وأصدرت منظمة صحفيات بلا قيود تقريراً بعنوان «معقولة لساتنا عايشين؟» يرصد أبرز الانتهاكات «التي تعرضت لها نساء وفتيات قطاع غزة ضمن أعمال الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل» منذ تشرين الثاني/أكتوبر 2023.

 

وقالت صحفيات بلا قيود «قُتلت آلاف النساء، وحُرمت مئات الآلاف من النساء والفتيات في فترة الحيض من أبسط خصوصياتهن: مستلزمات النظافة الشخصية المتعلقة بالدور الشهرية، ودخول دورة المياه» كما وجدت مؤشرات خطيرة لتكتيك غير قانوني تستخدمه إسرائيل لاستهداف الحوامل والمرضعات، والنساء اللواتي يعانين من مشاكل الإنجاب في قطاع غزة.

 

التقرير الذي اعتمد على المنهج الوصفي التحليلي واستند في جمع المعلومات على المصادر المفتوحة ـ من بينها التقارير والإصدارات السابقة للمنظمات التابعة للأمم المتحدة ـ يركز على أبرز الانتهاكات التي تعرضت لها النساء والفتيات في غزة ضمن ثلاثة فروع: انتهاكات حق الحياة، الانتهاكات الناجمة عن الظروف المعيشية التي فرضتها إسرائيل على المدنيين وانعكاسها على نساء وفتيات غزة، والانتهاكات التي تعرضت لها الحوامل والمرضعات.

 

وتكشف الاحصائيات عن مقتل أكثر من 15000 أنثى في قطاع غزة، بين 7تشرين الثاني/أكتوبر 2023، و30كانون الأول/ديسمبر 2024، في هجمات مباشرة وعشوائية على مبان وشقق سكنية لعائلات، مع علم جيش الاحتلال أنها منشآت مدنية يسكنها مدنيون غالبيتهم نساء وأطفال، أو يُفترض أنه يعلم، واستخدم جيش الاحتلال ذخائر ذات تدمير واسع لا تتناسب ـ إطلاقاً ـ مع طبيعة المكان، ولم يحصل على أي ميزة عسكرية من هذه الهجمات ما يشير إلى تعمده ارتكاب أعمال القتل الجماعي.

 

العنوان الذي يحمله التقرير: «معقولة لساتنا عايشين؟» مقتبس من امرأة فلسطينية قُتلت بعد قرابة ست ساعات من طرح سؤالها الصادم. الصحفية إيمان الشنطي، هي التي كتبت غير مصدقة أنها وعائلتها نجت من القصف الذي شهدته غزة ليلة الأربعاء 11 كانون الأول/ديسمبر 2024، إذ كتبت متسائلة: «معقولة.. لساتنا عايشين لحتى الآن..» بعد ست ساعات رد الطيران الإسرائيلي الإجابة على سؤالها بقصف الشقة التي تسكنها إيمان الشنطي، ما أسفر عن مقتلها وأطفالها الثلاثة وزوجها، بحسب ما رصدته منظمة صحفيات بلا قيود.

ضمن جحيم الإبادة، ألحقت الاستراتيجية الإسرائيلية المتعمدة بنسف المباني السكنية في قطاع غزة وقتل المدنيين بداخلها، أضراراً بدنية ومعنوية جسيمة على السكان. يزيد عدد الوحدات السكنية التي دمرتها إسرائيل كلياً أو جزئياً عن 350 ألف وحدة سكينة. نُسفت أحياء سكنية بكاملها، وأجبرت القوات الإسرائيلية غالبية سكان غزة على التهجير القسري والنزوح مراراً.

يزيد عدد الإناث في غزة عن 1.1 مليون امرأة وفتاة. من المؤسف أن النازحين والمشردين تعرضوا للقصف في مراكز الإيواء وأماكن التجمعات المكتظة بالخيام، يرصد التقرير إلحاق أضرار بدنية ومعنوية جسيمة للنساء النازحات. إمعاناً بإلحاق الأضرار المعنوية بالسكان، أظهرت أدلة مرئية بثها جنود الاحتلال، عبثهم بالأشياء والمستلزمات الخاصة بالنساء، وارتداء ملابسهن الخاصة في سلوك مهين قائم على النوع الاجتماعي، بعد اقتحام الشقق السكنية في قطاع غزة قبل النسف.

