حروب ترامب التجاريّة... وسياسة تفريغ الجيبة
تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT
يتّسم الاقتصاد العالميّ بفترات من التنافس الاقتصاديّ الشديد، وتعتبر الحروب التجاريّة التي تعطّل الأسواق أقواها تأثيرًا، فتوتّر العلاقات الدوليّة، وتفرض تكاليف باهظة على الشركات والمستهلكين على حدّ سواء. ويثير التصعيد الأخير للتوتّرات التجاريّة في ظلّ إدارة ترامب، ولاسيّما مع كندا والمكسيك والصين، تساؤلات حول فعالية التعرفة الجمركيّة كأداة للسياسات الاقتصاديّة، وما إذا كانت الآليات البديلة مثل تعديلات العملة يمكن أن تكون بمثابة حلّ قابل بغية التخفيف من الآثار السلبيّة للحروب التجاريّة.
تتمثّل إحدى البدائل لحلّ الاختلالات التجاريّة من دون اللجوء إلى التعريفات الجمركيّة في تخفيض قيمة العملة أو التعديلات الاستراتيجيّة لها. فإذا انخفضت قيمة عملة بلد ما بالنسبة لشركائها التجاريّين، تصبح صادراته أكثر تنافسيّة بينما تصبح الواردات أكثر تكلفة، ممّا يؤدي بطبيعة الحال إلى تصحيح الاختلالات التجاريّة. ويمكن أن يكون السماح بتعديل قيم العملات استنادًا إلى قوى السوق بمثابة آليّة لتحقيق الاستقرار من دون اللجوء الى زيادات في التعريفات الجمركيّة. كما يمكن البنوك المركزيّة التأثير على قوّة العملة من خلال سياسات أسعار الفائدة، ممّا يؤثّر بشكل غير مباشر في القدرة التنافسيّة التجاريّة. وبدلًا من الحروب التجاريّة، يمكن للدول أن تنخرط في سياسات نقديّة تعاونيّة لمنع المزايا التنافسيّة غير العادلة بسبب التلاعب بالعملة. لذلك، بدلًا من الانخراط في حرب تجاريّة، يمكن الولايات المتحدة الأميركيّة وكندا والمكسيك اتّباع سياسات اقتصاديّة تعاونيّة تعزّز الاستقرار والنموّ. إن تعزيز الاتفاقيّات التجاريّة الإقليميّة وضمان بقائها عادلة ومفيدة للطرفين يمكن أن يقلّل من الحاجة إلى اتّخاذ تدابير احترازيّة عدوانيّة. كما تستطيع الحكومات أيضًا تحفيز الصناعات المحليّة بواسطة الاستثمارات المستهدفة في الابتكار والبنية التحتيّة بدلاً من فرض تعريفات جمركيّة كنوع من العقوبات.
كما يمكن أن يؤدّي تشجيع الاستثمار الأجنبيّ المباشر إلى نموّ اقتصاديّ مستدام وخلق فرص عمل من دون اللجوء إلى القيود التجاريّة. وينبغي أن تؤدّي المشاركة الدبلوماسيّة دورًا حاسمًا في حلّ النزاعات التجاريّة،حيث إنّ المفاوضات البنّاءة يمكن أن تؤدّي إلى نتائج أفضل على المدى الطويل من المواجهة الاقتصاديّة. كذلك، قد تؤدّي معالجة الاختلالات الاقتصاديّة الهيكليّة إلى خلق ميزة تنافسيّة بواسطة إجراء تعديلات في السياسات، وتنمية القوى العاملة، والاستراتيجيّة الصناعّية، من دون الحاجة إلى فرض رسوم جمركيّة أو التلاعب بالعملة. ختامًا، في حين أنّ تعديلات العملة تمثل حلًّا محتملًا، إلّا أنّه يجب تنفيذها بعناية لتجنّب الآثار التضخميّة والتوتّرات الجيوسياسيّة. كما يمكن أن يوفّر النهج المتوازن الذي يركّز على الاتّفاقات التجاريّة العادلة والتعاون الإقليميّ، والسياسات الاقتصاديّة المستهدفة حلًّا أوسع استدامة للنزاعات التجاريّة العالميّة.
