دليل الشباب العربي لفهم الصهيونية ومخاطرها على العروبة
تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT
د. عبدالله الأشعل **
الصهيونية معناها الاستيلاء على فلسطين بدعوى مُختلفة وهي جريمة مركبة، وبسط هذه الفكرة تيودور هرتزل وبناها على فرضيات معينة، الأولى أنَّ اليهود عانوا طويلا من الاضطهاد في المجتمعات الذي عاشوا فيها، وإذا علمنا أنَّ الصهاينة لا علاقة لهم باليهود، سقط المشروع من بدايته.
أما الفرضية الثانية فهي أنَّ الصهاينة شعب، لكنهم بالفعل عصابة.
وهنا يتضح التناقض بين عناصر الفكرة الصهيونية، ثم إنها تخلط بين القومية اليهودية، ومعنى ذلك أنه صراع قوميات بين القومية اليهودية والقومية العربية، وهذا غير صحيح؛ لأن الدين لا يُمكن أن يُشكِّل قومية، والصحيح أنَّ أنصار هذه الفكرة يُشكِّلون مافيا، لكي تنقض على فلسطين انطلاقًا من المظلومية، وكان هرتزل قد أصدر كتابه الدولة اليهودية باللغة الألمانية ثم ترجم إلى الإنجليزية عام 1946 قبيل قيام إسرائيل.
وقد أوضح هرتزل في كتابه مجموعة من القسمات والركائز للفكرة الصهيونية أولها أن الصهيونية تهدف إلى إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي من خلال استعمار فلسطين. وثانيها أنه اعترف في كتابه بأن الحركة الصهيونية حركة علمانية قومية وظهرت في أواخر القرن التاسع عشر كرد فعل لموجات الاضطهاد واللاسامية أي كراهية اليهود واضطهادهم والتمييز ضدهم. وثالثها أن هذه الفكرة تستحق إقامة الدولة عن طريق المستوطنين الصهاينة الذين وصلوا فلسطين في نهاية القرن التاسع عشر ومعهم بدأ الصراع مع الفلسطينيين. ورابعها أن الصهيونية أوفر حظاً في فلسطين من الناحية التاريخية من العرب. وخامسها أن الحركة تحتاج إلى مساندة دول كبرى. وسادسها تزعم الصهيونية أنها حركة تحرر وطني لتحرير فلسطين وردها إلى ملك أجدادهم، بينما رأى غيرهم أنها حركة استعمارية عنصرية أيديولوجية. وسابعها بصفتها حركة تحرر وطني لها الحق بتقرير المصير الذي ارتبط بظهور القومية في أوروبا في منتصف القرن التاسع عشر. وثامنها أن اليهود أُمَّة ولهم حقوق أدبية وتاريخية ولهم الحق في تقرير مصيرهم في فلسطين.
باختصار.. تقوم الحركة الصهيونية على استخدام العنف وإفراغ فلسطين من أهلها وإحلال اليهود محلهم تحت مُسمى التهجير أو التطهير العرقي؛ فالتهجير أيدلوجية صهيونية ولا يُمكن إدماج اليهود مع غير اليهود.
مخاطر الصهيونية على العالم العربي
الحركة الصهيونية حركة استعمارية إحلالية استيطانية، ولذلك تزعم ملكيتها لفلسطين والنتيجة لهم الحق في إبادة أهلها أو تهجيرهم، ويُعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رأس الحركة الصهيونية، وقال الرئيس جو بايدن إنه لكي تكون صهيونيًا لا يُشترط أن تكون يهوديًا، وتطبيقًا لذلك طالب ترامب مصر والأردن بأن يستقبلا أهالي غزة، وقد رفضت مصر والأردن والعرب جميعًا ذلك، كما رفض الفلسطينيون أنفسهم.
وكان الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز قد أصدر كتابًا في منتصف ثمانينيات القرن الماضي عنوانه "الشرق الأوسط الكبير"، بمعنى إلغاء العروبة وإحلال الهوية الصهيونية محل العربية، بحيث تكون إسرائيل مركز التفاعل بالمنطقة.
والشرق الأوسط يشير إلى الصهيونية، وبالفعل تم اختراق العالم العربي من جانب الصهيونية، وكادت الصهيونية أن تحل محل العروبة، ما لم تنهض الشعوب العربية وتؤكد الهوية العربية لهذه المنطقة، لكن انتصار المقاومة عطَّل تنفيذ هذا المشروع.
