سودانايل:
2025-03-09@21:54:56 GMT

مشكلة السودان هي الأوناش

تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT

عبد الله علي إبراهيم

اتربص ما أزال بالليبرويساريين الذين يصعب عليهم العيش ويتنكد في الديمقراطيات التي أفنوا العمر لاستعادتها من براثن نظم للديكتاتورية في 1958، 1969، 1989. فمتى فازت القوى التقليدية أو المحافظة في انتخاباتها قنعوا من البرلمانية ظاهراً وباطناً وقضوا عليها بانقلاب، أو بطلوع الخلاء في أثر جيش خلاء.

وكنت أخذت عليهم تقززهم من البرلمانية في عمودي الراتب في جريدة الخرطوم في 1978-1988 حين بدا لي زهدهم في الديمقراطية الليبرالية وعزيمتهم على الخلاص منه بالهزء، وبالإضراب عن استثمار إمكاناتها لتنشئة ثقافة ديمقراطية لا يولد شعب بها بل يرعرعها بالممارسة. وأزعجني منهم سخريتهم من نائب عمالي عن مدينتي، عطبرة، وصفوه بالحصر والعي. وكان ذلك عندي اعتراض مؤسف على عامل أثناء أدائه لبروليتاريته مما لا أجد له عذراً ويسقمني. وكتبت كلمة في المعني واقترحت، من معرفتي بجوانب من في الديمقراطية في أمريكا، سبلاً لتمكين ممثلي الشعب من مثل عامل عطبرة من أن يلحن بالقول في البرلمان. فقد خشيت أن يتفق لهؤلاء الهازئة من البرجوازية الصغيرة أن النيابة لا تكون إلا لمن تدبج بشهادة جامعية بما يجعل البرلمان لمة أفندية تكنوقراطية.
إذا انتقلنا من حديث السياسية إلى السياسات سنجد أن كلمة الدكتور أحمد إبراهيم أبوشوك عن دار الوثائق القومية (بعد ثورة ديسمبر 2018) مثالاً طيباً لهذه النقلة. فلم ينشغل بتسيس إدارتها في ظل النظام المباد دون تمييز متانتها ك"ذاكرة للأمة" برغم ذلك. فلم يشغله عدوان الإنقاذ عليها دون عرضها تاريخها، ومأثرتها والرجال والنساء الذين اعتنقوها بالسهر والحمى. وترصّد آفاق ترقيها لا بعد زوال نظام أحسن إليها بوجوه وأساء إليها بوجوه كثيرة فحسب، بل لتلقى تحديات تكنلوجيا التوثيق المعاصرة، واستزادة الإيداع الحكومي والأهلي فيها، وتسليس خدمتها الوثائقية لدواوين الدولة.
ذكر أبوشوك قيام الدار القومية للوثائق، في صورة مكتب لمحفوظات السودان، بوزارة الداخلية في 1948. ثم صارت دار الوثائق المركزية في 1965 ودار الوثائق القومية في 1982. وانتقلت إلى دار مصادرة كانت للمرحوم الإمام عبد الرحمن المهدي على شارع الجمهورية ثم لمبانيها الجديدة حسنة الإعداد لمهنة التوثيق في نحو 2005. ولي ذكريات مع دارها الأولى والثانية. فاذكر أول معرفتي بها كانت حين شرعت في البحث العلمي بجامعة لخرطوم في 1966 وغشيتها في وزارة الداخلية لألتقي بالمسؤول عنها المرحوم محمد إبراهيم أبو سليم الذي صار مديرها حتى تقاعده في 1995. أما الدار الثانية على شارع السيد عبد الرحمن فكنا نغشاها ممثلين لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم على عهد حكومة عبود لاجتماعات الجبهة الوطنية التي رعاها طيب الذكر الإمام الصديق المهدي على قبره سحائب الرحمان.
كلمة أبو شوك وافية. فهو ابن بجدتها عمل في دار الوثائق حيناً ثم انتقل إلى الجامعات أستاذاً محسناً للتاريخ لأنه يكتب من فوق معرفة دقيقة بدروب الوثيقة فيها. ولا أزيد هنا على كلمته في سوى التوسع في ضروب الخدمات التي نرنوا لتقوم الدار بها للدولة بتوفير الوثائق متى احتاجت لدراسة شأن شاغل مثل لجنة تصفية الإدارة الأهلية في 1964، أو حتى ما زودت به مصر لتحقق لها تبعية طابا من براثن إسرائيل.