وفي نهاية المطاف، يتطلّب حلّ النزاعات التجاريّة الدبلوماسيّة، والحنكة الاقتصاديّة، والالتزام بالاستقرار الدوليّ بدلًا من تحقيق انتصارات سياسيّة قصيرة الأجل. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: ات التجاری ة الاقتصادی ة اقتصادی ة یمکن أن من دون
إقرأ أيضاً:
تاريخ الصراع بين الهند وباكستان| 3 حروب بين الجارتين النوويتين.. وكشمير محور الأزمة بين نيودلهي وإسلام أباد
دفع هجوم مميت على سياح في الشطر الهندي من كشمير، الهند وباكستان مجددا نحو الحرب، حيث خفضت الدولتان المتنافستان، مستوى العلاقات الدبلوماسية والتجارية، وأغلقتا المعبر الحدودي الرئيسي، وألغتا تأشيرات الدخول لمواطني كل منهما.
نفت باكستان مسؤوليتها عن هجوم يوم الثلاثاء الذي أودى بحياة 26 سائحًا، معظمهم هنود، في منطقة الهيمالايا، وأعلنت جماعة مسلحة غير معروفة سابقا تُطلق على نفسها اسم "مقاومة كشمير" مسؤوليتها عن الهجوم.
يوم الثلاثاء، أطلق مسلحون النار على 26 شخصًا، معظمهم من السياح الهنود، في هجوم قرب مدينة باهالغام الخلابة، وسارعت نيودلهي إلى ربط باكستان بالهجوم، على الرغم من أنها لم تُقدم أي دليل علنيًا.
وأعلنت الهند عن سلسلة من الإجراءات العقابية، حيث خفضت مستوى العلاقات الدبلوماسية، وعلقت معاهدة حاسمة لتقاسم المياه، وألغت جميع التأشيرات الممنوحة للمواطنين الباكستانيين. أعلنت الهند أيضًا أنها ستخفض عدد موظفي بعثتها العليا في باكستان، وستخفض عدد الدبلوماسيين الباكستانيين في نيودلهي من 55 إلى 30 اعتبارًا من 1 مايو.
ووصفت باكستان تصرفات الهند بأنها "غير مسؤولة"، وألغت تأشيرات المواطنين الهنود، وعلقت جميع التعاملات التجارية مع الهند، بما في ذلك عبر دول ثالثة، وأغلقت مجالها الجوي أمام الطائرات الهندية.
خاضت الهند وباكستان اثنتين من حروبهما الثلاث على كشمير، المقسمة بينهما، والتي يطالب كل منهما بالسيادة عليها بالكامل.
وتشكلت العلاقات بين الهند وباكستان بفعل الصراع والدبلوماسية العدوانية والشكوك المتبادلة، ولا سيما في مطالباتهما المتنافسة على منطقة كشمير الخلابة في جبال الهيمالايا.
وقاوم المتمردون المسلحون في كشمير، نيودلهي، لعقود، حيث أيد العديد من الكشميريين المسلمين هدف المتمردين المتمثل في توحيد الإقليم إما تحت الحكم الباكستاني أو كدولة مستقلة. تتهم الهند باكستان بإثارة العنف، وهو ما تنفيه إسلام آباد. قُتل عشرات الآلاف من المدنيين والمتمردين والقوات الحكومية في الصراع على مر السنين.
معاهدة مياه نهر السندقد يُمثل قرار الهند تعليق معاهدة المياه نقطة تحول رئيسية في كيفية إدارة الجارتين لمورد أساسي مشترك بينهما.
وحذرت باكستان يوم الخميس من أن أي محاولة هندية لوقف أو تحويل تدفق المياه بينهما ستُعتبر "عملاً حربيًا".
تسمح معاهدة مياه نهر السند، التي توسط فيها البنك الدولي عام 1960، بتقاسم مياه نهر يُمثل شريان حياة لكلا البلدين.
وصمدت المعاهدة رغم حربين بين البلدين، عامي 1965و1971، ومناوشة حدودية كبرى عام 1999.
