جوهانسبرغ – رغم عدم تحقيقها التوقعات، فإن دول مجموعة البريكس لا تزال تضع نفسها بديلا للمنتديات المالية والسياسية الدولية القائمة خارج التيار الغربي باعتبارها أسرع الاقتصادات نموًا في العالم.

وسينصب النقاش خلال قمة مجموعة البريكس -التي ستنطلق غدا الثلاثاء في جوهانسبرغ- على توسيعها بضم 20 دولة جديدة إلى المجموعة، التي تضم في عضويتها البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.

وفي حال قبول العديد من الأعضاء الجدد، فسيتم تعيين البريكس بوصفها كتلة عالمية مهمة، مع تعزيز القوة السياسية والاقتصادية، مما سيجعلها كتلة من الدول غير الغربية (معظمها من جنوب الكرة الأرضية)، وهذا سيؤثر على الجغرافيا السياسية والجيواقتصادية العالمية بشكل كبير.

وأكد مدير مركز الدراسات الشرق أوسطية الأفريقية نعيم جينا أن دول البريكس يمكن أن تحدث تحولا في خريطة المنطقة، موضحا أن البلدان في الجنوب العالمي تسعى بشكل متزايد إلى شكل من أشكال عدم الانحياز في المشهد العالمي.

وأضاف جينا -في حديث للجزيرة نت- أن هذا يشمل الدول التي لا تزال قريبة من الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، مثل الهند والسعودية، مشيرا إلى أن دول البريكس تسمح لهم بالحفاظ على روابطهم الغربية بينما لا يزالون في كتلة مع دول جنوب الكرة الأرضية الأخرى والدول التي تتعارض بطريقة ما مع الغرب مثل روسيا والصين، "مما يعني أن مجموعة البريكس يمكن أن تشكل نوعًا من الكتلة الفضفاضة في المنتديات المتعددة الأطراف مثل مجلس الأمن الدولي والهيئات الأخرى".

منتدى غير رسمي

وكانت أكثر من 20 دولة قد أعربت عن اهتمامها بالانضمام إلى البريكس، بما في ذلك فنزويلا والجزائر وإثيوبيا والسعودية وإيران والإمارات.

وتنطلق قوة مجموعة البريكس باعتبارها تضم الصين ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم، والتي من المتوقع أن تصبح الأكبر في العقود القليلة المقبلة، حيث تشكل سوقا ضخما خاصة للمواد الخام.

ونأت دول البريكس بنفسها منذ بداية الحرب الروسية في أوكرانيا، حيث لا تشارك الهند أو البرازيل أو جنوب أفريقيا أو الصين في عقوبات على موسكو، وأصبح هذا واضحًا بشكل متزايد مع المستويات شبه التاريخية للتجارة بين الهند وروسيا، أو في اعتماد البرازيل على الأسمدة الروسية.

وشهدت دول البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا -باعتبارها من الاقتصادات الناشئة الرائدة في أوائل القرن الـ21- مسارات نمو مختلفة للغاية، إلا أنها امتلكت أهمية في الاقتصاد العالمي في وقت يسود فيه قدر كبير من الأسئلة المفتوحة حول عدم اليقين الجيوسياسي.

ما دول البريكس؟ ولماذا هي مهمة؟

مجموعة البريكس هي تكتل اقتصادي عالمي، بدأت فكرة تأسيسه في سبتمبر/أيلول 2006، ويضم 5 دول تعد صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.

وكلمة "بريكس" (BRICS) عبارة عن اختصار بالإنجليزية يجمع الأحرف الأولى بأسماء هذه الدول، وأصبحت بمرور الوقت منتدى مؤسسيا بشكل أعمق، حيث عقدت المجموعة منذ عام 2009 مؤتمرات قمة سنوية مع جدول أعمال موسع بشكل متزايد.

وكان إنشاء بنك التنمية الجديد "إن دي بي" (NDB) في عام 2014 برأس مال قدره 50 مليار دولار لبدء التشغيل علامةً بارزة أخرى، وذلك لتوفير الاحتياطي الطارئ لمجموعة البريكس، وهي آلية سيولة توفر الدعم للأعضاء الذين يواجهون ضغوطا قصيرة الأجل في ميزان المدفوعات أو عدم استقرار العملة.