كانت أوضاع النساء والفتيات تزداد سوءاً في قطاع غزة، بفرض قوات الاحتلال الاسرائيلية ظروفًا معيشية تساهم في إهلاك المدنيين، تكدست الأعداد الهائلة من النازحين والمشردين الفلسطينيين في مراكز وأماكن تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة. فقدت النساء خصوصيتهن، ولم يتمكن من ارتياد دورات المياه بسبب الطوابير الطويلة للذكور الذين ينتظرون دخول المراحيض. كما نجم عن القيود التي فرضها الجيش الإسرائيلي لمنع وعرقلة دخول المساعدات الغذائية والضرورية والسلع التجارية، إلى تجويع السكان وتدهور الصحة العامة. وبهذا الصدد فإن النساء تعرضن لانتهاكات تمييزية، تمثلت بعدم تمكن ما يقارب من 700 ألف امرأة وفتاة من الحصول على الفوط الصحية الخاصة بالدورة الشهرية. كما أدت الظروف المعيشية وغير الصحية، إلى تفشي الأمراض والأوبئة المعدية بين النازحين.

في الوقت الذي تحتاج فيه كل النساء والفتيات في قطاع غزة إلى رعاية نفسية، نتيجة أهوال الحرب التي يعشنها ونوبات الهلع والصدمات الناجمة عن فقدان أقاربهن، أبنائهن، أحبتهن؛ حُرمت النساء المريضات بأمراض خطيرة والحوامل والمرضعات من الخدمات الصحية الضرورية بعد تدمير المنظومة الصحية وخروجها عن الخدمة. وفي هذه الظروف تواجه أكثر من 339 ألف امرأة في غزة، مخاطر صحية مهددة للحياة، حُرمت النساء المصابات بأمراض مزمنة من الرعاية الصحية. ووصل الأمر إلى عدم تمكن المصابات الأمراض الخطيرة والمستعصية من الحصول على الأدوية المنقذة للحياة. وعلى سبيل المثال، يوجد أكثر من10 آلاف مصاب بالسرطان في قطاع غزة، تتجاوز نسبة النساء 54%، أي أن هناك أكثر من 5 آلاف امرأة مصابة بمرض السرطان، يواجهن الموت. وقد دمر الجيش الإسرائيلي، المرفق الصحي الوحيد المخصص لمرضى السرطان، كما تفرض قوات الاحتلال إجراءات لعرقلة ومنع دخول الأدوية الضرورية المنقذة للحياة لجميع المرضى، إضافة إلى الإجراءات الإسرائيلية تجاه المريضات اللائي يحتجن للعلاج المنقذ للحياة خارج قطاع غزة.

ويشير التقرير، إلى تكتيك غير قانوني تستخدمه قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد النساء الحوامل والمرضعات اللواتي يوفر لهن القانون الدولي عناية خاصة أثناء النزاعات المسلحة. انتهكت السلطات الإسرائيلية هذه الحماية عمداً ووضعت الحوامل والمرضعات وحتى النساء اللواتي يعانين من مشاكل في الإنجاب، ضمن أهداف الحرب، حسب الاستنتاجات التي توصل إليها التقرير.

طوال الحرب، قتلت القوات الإسرائيلية نساء حوامل ومرضعات باستهداف مباشر، وتشير الأرقام غير النهائية، عن مقتل 17 ألف طفل منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى أغسطس 2024، بينهم 2100 رضيع.

 

وأثر القصف المتواصل على الحوامل. إذ ارتفعت نسبة الإجهاض والولادات المبكرة الناجمة عن نوبات الهلع إلى 300%، وارتفع معدل المواليد المصابين بتشوهات واضطرابات خلقية بنحو ملحوظ، وخلال ثلاثة أشهر فقط سجل مجمعًا طبياً واحداً في غزة، 172 إصابة لأطفال حديثي الولادة بتشوهات، وفسر الأطباء ذلك بالسميات الكثيرة التي تحملها القذائف التي ألقتها إسرائيل على قطاع غزة، ما يستدعي دراسة الأمر وإجراء تحقيقات معمقة في الموضوع.