والغريب أن جامعة الدول العربية وصمت- في مرحلة ما- إحدى جماعات المقاومة بالإرهاب، بينما تصدت إيران غير العربية لدعم المقاومة العربية، واليوم تجري شيطنة إيران في سوريا وغيرها، كجزءٍ من مخطط إسرائيل لضرب المقاومة تحت عنوان "تخليص سوريا من الإرهاب".
ويبدو أن لُعبة خلط الأوراق في المنطقة، نجحت بشكل مؤقت لصالح إسرائيل، والواقع أن الحكام العرب- وهم الواجهة للدول العربية- يجب أن ينحازوا بوضوح للعروبة في معركة الهُوِيَّة.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مجلس الجامعة العربية يطالب الأعضاء في الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها تجاه حق فلسطين في تقرير مصيره
طالب مجلس الجامعة العربية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية لا سيما تلك المنصوص عليها في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (24_10-A_RES_ES) الذي يدعوها للعمل على إعمال حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وإنهاء أي عوائق ناجمة عن الوضع غير القانوني لإسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة تحول دون ممارسة هذا الحق، وعدم الاعتراف بقانونية الوضع الناشئ عن وجود إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة وعدم الاعتراف بأي تغييرات في الطابع المادي أو التكوين الديموجرافي للأرض التي احتلتها إسرائيل في 5 يونيو 1967.
وأكد مجلس الجامعة خلال اجتماعه اليوم علي مستوي المندوبين الدائمين أن تشريعات كنيست الاحتلال الإسرائيلي تعد انتهاكاً صارخاً لالتزامات إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال بموجب اتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة لعام 1946 والتي تسري على الأونروا والعاملين فيها باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الأمم المتحدة، ويشمل ذلك حصانة الأونروا وممتلكاتها وأصولها أينما كانت.
وحذر المجلس من الآثار الكارثية التي سيتسبب بها تطبيق التشريعات على اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وفي قطاع غزة حيث تكافح الأسرة الدولية وتسابق الزمن لاستغلال وقف إطلاق النار لإدخال مساعدات إنسانية كافية إلى القطاع وإيصالها إلى سكانه الذين يعانون من سوء التغذية نتيجة للجرائم الإسرائيلية بحقهم على مدى 471 يوماً، فالأونروا هي الجهة الوحيدة القادرة على إيصال هذه المساعدات بكفاءة وإعادة الأمل إلى سكان القطاع نظراً لتفويضها الأممي وأعداد العاملين فيها على الأرض وخبراتها المتراكمة وإمكاناتها اللوجستية في الأرض الفلسطينية المحتلة، وفي هذا السياق ولما تمر به الوكالة من اوضاع استثنائية، يحث المجلس الدول المانحة للاستمرار بالإيفاء بالتزاماتها تجاه الوكالة، والتأكيد على أهمية مبادرة الالتزامات المشتركة تجاه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والتي أطلقتها دولة الكويت، المملكة الأردنية الهاشمية، وسلوفينيا، في مايو 2024، والتي انضم اليها 123 دولة.
ونوه المجلس إلى حقيقة أن الأونروا، رغم كل محاولات إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال لتقويضها، من خلال تدمير 205 من مبانيها وقتل 272 من موظفيها منذ بداية عدوانها على غزة، والتي تعتبر جرائم حرب مدانة مكتملة الأركان ، ما زالت تشكل العمود الفقري العمليات الإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في غزة حيث تقدم الدعم والمأوى لأغلبية سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بما في ذلك توفير الغذاء لـ 1.9 مليون شخص، وتقديم لقاحات شلل الأطفال لأكثر من 200 ألف طفل والرعاية الصحية لـ 15000 شخص ما يمثل أكثر من 60% من إجمالي خدمات الرعاية الصحية الأولية في غزة.
وأعرب عن استمرار الدعم الكامل لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسكه بحقوقه المشروعة وفقاً للقانون الدولي، وتأكيد رفض المساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواء من خلال الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد وهدم المنازل او ضم الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم بأي صورة من الصور أو تحت اي ظروف ومبررات، بما يهدد الاستقرار وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة، ويقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها.