كيف تشجِّعُون الحرب وتصفّقون لها ولا تتقبلون مخالفاتها الأخلاقية؟!!

د. بشير إدريس محمدزين

• شاهدتُ أمس، بعد معركة سلاح المدرعات، مقطعَ ڤيديو يتداوله الناس بكثرة في الوسائط، يقال إنه لصبيٍّ يافع دون سن التكليف، وهو يقود مركبةً عسكرية وأمامه راجمة يقال إنها لقوات الدعم السريع التي جندته في هذا السن!!

• مبدئياً فإنَّ تجنيد الأطفال في مثل هذا السن، وإدخالهم أوار الحروب، يعتبرُ عملاً بشعاً مُداناً، ويجب محاسبة مرتكبيه وسَوقهم للعدالة سوقاً فورياً.

ومثل هذا العمل تماماً، بل ربما يفوقه بشاعةً هو القصفُ المتعمد بالطائرات للأطفال أنفسهم، وللنساء والمدنيين الآمنين غير المحاربين، في بيوتهم ومكاتبهم وتجمعاتهم، وقتلهم بالبراميل المتفجره وبالقنابل المنشطرة، وارتكاب المجازر ضدهم بالتقتيل أو السحل أو التغييب أو الإعدام بلا محاكمة، أو بدق المسامير في اليوافيخ، أو بإدخال الخوابير في الأدبار أو بكل عملٍ بشعٍ آخر مشابه!!

• كل هذه الأعمال وغيرها مدانةٌ بلا شك، ويجب محاسبة مرتكبيها وعدم السماح بتكرارها أبداً..

ولكن، وبكل أسف فإنَّ كل هذه الأعمال هي نتائجُ حتميةٌ للحروب والصدامات المسلحة في كثيرٍ من بقاع العالم، ولهذا فعلى الضمير الإنساني (الحي) في كل مكان أن يعمل على منع وقوع الحروب مطلقاً، ويجب أن يقول (لا للحرب) في كل مكان إذا قُدِّر لها أن تقع!!

• ومن (المؤمل) دائماً أن يقود كل إتجاهٍ لمنع وقوع الحرب ورفضها حين تقع المستنيرون والمثقفون والمتعلمون، والإنسانيون عموماً، ولكن ومما يؤسف له، فإنَّ (المستنيرين) في كثيرٍ من بقاع الأرض، ومنها بلادُنا العزيزة السودان، انغمسوا هم أنفسُهم في إذكاء نيران الحرب الجارية الآن، بل ويعملون بكل جدٍ لاستمرارها، لتحصد مزيداً من الأرواح البريئة، ولتُرتكب فيها مثل هذه الجرائم البشعة التي ذكرناها، ومنها جريمة تجنيد الأطفال كما في مقطع الڤيديو المشار إليه!!

• إنّ كثيرين من غَفَلة المثقفين والمتعلمين يتعاملون مع الحرب (بالقطاعي) ويغفلون أنها (باكيچ) واحد لا يتجزأ، فإذا كنتَ من مشجعي الحرب لحل النزاعات (مع الجنجويد أو مع غيرهم) فيجب ألا (تندهش) لأية مخالفات لا أخلاقية تقع جراء هذه الحرب التي تشجعها وتصفق لها، لأن المخالفات هي نتائجُ حتمية مصاحبة للحرب، ولأن الحرب نفسها هي أكبرُ عملٍ مخالفٍ للأخلاق يرتكبه الإنسان!!

• إننا سوف نفلح جميعاً إذا منعنا وقوع الحرب إبتداءً، ومنعنا استمرارها حين تقع، وبالمثل فإننا سوف نخسر جميعاً إذا صفّقنا للمتحاربين، وشجعناهم على ارتكاب الحروب، ومن ثم ارتكاب كلِّ مخالفاتها التي تأباها الشرائع البشرية والسماوية، وترفضها الضمائر الإنسانيةُ الحية!!..

•••

bashiridris@hotmail.com

الوسومالجيش الحرب الدعم السريع السودان د. بشير إدريس محمدزين سلاح المدرعات

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الحرب الدعم السريع السودان سلاح المدرعات

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يهدم أربعة منازل ومنشآت زراعية جنوبي الخليل

الخليل - صفا

هدمت آليات الاحتلال، يوم الأربعاء، أربعة منازل ومنشآت زراعية في خلة طه ببلدة دورا جنوبي الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة.

وأفاد رئيس بلدية دورا مهند عمرو لوكالة "صفا"، بأن قوات الاحتلال هدمت أربعة منازل وبركس في منطقة خلة طه المحاذية لمستوطنة "نيجوهوت" بحجة أنها مقامة على "أراضي دولة".

وأوضح عمرو أن المنازل تعود للمواطنين محمد محمود اقطيل، وخليل الحروب، ورفعت رجبي ونوح الحروب، موضحاً أن أصحاب المنازل قدموا اعتراضات لدى محكمة الاحتلال على إخطارات الهدم التي وصلتهم قبل مدة من التنفيذ دون جدوى.

وتصنف أراضي منطقة خلة طه بمناطث "ج"، وفق اتفاق أوسلو، وتعتبر من أبرز التجمعات الفلسطينية المهددة بالتهجير، والتي تتعرض بشكل متواصل لعمليات هدم وتجريف، فضلاً عن ممارسات أخرى لسلطات الاحتلال تهدف إلى خلق واقع معيشي صعب لإجبار السكان على الرحيل لصالح التوسع الاستيطاني.

ووفق تقرير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فقد تم رصد 684 عملية هدم في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، أسفرت عن تهجير 4332 فرداً.

مقالات مشابهة

  • أديبة تشيكية: الأدب أداة لتسليط الضوء على قضايا النساء
  • تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
  • هل انتصرت “إسرائيل” في حربها على غزة؟ 
  • من سيدة الأرض إلى “إسرائيل” والمطبعين وتجار الحروب..!
  • الطور: المخاوف من الفساد في إدارة الأموال المجمدة حقيقية ويجب مراقبتها عن كثب
  • “هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎
  • “هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎
  • بلجيكا تعلن دعمها الرسمي لمغربية الصحراء وتصف مبادرة الحكم الذاتي بالحل الجاد
  • الاحتلال يهدم أربعة منازل ومنشآت زراعية جنوبي الخليل
  • بلينكن يستعد لإطلاق كتاب حول الحروب والأزمات في عهد جو بايدن