ونتيجة للظروف المعيشية التي فرضتها إسرائيل بعرقلتها منع دخول المستلزمات الأساسية للبقاء على قيد الحياة، فقدت ما لا يقل عن 30 مرضعة، أطفالهن، تحت تأثير الجوع والبرد. علاوة على أن أكثر من 155000، امرأة حامل ومرضعة معرضة بشدة لخطر سوء التغذية.

ويعتقد التقرير، بأن قصف الجيش الإسرائيلي، المركز الوحيد في قطاع غزة المخصص لمن يعانون مشاكل في الإنجاب، وفقدان 5000 آلاف جنين، يعزز الأدلة التي تكشف عن الاستراتيجية الممنهجة التي تستهدف بها إسرائيل، النساء الحوامل والمرضعات، واللواتي يعانين من مشاكل في الإنجاب، بغرض التأثير على النمو السكاني.

يُشكِّل القانون الدولي الإنساني إطارًا واضحًا لتوفير الحماية للمدنيين أثناء النزاعات المسلحة، مع إيلاء اهتمام خاص بالنساء واحتياجاتهن المميزة. تنص اتفاقيات جنيف الأربع على معاملة النساء مع الاعتبار الواجب لجنسهن، بينما تؤكد المادة 76 من البروتوكول الإضافي الأول على أن تكون النساء موضع احترام خاص، وتدعو إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتجنيبهن ويلات الحرب والمعاملة المهينة.

 

وتشير المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة إلى أن التدمير واسع النطاق للممتلكات أو الهجمات التي تسبب خسائر مفرطة دون مبررات عسكرية تُعد انتهاكات جسيمة توجب المحاكمة الدولية. كما تنص القواعد العرفية والقانونية على ضرورة اتخاذ جميع الاحتياطات والتدابير الوقائية لتجنب الخسائر المدنية، وهو ما فشلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في تحقيقه، مما يُبرز تكرار الانتهاكات الجسيمة.

 

ويمنح القانون الدولي الإنساني الحوامل والمرضعات، اهتماماً من نوع خاص، كما تؤكد اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب.

انتهكت إسرائيل نصوص القانون الدولي بوضوح، وإمعانًا في التحدي، لم تلتزم بأوامر محكمة العدل الدولية التي تلزمها باتخاذ تدابير تمنع أعمال الإبادة الجماعية. وتصنف الانتهاكات التي تعرضت لها النساء والفتيات في قطاع غزة، ضمن جرائم الإبادة وفق المادة 6 من اتفاقية منع الإبادة الجماعية.

 

وإزاء هذه الانتهاكات، أوصى التقرير، الأمم المتحدة وهيئاتها ــ بما في ذلك لجنة التحقيق المستقلة ومحكمة العدل الدولية والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ـ إلى اتخاذ إجراءات فورية للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة بعد 7 أكتوبر 2023. وتوثيق انتهاكات حق الحياة التي أسفرت عن مقتل آلاف النساء، وضرورة تمكين المحققين الدوليين من الدخول إلى غزة وجمع الأدلة اللازمة التي تساعد على تقديم المسؤولين والمتورطين بارتكاب الجرائم إلى العدالة، وإنصاف الضحايا.

 

ودعا التقرير المنظمات الحقوقية والمؤسسات الدولية إلى اتخاذ موقف حازم يدين الانتهاكات الإسرائيلية، ومنها الانتهاكات التي استهدفت النساء، وحرمتهن من خصوصيتهن والانتهاكات الممنهجة التي تعرضت لها الحوامل والمرضعات.

