موقع 24:
2025-04-17@16:35:58 GMT

رئيس انتقالي وسط تجارب متعثرة

تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT

رئيس انتقالي وسط تجارب متعثرة

كلما اقترب المتابعون للشأن السوري من التعامل مع سوريا باعتبارها إحدى تجارب الانتقال السياسي أكثر من التركيز على الخلفيات العقائدية والأيديولوجية للفصائل المسلحة، واعتبارها قدراً تاريخياً غير قابل للتحول والمراجعة، فإن هذا يجعل هناك إمكانية كبرى لفهم طبيعة التحديات التي تواجهها وفرص نجاحها.

والحقيقة أن تعيين أحمد الشرع رئيساً لسوريا في المرحلة الانتقالية وفق شرعية الثورة، يجب ألا يثير في حد ذاته اعتراضات مبدئية، طالما وعي بحجم التحديات الجسام التي تواجه تجربته الانتقالية.


والحقيقة أن سوريا قدمت على مدار الشهرين الماضيين وعياً مجتمعياً وسياسياً كبيراً في التعامل مع التحديات التي تواجهها التجربة الانتقالية والنظام الجديد، وهذا راجع ليس فقط لإرث سوريا الحضاري وتاريخها العريق، إنما أيضاً إلى كون السوريين دفعوا «فاتورة» الدم والتضحيات من أجل التحرر من نظام الأسد وحلفائه المحتلين قبل نجاح ثورتهم، على عكس كثير من تجارب التغيير العربية التي دفعت فيها الشعوب التضحيات الأكبر بعد ثوراتها أو انتفاضتها، مثل ما جرى في السودان وليبيا، وحتى مصر التي عرفت ثورة مدنية سلمية، إلا أن الثمن الأكبر من الضحايا دفع عقب تعثر مسار «ثورة يناير» وليس في أثنائها، حيث تنحى الرئيس مبارك عن السلطة بسلاسة مدهشة وسقط عدد محدود من الضحايا، أما العراق الذي جرى التغيير فيه عقب غزو أميركي مسلح أسقط النظام وفكك الدولة وصنع مساراً سياسياً مفروضاً من الخارج، فكانت النتيجة مئات الآلاف من الضحايا في اقتتال أهلي ضروس، وظهور فصائل لمقاومة المحتل الأميركي متعددة المشارب والاتجاهات، وانتهت بأن سيطرت عليها تنظيمات العنف والتطرف من «القاعدة» حتى «داعش».
ومن هنا، فإن هناك توافقاً تلقائياً في سوريا على أن المسؤول عن دفع هذا الثمن الباهظ من الدماء هو طرف واحد؛ أي نظام بشار الأسد، وأن «المسؤوليات الجانبية» التي أدخلت تجارب الانتقال العربية في معارك جانبية بين من تعاونوا مع المحتل ومن قاوموه، وبين القوى الإصلاحية والتيارات الثورية، وبين «الإخوان المسلمين» والمؤسسة العسكرية، وبين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، وغيرها من هذه الثنائيات التي عكست حجم «الانقسام البيني» داخل كثير من تجارب التغيير العربية، بحيث لم تكن المعادلة فقط أو أساساً بمثل هذا الوضوح الذي شهدته «سوريا النظام وجيشه المجرم»، في مواجهه الغالبية الساحقة من الشعب السوري، وهو أمر اختلف في باقي التجارب العربية، وحتى العراق «البعثي» ظل هناك من يؤيد النظام القديم ويذكر بالخير أداء كثير من مؤسساته.
إن الداعم الأول لتجربة أو لفرصة أحمد الشرع هو جرائم بشار ونظامه، والتوحد المجتمعي خلف أي بديل لهذا النظام سيعطيه قوة دفع حقيقية، لكي يستمر سنوات من دون أي تهديدات حقيقية، ولكن سيبقى التحدي الكبير يتعلق بنجاح المرحلة الانتقالية، وطبيعة النظام الذي سيبنى في أعقابها.
إن المشهد «العسكري» الذي أعلن فيه الشرع اختياره رئيساً للمرحلة الانتقالية أمام قادة فصائله المسلحة مفهوم «للحظة»، وهو ما صححه في اليوم التالي حين أشار إلى أن هناك خبراء قانونيين سيعكفون على دراسة المرحلة الانتقالية، وسيضعون القواعد القانونية والدستورية الملائمة، وسيكون هناك مجلس استشاري متنوع الاتجاهات، وليس مثل الحكومة من «لون واحد» يساعد القادة الجدد في اتخاذ القرارات.
من غير المنتظر أن تكون سوريا الحالية دولة ليبرالية غير موجودة في العالم العربي، ولا تجب محاسبة النظام الجديد وفق معايير سويدية وسويسرية، إنما يجب أن يحاسب على ضرورة تأسيس دولة مدنية وليست دينية، تعتبر مثل معظم الدساتير العربية (بصياغات مختلفة) الإسلام المصدر الأساسي للتشريع، وأن يكون فيها احترام لكرامة الإنسان وطي صفحة التعذيب والقتل وكل الجرائم التي ارتكبها النظام السابق، ويصبح الحد الأدنى المطلوب احترام الهامش السياسي الذي تعرفه أو عرفه كثير من الدول العربية من المغرب إلى الأردن، ومن مصر مبارك حتى تونس قيس سعيد، وهي كلها نظم ليست ديمقراطية إنما عرفت مساحة من حرية الرأي والتعبير وعدم تطابق النظام السياسي مع الدولة، وهو ما حماها من مصائر سوداء عرفتها نظم أخرى تحولت فيها الدولة لمجرد أداة للنظام في القمع والمظالم.
لا يوجد ما يحول دون نجاح المرحلة الانتقالية في سوريا وتأسيس دولة قانون إذا حسمت أمور مثل مدنية الدولة واحترام الحريات الشخصية والبعد الكامل عن النموذج «الطالباني»، وعدم التمييز بين المواطنين وعدم الثأر من الخصوم، وضمان محاكمة عادلة لمجرمي النظام السابق.
فرص سوريا لتقديم الاستثناء بين التجارب الانتقالية العربية قائمة، وبخاصة بعد الدعم الداخلي والعربي والإقليمي والقبول الدولي، وأصبح أداء الرئيس الانتقالي ومن معه هو الأساس الذي سيحدد فرص نجاح تجربته.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية أحمد الشرع سوريا سقوط الأسد المرحلة الانتقالیة کثیر من

