لجريدة عمان:
2025-02-05@20:29:17 GMT

الكتابة الطِعمة

تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT

عندما وصلتُ لما ظننت أنه الخطأ الثالث في الصفحة الأولى وحدها، توقفت عن قراءة العمل المترجم ورحتُ أفتّش عن الأصل. وضعتهما جنبًا إلى جنب لتتكشف لي أخطاء متكررة على طول النص. فكرتُ بأن من واجبي ربما أن ألفت الانتباه لما بدا إهمالًا من المترجم والمحرر والناشر. أعني أنه من الطبيعي ألا يخلو عمل من الهفوات، التي يُمكن تجاوزها، بل وأحيانًا كثيرة لا ننتبه لها، لكن ليس بهذه الفداحة، لا من حيث الكم ولا النوع.

فكرت بعدها بأي خير قد يأتي فعل التشهير هذا. ثمة مترجمون كانت تجاربهم الأولى سيئة، ثم أصبحوا خير من يترجم عن اللغات التي يترجمون عنها. ثمة من -ورغم سوء الترجمة- قدموا للعربية أسماء ما كانت ستُعرف لولاهم.

ثمة سيرة تُفتح كل مرة عند الحديث عن الترجمة، دون التوصل لخلاصة. أعني المفاضلة بين نحت كلمات جديدة ذات جذر عربي، أو بالمثل استعادة كلمة مهجورة مقابل اقتراضها. عبدالله المعمري مثلًا أحد المترجمين العمانيين (وقد يكون من خير من يترجمون ويكتبون عن العلم) الذين ينتصرون للدقة مقابل السلاسة (السلاسة بمعنى أن تكون الكلمات مألوفة، بحيث لا تحدث تلك العثرة وأنت تقرأ)، والنحت مقابل القبس. يختار مثلًا «تنادد» من «ند» كترجمة لكلمة «homology» والتي تعني التجانس والتماثل، بالرغم من أن تنادد غير شائعة.

في المقابل أجدني ميالة للاقتراض وتحديدًا القبس (أتمنى أن يكون هذا هو الاسم الدقيق الذي يصف ما أعني) فأستخدم كلمة «تروما» بدل «صدمة» مثلًا لأنها تُحيل مباشرة للمعنى كما يُستخدم على نطاق واسع اليوم. مثل هذه الاختيارات قد تعطي الانطباع بفقر القاموس العربي، لكنها أيضًا تنتصر، ليس للمألوف فقط، بل لدقة الاصطلاح.

عندما وقعت على أعمال إبراهيم أصلان في بداية عشرينياتي، نفرت منها لأنها بدت قريبة من اللغة المحكية. ورغم أنني -كذوق شخصي- لم أستسغ -وما زلت لا أستسيغ- الحيل البلاغية، ويمكن أن أرمي عملًا من يدي لأنه يستخدم كلمة «مثل» أكثر من اللازم. كتابة «أصلان» التي نفرت منها في السابق، صارت نوع الكتابة الذي أفضّل. الكتابة «الطِعمة» طعامة لا تجدها إلا في الكتابة المصرية.

من يجعلون الكتابة تبدو عملًا سهلًا، وكأنهم يفعلونها «من طرف إيدهم» وكأنهم لم يقضوا لحظة في إعادة الكتابة، ولم يفتحوا قاموسًا في حياتهم، من يُفاجأون بالجمل تخرج منهم هؤلاء هم قبيلتي. أما أسلوب الكتابة الذي يبدو كولادة عسيرة يُثقل روحي، ولا أقدر على التعاطي معه حتى وإن بدرت عنه جوهرة أدبية لا يبزها نظير (يا إلهي من أي قاموس خرجت «يبزها نظير» هذه.. ما علينا).

أقول إن الكتابة المصرية تحاول طوال الوقت أن تتحدى التزمت اللغوي. البعض يحاول ردم الهوة بين الفصحى والمحكية. آخرون يشرعون بجرأة في الكتابة باللهجة المصرية. ليس في أي موضوع، في الفلسفة (أقصد كتاب شهاب الخشاب الجميل «الفهّامة»). هذا طبعًا يُحيلنا للجدل الذي لا ينتهي حول الويكيبيديا المصرية، والتي لا أملك إلا أن أرى فيها جهدا مشروعا لـدمقرطة (من ديمقراطية) المعرفة.