 

كما أوصى الدول الكبرى الداعمة لإسرائيل، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، باتخاذ خطوات فاعلة للضغط على سلطات الاحتلال لوقف أعمال الإبادة، وأشار التقرير إلى أن دعم الاحتلال، وتحديداً بالأسلحة، يعرض الدول الداعمة لمسؤولية قانونية وأخلاقية قد تصل إلى التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب.

 

وطالبت صحفيات بلا قيود المجتمع الدولي والمنظمات الدولية، بإسناد محكمة العدل الدولية في أداء مهامها، وإدانة محاولات التأثير على عملها وتهديد أعضائها. كما تدعو إلى تنفيذ أوامر المحكمة الصادرة في 26 يناير 2024، وملاحقة القادة الإسرائيليين المتورطين في جرائم الإبادة وتقديمهم للمحاكمة، بهدف تعزيز الثقة بالهيئات الدولية المدافعة عن العدالة.

 

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: النساء والفتیات فی الحوامل والمرضعات الانتهاکات التی صحفیات بلا قیود القانون الدولی التی تعرضت لها فی قطاع غزة أکتوبر 2023 عن مقتل أکثر من فی غزة

إقرأ أيضاً:

حرب الإبادة في غزة ومآلات الحل كما تراها إسرائيل

تحت مزاعم الضغط التفاوضي واستعادة أسراه لدى المقاومة، دفع جيش الاحتلال الإسرائيلي بقواته البرية لإعادة احتلال قطاع غزة وتقطيع أوصاله عبر محاور مختلفة، وذلك في إطار حرب الإبادة المعلنة على الفلسطينيين في القطاع.

ويسعى الاحتلال لرسم مشهد مأساوي في قطاع غزة عبر تنفيذ مخططات اليوم التالي واستقطاع مناطق شاسعة وتنفيذ خطة الجنرالات المستحدثة، التي تقع رفح وبيت لاهيا في قلبها.

ويكرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حديثه عن أهدافه من الحرب، والتي يلخصها بإطلاق سراح الأسرى وإجبار المقاومة على إلقاء سلاحها ونفي قادتها للخارج، وتهجير باقي سكان القطاع تنفيذا لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وكان قد أعلن خلال الاجتماع الحكومي أن الجيش "غيّر خططه في قطاع غزة، وأنه في نهاية الهجوم ستلقي حماس سلاحها، وسيُسمح لكبار مسؤوليها بالسفر إلى الخارج، وسنتمكن من تنفيذ خطة ترامب للهجرة الطوعية".

نتنياهو يكرر حديثه عن أهدافه من الحرب على غزة (الأوروبية) الضغط على حماس

ويؤكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن الهدف من توسيع العملية هو زيادة الضغط على حركة حماس لدفعها إلى التنازل عن شروطها في المفاوضات.

ويبدو أن كلماته كانت بمثابة بيان تم التنسيق فيه مع الأميركيين، وربما أمروا به، وفقا لوصف عاموس هرائيل في صحيفة هآرتس.

ويضيف أنه "ليس من قبيل المصادفة أن يختفي ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي من خريطة وسائل الإعلام في الأيام الأخيرة. ويبدو أن واشنطن تركت لإسرائيل مجالاً للعمل العسكري، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تحسين قدرتها على المساومة في المفاوضات، ولكن من المرجح أن يكون ذلك محدودا في الوقت".

ويتابع أن الرسالة الحالية القادمة من واشنطن أنها ترحب بعودة إسرائيل للقتال في غزة، كما أن الإدارة الحالية ستزودها بكل الأسلحة اللازمة لذلك، وقد يكون الضوء الأخضر الأميركي ليس مطلقا، إذ من المتوقع أن يزور ترامب السعودية الشهر المقبل، وهو لا يريد أن تطغى صور الحرب القادمة من غزة على زيارته.

إعلان

وفقا لوصف هرائيل فإنه إذا كان نتنياهو يأمل في تحقيق أهدافه، فسوف يضطر إلى ممارسة ضغوط عسكرية أكبر بكثير، "ولكن ليس من المؤكد على الإطلاق أنه سينجح في مسعاه، وهناك خطر واضح على طول الطريق يتمثل في موت معظم الرهائن".

