احتفاء إسلامي بالسيدة البتول.. «السلام عليها وعلى ابنها»
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
تحظى السيدة مريم بنت عمران بمنزلة كبيرة بين المسلمين، فلا توجد امرأة ذُكر اسمها صراحة فى القران سواها، فلها سورة باسمها فى كتاب الله، كما وُصفت بالطاهرة المطهرة، فقال الله تعالى عنها: «وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ»، كما ورد اسم «مريم» فى القرآن 34 مرة موزعة على 12 سورة، كذلك هى الوحيدة التى قص علينا القرآن قصتها كاملة.
وأكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، فى تصريحات سابقة له، أننا من حقنا كمصريين أن نفخر برحلة العائلة المقدسة والسيدة مريم العذراء، هذه الرحلة التى دفعت كثيراً من الناس للقدوم إلى مصر للتعرف على تفاصيلها التاريخية، وأن مصر كانت ولا تزال أرضاً مباركة، زارها أنبياء ورسل مثل عيسى وموسى وإبراهيم، عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام.
وأوضح الإمام الأكبر أن الإسلام هو دين الرحمة والمسيحية دين المحبة، وهما يتعاونان اليوم ويتعانقان من أجل عالم يسوده التسامح والسلام، موضحاً المكانة التى تحظى بها السيدة مريم العذراء فى نفوس المسلمين، فالمسلمون يقدسون السيدة مريم مثل الأقباط.
«الإفتاء»: الاحتفاء بها إحياء لقيم الحب والتلاحم والتسامحوقال الدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية، إن السيدة مريم تحظى بمنزلة كبرى فى الإسلام، وإن الاحتفاء بها إحياء لقيم الحب والتلاحم والتسامح والتعايش واحترام الآخر قبل أن يكون واجباً دينياً دعت إليه الديانات وأوجبته نصوصها، فهى قيم عُليا وضرورة إنسانية أصيلة.
وأضاف: لا تنشأ حضارة ولا تقوم مدنية ولا يتقدم البشر إلا فى ظل الاحترام المتبادل، وتبادُل التهانى بين أبناء الوطن الواحد فى المناسبات الدينية من شأنه أن يقوّى روح المودة والترابط فيما بيننا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبر ويساعد جميع أهل الأديان السماوية، عملاً بمبدأ العيش المشترك والسلام بين أبناء الوطن الواحد.
وأكد الدكتور على جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، رئيس لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب، أن الله عظّم القديسة مريم، فهى الطاهرة النقية التقية، ومن أوجه التعظيم أُطلق اسمُها على سورة من سور القرآن، مشيراً إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «كمُل من الرجال كثير، ولم يكمُل من النساء إلّا أربع: آسية بنت مزاحم امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد».
ولفت إلى أن من أوجه التعظيم وصفها بالصدّيقة فى قوله تعالى «وأمه صدّيقة»، وهى المرتبة التالية للنبوة. وأوضح أن هناك حباً للسيدة مريم فى قلوب المصريين جميعاً، قائلاً: «نحن، مسلمين قبل مسيحيين، ندوب حباً فى السيدة مريم، وسر حب المصريين للسيدة مريم وللعائلة المقدسة أن من ينشئ الحب ويُبقيه هو الله، ربنا راضى عن ستنا مريم والطفل المعجزة، فجعله وجيهاً فى الدنيا ومن المكرّمين، ربنا يحبهم فألقى حبهم فى قلوب الناس، العالم كله يُحب المسيح بمن فيه أعداؤه، ربنا فضل مريم على نساء العالمين ليوم الدين، لمسح وإزالة الظلم الذى تعرضت له الكريمة بنت الكرام، نُصرة لها وبياناً لحقيقة السيد الوجيه».
وقال الدكتور عبدالغنى هندى، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن السيدة مريم هى الوحيدة التى ذكر القرآن اسمها مقروناً بكنيتها، فقال الله تعالى «وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ»، كذلك مقام ذكر مريم هو مقام المدح والثناء عليها، وضرب المثل بها فى عظيم إيمانها بكلمات الله التى سبقت وأعلنت البشرى بميلاد المسيح المنتظر من فتاة عذراء.
