جدة – صالح الخزمري

استمرارًا لجهوده في خدمة الثقافة على مدى نصف قرن ووسط حضور مميز من المثقفين والأدباء والإعلاميين دشن نادي جدة الأدبي ملتقى قراءة النص في نسخته الحادية والعشرين وقد خصص النادي الملتقى لمناقشة موضوع “التاريخ الأدبي والثقافي في المملكة العربية السعودية بين الشفاهية والكتابية”، مُحتفيًا في منصة التكريم بالأديب المدوّن الأستاذ محمد عبدالرزاق القشعمي.

وفي كلمته رحب رئيس نادي جدة الأدبي د. عبدالله عويقل السلمي بالحضور وقال نلتقي هذه الليلة في نادي جدة الأدبي وفي مُلتقى اعتاد أن يكون مضيئًا بوجودكم، فمرحبًا بكم في ناديكم.

واستطرد السلمي مُضيفًا: استسمحكم في ثلاث وقفات: أولاها: الشكر لله أولًا ثم لقيادة هذا البلد، ملكًا وولي عهد – حفظهما الله – على اهتمامهما بالثقافة والمثقفين. ولأمير المنطقة، ولسمو نائبه، ولوزير الثقافة ونائبه، ولسمو محافظ جدة، فهذا الملتقى ما كان له أن يُقام لولا دعم الجميع، واهتمام، ومباركة من صاحب السمو أمير المنطقة وسمو نائبه وسمو محافظ جدة.. فلهم الشكرُ على اهتمامهم بالثقافة والأدب وعنايتهم ومتابعتهم ودعمهم الدائم للنادي ومناشطه،.. والشكر للوجيه سعيد العنقري الذي اهتمّ بهذا الملتقى وظل يتابع ويدعم ويسأل.

ثم عمم السلمي الشكر لأعضاء اللجنة العلمية، وللباحثين المشاركين، لافتًا إلى أن النادي استقبل ما يربو على الـ(70) ورقة، معتذرًا عن عدم قبولها جميعًا كون وجلسات الملتقى لا تستوعب – في حدّها الزمني الأقصى- إلا ثلاثين متحدّثا، واعدًا بتضمين كافة البحوث في كتابٍ سيصدر بعد الملتقى مباشرة.

وتابع السلمي: أما وقفتي الثانية: فعن الشخصية المكرّمة، لأن نادي جدة يدرك أنّ ثمة شخصيات كانت- وما زالتْ- رسلَ فكر وأدب يمتلكون ذاكرة الشافعي ويتوشحون بسمت الأدب، ويمسكون بخمائل المفردات الموقظة لربوات الجمال.. نحسب أن محمد بن عبدالرزاق القشعمي من أولئك النّفر، فهو سفرٌ من التاريخ الأدبي يتحرك فيه بجسد وروح، تساعده ذاكرة المؤرخ، ويرفده جراب الأديب، وتمده مفردات الكتابة. لقد أدركنا في النادي العلاقة الوثيقة بين القشعمي وعنوان الملتقى وموضوعه، فقد عرف النادي وعرفه النادي فحضوره في المشهد الثقافي دائم، وطرحه ورأيه مؤثر، ومكانته الأدبية لا ينكرها أحد.

وختم السلمي حديثه بالقول: وقفتي الثالثة مع الملتقى وعنوانه: فقد سجل ملتقى قراءة النص -الذي دأب على تنظيمه النادي الأدبي الثقافي بجدة-حضوره المائز في الساحة الأدبية والثقافية والفكرية بالمملكة، بجلاء أهدافه، وحسن اختياره للموضوعات التي يتناولها في كل دورة، بجانب تكريمه للرموز الأدبية والفكرية في بلادنا من خلال اختياره لشخصية تكون مدار التكريم والحفاوة، مما جعله علامة فارقة في مشهدنا الثقافي، ليس على المستوى المحلي فقط؛ بل والعربي أيضًا، فهنا في معقل الثقافة اعتدنا كل عام أن تجتمع الأرواحُ التواقةُ للمعرفة مع العقول العاشقة للإبداع في مشهد يزدان بنقاشات فكرية رفيعة، تتلاقى الوجوه وتتباين الأفكار والرؤى في مشهد من التناغم الفريد، ليشرق الزمن قبل القاعة بمعرفة تُثري وتنير.