إعادة احتلال القطاع

رافقت المجازر التي لم تتوقف لحظة، مخططات إعادة احتلال قطاع غزة عبر قضم مناطق واسعة منه، وضمها للمنطقة الأمنية.

وبحسب آفي أشكنازي في معاريف فإن الجيش الإسرائيلي يعتزم تقسيم قطاع غزة إلى 4 أجزاء بهدف زيادة الضغط على حماس، فقوات الفرقة 36 التي بدأت عملياتها في جنوب قطاع غزة تعمل على إنشاء منطقة محور موراغ الذي يفصل بين خان يونس ورفح. وسيكون محور موراغ موازيا لمحور فيلادلفيا في الشمال، أما في الجنوب فسيكون موازيا لمحور نتساريم.

وبحسب مصدر عسكري إسرائيلي لصحيفة معاريف تعمل عدة ألوية في رفح حيث قوات غيفعاتي في الشابورة، واللواء 14 في تل السلطان، كما تعمل في غزة حاليا 3 فرق: الفرقة 143، والفرقة 252 في شمال ووسط القطاع وتعمل القوات في بيت حانون وبيت لاهيا، بينما تعمل كتيبة 16 على محور نتساريم.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر مطلعة بأن رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير يريد القضاء على حماس بشكل حاسم بهجوم بري واسع، قبل اتخاذ أي قرار بشأن حل سياسي. وهو مستعد لنشر قوات كافية لاحتلال القطاع إلى أجل غير مسمى.

وقال العقيد احتياط حيزي نحماه: هناك خطوة لاحتلال رفح من المفترض أن تؤدي إلى خيارين:

الأول: التوسع نحو الخطة الكبرى، 6 فرق عسكرية تحتل قطاع غزة بأكمله و"تطهّره". الثاني: محاولة إطالة المرحلة الأولى لإنقاذ بعض الأسرى.

ويرى الكاتب وسام عفيفة، في حديثه للجزيرة نت، أن إسرائيل تعمل على إعادة احتلال غزة بشكل تدريجي، مع دعم أميركي مؤقت، موضحا أن احتلال رفح وشمال القطاع وبيت لاهيا وبيت حانون وتوسيع المنطقة العازلة على طول شرق قطاع غزة، يشير إلى عزم الاحتلال السيطرة على نصف مساحة قطاع غزة وليس كما يعلن عن 25%.

إعلان

وقال إن تقسيم القطاع عبر محاور عرضية مثل محور موراغ ونتساريم وكوسوفيم، ومفلاسيم وما يضاف إليها من مساحات كبيرة على جانبي هذه المحاور ضمن هوامش السيطرة النارية لقوات البرية الموجودة، يثبت أن الاحتلال يعمل على إعادة احتلال نصف قطاع غزة مع الضغط على الفلسطينيين للتحرك لغرب شارع صلاح الدين الذي يفصل القطاع من شماله وجنوبه.

وكل ذلك ضمن عقيدة عسكرية جديدة تنفذها أيضا في لبنان وسوريا بالاستيلاء على أراض تحولها إلى أحزمة أمنية ومناطق عازلة.

ولكن رئيس الاستخبارات العسكرية السابق تامير هايمان حذر من هذا السيناريو في مقال نشرته القناة الـ12، وقال إن الحفاظ على الجيش في كامل الأراضي يتطلب وجودا عسكريا كبيرا، وسوف يأتي هذا على حساب القوات في الضفة الغربية وعلى حساب القوات على الحدود الشمالية، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض الشعور بالأمن، ومن المرجح أيضا أن يؤدي إلى زيادة "الهجمات الإرهابية".

كما أن حجم قوات الاحتياط المطلوب لهذه المهمة سوف يضر بالاقتصاد ويزيد من العبء على جنود الاحتياط بشكل يعرض جاهزيتهم للخطر، وستؤثر الشرعية الدولية سلبا على العلاقات التجارية لإسرائيل، ومن ثم بشكل سلبي على الاقتصاد الإسرائيلي.

