تحظى السيدة مريم بنت عمران بمنزلة كبيرة بين المسلمين، فلا توجد امرأة ذُكر اسمها صراحة فى القران سواها، فلها سورة باسمها فى كتاب الله، كما وُصفت بالطاهرة المطهرة، فقال الله تعالى عنها: «وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ»، كما ورد اسم «مريم» فى القرآن 34 مرة موزعة على 12 سورة، كذلك هى الوحيدة التى قص علينا القرآن قصتها كاملة.

«الأزهر»: نفخر برحلة العائلة المقدسة

وأكد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، فى تصريحات سابقة له، أننا من حقنا كمصريين أن نفخر برحلة العائلة المقدسة والسيدة مريم العذراء، هذه الرحلة التى دفعت كثيراً من الناس للقدوم إلى مصر للتعرف على تفاصيلها التاريخية، وأن مصر كانت ولا تزال أرضاً مباركة، زارها أنبياء ورسل مثل عيسى وموسى وإبراهيم، عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام.

وأوضح الإمام الأكبر أن الإسلام هو دين الرحمة والمسيحية دين المحبة، وهما يتعاونان اليوم ويتعانقان من أجل عالم يسوده التسامح والسلام، موضحاً المكانة التى تحظى بها السيدة مريم العذراء فى نفوس المسلمين، فالمسلمون يقدسون السيدة مريم مثل الأقباط.

«الإفتاء»: الاحتفاء بها إحياء لقيم الحب والتلاحم والتسامح

وقال الدكتور شوقى علام، مفتى الديار المصرية، إن السيدة مريم تحظى بمنزلة كبرى فى الإسلام، وإن الاحتفاء بها إحياء لقيم الحب والتلاحم والتسامح والتعايش واحترام الآخر قبل أن يكون واجباً دينياً دعت إليه الديانات وأوجبته نصوصها، فهى قيم عُليا وضرورة إنسانية أصيلة.

وأضاف: لا تنشأ حضارة ولا تقوم مدنية ولا يتقدم البشر إلا فى ظل الاحترام المتبادل، وتبادُل التهانى بين أبناء الوطن الواحد فى المناسبات الدينية من شأنه أن يقوّى روح المودة والترابط فيما بيننا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبر ويساعد جميع أهل الأديان السماوية، عملاً بمبدأ العيش المشترك والسلام بين أبناء الوطن الواحد.

وأكد الدكتور على جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، رئيس لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب، أن الله عظّم القديسة مريم، فهى الطاهرة النقية التقية، ومن أوجه التعظيم أُطلق اسمُها على سورة من سور القرآن، مشيراً إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «كمُل من الرجال كثير، ولم يكمُل من النساء إلّا أربع: آسية بنت مزاحم امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد».

ولفت إلى أن من أوجه التعظيم وصفها بالصدّيقة فى قوله تعالى «وأمه صدّيقة»، وهى المرتبة التالية للنبوة. وأوضح أن هناك حباً للسيدة مريم فى قلوب المصريين جميعاً، قائلاً: «نحن، مسلمين قبل مسيحيين، ندوب حباً فى السيدة مريم، وسر حب المصريين للسيدة مريم وللعائلة المقدسة أن من ينشئ الحب ويُبقيه هو الله، ربنا راضى عن ستنا مريم والطفل المعجزة، فجعله وجيهاً فى الدنيا ومن المكرّمين، ربنا يحبهم فألقى حبهم فى قلوب الناس، العالم كله يُحب المسيح بمن فيه أعداؤه، ربنا فضل مريم على نساء العالمين ليوم الدين، لمسح وإزالة الظلم الذى تعرضت له الكريمة بنت الكرام، نُصرة لها وبياناً لحقيقة السيد الوجيه».

وقال الدكتور عبدالغنى هندى، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن السيدة مريم هى الوحيدة التى ذكر القرآن اسمها مقروناً بكنيتها، فقال الله تعالى «وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ»، كذلك مقام ذكر مريم هو مقام المدح والثناء عليها، وضرب المثل بها فى عظيم إيمانها بكلمات الله التى سبقت وأعلنت البشرى بميلاد المسيح المنتظر من فتاة عذراء.

وأوضح أن القرآن تحدّث عن السيد المسيح عليه السلام فى 38 آية تصف مولده ومعجزاته وصفاته، واحتفى سيدنا رسول الله بأخيه المسيح وأمه البتول بذكرهما فى عدد من الأحاديث التى تدل على مكانتهما ومقامهما، فقال النبى الكريم «أنا دعوة أبى إبراهيم، وبشرى أخى عيسى»، ويدافع عن المسيح عليه السلام ويقول «أنا أولى الناس بعيسى بن مريم فى الدنيا والآخرة، فليس بينى وبينه نبى»، ويفتخر بأخيه المسيح، قائلاً: «كيف تهلك أمة أنا فى أولها وأخى عيسى فى آخرها».

«الأوقاف»: الله عظَّمها فهى الطاهرة النقية التقية

وقال الشيخ خالد الجمل، الداعية الإسلامى وخطيب بوزارة الأوقاف: لقد اختارها الله لهذا المقام الأسمى، حيث جعلها من بيتٍ صالح، وقبلها قبولاً حسناً، وأنبتها نباتاً حسناً، وجعل زكريا لها كافلاً، وأجرى الكرامة على يديها إكراماً لها وإحساناً إليها، وهذا إخبار من الله تعالى بما خاطبت به الملائكة مريم عليها السلام عن أمر الله لهم بذلك أن الله قد اصطفاها أى اختارها لكثرة عبادتها، وزهادتها وشرفها وطهارتها من الأكدار والوساوس.

وأضاف: طهارة مريم هى طهارتها بالإيمان الكبير العظيم العميق بالله عز وجل والطاعة لله سبحانه وتعالى من الكفر والمعصية، وطهارتها بالأخلاق الحميدة والصفات الحسنة من الأخلاق الذميمة والصفات القبيحة، ومن مسيس الرجال بأى حال من الأحوال، ومن تهمة اليهود حيث برَّأها المولى من افتراءاتهم، وجاءت براءتها على لسان المسيح عليه السلام وهو فى المهد، كذلك «واصطفاك على نساء العالمين»، فالاصطفاء بمعنى الاجتباء والانتقاء، فالله اجتبى مريم وانتقاها من بين النساء، وأخذها من بينهن وجعلها محلّاً لتحقيق أمره، ففضّلها على باقى نساء العالمين.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: السيدة العذراء السيدة البتول كنيسة العذراء القدس السیدة مریم

إقرأ أيضاً:

عبادات شهر شعبان وأهم المناسبات الدينية فيه .. تعرف عليها

كان الصحابة والتابعون، ومن قبلهم النبي الكريم، يحرصون على الاستزادة من الطاعات في شهر شعبان، فيكثرون من قراءة القرآن، ويخرجون الصدقات من أموالهم، ويسارعون في فعل الخيرات، وهذا كله استعدادًا لشهر رمضان المبارك.

عبادات شهر شعبان

وينبغي على المسلم أن يستزيد من العبادات والأعمال الصالحة في شهر شعبان ، استعدادًا لشهر رمضان المبارك، كي يعود نفسه على الأعمال الصالحة.

ومن أبرز هذه الأعمال الصالحة التي ينبغي على المسلم الاستزادة منها في شهر شعبان ما يلي: الصيام - الذكر - الدعاء - القيام - قراءة القرآن - التوبة.

وكان النبي الكريم، يكثر من الصيام النبي في شعبان، فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها «لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ» رواه البخاري.

وجعل الرسول شهر محرم وشعبان مخصصين للصيام، فقال ابن رجب رحمه الله بين تفضيل صيام داود عليه السلام وصيام شعبان وصيام يومي الاثنين والخميس (أن الرسول بين أن صفة صيام داود كانت لنصف الدهر فقط، وكان الرسول يفرق بين أيام صيامه تحريًا للأوقات والأيام الفاضلة).

كما أن ليلة النصف من شعبان لها منزلة كبيرة، قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: (يطلع الله إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا مشرك أو مشاحن)، والحكمة من كثرة الصيام لأجل إحياء أوقات الغفلة بالطاعة والعبادة.

رفع الأعمال في شعبان

وتُعرَض أعمال المسلمين -سواء كانت قولية أو فعلية- على سبيل الإجمال في شهر شعبان، وهذا يسمى رفعًا سنويًّا، بينما تعرض في يومي الإثنين والخميس على سبيل التفصيل، ويسمى رفعًا أسبوعيًّا.

وكلاهما ورد في السنة؛ فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: «ذلِكَ شَهْرٌ يغفل الناسُ عنه بين رجبٍ ورمضان، وهو شَهْرٌ تُرفَع فيه الأعمالُ إلى رب العالمين؛ فأُحِبُّ أن يُرفَع عملي وأنا صائمٌ» رواه النسائي.

وورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «تُعرَض الأعمالُ يومَ الإثنينِ والخميسِ؛ فأُحِبُّ أن يُعرَض عملي وأنا صائمٌ» رواه الترمذي.

مناسبات دينية في شعبان

قالت دار الإفتاء ، إن ليلة النصف من شعبان لها فضل عظيم لما ورد عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: «فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةً فَخَرَجْتُ فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ، فَقَالَ أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعْرِ غَنَمِ كَلْبٍ».

وعن ذكرى تحويل القبلة في شهر شعبان، يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ).

مقالات مشابهة

  • موعد ليلة النصف من شعبان وأفضل ما قيل عنها في القرآن والسنة
  • إعادة تكريس كنيسة السيدة في إقرث
  • ماذا يحدث عند شرب ماء مقروء عليه القرآن؟ اتبع هذه الطريقة للشفاء العاجل
  • أذكار المساء اليوم الإثنين 10 فبراير 2025
  • تعلم من القرآن.. كيف تكون صاحب حكمة؟
  • عبد المسيح بعيد مار مارون:نتمنى أن يعمّ السلام وطننا لبنان
  • الدكتور يسري جبر يوضح دور الاستخارة في اتخاذ القرارات الصعبة
  • الحكمة من الصوم في شعبان .. تعرف عليها
  • الحجاج في القرآن
  • عبادات شهر شعبان وأهم المناسبات الدينية فيه .. تعرف عليها