عندما نقول إننا نعيش في عالم القطب الواحد، الذي يهيمن على العالم في كافة المجالات، اقتصاديًا وعسكريًا وإعلاميًا.. وغيرها، فإن من الطبيعي أن يكتمل ذلك بـ«الغزو الثقافي»، للسيطرة والتحكم في العقول والأدمغة.
ربما لاحظنا في السنوات الأخيرة، إلغاء الرقابة المسبقة على المحتوى الفني، تزامنًا مع ظهور وانتشار مِنَصَّات رقمية «ترفيهية» تقدم محتوىً بدون حذف رقابي، ملئ بمشاهد إثارة فاضحة، وتتنافى مع قِيَم مجتمعاتنا، ما يجعل من الصعب السيطرة والرقابة أو المنع والحجب.
في الماضي «غير البعيد»، كان روَّاد السينما يشاهدون «تصريحًا» للسماح بعرض الفيلم، مع «صورة الموافقة»، مكتوب فيها «صالح للعرض»، ليتطور الأمر قبل سنوات إلى عبارة تحذيرية «للكبار فقط أو 18+»، تسبق مقدمة الأعمال الفنية، خصوصًا الأفلام والمسلسلات الأجنبية.
كلمات اعتدناها في بداية «العرض المُنتظر»، يُحذّر فيها صُنّاعُ العمل، المشاهدين من أنه يتضمن مشاهد أو كلمات وجُملًا أو حتى أفكارًا، قد لا تُناسب المجتمع، خصوصًا شرائح الأطفال والمراهقين، ولذلك يَحْتَمُون خلف تلك المقدمة المكتوبة لتبرئة ساحتهم من إيذاء المشاهدين أو المَسِّ بمشاعرهم.
الآن، بعد «تحجيم» الحذف والرفض، و«ضياع» مقص الرقيب، الذي كان يشكو منه صُنَّاع الفن السابع، أصبحنا نعيش في عالم افتراضي، الممنوع فيه مرغوب، والإعلام البديل متوفر لدى الجميع، وبات الوضع مختلفًا عن ذي قبل، حيث عصر «الهيمنة الثقافية»، الذي ارتبط بإنتاج «هوليوود»، باعتبارها القوة الناعمة الأكبر عالميًا، لنشهد تطورات متسارعة تواكب عصر المعلومات والرقمنة.
تلك المقدمة الطويلة، ربما كانت ضرورية للحديث عن اللغط الدائر منذ أسابيع، في مصر وعلى امتداد العالم العربي والإسلامي، بشأن عرض الفيلم المثير للجدل «باربي Barbie»، الذي تجاوزت عائداته حول العالم، مليارًا ونصف المليار دولار في أقل من شهر واحد فقط!
الفيلم الصَّاخب أحدث ضجَّة أخلاقية في الدول العربية والإسلامية، لأنه ـ بحسب رافضيه من رسميين ومسؤولين وفنانين ومثقفين ـ يخالف العلاقات الإنسانية الصحيحة، كما يروِّج لأفكارٍ وسياقاتٍ سلوكيةٍ شاذةٍ، ومِثليةٍ جنسية، تتعارض مع القيم الدينية والأخلاقية.
كثيرٌ من «ثِقَاتِ» الوسط الفني، أكدوا أن الفيلم يخالف بمحتواه الآداب والقيم، لا سيما قيمة الأسرة، كما يتنافى مع المبادئ الوِجدانية والأخلاقية والإيمانية التي تُشكِّل الحِصْنَ الحَصِينَ لكافة المجتمعات العربية والإسلامية.. والإنسانية.
أخيرًا.. ما نود التأكيد عليه هو أن كل حرية يقابلها مسؤولية، وأننا دائمًا وأبدًا ننحاز إلى حرية الإبداع والفن والرأي والفكر، لكننا بالمقابل نعتقد أن أي محتوى يدعو إلى عنف أو تطرف، أو قِيَمٍ وأفكارٍ، أو انحيازاتٍ غير أخلاقية أو إنسانية، لا يمكن أن يكون محل جِدال أو نقاش.