وقد ترى دولٌ عديدة باستثناء الولايات المتحدة في إعادة احتلال القطاع عملاً غير قانوني وغير متناسب يتعارض مع قيمها.

ضغط تفاوضي مخادع

ورغم إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس أن هدف العمليات في غزة هو تعزيز إطلاق سراح الأسرى، لم يخف الهدف الحقيقي من عدوان الجيش الإسرائيلي الجديد بأن "الإجراءات التي نتخذها على الأرض هي أيضًا تحضير للعملية الكبرى التي طلبت من الجيش إعدادها، إذا لم نحقق إطلاق سراح الرهائن، فسيعمل الجيش على هزيمة حماس".

وبحسب عاموس هرائيل فإنه حتى قبل الوصول لاتفاق وسط، "سيأتي سفك الدماء المتبادل، الذي ستقدمه الحكومة بشكل مخادع أمام الرأي العام باعتباره خطوة إلزامية على طريق النصر".

إعلان

ولم يستغرب المختص في الشؤون الإسرائيلية عماد أبو عواد من شروط نتنياهو التعجيزية في رده على مقترح الوسطاء، والذي وافقت عليه حماس مع تعديلات، معتبرًا أن نتنياهو لا يبحث عن إطلاق سراح الأسرى مهما قدمت حماس من تنازلات، بل هي خطوات خداعية تهدف لكسب الوقت لتنفيذ مخططه في إعادة احتلال قطاع غزة والتهجير.

ويضيف أبو عواد أن الحديث عن المقترحات والأسرى هو فقط لتبريد جبهته الداخلية المتقلبة والمنقسمة، في ظل خطوات منفصلة تقوم بها المعارضة ضد الانقلاب القضائي وقضية تجنيد الحريديم.

ويتفق عفيفة معه بأن المفاوضات لاستئناف وقف إطلاق النار دخلت في نفق مظلم وتستخدمها حكومة نتنياهو لشراء الوقت، مع فجوات كبيرة بين الطرفين بعد رفض إسرائيل مقترح الوسطاء.

أونروا وهيئات محلية ودولية أكدت أن المجاعة تفتك بمناطق قطاع غزة (الجزيرة) حرب أهلية

وخلال حالة العدوان المستمرة على قطاع غزة، عمل الجيش الإسرائيلي على استهداف رموز الحكم في قطاع غزة والجهات الإغاثية وعناصر الشرطة، مع دعم علني ومباشر لمظاهرات خرجت تطالب بإنهاء الحرب على قطاع غزة، مدفوع جزء منها بدعم إقليمي إعلامي واضح تحت شعار طرد المقاومة ورفع يدها عن حكم غزة.

ويضاف لذلك التنسيق مع عصابات محلية استولت على المساعدات وعملت على نشر حالة الفوضى العميقة في كل مناحي الحياة.

وبحسب عفيفة يعود الاحتلال لاختبار تجربة تشكيل عصابات محلية، أو الاعتماد على البعد العائلي للسيطرة على جيوب في القطاع، رغم فشله في العام الأول من الحرب وهو النهج الذي يُعتبر خطوة نحو تنفيذ "خطة اليوم التالي"، التي تتحدث عن إقامة حكم محلي بديل تحت حماية الاحتلال. لكنه لا يزال خيارا بعيد التطبيق. والبديل عنه خلق فوضى واقتتال داخلي".

واكد أبو عواد من طرفه أن الاحتلال قد يعمل على إقامة روابط القرى في قطاع غزة على شاكلة ما حدث في الضفة الغربية في السبعينيات، عبر دعم عشائر، وعصابات وجهات متورطة مع الاحتلال أمنيًا عبر إشاعة الفوضى والقتل وزعزعة الحالة الداخلية، بهدف سلخ المناطق التي يسيطر عليها بالنار من أي ترابط مع باقي مناطق القطاع، ومع إطار الحكم المحلي القائم، ضمن خططه الأمنية والعسكرية لليوم التالي في قطاع غزة.