وفي كلمته قال معالي الدكتور فهد السماري، المستشار بالديوان الملكي،: “أننا نقف أمام مرحلة للذاكرة، وابتلاع ما فيها من تحولات، ووجب التركيز عليها وتطويرها”.

وحول الشخصية المكرّمة أضاف السماري: “إن الشخصية المكرمة لهذه الليلة المؤرخ محمد القشعمي مثال للعمل الشفاهي غير السهل الذي يمسُ الانسان والرواية. فمما يميّز القشعمي أنه لم يكن يعمل في كل حقل، وإنّما خرج علينا بمرحلة جديدة في التاريخ الشفوي، وإبراز جهود شخصيات عدة ساهمت وأنجزت، فكان أن أخرجها للنور، مما يجعلنا نصفه بالعمل الإبداعي الذي تولد من محبة وشغف”.

اقرأ أيضاًالمجتمعسدايا” تسلّم أكثر من 40 جهة شهادات اعتماد مقدمي خدمات الذكاء الاصطناعي بالمملكة

وأثنى السماري على مكتبة الملك فهد الوطنية التي “حظيت بأرشيف ذا قيمة عالية شاملًا أنحاء المملكة العربية السعودية”.

مضيفًا بقوله: “إننا أمام مشروعات تعنى بالتوثيق وكانت مكتبة الملك فهد الوطنية خير معين لذلك، ويأتي دور محمد القشعمي مهمًا هنا، متربعًا على هذا العمل ومنفردًا به، ونحن أمام مرحلة للاعتناء بهذه الروايات ووجوب العمل عليها أكثر، وصناعة مرحلة جديدة لهذا العمل الشفاهي”.

عقب ذلك شاهد الحضور فيلمًا وثائقيًا عن الأديب القشعمي، الشخصية المكرمة، كشف عن العديد من جوانبه وإنجازاته الأدبية، وجهوده في التوثيق والتدوين، وبخاصة اهتمامه بتقييد الأدب الشفاهي، وتدوينه في مؤلفات مقروءة.. تم تكريم للشخصية المكرمة الأستاذ محمد القشعمي والذي شكر النادي على تكريمه وقال أرجو أن أكون عند حسن ظنكم جميعًا.

وقدّم القشعمي لمحات عن بدايته مع الكتابة والتأليف، وكذلك بدايته مع برنامج (التاريخ الشفوي والتسجيل مع كبار السن، وتحدث عن أبرز الداعمين له والأندية الأدبية التي ساهمت في نشر كتبه، وختم حديثه بالقول: عند بلوغي الثمانين نويت التوقف عن الكتابة والاستراحة، ولكني عندما أرى مثل معالي الشيخ محمد العبودي بمواصلته البحث والكتابة حتى قرب من المائة، وكذا عابد خزندار الذي واصل الكتابة حتى وفاته – رحمهما الله -، وغيرهما كالأستاذ محمد العلي الذي ما زال يكتب رغم كبره ومعاناته، ازداد عزمًا على مواصلة المسيرة.

عقب ذلك انطلقتْ ندوة التكريم تحت عنوان “محمد عبدالرزاق القشعمي – ذاكرة الثقافة وعرّاب التدوين”، بمشاركة الدكتور محمد عبدالكريم السيف، والأستاذين عدنان العوامي، ومحمد صالح الهلال، فيما أدارها الدكتور محمد عبدالرحمن الربيع.