فصل الخطاب:
«يظل الفن عمومًا ـ عند العقلاء ـ رسالة نبيلة وراقية، تعبر عن الضمير الجمعي، في آماله وتطلعاته، ورفع وعيه بشأن قضاياه المصيرية».
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فيلم باربي Barbie نيتفليكس المنصات الرقمية محمود زاهر المثلية الجنسية للكبار فقط مواجهات
إقرأ أيضاً:
السيد القائد : تمر الأمة العربية والإسلامية بعصر يسوده انهيار قيمي وأخلاقي
متابعات/الأسرة
يؤكد قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في معظم خطاباته الأسبوعية على الموقف الإيماني المبدئي والثابت تجاه قضية الأمة المركزية والأولى “فلسطين”.
هذا الموقف لا تحكمه العواطف بقدر ما تحكمه ثوابت إيمانية وإنسانية في معركة “الفتح الموعود والجهاز المقدس”، التي يخوضها اليمن ضد العدو الأمريكي البريطاني الصهيوني منذ بداية معركة “طوفان الأقصى”.
السيد القائد يشير دائما في خطاباته إلى استمرار عمليات البحار وقصف المواقع العسكرية والحساسة في فلسطين المحتلة بالصواريخ والمسيرات ويؤكد استعداد اليمن موجهة أي تصعيد أمريكي، بريطاني وصهيوني.
تعرضت الثورة الفلسطينية منذ قيامها لانتكاسات كبيرة من جهتين الأولى من محتل الأرض الكيان الصهيوني وداعميه “أمريكا وبريطانيا وأوروبا” الغربية والثانية وهي الأشد والأقسى من محيطها العربي والإسلامي.
وجهت للقضية الفلسطينية طعنات قاتلة من أخوة العروبة والإسلام تمثل ذلك بهرولة العديد من الأنظمة العربية والإسلامية للتطبيع المذل وبدون كوابح، ابتدأ هذا التطبيع من أكبر الدول العربية جمهورية مصر العربية بتوقيعها اتفاقية السلام مع الكيان الصهيوني في مطلع السبعينيات تبعها في ذلك المملكة الأردنية الهاشمية ثم أنظمة دول الخليج العربي التي انضمت للتطبيع مع كيان العدو، وكانت البداية بدولة الإمارات التي تخلت عن انتمائها العربي والإسلامي فالبحرين والمغرب ثم قطر والسعودية اللتان قطعتا أكثر من نصف مسافة التطبيع والمسألة مسألة وقت لاكتمال ذلك العمل المشين.
تمر الأمة العربية والإسلامية بعصر يسوده انهيار قيمي وأخلاقي ومبدئي في المنظومة السياسية العربية وزوال ما كان يسمى بالعمل العربي المشترك بعد أن نجحت الاستخبارات الأمريكية والصهيونية والأوروبية الغربية بتدميره، الأمر الذي أدى إلى إفراغ الأنظمة العربية من محتواها.
وبموجب ذلك لم تعد القضية الفلسطينية قضية ذات أولوية عربية وإسلامية في أجندة الأنظمة السياسية العربية إلى أن جاءت عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023م التي شكلت عملية فارقة في التاريخ العربي الحديث والمعاصر بعد سنين طويلة ساد فيها الجمود والمراوغة والتدجين الممنهج للأنظمة العربية وإرغامها على التطبيع مع الكيان الصهيوني بضغط أمريكا ودول أوروبا الغربية لتصفية القضية الفلسطينية التي تعد العائق الوحيد أمام شرق أوسط جديد رسمت معالمه منذ فترة ويجري تنفيذه ببطء.
ظلت حماس تقاتل العدو الصهيوني دون إسناد ودعم من محيطها العربي والإسلامي إلا من المواقف الداعمة من الجمهورية اليمنية التي أعلنت بشكل رسمي الدخول في المعركة عبر سلسلة ضربات مركزة لأهداف عسكرية صهيونية بوابل من الصواريخ الباليستية وأسراب من الطائرات المسيرة، والمطلوب من الدول العربية اليوم تغيير موقفها من هذه الأزمة التي سوف تمسها حتما إذا انتصر فيها العدو الصهيوني.