إعلان

التجويع والتهجير

في مقابل القتل اليومي، يستمر مسلسل التجويع في ظل انقطاع دخول أي شكل من أشكال المساعدات منذ أكثر من شهر إلى قطاع غزة إضافة لسيطرة الاحتلال على مناطق زراعية شاسعة في شمال ووسط وجنوب قطاع غزة والتي كانت تمثل السلة الغذائية التي ساعدت على صمود الفلسطينيين أمام حرب التجويع ويعمل الاحتلال على استهداف تكايا توزيع الطعام بشكل مباشر ونشاطات المبادرين ومن يقدمون أدنى مقومات المساعدة للفلسطينيين.

ولم يخف مسؤول إسرائيلي رفيع تحدّث إلى الصحفيين المرافقين لوفد نتنياهو خلال زيارته للمجر، الأهداف من عودة العدوان على غزة والتجويع حيث قال "إسرائيل تُجري مفاوضات مع أكثر من دولة بشأن استيعاب فلسطينيين من قطاع غزة، وإسرائيل جادّة جدا في تنفيذ خطة ترامب لنقل سكان القطاع إلى دول أخرى".

وزعم أن عدة دول أبدت استعدادها لاستقبال الفلسطينيين، لكنها طرحت شروطا، وتطلب مقابلا، ليس بالضرورة ماليا، بل أيضا أمورا إستراتيجية.

وأضاف "ما نرغب في رؤيته هو إنقاذ الأسرى، والقضاء على حماس، ومن ثم استغلال الفرصة لعملية هجرة طوعية واسعة، نحن نتحدث عن أكثر من مليون شخص. القطاع أصبح ركامًا، ونحن نعمل على هذه الخطة".

ويوضح أبو عواد أن مبدأ التهجير لم يختف عن طروحات ترامب والحكومة الإسرائيلية التي ترى في تصريحات الرئيس الأميركي فرصة تاريخية للتهجير يجب استغلالها.

ويشير إلى أن الخطوات الميدانية العسكرية في غزة من إبادة ومجازر وتجويع ما هي إلا لفرض وقائع بيئة طاردة لاستقرار الفلسطيني والتشبث بأرضه في قطاع غزة وصولا لتنفيذ أكبر حملة تهجير.

وتسلط الدكتورة ليراز مارغاليت، في مقال نشرته صحيفة معاريف، الضوء على العلاقة بين حجم الإجرام الذي يرتكبه جيش الاحتلال في غزة، وبين تصور قديم لنتنياهو، فتقول "إن غزة بكل المآسي التي تمر بها تقع ضمن النموذج الذهني الذي بناه نتنياهو لنفسه منذ صغره، حيث يرى نفسه رسولا مقدرا له أن يحمي اليهود من الانقراض".

إعلان

وتضيف أن "نتنياهو يعلم أنه إذا لم تنته الحرب الحالية بصورة واضحة للنصر أو إطلاق سراح الرهائن، فإن هذه الوصمة سترافقه طوال حياته، وهذا من شأنه أن ينفي الرؤية التبشيرية التي غلف بها شخصيته".

مقالات مشابهة

  • هل تتجه تركيا لتقاسم النفوذ في سوريا مع إسرائيل.. تقرير
  • الصحة الفلسطينية: 58 شهيدا و213 مصابا جراء الغارات الإسرائيلية
  • ما نعرفه عن مقتل 15 مسعفًا فلسطينيًا على يد القوات الإسرائيلية
  • عدد الرجال أكثر من النساء في الجزائر
  • منظمات حقوقية: إسرائيل تسيطر على أكثر من نصف غزة مع تعمق الهجوم
  • شهداء وإصابات في تواصل الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة
  • حرب الإبادة في غزة ومآلات الحل كما تراها إسرائيل
  • «القاهرة الإخبارية»: أكثر من 40 شهيدًا جراء التصعيد الإسرائيلي في غزة
  • «وزير الخارجية» محذرا: استمرار العجز عن وقف الانتهاكات الإسرائيلية سيؤدي إلى موجة غضب واسعة
  • مظاهرات عربية وعالمية تطالب بوقف المجازر الإسرائيلية في غزة