كما تم تكريم معالي الدكتور فهد السماري، المستشار بالديوان الملكي، وكذلك راعي الحفل الوجيه الأستاذ سعيد العنقري.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية نادی جدة

إقرأ أيضاً:

نائب رئيس قصور الثقافة يشهد انطلاق "ملتقى كوكب الشرق" ويكرم أسرة أم كلثوم

ضمن برنامج احتفاء وزارة الثقافة بذكرى خمسين عاما على رحيل سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وبرعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، واللواء طارق مرزوق، محافظ الدقهلية، شهد الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، الاثنين، أولى فعاليات ملتقى كوكب الشرق للموسيقى والغناء تحت عنوان "خمسون عاما من الحياة" بمركز الشباب بقرية طماي الزهايرة، مسقط رأس سيدة الغناء العربي أم كلثوم.

أقيم الافتتاح بحضور الفنان أحمد الشافعي، رئيس الإدارة المركزية للشئون الفنية، محمد يوسف رئيس الإدارة المركزية لمكتب رئيس الهيئة، الشاعر أحمد سامي خاطر، المشرف على إقليم شرق الدلتا الثقافي، حاتم قابيل، رئيس مركز ومدينة السنبلاوين، الدكتور عاطف خاطر، مدير عام ثقافة الدقهلية، الدكتور وليد الشهاوي، مدير عام الموسيقى، إيمان حمدي مدير عام المهرجانات، سمر الوزير مدير عام المسرح، المخرج محمد حجاج، وأبناء أسرة كوكب الشرق، وأدباء ومبدعي الدقهلية، ولفيف من القيادات الثقافية والتنفيذية بالدقهلية، وحضور كبير لأهالي القرية.

ووسط حفاوة بالغة، انطلقت الفعاليات بعزف السلام الجمهوري، وأكد "ناصف" أهمية الاحتفاء بذكرى سيدة الغناء العربي، كوكب الشرق أم كلثوم، التي لم تكن مجرد مطربة عظيمة، بل أيقونة ثقافية أثرت في وجدان أمتنا العربية وشكلت جزءا من ذاكرتنا الفنية والوطنية.

وأضاف نائب رئيس الهيئة أن أم كلثوم لم تكن صوتا استثنائيا فقط، بل كانت مدرسة في الأداء والتعبير والإحساس، ووزارة الثقافة ممثلة في الهيئة العامة لقصور الثقافة، من خلال هذا الملتقى، تؤكد التزامها بالحفاظ على تراثنا الفني والثقافي، وتعزيز وعي الأجيال الجديدة بقيمته وتأثيره.

وأشار الشاعر أحمد سامي خاطر أن أم كلثوم لاتزال حية بتراثها وصوتها الذي تحدي الزمن، بعد مرور خمسون عاما علي رحيلها، وهو ليس تراث يحكى وإنما مدرسة وإلهام لكل مبدع، موضحا أن "أم كلثوم" ليست مطربة بل ظاهرة غنائية فريدة وقمة من قمم الغناء العربي لا يمكن نسيانها ولا تكرارها

ووجه الشكر للحضور من قيادات الهيئة، وأهالي وعمدة قرية طماي الزهايرة، وقيادات الشباب والرياضة وتعاونها لاستخدام مقر مركز شباب القرية لإقامة الملتقى وتوفير كل سبل الدعم.

بدأت الفعاليات بعرض فيلم تسجيلي عن سيرة حياة أم كلثوم وأشهر أغانيها من إخراج الفنان محمد الدرة.

تلاه عرض فني لفرقة المنصورة للموسيقى العربية بقيادة المايسترو محمد عبد العظيم، حيث قدمت الفرقة باقة من أشهر أغاني أم كلثوم منها "أنت عمري، سيرة الحب، لسه فاكر، القلب يعشق كل جميل، يا مسهرني، إنما للصبر حدود، غنيلي شوي".

