محاولات الاحتلال الإسرائيلي لتفريغ قطاع غزة من سكانه وتهجيرهم من وطنهم الأم «فلسطين» ليست جديدة، بل تعود إلى عقود مضت، فعلى مر التاريخ وحتى قبل ظهور الكيان المحتل وحصوله على اعتراف دولي، تجلّت هذه الفكرة في عدد من الدراسات والمقترحات الأمريكية والصهيونية، فكانت تطرح للمناقشات في البداية باعتبارها مجرد أفكار، لكن مع مرور الوقت، عُرضت فكرة تهجير الفلسطينيين إلى أراضِ أخرى في المؤتمرات الرسمية، وعلى رأسها مؤتمر «هرتسيليا» الذي يشارك فيه كبار المسؤولين بالولايات المتحدة الأمريكية، لمناقشة مستقبل إسرائيل، كما تطرح فكرة إيجاد وطن بديل للفلسطينيين خارج فلسطين، للمناقشة كحل نهائي لتلك القضية.

مخطط تهجير الفلسطينيين منذ 1970

في ظل الحديث عن خطة استيلاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على غزة، وتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم، أعيدت إلى الأذهان صورة لصحيفة الدستور الأردنية في عددها رقم 1027 الذي نشرته في شهر مارس عام 1970 أي أكثر من 50 عامًا، وكتب فيها المانشيت الرئيسي «بدء تفريغ قطاع غزة من السكان»، إذ تشير قناة «القاهرة الإخبارية» التي نشرت الصورة عبر صفحتها على «فيسبوك» قبل نحو عامين، إلى أنّ الحديث حينها كان عن 300 ألف مواطن في القطاع، واليوم يواجه أكثر من مليوني فلسطيني نفس المخطط وسط اتصالات عربية لمنعه.

وفي هذا العام، كان قائد المنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي، أرئيل شارون، الذي أصبح لاحقًا رئيسًا للوزراء، قد تبنى خطة لتفريغ قطاع غزة من سكانه، ونقل المئات من الشعب الفلسطيني إلى سيناء والعريش، اللتين كانتا تحت الاحتلال الإسرائيلي وقتها، إذ حاول جيش الاحتلال الإسرائيلي حينها استغلال سيطرته على الأرض ما بين عامي 1967 و1973 لتهجير آلاف الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية المحتلة، فيما عُرف بـ«مشروع العريش» عام 1970، إلا أنّ هذا المخطط واجه اتصالات عربية عاجلة، لوقف الخطة الإسرائيلية ضد 300 ألف مواطن في قطاع غزة.

وفي خمسينيات القرن الماضي، نزح 200 ألف لاجئ فلسطيني من فلسطين التاريخية إلى قطاع غزة بحلول 1949، وحينها طرح مشروع أمني لتوطين عشرات الآلاف من الفلسطينيين في مشاريع زراعية بسيناء بواجهة اقتصادية واجتماعية وبتمويل أمريكي تجاوز 30 مليون دولار عام 1955، وقد نوقش هذا المشروع مع الرئيس المصري في ذلك الوقت جمال عبدالناصر، إلا أنّه جرى إجهاض المشروع بفضل انتفاضة الفلسطينيين في «هبّة مارس»، بالتزامن مع رفض مصر بشكل قاطع، وفقًا لمؤسسة الدراسات الفلسطينية.

ترامب يجدد الحديث عن تهجير الفلسطينيين

مقترحات تهجير الفلسطينيين المدعومة بقرار أمريكا، تجددت مرة أخرى عقب توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، وكان المقترح يتضمن خطة لتبادل أراضِ تشمل تخصيص مناطق في سيناء لسكان غزة، مقابل أن تُمنح مصر أراضي في صحراء النقب، إلا الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، اشترط الحصول على المنطقة التي تضم ميناء إيلات، وهو المنفذ البحري الوحيد لإسرائيل على البحر الأحمر، وهو ما تسبب في تعثر المشروع.

وخلال حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، تجددت المقترحات مرة أخرى سواء المقترحات المقدمة مباشرة من دولة الاحتلال الإسرائيلي أو المقدمة عبر وساطات دولية من أمريكا، ورغم الرفض المصري والفلسطيني على مدار التاريخ، لم تتوقف المقترحات التي تتضمن سيناء لحل إشكالية القضية الفلسطينية، وأعلنها دونالد ترامب في عام 2020، تحت عنوان «السلام على طريق الازدهار»، وعُرف إعلاميًا بـ«صفقة القرن».

