هل يمكن إنشاء تحالف بين تركيا وسوريا والعراق؟
تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT
أحيت التطورات التي تشهدها المنطقة أحلاما قديمة متعلقة بالتحالفات بين دولها، لتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار فيها، بعيدا عن تدخلات القوى الدولية. ومن تلك الأحلام ما ذكره المفكر والشاعر التركي الراحل، سزائي قره قوج، عام 1975 في كتاب له وسماه "فيدرالية دجلة والفرات الإسلامية"، أي تحالف بين ثلاث دول يمر من أراضيها نهرا دجلة والفرات، وهي تركيا وسوريا والعراق.
الرئيس السابق لوكالة الأناضول للأنباء، الكاتب الصحفي التركي كمال أوزتورك، يشير إلى أن الفكرة التي طرحها قره قوج قبل سنوات، تُناقَش اليوم بعد سقوط النظام السوري بين المثقفين المقربين من حزب العدالة والتنمية، ويقول إنه "شخصيا من الذين يرون الوحدة ضرورية، وأن إمكانية تحقيقها أصبحت أكبر في الظروف الجيوسياسي الراهن"، مضيفا أن "العوائق أمام الوحدة ليست غير حواجز نفسية ناتجة عن الدعاية السلبية". كما يدور الحديث في أنقرة حول احتمال انضمام سوريا إلى مشروع "طريق التنمية" بعد تغيير مساره، ليبدأ من ميناء الفاو العراقي، ويتجه غربا بعد مروره ببغداد، ويصل إلى دير الزور ومنها إلى حلب، ثم يدخل محافظة غازي عنتاب التركية. ويرى خبراء ومحللون أن انضمام سوريا إلى هذا المشروع سيقلل التكاليف، ويختصر الوقت، ويسهم في إعادة إعمار سوريا.
التحالف بين تركيا وسوريا والعراق حلم كبير، إلا أن وصف العوائق التي تحول دون تحقق هذا الحلم بـ"حواجز نفسية" غير واقعي وتبسيط مبالغ فيه؛ لأن العراق اليوم تحت سيطرة القوى السياسية والمليشيات الطائفية الموالية لإيران. وكانت بغداد أرسلت تلك المليشيات إلى سوريا لنصرة النظام البائد وقتل الشعب السوري، بقرار رئيس الوزراء العراقي آنذاك نوري المالكي، وفتوى المرجع الشيعي الأعلى في النجف، علي السيستاني، كما يقول وزير العدل العراقي الأسبق حسن الشمري.
القوى السياسية والمليشيات التي تشكل حاليا الحكومة العراقية، ترى نجاح الثورة السورية في إسقاط نظام الأسد وإخراج إيران من سوريا، خطرا كبيرا يهددها، رغم الرسائل التي تبعثها الإدارة الجديدة في دمشق لطمأنة جيران سوريا بما فيهم العراق، مشددة على أن الأراضي السورية لن تكون منصة لأنشطة تهدد أمن دول الجوار واستقرارها. ويؤدي هذا الشعور في العراق، إلى حشد طائفي وتحريض ضد سوريا التي تحررت من نظام الأسد وحلفائه، ويهدد مستقبل العلاقات بين البلدين.
رئيس الوزراء العراقي الأسبق وزعيم ائتلاف دولة القانون، الشريك في الإطار التنسيقي الشيعي الحاكم في العراق، نوري المالكي، قال قبل أيام في كلمته التي ألقاها في المؤتمر التأسيسي لمجلس رؤساء قبائل وعشائر كربلاء، إن سوريا انتهت تحت "حكم الإدارة التركية الإسرائيلية"، ويحكمها "إرهابيون كانوا في سجون العراق". كما وصف نجاح الثورة السورية في إسقاط نظام الأسد بــ"الفتنة الخطيرة" التي تهدد المنطقة برمتها. ومن المؤكد أن هذه التصريحات تشير إلى أن حلم إنشاء تحالف بين أنقرة ودمشق وبغداد، بعيد المنال، ما دام أمثال المالكي هم الذين يحكمون العراق.
الرئيس السوري أحمد الشرع الذي يصفه نوري المالكي بــ"الإرهابي"، زار أنقرة أمس الثلاثاء، تلبية لدعوة رئيس الجمهورية التركي، رجب طيب أردوغان. وبعد الاجتماع الثنائي الذي استغرق أكثر من ثلاث ساعات، عقد الرئيسان مؤتمرا صحفيا، أعرب فيه أردوغان عن سعادته البالغة لاستضافة "أخيه" والوفد المرافق له في العاصمة التركية، مؤكدا أن تركيا ستقدم الدعم اللازم إلى السوريين في المرحلة الجديدة أيضا، مثلما دعمتهم في أيامهم الصعبة. كما ذكر الشرع أن الشعب السوري لن ينسى ما قدمته تركيا إليه طيلة السنوات الماضية، وأن اليوم هناك علاقات أخوية متميزة بين تركيا وسوريا، مشيرا إلى رغبة الإدارة السورية الجديدة في تحويل تلك العلاقات إلى شراكة استراتيجية عميقة في كافة المجالات.