وأوضح أن القرآن تحدّث عن السيد المسيح عليه السلام فى 38 آية تصف مولده ومعجزاته وصفاته، واحتفى سيدنا رسول الله بأخيه المسيح وأمه البتول بذكرهما فى عدد من الأحاديث التى تدل على مكانتهما ومقامهما، فقال النبى الكريم «أنا دعوة أبى إبراهيم، وبشرى أخى عيسى»، ويدافع عن المسيح عليه السلام ويقول «أنا أولى الناس بعيسى بن مريم فى الدنيا والآخرة، فليس بينى وبينه نبى»، ويفتخر بأخيه المسيح، قائلاً: «كيف تهلك أمة أنا فى أولها وأخى عيسى فى آخرها».
«الأوقاف»: الله عظَّمها فهى الطاهرة النقية التقيةوقال الشيخ خالد الجمل، الداعية الإسلامى وخطيب بوزارة الأوقاف: لقد اختارها الله لهذا المقام الأسمى، حيث جعلها من بيتٍ صالح، وقبلها قبولاً حسناً، وأنبتها نباتاً حسناً، وجعل زكريا لها كافلاً، وأجرى الكرامة على يديها إكراماً لها وإحساناً إليها، وهذا إخبار من الله تعالى بما خاطبت به الملائكة مريم عليها السلام عن أمر الله لهم بذلك أن الله قد اصطفاها أى اختارها لكثرة عبادتها، وزهادتها وشرفها وطهارتها من الأكدار والوساوس.
وأضاف: طهارة مريم هى طهارتها بالإيمان الكبير العظيم العميق بالله عز وجل والطاعة لله سبحانه وتعالى من الكفر والمعصية، وطهارتها بالأخلاق الحميدة والصفات الحسنة من الأخلاق الذميمة والصفات القبيحة، ومن مسيس الرجال بأى حال من الأحوال، ومن تهمة اليهود حيث برَّأها المولى من افتراءاتهم، وجاءت براءتها على لسان المسيح عليه السلام وهو فى المهد، كذلك «واصطفاك على نساء العالمين»، فالاصطفاء بمعنى الاجتباء والانتقاء، فالله اجتبى مريم وانتقاها من بين النساء، وأخذها من بينهن وجعلها محلّاً لتحقيق أمره، ففضّلها على باقى نساء العالمين.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: السيدة العذراء السيدة البتول كنيسة العذراء القدس السیدة مریم
إقرأ أيضاً:
حكم كتابة الأذكار على كفن الميت.. الإفتاء توضح
كشفت دار الإفتاء المصرية، عن حكم كتابة الأذكار على كفن الميت على الكفن، مشيرة إلى أن الشرع حث على تكفين الميت في الثياب الحسنة، والفقهاء اتفقوا على أن تكفين الإنسان وستره عند موته فرضُ كفاية، إذا قام به البعض سقط الحرج عن الباقين.
وأضافت دار الإفتاء، في فتوى عبر موقعها الإلكتروني، أن الكفن حق واجب على الأحياء؛ لأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بذلك، ولأن حُرمة الإنسان ميتًا كحرمته حيًّا، والسُّترة واجبة في الحياة، فكذلك بعد الموت.
حكم كتابة القرآن والذكر على الكفنوشددت الإفتاء على أن كتابةُ بعض آيات القرآن الكريم أو غيرها مما يشتمل على صيغ الذكر وأسماء الله تعالى على الكفن حرامٌ شرعًا، ولا يجوز الإقدام عليها؛ موضحة أن ذلك فيه من تعريض الآيات والذكر للامتهان والتنجيس بمُلاقاة الصديد الخارج من بدن الميت والدم ونحو ذلك.