من رأيي أن تتوسع خدمات دار الوثائق لخدمة نواب البرلمان كما تخدم مكتبة الكونغرس مجلس النواب والشيوخ الأمريكيين في تكوين رأيهم حول المشروعات المعروضة عليهم. ومعلوم أن هذا الغرض كان السبب في نشأة المكتبة الأمريكية أصلاً. ولهذا الاقتراح مني قصة عمرها فوق الثلاثين عاماً. فقد عدت من بعثتي للدكتوراه في أمريكا في 1987 مفتوناً بالمكتبة الأمريكية التي غشيتها مرات وبفكرتها. وزرت عطبرة ووجدتها تختنق بالسخرية من نائبها البرلماني علي محي الدين، أسطى الأوناش بالسكة حديد، تسلقه سلقاً لأنه لا يحسن التعبير عن نفسه والمدينة في مداولات البرلمان. وكانت النكتة عنه الأكثر سخرية (صدقت أو كذبت) أنه وقف مرة في البرلمان وقال إن مشكلة البلاد مشكلة أوناش. ووجدتهم من الجهة الأخرى يشيدون بالأداء البرلماني الفصيح لرفيقنا المرحوم محمد إبراهيم نقد اللسِن الحاذق.
وبالطبع أمغصني، كماركسي، هذا التعريض بعامل خلال أداء بروليتاريته. وكتبت كلمة في عمودي "ومع ذلك" بجريدة "الخرطوم" أدافع عن حق مثل على محي الدين (وهو اتحادي ديمقراطي بالمناسبة) في الوجود في البرلمان بغض النظر. وقلت إن نقد، على طول باعه السياسي، يتغذى بالمعارف، متى عُرض شأن ما على البرلمان، من مكاتب الحزب الاقتصادية والنسائية والشبابية والثقافية ليُلحن بحجته. وجاء هنا موضع عرضي لتجربة مكتبة الكونغرس في بذل المعارف حول الشؤون المعروضة أمام البرلمان حتى يدلي النائب دلوه في الأمر على بينة. وزدت، مفتتناً ما أزال بآليات المعرفة في صلب العملية الديمقراطية الأمريكية، باقتراح أن تكون للنائب البرلماني مكاتب في البرلمان وفي دائرته لخدمته في بحث المسائل المعروضة وتقليب الرأي معه حولها. وأذكر أن الدكتور على عبد القادر، الاقتصادي المميز، استحسن الفكرة وقال إنه لا يمانع أن يتطوع لمثل هذه الخدمة ولاء للسكة الحديد التي عمل بها والده.
وجئت لذلك الاقتراح من درب آخر أيضاً. فقد رأيت العزة بالشهادة الجامعية العليا في تزكية النواب للناس. وأكثر من اقترف هذه العزة الجبهة الإسلامية القومية فروجت لمرشحيها ببينة علو كعبهم في التعليم. وخشيت أن يتسرب للناس فهم مؤداه أن النيابة عن الشعب قاصرة على أهل الشهادة دون غيرهم من غمار الناس. واشمأزت نفسي، كعطبراوي ترعرع في الديمقراطية النقابية وقادتها اللسنين، من ترويج البرجوازية الصغيرة لنفسها كأهل الحل والعقد البرلماني لا شريك لهم.
ولما رأيت المزاباة الأخيرة بالشهادات في تكوين مجلس الوزراء الانتقالي عادني حديث "الأوناش". وقلت هل يريد حملة الشهادات، على وزن حملة السلاح، أن يكون الحكم فيهم إلى جنى الجنى؟ وهي شهادات قال شكري غالي، نقلاً عن منصور خالد، إنها ليست علماً محضاً لأنها في واقع الأمر شهادات ميلاد طبقية.

ibrahima@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی البرلمان دار الوثائق

إقرأ أيضاً:

Google يحل أكبر مشكلة في برامج Android التجريبية

أعلنت Google عن ميزة جديدة تتيح لمستخدمي Android Beta مغادرة البرنامج التجريبي دون الحاجة إلى إعادة ضبط المصنع أو فقدان أي بيانات على أجهزتهم، وهو ما يعد تغييرًا جذريًا في تجربة الاختبار التجريبي لأنظمة التشغيل.

