سودانايل:
2025-04-10@00:19:17 GMT
الزواج ومسؤولية التربية: بين الوعي والإعداد النفسي
تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT
بقلم: د. إبراهيم عمر(صاروخ)
يعتبر الزواج من أهم المحطات الفارقة في حياة الإنسان، فهو ليس مجرد ارتباط بين شخصين، بل هو نواة لتأسيس أسرة جديدة تتحمل مسؤولية تنشئة الأجيال القادرين على مواجهة تحديات الحياة. غير أن التفكير في الزواج ينبغي ألا يكون محصورًا في كونه شراكة بين طرفين فحسب، بل يجب أن يمتد ليشمل الأثر الذي سيتركه هذا القرار على الأطفال الذين سيولدون نتيجة له.
إذ من المعلوم بأن الأطفال الذين ينشؤون في بيئات التي تفتقر إلى التفاعل الإيجابي "التلفاز – الشارع – المدرسة"، غالبًا ما يجدون أنفسهم في دوامة من الفراغ العاطفي والفكري، مما يزيد من احتمالية تعرضهم للاضطرابات النفسية أو الانحرافات السلوكية مستقبلاً. وهذا يقودنا إلى تساؤل مهم جداً : هل نحن مستعدون فعلًا لصناعة جيل مختلف؟ أم أننا نسير على خطى آبائنا دون مراجعة نقدية لأساليبهم التربوية؟
في هذا السياق تؤكد الدراسات التربوية أن الأطفال لا يتأثرون فقط بالتوجيهات المباشرة من والديهم فحسب، بل يكتسبون معظم عاداتهم وقيمهم في مرحلة التنشيئة من خلال الملاحظة والمحاكاة . وبالتالي، فإن الوالدين اللذين لم يصلا إلى مستوى ناضج من الوعي الذاتي وتعلم في كيفية إدارة الانفعالات، سينقلان تباعاً– بوعي أو بدون وعي – نفس أنماط التربية التي تلقياها في طفولتهما، حتى وإن كانت مليئة بالأخطاء. لذا فإن التربية تعد في الأساس مسؤولية مجتمعية وليست فردية بحيث لا يُمكن إلقاء عبء التربية على الأسرة وحدها، بل يجب أن يكون هناك تكامل بين المؤسسات مثل: التعليمية، والإعلامية، والمجتمع ككل من أجل خلق بيئة داعمة لنمو الطفل بشكل صحي.
يذكر الدارسون في مجال العلوم التربوية أن المجتمعات المتقدمة لا تترك الأسرة وحدها في إنجاز هذه المهمة، بل توفر لهم موارد علمية، واستشارات أسرية، وبرامج تدريبية تساعدهم على التعامل مع التحديات التربوية المختلفة.
من خلال ما تقدم ذكره يتضح أن الزواج مسؤولية تستوجب التخطيط والإعداد المسبق. فلا بد أن اتخاذ قرار الزواج يجب أن يكون قائمًا بالضرورة على الوعي العميق بمسؤولياته وطباعاته وليس مجرد استجابة للعادات الاجتماعية أو الضغوط الأسرية. فالمجتمع القوي والسليم لا يُبنى فقط على وجود أسر متماسكة، بل على وجود أفراد واعين يدركون دورهم المنوط. ولذلك، فإن العمل على تطوير الذات قبل الزواج، والعمل على التعلم المستمر عن أسس ومبادئ التربية السليمة، يمثل الاستثمار طويل الأمد الذي يهدف الى بناء جيلٍ قادرٍ على مواجهة الحياة بكل إيجابية وإبداع.
ibrahimsarokh@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
مجلس ذي قار يوجه قيادة الشرطة بعدم دخول منتسبيها الى المؤسسات التربوية والمدارس
بغداد اليوم - ذي قار