
  • استمرار دير السيدة العذراء مريم المُحرق العامر بجبل قسقام في غلق أبوابه
  • تفقد الأنبا فيلوباتير أعمال بناء كنيسة العذراء والملاك ميخائيل بعزبة الفرن
  • وزير الأوقاف ومحافظ القاهرة يؤديان صلاة الجمعة الأخيرة من رمضان بمسجد السيدة نفيسة
  • محافظ القاهرة يؤدى شعائر صلاة الجمعة الأخيرة من رمضان المبارك بمسجد السيدة نفيسة
  • الأخيرة من شهر رمضان.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة نفيسة
  • شرطة الاحتلال تنشر آلاف من عناصرها في القدس الجمعة الأخيرة من رمضان