ومنذ إنشائه في عام 2015، أقرض البنك 33 مليار دولار لنحو 100 مشروع، في وقت انضم فيه 3 أعضاء جدد في السنوات الثلاث الماضية، هي بنغلاديش ومصر والإمارات العربية المتحدة، ومن المقرر أن يتم قبول أوروغواي قريبًا، حيث لا تحتاج الدولة إلى أن تكون عضوًا في البريكس للانضمام إلى البنك.

وبحسب الباحث نعيم جينا، فإن نموذج بنك التنمية الجديد لا يختلف عن نموذجي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، إذ إنه مملوك لأعضاء البريكس، ولكن تم وضعه بديلا للنموذج الرأسمالي العالمي نفسه.

بنك التنمية الجديد أقرض 33 مليار دولار لنحو 100 مشروع (رويترز) كيف يمكن أن يؤثر توسع دول البريكس على الاقتصاد العالمي؟

توسع دول البريكس يضفي أجواء من القلق من منظور غربي، فمع استثناء جزئي لجنوب أفريقيا، أصبحت دول البريكس، بدرجات متفاوتة، أكثر قومية وسلطوية خلال العقد الماضي.

وبحسب إيمانويل ماتامبو مدير الأبحاث في مركز دراسات أفريقيا-الصين بجامعة جوهانسبرغ، فإن الصين والبرازيل وروسيا والهند شهدت تحولا شعبويا صارخا، فضلا عن تعرض "الأقليات للاضطهاد وتقييد الحقوق المدنية" في تلك الدول.

ولفت إلى أن بعض صانعي السياسات في أوروبا والولايات المتحدة يشعرون بالقلق من أن تصبح دول البريكس ناديا اقتصاديا للقوى الصاعدة التي تسعى للتأثير على النمو والتنمية العالميين.

وأشار ماتامبو، في حديثه للجزيره نت، إلى أن المجموعة عبارة عن مزيج انتقائي من القوى الإقليمية التي تشعر بالضيق من "الطبيعة المنحرفة" للنظام الدولي السائد، الذي يبدو أنه يفضل مجموعة السبع عن التكتلات الأخرى.

وأكد ماتامبو أهمية قمة البريكس المنعقدة في جنوب أفريقيا لسببين على الأقل، أولهما أنه من المتوقع أن تؤثر في الصراع الروسي الأوكراني، إذ إن موسكو عضو في مجموعة البريكس، والثاني هو الجاذبية المتزايدة للمجموعة والتي أظهرها عدد البلدان التي أعربت عن اهتمامها بالانضمام للمجموعة.

وستفتتح القمة الـ15 لبريكس غدا الثلاثاء في جوهانسبرغ، ويشارك فيها، بجانب الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا، زعماء من بينهم الرئيس الصيني شي جين بينغ ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، غير أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يحضر بناءً على مذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية باعتبار أن جنوب أفريقيا عضو في المحكمة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مجموعة البریکس جنوب أفریقیا دول البریکس إلى أن

إقرأ أيضاً:

عاجل - مدبولي: قمة العشرين تعزز مكانة مصر دوليًا وشراكة استراتيجية جديدة مع البرازيل

أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في مستهل الاجتماع، المشاركة المهمة للرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في فعاليات قمة مجموعة العشرين، التي عقدت في "ريو دي جانيرو" بالبرازيل مؤخرًا، وما تم عقده من لقاءات ثنائية مع قادة ورؤساء عدد من الدول على هامش أعمال القمة، تناولت بحث واستعراض عدد من القضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك، هذا إلى جانب استعراض ما يتعلق بدعم وتعزيز أوجه التعاون الثنائي بين مصر وتلك الدول.

ولفت في هذا الصدد إلى اللقاء الذي جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالرئيس البرازيلي "لولا دا سيلفا"، وما تم توقيعه من بيان مشترك عقب اللقاء بشأن ترفيع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وذلك بما يسهم في تحقيق مصالح وتطلعات الشعبين الصديقين.

ونوه رئيس الوزراء إلى أن مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في قمة مجموعة العشرين، جاءت تلبية لدعوة الرئيس البرازيلي "لولا دا سيلفا"، وهذه هي المشاركة الرابعة لمصر فيما تم عقده من قمم للمجموعة، لافتا إلى أن ذلك إنما يعكس ثقل ودور مصر على المستويين الدولي والإقليمي.

جاء ذلك خلال ترأس رئيس مجلس الوزراء، اليوم؛ الأربعاء، الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء، حيث تم مناقشة واستعراض عدد من الموضوعات وملفات العمل المهمة.

