جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-09@07:42:34 GMT

من يوقف سطو ترامب على العالم؟

تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT

من يوقف سطو ترامب على العالم؟

 

 

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

أُصيب العالم المُتحضِّر بالذهول من أقصاه إلى أقصاه، بوصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للبيت الأبيض، وخاصة بعد الكشف عن النوايا الحقيقية للإدارة الأمريكية الجديدة التي ضمَّت مجموعة من الصقور الذين لا يُعيرون القانون الدولي أي احترام؛ فقانون الغاب هو الذي يسود عندما يُصبح رئيس أكبر دولة في العالم واحدًا من تُجَّار الصفقات وزعيم عصابة اللوبيات الاقتصادية، التي همّها جمع الأموال من أيِّ مكان وبأي طريقة كانت.

ويتجلى ذلك في غريزة حب المال الحرام والاستيلاء على اقتصاديات الدول ومواردها الطبيعية، والرغبة في احتلال دول ذات سيادة وحليفة ومُقربة من واشنطن مثل كندا وكذلك جزيرة جرينلاند التابعة للدنمارك، ومُحاولة السيطرة على قناة بنما بالقوة، وفرض رسوم جمركية خيالية وغير منطقية على كثير من دول العالم، كل ذلك يكشف الوجه الحقيقي لهذه الإدارة الأمريكية رغم أنَّ أمريكا تستند إلى واحدٍ من أفضل الدساتير العالمية في مجال حقوق الإنسان وحرية الصحافة، لكنَّ القليل من رؤساء أمريكا يلتفت لمضمون الدستور الأمريكي أو حتى العمل بنصوصه التي تُقدِّر الآخر وتحمي الأجناس البشرية من الظلم والاضطهاد. الشعب الأمريكي هو الذي انتخب الرئيس ترامب الذي سبق له أن أُدين من المُحلفين الأمريكيين، وكذلك في انتظاره حاليًا قائمة من التُهَم الكثيرة التي لم يَبُت فيها بعد القضاء الأمريكي، ومن أهمها التهرُّب من دفع الضرائب، وكذلك علاقته بالهجوم على مقر مجلسي الشيوخ والنواب في العاصمة الأمريكية قبيل مغادرته للبيت الأبيض في فترته الرئاسية الأولى.

من لا يعرف بلاد "العم سام" وتاريخ هذا البلد المُلطَّخ بدماء الأبرياء، وأن حُكَّامها على الدوام مصَّاصون لدماء الشعوب؛ فعلى الجميع أن يعرف عن قرب أنَّ الإرهاب مصدره الأساسي "أمريكا" التي تزعُم أنها حامية الحقوق وحافظة للسلم العالمي زورًا وبهتانًا؛ فالسطو المسلح واستباحة الإنسان والسيطرة على ممتلكاته هي القاعدة  والمبدأ الذي قامت عليه الولايات المتحدة الأمريكية منذ تأسيسها، بدايةً بإبادة السكان الأصليين من الهنود الحُمر، وإقامة المستعمرات على أنقاض أكواخهم ومناطقهم السكنية، مرورًا بجلب وخطف الأفارقة واستعبادهم دون وجه حق للعمل في المزارع وبناء المدن الجديدة وتشييد الطرق وخاصة السكك الحديدية، مقابل إطعامهم فقط، وذلك  لجعلهم على قيد الحياة؛ ووصولًا إلى دول العالم في الشرق والغرب التي استولت عليها القوات الأمريكية بقوة السلاح وبدون أي مُبرر قانوني.

وفي مقدمة جرائم أمريكا على مر التاريخ، استخدام السلاح النووي ضد السكان المدنيين في اليابان في منتصف القرن الماضي؛ إذ ألقت الطائرات الأمريكية القنابل الذرية المُحرَّمة دوليًا على مدينتيْ هيروشيما وناجازاكي؛ مما أدى إلى مقتل أكثر من 210 آلاف مواطن ياباني، فضلًا عن مئات الآلاف من الجرحى والمصابين، وكذلك تدمير المدينتين بالكامل، وهذه العملية البربرية كانت أول سابقة في التاريخ البشري، بينما قتل الجيش الأمريكي حوالي 900 ألف فيتنامي خلال حرب التحرير والمقاومة ضد الاستعمار الأمريكي القبيح الذي تكلل بالانتصار المطلق للمقاومة الفيتنامية بعد حرب دامية استمرت لعقد من الزمن.

