بقلم: د. إبراهيم عمر(صاروخ)

يعتبر الزواج من أهم المحطات الفارقة في حياة الإنسان، فهو ليس مجرد ارتباط بين شخصين، بل هو نواة لتأسيس أسرة جديدة تتحمل مسؤولية تنشئة الأجيال القادرين على مواجهة تحديات الحياة. غير أن التفكير في الزواج ينبغي ألا يكون محصورًا في كونه شراكة بين طرفين فحسب، بل يجب أن يمتد ليشمل الأثر الذي سيتركه هذا القرار على الأطفال الذين سيولدون نتيجة له.

فالزواج، حين يُتَّخذ بوعي، يكون مشروعًا لإنتاج أفراد صالحين يسهمون في نهضة المجتمع وتنميته، بينما قد يصبح، سببًا في زيادة المشكلات النفسية والاجتماعية إذا تم من دون تخطيط سليم. والسؤال الذي يبرز في ثنايا هذه القضية هو هل التربية: صناعة الإنسان أم إعادة إنتاج الأخطاء؟ نجد أن من أكبر التحديات التي تواجه أي مجتمع هو ضمان تربية سليمة للأجيال القادمة. فالتربية لا تقتصر على توفير الاحتياجات الأساسية من: مأكل وملبس وتعليم، بل تشمل أيضًا بناء الشخصية، وتعزيزه بالقيم، الاخلاق، وتنمية المهارات الحياتية. ومن هنا، تبرز أهمية إعداد الآباء والأمهات نفسيًا ومعرفيًا قبل الإقدام على الزواج والإنجاب، لأن جيلًا غير مؤهل للتربية سينتج أطفالًا يعانون من التفكك النفسي أو الاغتراب العاطفي، وبل سيصبحون مشكلة على المجتمع بأسره.
إذ من المعلوم بأن الأطفال الذين ينشؤون في بيئات التي تفتقر إلى التفاعل الإيجابي "التلفاز – الشارع – المدرسة"، غالبًا ما يجدون أنفسهم في دوامة من الفراغ العاطفي والفكري، مما يزيد من احتمالية تعرضهم للاضطرابات النفسية أو الانحرافات السلوكية مستقبلاً. وهذا يقودنا إلى تساؤل مهم جداً : هل نحن مستعدون فعلًا لصناعة جيل مختلف؟ أم أننا نسير على خطى آبائنا دون مراجعة نقدية لأساليبهم التربوية؟
في هذا السياق تؤكد الدراسات التربوية أن الأطفال لا يتأثرون فقط بالتوجيهات المباشرة من والديهم فحسب، بل يكتسبون معظم عاداتهم وقيمهم في مرحلة التنشيئة من خلال الملاحظة والمحاكاة . وبالتالي، فإن الوالدين اللذين لم يصلا إلى مستوى ناضج من الوعي الذاتي وتعلم في كيفية إدارة الانفعالات، سينقلان تباعاً– بوعي أو بدون وعي – نفس أنماط التربية التي تلقياها في طفولتهما، حتى وإن كانت مليئة بالأخطاء. لذا فإن التربية تعد في الأساس مسؤولية مجتمعية وليست فردية بحيث لا يُمكن إلقاء عبء التربية على الأسرة وحدها، بل يجب أن يكون هناك تكامل بين المؤسسات مثل: التعليمية، والإعلامية، والمجتمع ككل من أجل خلق بيئة داعمة لنمو الطفل بشكل صحي.
يذكر الدارسون في مجال العلوم التربوية أن المجتمعات المتقدمة لا تترك الأسرة وحدها في إنجاز هذه المهمة، بل توفر لهم موارد علمية، واستشارات أسرية، وبرامج تدريبية تساعدهم على التعامل مع التحديات التربوية المختلفة.
من خلال ما تقدم ذكره يتضح أن الزواج مسؤولية تستوجب التخطيط والإعداد المسبق. فلا بد أن اتخاذ قرار الزواج يجب أن يكون قائمًا بالضرورة على الوعي العميق بمسؤولياته وطباعاته وليس مجرد استجابة للعادات الاجتماعية أو الضغوط الأسرية. فالمجتمع القوي والسليم لا يُبنى فقط على وجود أسر متماسكة، بل على وجود أفراد واعين يدركون دورهم المنوط. ولذلك، فإن العمل على تطوير الذات قبل الزواج، والعمل على التعلم المستمر عن أسس ومبادئ التربية السليمة، يمثل الاستثمار طويل الأمد الذي يهدف الى بناء جيلٍ قادرٍ على مواجهة الحياة بكل إيجابية وإبداع.