إنهاء المعاناة مع إعادة ضبط المصنع

في السابق، كان الخروج من البرنامج التجريبي يعني خسارة جميع الصور، المستندات، والتطبيقات، مما جعل العديد من المستخدمين يترددون في تجربة الإصدارات الجديدة من نظام Android.

 لكن Google عالجت هذه المشكلة من خلال تحديث هوائي (OTA) جديد يُعرف باسم "Android Beta Exit No Data Wipe"، والذي يتيح للمستخدمين الخروج من النسخة التجريبية مع الاحتفاظ بجميع بياناتهم.

تحديث جديد لتطبيق «Google Messages» يجلب تأثيرات مرئية مميزة للرسائلانسي Google Translate.. واتساب يطور خاصية جديدة لترجمة الرسائلتحديث جديد لجهاز Google TV Streamer يزيل دعم Dolby TrueHD و DTS-HD Master AudioGoogle DeepMind يتفوق على الفائزين بالميداليات الذهبية في الأولمبياد الدولي للرياضياتميزة مهمة لمستخدمي Pixel

يستفيد من هذه الميزة مستخدمو هواتف Pixel الذين يشاركون في الاختبارات التجريبية لنظام Android. 

وعند توفر إصدارات جديدة، يتم إتاحة خيارين لهم، وهم الاستمرار في البرنامج التجريبي والانتقال إلى النسخة التالية، مثل الانتقال من Android 15 QPR2 Beta 3 إلى Android 16 Beta، والخروج من البرنامج التجريبي دون فقدان البيانات، بفضل التحديث الجديد.

تحديث سهل الوصول

يمكن للمستخدمين العثور على التحديث الجديد في إعدادات الهاتف ضمن قسم تحديثات النظام، حيث يظهر بوضوح كخيار مخصص للخروج من البرنامج التجريبي دون مسح البيانات.

أهمية التحديث وسط مشكلات Android 16 Beta

يأتي هذا التحديث في توقيت مثالي، خاصة بعد تقارير تشير إلى أن Android 16 Beta يسبب استهلاكًا مرتفعًا للبطارية لبعض المستخدمين.

 الآن، يمكن للراغبين في التراجع عن التحديث القيام بذلك بسهولة وأمان دون فقدان بياناتهم.

خطوة نحو تحسين تجربة الاختبار التجريبي

إذا استمرت Google في توفير هذه الميزة مع كل إصدار تجريبي، فسيكون ذلك تطورًا كبيرًا يجعل تجربة Android Beta أكثر سهولة وأمانًا، مما قد يشجع المزيد من المستخدمين على تجربة النسخ التجريبية دون الخوف من فقدان بياناتهم.

مقالات مشابهة

  • إيران تخترق بيانات إسرائيلية.. وتل أبيب تفشل في تحديد المصدر
  • تسريب أمني ضخم في إسرائيل.. قراصنة إيرانيون ينشرون وثائق حساسة
  • القومية للأنفاق: لا داعي للقلق من اختبارات سحب الدخان بالمونوريل
  • إعادة تشكيل اللجنة القومية لشؤون المستهلكين
  • الليلة.. القومية للفنون الشعبية تحيي الليلة الثانية لـ "هل هلالك"
  • البرلمان العربي ينوه بالإسهامات التي حققتها المرأة العربية على كافة الأصعدة
  • Google يحل أكبر مشكلة في برامج Android التجريبية
  • أحمد حسن: ما عنديش مشكلة مع جوزيه.. وعمرو وردة قصر في حق نفسه
  • «+90» مشكلة الاتحاد في الدوري السعودي!
  • بعد مقتل جنرال بالجيش الشعبي.. سلفاكير يوجه كلمة للشعب وتوقعات بتصعيد خطير