وانتقل رئيس الوزراء، عقب ذلك، للحديث عن الشأن الداخلي، مشيرًا إلى الاحتفالية التي أقيمت مؤخرًا لإعلان عن إعادة تشغيل شركة النصر للسيارات وبدء الإنتاج الجديد بها، بعد توقف دام أكثر من 15 عامًا، مجددًا في هذا الصدد التأكيد على استمرار جهود الدولة في دعم وتطوير قطاع الصناعة، وذلك بالنظر لدوره المحوري في دفع مختلف عمليات التنمية، واسهامه بشكل كبير في تحقيق المزيد من المستهدفات الاقتصادية.

وفى هذا السياق، أشار رئيس الوزراء إلى اهتمام الدولة بصناعة السيارات، والعمل على إحداث نقلة نوعية في مثل هذه النوعية من الصناعات، تعظيما لما تمتلكه مصر من مقومات وإمكانات، وجذبا لمزيد من الاستثمارات لهذا القطاع الواعد، وتشجيعًا لمزيد من المشاركة مع مؤسسات القطاع الخاص، منوهًا إلى أنه بعودة شركة النصر للسيارات للإنتاج، سيسهم ذلك في تحقيق الأهداف المرجوة في هذا الصدد، هذا فضلا عن دعم جهود توطين العديد من الصناعات المغذية لصناعة السيارات، وهو ما يعزز من نسبة المكون المحلي في العديد من السلع والمنتجات.

من ناحية أخري، أشار رئيس الوزراء، خلال الاجتماع، إلى تشرفه بأن شهد بالإنابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، افتتاح فعاليات النسخة الثامنة والعشرين لمعرض ومؤتمر مصر الدولي للتكنولوجيا للشرق الأوسط وإفريقيا Cairo ICT’24”، وما قام به من جولة تفقدية لمختلف أجنحة المعرض.

وفى ذات السياق، جدد رئيس الوزراء الإشارة إلى دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في المساهمة في تحقيق معدلات نمو مرجوة للاقتصاد المصري، وذلك بالنظر لما يقدمه من تطبيقات وبرامج وحلول تقنية للعديد من القطاعات التنموية والخدمية، بما يسهم في تعزيز كفاءة الأعمال في مختلف المجالات، مشيدًا في هذا الصدد بما تضمنه المعرض هذا العام من تنوع في العديد من المنتجات والتطبيقات التكنولوجيًا التي تشهد نموًا متسارعًا، مؤكدًا أهمية مواكبة ما يتوصل إليه العالم في هذا المجال، وتأهيل وتدريب المزيد من الشباب لمواكبة هذه المستجدات والتطورات.

كما نوه الدكتور مصطفى مدبولي، خلال الاجتماع، إلى حضوره نيابة عن فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، احتفالية العيد السنوي الرابع ليوم الطاقة النووية، مجددًا الإشارة في هذا الصدد إلى اهتمام الدولة بملف الطاقة النووية واستخداماتها السلمية، وذلك بما يدعم رؤية مصر واستراتيجيتها فيما يتعلق بتنويع مصادر الطاقة، وما يتم في هذا الصدد من تنفيذ لمشروع محطة الضبعة النووية، تحقيقًا لمزيد من أهداف الدولة التنموية المستدامة.

مقالات مشابهة

  • إيران تقدم طلب انضمام إلى بنك مجموعة بريكس
  • مشاورات ثنائية بين إيطاليا وجنوب أفريقيا في روما
  • محمد عبد الرحيم البيومي: الحضارة الإسلامية ساهمت بشكل كبير في تقدم مهنة الطب
  • قدرات احتياطية ووسائل للردع.. كيف تستعد أمريكا وروسيا للحروب النووية؟
  • توقعات بخفض بنوك أفريقيا المركزية للفائدة قبل بدء رئاسة ترمب
  • عاجل - مدبولي: قمة العشرين تعزز مكانة مصر دوليًا وشراكة استراتيجية جديدة مع البرازيل
  • الدول الغربية تقدم قراراً يدين إيران بعدم تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية
  • ترتيب مجموعات تصفيات أمم أفريقيا 2025
  • الدول الغربية تقدم قرارا ضد إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية
  • رئيس البرازيل يحث على تحرك أسرع لتحقيق انبعاثات صفرية