وتجدد الحديث مرة أخرى عن الأمر ذاته خلال الساعات الماضية عندما سلط «ترامب» الضوء خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أذاعته قناة «القاهرة الإخبارية»، وحديثه عن إعادة إعمار قطاع غزة وتحويلها إلى مكان صالح للعيش، مؤكدًا أن العالم كله يمكن أن يعيش هناك، ووصفت وكالة «رويترز» ووسائل إعلام عالمية إعلان «ترامب» بـ«الصادم».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: قطاع غزة تصريحات ترامب ترامب نتنياهو فلسطين غزة تهجير الفلسطينيين الاحتلال الإسرائیلی تهجیر الفلسطینیین قطاع غزة من

إقرأ أيضاً:

وما زال الطوفان مستمرا ولن تتوقف آثاره

لا ينبغي أن تجعلنا مجازر العدو في غزة نغفل عن مآلات الأمور، فالعدو ما أوغل في الدماء إلا بعد أن تحطمت معادلاته الأمنية والاستراتيجية وبدأت عملية التشظي الداخلي حتى بات على أعتاب الحرب الاهلية. وهو على كل حال لن يحقق نصرا رغم التضحيات ورغم الخذلان بل والتآمر من المنافقين والعملاء. نعم نتألم للشهداء، ولكن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار.

وإذا انتقلنا إلى الجهة المقابلة في أقصى الغرب إلى أمريكا، فهل تعتقدون أن ما يحري ليس له علاقة بالطوفان؟ الذي أرقبه أن الطوفان هو سبب رئيس لما يحدث هناك، ولكن كيف؟ أصر بايدن على الحرب على غزة ورفض اعتراضات اليسار والشباب، فكانت غزة ولأول مرة في التاريخ هي السبب الخارجي الرئيس في هزيمة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية وفقدانه الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، بحيث بات عاجزا حتى عن الاعتراض على ترامب.

ترامب نفسه يعلم أنه فاز رغما عن الكثيرين في حزبه الجمهوري، ولهذا يقود أمريكا بصفته الشخصية وبرجاله الذين يحيطون به ويشيرون عليه بما يريد لا بما فيه مصلحة بلادهم لسبب واحد أنه سيطيح بكل من يعارضه. معنى هذا ان الحزبين الذين حكما أمريكا منذ نشأتها تقريبا الآن خارج المعادلة وامريكا تقاد برجل عجوز فاسد يلاحقه 34 اتهاما جنائيا بالرشوة والفساد والتهرب الضريبي ولم ينج من الحبس إلا بنجاحه في الانتخابات. وكل هذا بسبب طوفان الأقصى.

ترامب دخل في حرب مع العالم كله ولن تكون نتيجتها في مصلحة بلاده، مما سيدفع لإعادة تشكيل المشهد الداخلي ولربما يتراجع الحزبان الكبيران لتنشأ قوى جديدة لا تخضع للوبي الصهيوني بل ستكون معادية له. نفس التأثير سينتقل إلى أوروبا التي تشعر أنها مكشوفة أمنيا بعد تراجع ترامب عن حمايتها ودخوله معها في حرب تجارية.

ولو عدنا للكيان، فرغم المجازر التي يقع إثمها على المتخاذلين والخونة فلن يستطيع الانتصار ولن يستطيع البقاء في غزة؛ لأنه سيحتاج إلى أعداد من الجنود تفوق قدرته على التجنيد في الوقت الذي يعاني منه من النقص ومن هرب جنود الاحتياط ورفض المتشددين لدخول الجيش. نتنياهو يدرك ذلك، ولكنه يقود المقتلة ليطيل عمر حكومته دون أن يستطيع أن يحقق أيا من أهدافه، ولن تعود عقارب الساعة إلى الوراء.

مقالات مشابهة

  • بصوت واضح| ماكرون يرفض بشدة تهجير الفلسطينيين.. ويؤكد: أكرر دعمي للخطة العربية لإعادة إعمار غزة
  • وما زال الطوفان مستمرا ولن تتوقف آثاره
  • برلماني: مصر موقفها حاسم تجاه محاولات الاحتلال المستميتة لتهجير الفلسطينيين
  • أحمد موسى: ملايين المصريين خرجوا بعد صلاة العيد لدعم الرئيس ورفض تهجير الفلسطينيين
  • تقرير إسرائيلي: تهجير الفلسطينيين من الضفة جريمة حرب ترعاها الدولة
  • فلسطين : إسرائيل تنفذ مخطط تهجير قسريًا في غزة
  • «باحث أمريكي»: الإعلام الإسرائيلي يهدف إلى شق الصف العربي بترويج قبول دول استقبال الفلسطينيين
  • الاتحاد الأوروبي: يجب أن تتوقف معاناة سكان غزة
  • الاتحاد الأوروبى: يجب أن تتوقف معاناة سكان قطاع غزة
  • محافظ شمال سيناء: تهجير الفلسطينيين لمصر مرفوض شكلاً وموضوعًا