العلاقات التركية العراقية تحسنت في الآونة الأخيرة، ووقعت أنقرة وبغداد في نيسان/ أبريل الماضي خلال زيارة أردوغان للعاصمة العراقية، اتفاق إطار استراتيجي للتعاون بين البلدين في مجالات الأمن والطاقة والاقتصاد. كما أن العلاقات التركية السورية مقبلة على قفزة نوعية، في ظل عزم تركيا على دعم الإدارة الجديدة في دمشق بكل ما تملك من قوة وخبرة وثقل، كي تنجح في مواجهة محاولات الثورة المضادة، والحفاظ على مكتسبات الثورة، وحماية وحدة أراضي سوريا، وإرساء الأمن والاستقرار فيها، بالإضافة إلى إعادة إعمارها. ويمكن لأنقرة أن تستخدم علاقاتها مع بغداد في إقناع حكومة السوداني بأن التصعيد ضد حكام سوريا الجدد لن يخدم المصالح العراقية، وأن تبنّي سياسة حسن الجوار سيكون لصالح سوريا والعراق والمنطقة، وأن الدولتين العربيتين الجارتين يمكن أن تتعاونا في إطار المصالح المشتركة، حتى وإن لم تصل علاقاتهما مستوى التحالف الاستراتيجي.
x.com/ismail_yasa
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تركيا سوريا العراقي الطائفية العراق سوريا تركيا تعاون طائفي مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة أفكار صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة سوریا والعراق ترکیا وسوریا
إقرأ أيضاً:
غزة وسوريا والعلاقات الثنائية| تفاصيل زيارة وزير الخارجية إلى تركيا
كشف السفير تميم خلاف، المتحدث باسم وزارة الخارجية، تفاصيل زيارة السفير دكتور بدر عبد العاطي إلى العاصمة التركية أنقرة للقاء الرئيس أردوغان ونظيره هاكان أفيدان.
خطوة بخطوة.. كيفية تقديم تظلمات الشهادة الإعدادية؟رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في ندوة حول كتاب المجيء الثاني للمسيح للراحل القس فهيم عزيزوتابع السفير تميم خلاف، المتحدث باسم وزارة الخارجية، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد موسى، مقدم برنامج على مسئوليتي، المذاع على قناة صدى البلد، تم مناقشة الشق الثنائي في العلاقات بين البلدين وتعزيز العلاقات الاقتصادية لاسيما التبادل التجاري حتى يصل إلى 15 مليار دولار.
وأكد السفير تميم خلاف، المتحدث باسم وزارة الخارجية، أن زيارة وزير الخارجية إلى تركيا تأتي في إطار نسق تصاعدي تشهده العلاقات المصرية التركية التي تسير بوتيرة متسارعة خلال الفترة الأخيرة.
ولفت السفير تميم خلاف، المتحدث باسم وزارة الخارجية، إلى أن العلاقات بدأت تشهد زخما مع تبادل زيارات زعيمي البلدين خلال العام الماضي حتى تعود العلاقات إلى طبيعتها.
واستطرد السفير تميم خلاف، المتحدث باسم وزارة الخارجية، أن زيارة رئيسي البلدين من شأنه أن يعطي حافز وقوة دقع لمزيد من تطور العلاقات بين البلدين ولها رسائل سياسية هامة.
واستطرد السفير تميم خلاف، المتحدث باسم وزارة الخارجية، أنه تم بحث تطورات الأزمة في غزة وجهود مصر لتثبيت وقف إطلاق النار والتطورات في سوريا وتطلع مصر لدعم الشعب السوري وأن تكون سوريا مصدر استقرار للمنطقة.
وأردف السفير تميم خلاف، المتحدث باسم وزارة الخارجية، أنه لم يكن هناك ترتيبات لتوافق زيارة وزير الخارجية إلى تركيا في نفس وقت زيارة أحمد الشرع رئيس الإدارة الانتقالية في سوريا إلى أنقرة.
وواصل السفير تميم خلاف، المتحدث باسم وزارة الخارجية، أن الاوضاع في قطاع غزة كارثية ومصر تعمل على دعم الشعب الفلسطيني على مدار الساعة، موضحا أن 70 % من المساعدات التي دخلت غزة خرجت من مصر.