الخلاصة، أن هذا الجدل لن ينتهي، وعلينا ربما أن نُسلّم بأنه لن ينتهي. متى ما كان المترجم أو الكاتب قادرا على أن يُبرر اختياراته، بل ربما ليس علينا أن نطالب بالتبرير حتى، ونقبل بتعدد الأساليب. ونقبل بالتموضع حسب الذوق الشخصي للمترجم وأسلوب الكاتب في النص الذي يُترجم عنه. في النهاية ما بيدنا إلا أن نجرب. فمعيار أن تبقى كلمة ما أو أن تختفي في النهاية هو مدى تبنّيها، والبقاء للأكثر شيوعًا.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

«إجازة مش سعيدة».. كواليس وفاة طالبة الشروق.. بخار الغاز كلمة السر

«إجازة مش سعيدة».. هكذا يمكن أن تصف أسرة طالبة الشروق عطلة نصف العام الدراسي الحالي 2024 – 2025 بعد أن فارقت نجلتهم الحياة جراء تعرضها للاختناق أثناء الاستحمام.

 

وفاة طالبة الشروق

وفي الساعات الأخيرة، تلقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة إخطارا من قسم شرطة الشروق تضمن ورود بلاغ من الأهالي باختناق فتاة داخل حمام شقتها بدائرة القسم، وعلى الفور انتقلت أجهزة أمن القاهرة لموقع البلاغ.

وبالانتقال والفحص، تبين من التحريات والمعاينة التي أجرتها أجهزة أمن القاهرة أن الفتاة دخلت للاستحمام وبعد دقائق حاول والدها النداء عليها، إلا أنها لم تستجب، وحينما دخل شاهدها ملقاة على الأرض والبخار في كل مكان.

ونقل جثمان الفتاة إلى المشرحة تحت تصرف النيابة العامة في القاهرة، وحرر المحضر اللازم، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وإخطار النيابة العامة في القاهرة التي صرحت بدفن جثمان طالبة الشروق بعد صدور تقرير الصفة التشريحية الخاص بها.

من هي طالبة الشروق؟

والمتوفية طالبة في إحدى المدارس الأجنبية الشهيرة، دخلت للاستحمام في حمام منزلها بمدينة الشروق وبعد دقائق حاولت أسرتها التواصل معها إلا أنها لم تستجب لهم، وحينما قاموا بفتح باب الحمام عثروا عليها جثة هامدة في أرضية الحمام وقاموا بإبلاغ الشرطة.

وكشفت تحريات الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة تفاصيل جديدة في وفاة طالبة داخل حمام إثر اختناقها بالبخار في منطقة الشروق، حيث تبين عدم وجود شبهة جنائية في الحادث وأن سبب الوفاة استنشاق الطالبة بخار الغاز داخل الحمام.

وأشارت التحريات التي أجرتها فرق المباحث في القاهرة إلى أن المتوفاة فتاة في العقد الثاني من العمر، طالبة ثانوي بإحدى المدارس الأجنبية الخاصة، ابنة صاحب شركة، دخلت للاستحمام لكنها توفيت جراء بخار الغاز داخل الحمام.

إجازة نصف العام.. مختصون ينصحون الطلاب عبر «الفجر»: «قضوها في معرض الكتاب» موعد الفصل الدراسي الثاني 2025.. مصادر تكشف لـ«الفجر» حقيقة التأجيل وفيما يلي يقدم «الفجر» عدد من النصائح لتجنب خطورة السخان الغاز والكهربائي، وذلك بعد واقعة طالبة الشروق: يجب عدم عدم ترك الماء الساخن لفترة طويلة، حتى لا يتكون البخار، الذي قد يؤدي استنشاقه إلى الوفاة. ضرورة عمل فتحات للتهوية خلال الاستحمام، لدخول الهواء. يجب عدم غلق نوافذ الحمام كاملة، كي لا يحدث الاختناق. تركيب شفاط في الحمام بهدف خلق مساحة كبيرة للتهوية. في حالة الشعور بالاختناق، يجب الخروج من الحمام على الفور، حتى لا يحدث إغماء. عند الشعور بتسرب الغاز، يجب تهوية المكان جيدا، وغلق مصدر الغاز، وعدم شرب السجائر، وعدم تشغيل أو إطفاء أي أجهزة كهربائية.

 

مقالات مشابهة

  • نص كلمة الفنان فاروق حسني الموجهة للمشاركين والفائزين بجوائز الفنون
  • أمي ارتاحت بعد وفاتها.. أبرز تصريحات ناهد السباعي في “كلمة أخيرة”
  • كلمة الملكة رانيا العبدالله خلال القمة الدولية لحقوق الأطفال بالفاتيكان
  • «إجازة مش سعيدة».. كواليس وفاة طالبة الشروق.. بخار الغاز كلمة السر
  • استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 4 فبراير 2025 في البنوك المصرية
  • لميس الحديدي: الكنيسة المصرية غالية على قلوب المصريين.. خاصة البابا تواضروس الذي واجه معنا الإرهاب
  • “الكتابة واستشراف مستقبل الفنون”.. لقاء بجمعية الثقافة في الدمام
  • ماذا أقول بعد الأذان؟.. بـ16 كلمة تحل لك شفاعة النبي
  • دعاء الليلة الرابعة من شهر شعبان.. بـ15 كلمة تستيقظ على فرج مذهل