وأوضحت دار الإفتاء، أن كتابة آيات القرآن والأسماء المعظَّمة على الكفن، فيه غاية الامتهان، وذلك لملاقاتها للنجاسة الخارجة من الميت كالصديد والدم ونحو ذلك، ومعلومٌ أنه لا إهانة كالإهانة بالتَّنجِيس؛ لأن النجاسة ناتجة عمَّا هو مُستقذر من الصديد والدماء والأعيان النجسة، التي يأنَفُ الإنسان منها ويحترز عنها، ولأن النجاسة غاية الامتهان، إذ جعلها اللهُ عذابًا للكافرين، قال الله تعالى: ﴿وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ﴾ [إبراهيم: 16-17]، وقال عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ﴾ [الجاثية: 11].
هل تعليق صورة المتوفى على الحائط حرام؟.. الإفتاء يجيب
حكم الاستعانة بقراءة الفاتحة على نجاح الأمور.. الإفتاء توضح
كيف يقف القائم بجوار الجالس على الكرسي في الصلاة؟.. دار الإفتاء تجيب
هل يكفي قول دعاء الاستخارة بدون صلاة ركعتين؟.. الإفتاء: يجوز بشروط
قد نصَّ جمهورُ الفقهاء على عدم جواز كتابة شيء من آيات القرآن الكريم وغيره مما يشتمل على لفظ الجلالة من الأذكار والأسماء المعظَّمة على الكفن؛ لأن ذلك يُعَرِّضه إلى الامتهان قطعًا، من جهة ملاقاته للنجاسة كالصديد الناتج عن تحلُّل بدن الميت -كما قررنا سابقًا- ومن جهة أخرى أنه مُعرَّضٌ لملامسة الأرض مباشرةً بلا حائل، ولا يخفى ما في هذا من عدم احترام للنَّصِّ الشريف.
قال الإمام كمال الدين بن الهُمَام الحنفي في "فتح القدير" (1/ 169، ط. دار الفكر): [تُكره كتابةُ القرآنِ وأسماءِ الله تعالى على الدراهم والمحاريب والجدران وما يُفرَش] اهـ. فأفاد أن ما يُكتَب على كفن الميت من نحو بعض آيات القرآن الكريم والذكر وما هو معظَّم في الشرع الشريف ممنوعٌ مِن باب أَوْلَى ولا يجوز؛ لأنه يكون عُرضَةً للنجاسة من صديد الميت ونحوه، كما في "رد المحتار" للإمام ابن عَابِدِين (2/ 246-247، ط. دار الفكر)، مستشهدًا بما نص عليه الإمام الحافظ تقي الدين بن الصَّلَاح في "فتاويه" (ص: 262).
ومن المقرر في مذهب السادة الحنفية أنهم إذا أطلقوا الكراهة ولم يقيِّدوها بـ"التنزيهية" فالمراد منها كراهة التحريم، كما في "رد المحتار" للإمام ابن عَابِدِين (1/ 224)، و"البحر الرائق" للإمام زين الدين بن نُجَيْم (1/ 137، ط. دار الكتاب الإسلامي)، ومِن ثَمَّ فيَحرُم عندهم كتابة شيءٍ من القرآن أو الذكر على كفن الميت.
وقال الإمام أبو البركات الدَّرْدِير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 425، ط. دار الفكر): [وظاهره أن النقش مكروه ولو قرآنًا، وينبغي الحرمة؛ لأنه يؤدي إلى امتهانه، كذا ذكروا، ومثله نقش القرآن وأسماء الله في الجدران] اهـ.
قال الإمام الدُّسُوقِي مُحَشِّيًا عليه: [(قوله: وينبغي الحرمة.. إلخ) أي: وأما كتابة ورقة ذكرًا ودعاءً وتعليقها في عنق الميت فحرام، ويجب إخراجها إن لم يطل الأمر، وأما المصحف فيجب إخراجه مطلقًا] اهـ.
وقال الإمام البُجَيْرِمِي الشافعي في "تحفة الحبيب" (2/ 275، ط. دار الفكر): [يَحرُم كتابة شيء من القرآن على الكفن، صيانة له عن صديد الموتى، ومثله كل اسم معظم] اهـ.
وقال الإمام الرُّحَيْبَانِي الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (1/ 874، ط. المكتب الإسلامي): [وقواعدنا معشر الحنابلة تقتضيه، أي: تحريم الكتابة على الكفن لما يترتب عليه من التنجيس المؤدي لامتهان القرآن] اهـ.