ibrahimsarokh@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

”على خطى الأجداد“.. تعزيز الوعي البيئي ومكافحة التصحر في قرية العليا

انطلقت فعالية ”على خطى الأجداد“ البيئية، بمشاركة واسعة من مسؤولين وممثلي جهات رسمية ومجتمعية، بالإضافة إلى فرق مشاة الرياض وهايكنج حفر الباطن وأفراد من المجتمع المحلي برعاية محافظ قرية العليا ماجد العريفي، بهدف تعزيز الوعي البيئي والمحافظة على التنوع النباتي في المملكة.
بدأت الرحلة من درب المبيحيص التاريخي، حيث سار المشاركون وصولًا إلى فيضة مطربة، متبعين شعار ”امشِ واغرس“ الذي يربط النشاط البدني بالمسؤولية البيئية.
أخبار متعلقة تقويم مستمر ودعم مكثف للطلاب.. خطة تنظيم اختبارات الفصل الدراسي الثالثمخدرات وأموال.. "المنافذ الجمركية" تضبط 1340 حالة تهريب في أسبوع .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } ”على خطى الأجداد“.. تعزيز الوعي البيئي ومكافحة التصحر في قرية العلياتنمية الغطاء النباتيوتخللت الرحلة محطات تعريفية سلطت الضوء على تاريخ المنطقة وأهميتها البيئية، بالإضافة إلى ورش عمل تفاعلية ركزت على الحفاظ على الغطاء النباتي ومكافحة التصحر.
وفي خطوة عملية لترجمة الأهداف إلى واقع، زرع المشاركون 400 شتلة من السدر البري، وذلك بمشاركة فاعلة من المهندس يوسف البدر، مدير عام المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر بالمنطقة الشرقية، وعدد من الخبراء البيئيين.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } ”على خطى الأجداد“.. تعزيز الوعي البيئي ومكافحة التصحر في قرية العليا
تأتي هذه المبادرة ضمن جهود إعادة تأهيل المناطق الطبيعية وتتماشى مع رؤية المملكة 2030 الطموحة لتحقيق التوازن البيئي.
وأكد ماجد الدويش، رئيس جمعية الصمان الخضراء البيئية، على أهمية التعاون المجتمعي لحماية الموارد الطبيعية، مشيرًا إلى أن مشاركة الأفراد هي حجر الزاوية في تحقيق الأهداف البيئية المستدامة.
من جهته، شدد مدير عام المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر بالمنطقة الشرقية المهندس يوسف البدر على ضرورة إشراك المجتمع في المبادرات البيئية، لافتًا إلى أن هذه الفعاليات تُعزز ثقافة الاستدامة وتدعم جهود الحفاظ على الموارد الطبيعية.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } ”على خطى الأجداد“.. تعزيز الوعي البيئي ومكافحة التصحر في قرية العليا
وقدّم الدكتور صالح الأنصاري، خبير تعزيز الصحة وعرّاب المشي، كلمة حول أهمية المشي والتفاعل مع البيئة، فيما أشار الأستاذ إبراهيم الخميس، ممثل فريق مشاة الرياض، إلى دور الفرق التطوعية في نشر الوعي البيئي.مكافحة التصحروشهدت الفعالية تقديم محاضرات توعوية من قبل خبراء ومتخصصين، تناولت أساليب التشجير المستدام، وتقنيات الحفاظ على الموارد الطبيعية، وسبل مكافحة التصحر وزيادة المساحات الخضراء.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } ”على خطى الأجداد“.. تعزيز الوعي البيئي ومكافحة التصحر في قرية العليا
ولضمان سلامة المشاركين، قدم الهلال الأحمر السعودي الدعم الطبي والإسعافي، بالإضافة إلى إرشادات صحية حول التعامل مع الإصابات الطارئة أثناء الفعاليات البيئية والرياضية.
وفي ختام الفعالية، كُرّم المشاركون والمتطوعون تقديرًا لجهودهم، حيث قدم مدير عام المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر بالمنطقة الشرقية، ورئيس جمعية الصمان الخضراء البيئية، شهادات شكر وهدايا رمزية.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } ”على خطى الأجداد“.. تعزيز الوعي البيئي ومكافحة التصحر في قرية العليا ”على خطى الأجداد“.. تعزيز الوعي البيئي ومكافحة التصحر في قرية العليا var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });
وكشف نايف الدويش، عضو جمعية الصمان، عن خطط مستقبلية لتنظيم فعاليات مماثلة تهدف إلى تعزيز مفهوم الاستدامة البيئية وتشجيع الأفراد على تبني ممارسات صديقة للبيئة.
واختتمت الفعالية بأجواء من الحماس والتفاعل الإيجابي، وسط إشادة واسعة بأهمية هذه المبادرات في تعزيز المسؤولية البيئية المجتمعية والتأكيد على دور الأفراد في حماية الطبيعة لصالح الأجيال القادمة.

مقالات مشابهة

  • وزيرة التضامن: الطفل الذي يدخل الحضانة صغيرا يكون تحصيله ووعيه أكبر
  • حزب العدل: نسير بخطى ثابتة لنشر الوعي السياسي بين الشباب
  • التربية تنفي إيقافها منح كتب الشكر والتقدير
  • ”على خطى الأجداد“.. تعزيز الوعي البيئي ومكافحة التصحر في قرية العليا
  • بسبب الزواج..المرأة تخسر خمس دخلها
  • كيف تعزز اختياراتنا اليومية من الملابس الأداء النفسي والسلوكي
  • حرية اختيار قبول الاعتذار.. نصائح خبير للتعامل مع الأذى النفسي
  • محمد الجندي: الأزهر هو حصن الوعي الإنساني في العالم كله
  • 6 أضرار للجسم بسبب التوتر النفسي.. لا تخطر على بالك
  • ليس زعيما ولن يكون