تنظم المعاهدة تقاسم إمدادات المياه من نهر السند وتفرعاته وبموجبها، تسيطر الهند على أنهار رافي وسوتليج وبياس الشرقية، بينما تسيطر باكستان على أنهار جيلوم وتشيناب والسند الغربية التي تمر عبر منطقة كشمير.
أكدت باكستان أن المعاهدة ملزمة ولا تتضمن أي بند يسمح بتعليقها من جانب واحد.
كما وصفتها باكستان بأنها "مصلحة وطنية حيوية" وتُعد المعاهدة أساسية لدعم الزراعة والطاقة الكهرومائية في البلاد التي يبلغ عدد سكانها 240 مليون نسمة، وقد يؤدي تعليقها إلى نقص في المياه في وقت تعاني فيه أجزاء من باكستان بالفعل من الجفاف وانخفاض هطول الأمطار.
وفي غضون ذلك، حذّرت إسلام آباد من إمكانية تعليق اتفاقية شيملا، وهي معاهدة سلام مهمة وُقّعت بعد حرب عام 1971 بين الهند وباكستان والتي انتهت بانفصال بنجلاديش عن باكستان.
وبموجب الاتفاقية، أنشأت الهند وباكستان خط المراقبة، الذي كان يُعرف سابقًا بخط وقف إطلاق النار، وهو حدود فعلية شديدة التسلح تقسم كشمير المتنازع عليها بين البلدين كما التزمتا بتسوية خلافاتهما من خلال المفاوضات الثنائية.
وعلى الرغم من توتر العلاقات إلى حد كبير؛ بذلت الدولتان المتجاورتان جهودًا متقطعة من أجل السلام ومع ذلك، فقد أفسدت الاشتباكات الحدودية المتكررة والهجمات المتعددة للمسلحين في كشمير والهند، مبادرات السلام، حيث اتخذت نيودلهي موقفًا متشددًا من إسلام آباد، متهمةً إياها بـ"الإرهاب".
3 حروب بين الهند وباكستانفي عام 1999، استولى متمردون مدعومون من باكستان وجنود باكستانيون على مواقع عسكرية هندية في مرتفعات منطقة كارجيل الجليدية.
وردّت القوات الهندية، وأسفر صراعٌ استمر 10 أسابيع عن مقتل ما لا يقل عن 1000 مقاتل من كلا الجانبين، وتوقف القتال؛ بعد تدخل أمريكي.
وفي عام 2008، شنّت مجموعة من المهاجمين المدججين بالسلاح من جماعة “لشكر طيبة” المسلحة المتمركزة في باكستان هجومًا في مومباي، العاصمة المالية للهند، أسفر عن مقتل 166 شخصًا.
وألقت نيودلهي باللوم على جهاز المخابرات الباكستاني في الهجوم، وهو اتهام نفته إسلام آباد.
وفي عام 2019، أسفر تفجير سيارة مفخخة عن مقتل 40 جنديًا هنديًا في كشمير، ودفع البلدين نحو شفا الحرب.
وردًا على ذلك، قالت الهند إن قواتها الجوية قصفت معسكر تدريب للمسلحين داخل باكستان.
وردت باكستان بغارات جوية، وأسقطت طائرة عسكرية هندية، وأسرت طيارًا هنديًا، أُطلق سراحه لاحقًا.
وبعد أشهر، ألغت حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وضع كشمير شبه المستقل، وفرضت إجراءات أمنية شاملة.
ومنذ ذلك الحين، حافظت الهند على النظام في المنطقة بحضور أمني مكثف، وكبحت المعارضة والحريات المدنية وحريات الإعلام بشكل كبير.
عززت الهند وباكستان جيوشهما وترساناتهما النووية على مر السنين، فكانت الهند أول من أجرى تجربة نووية عام 1974، تلتها تجربة أخرى عام 1998.
وتبعتها باكستان بتجاربها النووية بعد بضعة أسابيع فقط، ومنذ ذلك الحين؛ تسلّح الجانبان بمئات الرؤوس الحربية النووية، وأنظمة إطلاق الصواريخ، والطائرات المقاتلة المتطورة، والأسلحة الحديثة؛ لمواجهة بعضهما البعض.