كما شهدت الفعاليات عرضا فنيا لفرقة المنصورة للفنون الشعبية بقيادة د. أيمن علي، وقدمت الفرقة مجموعة من الفقرات الراقصة على موسيقى أغنية "مصر التي في خاطري".

وضمن الملتقى أقيمت ورشة حكي عن "كوكب الشرق"، بحضور أحفاد أسرة كوكب الشرق، وأكد المشاركون أن والدة أم كلثوم أصرت علي تعليمها مثل أخيها خالد، وأنها كانت تستمع إلى والدها الشيخ إبراهيم البلتاجي وهو يعلم أخيها الغناء والموسيقى، واكتشف والدها صوتها العذب وسماها أم كلثوم، وسافرت إلى القاهرة حتى وصلت إلى مكانتها العظيمة في قلوب المصريين.

وتحدث أبناء أسرة كوكب الشرق عن دورها في المجهود الحربي، ومساندتها لمصر في فترة النكسة وجمع التبرعات من الأثرياء في مصر. وكيف تبرعت بأجرها للمجهود الحربي، وأصبحت شخصية عظيمة تحولت من ابنه ريفية بسيطة بقرية طماي الزهايرة إلى كوكب الشرق الذي يستقبلها الرؤساء والملوك وأنها قدوة الأجيال.

وأضاف الشاعر عبد الناصر الجوهري أن "أم كلثوم" لها العديد من الألقاب منها: صاحبة العصمة، كوكب الشرق، شمس الأصيل، نعمة الحياة وغيرها، وأشار إلى تمكنها من اللغة العربية وآدابها، وارتباط صوتها بالطابع الديني ومسحة الحزن المختلطة بنقاء الصوت وقوته ومرونته، ومعرفتها بأحكام التجويد وأصول الترتيل القرآني والتواشيح الدينية، وكلها من الأمور التي أصقلت الصوت والأداء.

وشارك أطفال القرية في ورشة رسم وتلوين مع الفنان محمد فتحي، إلى جانب معرض لأحدث إصدارات قصور الثقافة، وقدمت الموهبة ريحانة محمد قصيدة "في حب أم كلثوم".

وفي ختام الفعاليات أهدى "ناصف" درع الهيئة لأسرة أم كلثوم، وشعبان أبو زينة عمدة قرية طماي الزهايرة تقديرا لما قدموه من جهود لخروج الملتقى بهذا الشكل الرائع.

الملتقى يقدم بإشراف الإدارة المركزية للشئون الفنية، بالتعاون مع إقليم شرق الدلتا الثقافي، وينفذ من خلال الإدارة العامة للموسيقى، والإدارة العامة للمهرجانات، وفرع ثقافة الدقهلية، ضمن برنامج حافل تقدمه قصور الثقافة بعدة محافظات احتفاء بمرور 50 عاما على رحيل كوكب الشرق، وتكريما لمكانتها الفريدة في تاريخ الموسيقى العربية.

مقالات مشابهة

  • أَدبي جدة يُدشّن ملتقى “قراءة النص 21” ويُكرّم القشعمي
  • أدبي جدة يُدشّن "قراءة النص 21" ويُكرّم محمد عبدالرزاق القشعمي
  • أدبي جدة يُدشّن “قراءة النص 21” ويُكرّم القشعمي
  • جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية تنظم ملتقى التراث للحرف الإماراتية
  • ملتقى النص ينطلق اليوم ويكرم القشعمي
  • نائب رئيس قصور الثقافة يشهد انطلاق "ملتقى كوكب الشرق" ويكرم أسرة أم كلثوم
  • الثقافة تطلق فعاليات الملتقى 20 لشباب "أهل مصر" بالمنيا
  • محمد بن زايد للعلوم الإنسانية تنظم ملتقى التراث للحرف الإماراتية
  • في مسقط رأسها.. الثقافة تطلق ملتقى أم كلثوم بطماي الزهايرة