أما على المستوى الشعوب الإسلامية، فقد اعتبر المحافظون الجُدُد الذين يأتي في مقدمتهم دونالد ترامب، أن الإسلام هو العدو الجديد البديل للشيوعية بنهاية الحرب الباردة، وتعمل الحكومات الأمريكية المتعاقبة على قتل المسلمين على الهوية وبدون تمييز بين المدنيين وغيرهم، ولعل حربي أفغانستان والعراق، وما نتج عنهما من الجرائم الممنهجة في سجني أبو غريب وجوانتانامو، والتي تقشعر لها الأبدان، خير مثال على ذلك؛ فالعالم يتذكَّر ما قاله جورج بوش الابن عشية غزو العراق بأنَّ هذه حرب دينية بين الإسلام والمسيحية.

ومن المفارقات العجيبة أن يدعو رئيس أكبر دولة عضو في الأمم المتحدة وتحتضن مقر مجلس الأمن، أعلى سلطة في المنظمة الدولية على أراضيها، إلى تهجير سكان غزة إلى دول الجوار مقابل صفقات مالية من اللوبي الصهيوني الذين خصهم جميعًا بأهم المناصب التنفيذية في إدارته. والأسوأ من ذلك كله الرد الخجول للعرب على ما ينوي الصهاينة تنفيذه من تطهير عرقي وقتل ثم تهجير من تبقى من الشعب الفلسطيني من أرضه. وإذا ما تحققت غايات ترامب وحكومة نتنياهو الإرهابية المُتطرِّفة بالتهجير، فسوف تشهد المنطقة العربية طوفانًا ثانيًا ومُزلزلًا، لكن هذه المرة من الشعوب، وقد يقضى نهائيًا على الكيان الصهيوني في فلسطين، والأهم من ذلك نهاية الخونة الذين قبضوا أثمانًا بخسة عبر العقود من المُستعمرين للتنازل عن المقدسات والأوطان. لكننا نؤكد أن عهد الخيانات قد ذهب بلا رجعة، خاصةً بعد أن أدرك المواطن العربي، المستور والمسكوت عنه من بعض العرب الموالين لأعداء الأمة.

وفي الختام.. هل بمقدور تجمع "بريكس" الذي يضم تسع دول من مختلف قارت العالم، وفي مقدمة هذه الدول الصين وروسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا، كبح جماح ترامب في المنطقة، ومنعه من السيطرة على مقدرات الشعوب ونهب ثروات المجتمعات الفقيرة؟

هذا ما سوف تكشفه الأيام المقبلة، خاصةً إذا عرفنا أنَّ الرئيس الفوضوي قد هدَّد هذا التجمُّع بالويلات والتدمير، إذا نفَّذ وعده بإيجاد عملة بديلة للدولار الأمريكي!

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

رأي.. تيم سباستيان ورنا الصباغ يكتبان عن سياسات ترامب: ما الذي حدث للتو؟

هذا المقال بقلم تيم سباستيان، صحفي بريطاني ومحاور تلفزيوني ومؤلف كتب، ورنا الصباع صحفية ومحررة استقصائية عربية. يتشارك الاثنان في منصة مستقلة على وسائل التواصل الاجتماعي تسلط الضوء على قضايا الساعة الإشكالية.

لم يستغرق الأمر أكثر من شهرين ليبان الحجم الكامل لطموحات الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب.

تحول إلى قوة هدم في المشهد المحلي. أقال الآلاف، وضغط على المحاكم والجامعات، واختطف الناس من الشوارع، وطالب بتعهدات "ولاء شخصي" من موظفي الحكومة الفيدرالية.

لكي يحقق مسعاه، ملأ البيت الأبيض بمتُنفذين متغطرسين يُمطرون أمريكا – والآن العالم – بوابل من المحاضرات حول ما يجب عليهم فعله وكيف يفعلونه.

هؤلاء شخصيات لم تكن شيئا بالأمس – لم يُرفعوا أو يصلوا تلك المناصب بسبب علمهم أو حكمتهم – بل هم مجرد رجال ونساء تنفيذيين، متعطشون لممارسة السلطة الجديدة التي انتزعوها من النظام الديمقراطي، بعد تمزيق وتجاهل العديد من الضوابط والتوازنات التي كانت تحكم وتضبط البلاد.

يا له من إنجاز مذهل في سرعته وحجمه، ولكنه أيضًا مفعم بالحقد، وبممارسات تعظيم الذات على مستوى عالمي.

الولايات المتحدة لم تعد هي نفس البلد التي كانت عليها قبل شهرين.

في بعض النواحي، بالكاد يمكن التعرف عليها.

فرض الرسوم الجمركية هو حتى الآن أكثر أعمال ترامب جدية في ممارسة الإكراه السياسي الدولي – تأتي بمثابة صدمة ضخمة للاقتصاد العالمي وتحمل رسالة واحدة فوق كل اعتبار: أمريكا يمكنها أن تصنعك أو تدمرك – لذا إما أن تفعل الأمور على طريقتي أو تتحمل العواقب.