إقرأ أيضاً:

بنسبة 25%.. بدء صرف معاشات تكافل وكرامة بالزيادة التي أقرتها الدولة

قال رئيس قطاع مناطق بريد القاهرة عادل عايش، إنه تم اليوم الثلاثاء بدء صرف معاشات مستحقي "تكافل وكرامة" عن شهر أبريل الجاري، بالزيادة التي أقرتها الدولة بنسبة 25% لدعم الفئات الآولى بالرعاية، بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعي.

وأضاف رئيس قطاع بريد القاهرة في لقاء مع قناة اكسترا نيوز اليوم نستقبل كافة الفئات المستحقة للمعاشات إلى جانب تقديم كافة الخدمات المالية والبريدية وخدمات مصر الرقمية، بما فيها صرف المعاشات وتوفير منافذ لكبار السن ولذوي الهمم لتيسير عملية الصرف وسهولة الحصول على المستحقات

وأوضح أن مكتب بريد القاهرة الرئيسي يعمل من الثامنة صباحا حتى السادسة مساء، لتقديم كافة الخدمات المالية والحكومية في جميع أيام الأسبوع، وتوفير كافة التسهيلات للعملاء لتقليل وقت انتظارهم وأداء الخدمة بالشكل المطلوب وتغذية ماكينات الصراف الآلي على مستوى الجمهورية، خاصة في أيام صرف المعاشات.

وتتضمن حزمة الحماية الاجتماعية، تقديم دعم نقدي لـ4.7 مليون أسرة من الأسر الآولى بالرعاية، لنحو 17 مليون مواطن بموازنة تبلغ 54 مليار جنيه سنويا، لتحقيق جانب مهم من دعم الدولة للحقوق الاجتماعية والاقتصادية.

اقرأ أيضاًالبريد يشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب بحزمة من الخدمات المتميزة

«البريد المصري دا وقته».. طلاب «إعلام القاهرة» يطلقون حملة لمواكبة التطورات التكنولوجية

مقالات مشابهة

  • هل تنجح سوريا الجديدة في تجاوز إرث النظام المخلوع بالعلاقات الخارجية؟
  • أبو الغيط يدعو المنظمات والمؤسسات العربية إلى دعم مشاريع إعادة الإعمار في سوريا وغزة
  • رئيس الوفد لـ صدى البلد: لن تكون هناك انتخابات برلمانية بدون إشراف قضائي
  • مجالس الصلح في سوريا.. تساند القضاء وتحل النزاعات وديا
  • تفكيك الألغام واختبار سوريا الصعب
  • كيف يحمي النظام البيئي الجبلي التنوع البيولوجي في الدولة؟
  • بنسبة 25%.. بدء صرف معاشات تكافل وكرامة بالزيادة التي أقرتها الدولة
  • تقرير: المملكة العربية السعودية تخطط لسداد ديون سوريا لدى البنك الدولي
  • حملت الطابع الرسمي..هذه أهداف زيارة نواف سلام إلى سوريا
  • عراقجي يكشف الدولة التي ستستضيف جولة المفاوضات الثانية مع واشنطن