وهذه العواقب واضحة جدًا في الخسائر التريليونية التي تم ويتم تسجيلها في أسواق المال العالمية.

بعض الدول ستنحني وتسجد أمام ترامب مع أن من تتعامل معه، ليس شخصًا يمكنك الوثوق به.

هذا هو الرجل نفسه الذي أرسل يومًا ما صواريخ “جافلين” إلى أوكرانيا لمساعدتها في الدفاع عن نفسها ضد روسيا – وهو الآن يحاول ابتزاز كييف المُنهكة من الحرب، والمكافحة من أجل البقاء، لتتخلى عن معظم حقوقها السيادية في المعادن النادرة الموجودة على أراضيها.

ترامب هو الرجل نفسه الذي وصف غزو بوتين بـ”العبقري”، وفي نفس الوقت كان يفرض رسومًا عقابية على أقرب حلفائه – قام بهدوء برفع العقوبات عن زوجة الأوليغارش الروسي بوريس روتنبرغ، الذي يُصادف أنه صديق مقرب لبوتين.

ومن المثير للسخرية أن هذا لم يُذكر في بيان البيت الأبيض الرسمي الذي أعلن عن رفع العقوبات.

ففي صف من يقف ترامب حقًا؟

الجواب: لا أحد سوى نفسه.

ترامب مصمم على استخدام القوة الهائلة لمنصبه لتوسيع نفوذه الأيديولوجي، بإملاء قواعد العمل على الشركات والدول – وتهديدهم بفقدان رضاه وأعماله إن لم يطيعوه.

بالنسبة لترامب هذا ليس أقل من محاولة فريدة تحدث مرة في العمر لإعادة تشكيل أجزاء واسعة من العالم وفقًا لهواه، وضمان خضوعها لنفوذه.

وفي نفس الوقت الذي كانت فيه إعلانات التعرفة الجمركية تمزق توقعات الأسواق العالمية، كان وزير خارجيته مارك روبيو – رجلٌ كان قد تحداه سابقًا على ترشيح الحزب الجمهوري وسُخر منه بلا رحمة – يُطالب دول الناتو برفع إنفاقها الدفاعي إلى 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي.. وكأن الامر ممكن أصلًا.

ربما كان ذلك ممكنًا.. لبعض الدول في الأسبوع الماضي.

لكن الشهر المقبل.. وبفضل الحرب التجارية الجديدة – فالأمر مستحيل.

إذاً – رسائل متضاربة تصدر عن ترامب.

أولاً الضربة المالية.

ثم عندما يتم إنهاك الضحية، يُعرض عليه اتفاق لم يكن ليوقعه قبل أن يتلقى الضربة.

بعض الدول ستتعامل مع ترامب وتقدم له تنازلات تجارية ومحفزات لأنها لا تملك خيارًا آخر.

لكن الضغط لن يتوقف.

وعلى عكس ما يدّعي ترامب بأن أمريكا باتت ضحية عالمية – لا تزال البلاد تملك أقوى اقتصاد في العالم.

ويريدك أن تتذكر ذلك.

لأنه يدرك أن أنتم، أي معظمكم، ببساطة لا تستطيعون تحمل عواقب إغضابه.

أمريكادونالد ترامبرأينشر الأربعاء، 09 ابريل / نيسان 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • الرسوم الأمريكية تدخل حيز التنفيذ وبورصات العالم إلى انخفاض
  • رأي.. تيم سباستيان ورنا الصباغ يكتبان عن سياسات ترامب: ما الذي حدث للتو؟
  • نشرة أخبار العالم | رسوم ترامب الجمركية تدخل حيز التنفيذ.. ماكرون يشكر الرئيس السيسي والشعب المصري بطريقة خاصة.. والمبعوث الأمريكي يعتزم زيارة إيران.. أسرى صينيون في صفوف الجيش الروسي بدونيتسك
  • الملياردير الوحيد الذي لم يخسر بسبب رسوم ترامب الجمركية
  • الماتشا: المشروب الأخضر الذي يجتاح العالم ... ما السر وراء شعبيته؟
  • الحرب التجارية والاقتصاد الأمريكي
  • العاصفة الجمركية الأمريكية شرعنة للسطو وعملية نهب سافرة لموارد دول وشعوب العالم
  • برلمانية: الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب نقلة استراتيجية في فلسفة التجارة الأمريكية
  • كم دولة في العالم تتواصل مع الإدارة الأمريكية بشأن رسوم ترامب الجمركية؟.. البيت الأبيض يجيب
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت