"التحويلية" تُعزز إسهامات القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي.. وسلاسل الإمداد تدعم كفاءة الإنتاج
تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT
◄ البلوشي: نمو إسهام القطاع دليل على نجاح السياسات الحكومية لتنويع الاقتصاد
◄ العلوي: الصناعة تشكِّل العمود الفقري لقطاعات مُتعددة
مسقط- العمانية
يعد القطاع الصناعي أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد العُماني؛ حيث حقق القطاع نموًّا في مساهمته بالناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بلغ 4.09 مليار ريال عُماني بنهاية يونيو 2024، ما يمثِّل نسبة 19.
وتُعزى هذه الزيادة إلى نمو الصناعات التحويلية، التي بلغت مساهمتها 2.19 مليار ريال عُماني، أي ما يعادل 10.5 بالمائة من الناتج المحلي؛ الأمر الذي يسهم كثيرًا في تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل.
وأكد عاملون في القطاع الصناعي أن سلاسل الإمداد تعزز كفاءة الإنتاج وتساعد في تحسين جودة المنتجات، مما يسهم في زيادة القدرة التنافسية على المستوى المحلي والدولي، موضِّحين أن تعزيز سلاسل الإمداد يسهم بشكل كبير في تحسين عمليات التصنيع والتوزيع، مما يضمن تلبية احتياجات السوق بنحو أسرع وأكثر فعالية.
وقالوا إن تكامل سلاسل الإمداد مع مختلف القطاعات الأخرى - منها النقل والخدمات اللوجستية - يعزز من القدرة التنافسية للمنتجات العُمانية، ويساعد في فتح أسواق جديدة وزيادة الصادرات؛ مما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني بشكل عام.
وأوضح الدكتور إبراهيم بن علي البلوشي الرئيس التنفيذي لشركة كروة للسيارات، أن نمو مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية يُعد مؤشرًا على نجاح السياسات الحكومية في تعزيز التنويع الاقتصادي، مُبيِّنًا أن الحكومة قامت بجهود كبيرة لتقليل الاعتماد على النفط، من خلال تطوير قطاعات صناعية متنوعة تشمل الصناعات التحويلية، والتعدين، والبتروكيماويات، والصناعات الغذائية. وأشار إلى أن الحكومة قدّمت مجموعة من التسهيلات لدعم القطاع الصناعي، ومن أبرزها إنشاء مناطق صناعية متخصصة مثل مدينة صحار الصناعية، ومنطقة الدقم الصناعية، والمناطق الحرة في صلالة والمزيونة، حيث توفِّر هذه المناطق بنية أساسية متكاملة تسهل العمليات الصناعية، مما يعزز من القدرة التنافسية للمنتجات العمانية.
ولفت إلى أهمية تبنّي سلطنة عُمان لتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، مثل: الأتمتة والذكاء الاصطناعي، لتحسين كفاءة الإنتاج وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات العمانية في الأسواق العالمية، موضحًا أن الحكومة تركز على تعزيز سلاسل التوريد المحلية وزيادة التكامل بين الصناعات الكبرى والصغرى، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتكون جزءًا من سلاسل القيمة الصناعية.
من جانبه، أكد المهندس خميس بن محمد العلوي المدير العام للشركة العامة للصناعات الجلدية، أن الصناعة العُمانية حققت نجاحات ملموسة بفضل الجهود المبذولة من الحكومة والقطاع الخاص، مضيفًا أن سلطنة عُمان لديها صناعات متنوعة تشمل الصناعات الغذائية، والنفطية، والمعدنية، والجلدية.
وأشار إلى أن الاستفادة من الموارد الطبيعية المتاحة، كالنفط والغاز والمعادن، تعد من أبرز عوامل النجاح، كما أن المنتجات العمانية بدأت تنافس في الأسواق المحلية والإقليمية بفضل الجودة العالية والتحسين المستمر في المعايير الإنتاجية.
وأوضح أن الصناعة تشكِّل العمود الفقري لقطاعات متعددة مثل النقل والخدمات اللوجستية والطاقة، مشيرًا إلى أنه لزيادة فاعليتها، يجب التركيز على إدخال التقنية الحديثة والابتكار في خطوط الإنتاج، وتعزيز التكامل الصناعي من خلال ربط الصناعات المختلفة مع بعضها لتوفير سلسلة قيمة متكاملة تُحقق فرص عمل واستدامة اقتصادية.
وقال أزهر بن حمود الهنائي المدير التنفيذي لمشاريع "ابن أحمد للصناعات البلاستيكية" إن الصناعة العمانية تمتلك إمكانات كبيرة لتحقيق قفزات نوعية، بفضل التركيز على الابتكار والاستدامة وتعزيز التعاون بين مختلف الأطراف.
وأضاف الهنائي أن التنويع الاقتصادي يعد محورًا أساسيًّا لتحقيق التنمية المستدامة في سلطنة عُمان، حيث نجحت سلطنة عُمان في تقليل الاعتماد على النفط من خلال تطوير العديد من القطاعات الصناعية، مثل التصنيع (الألمنيوم والبتروكيماويات)، والتعدين، والصناعات التحويلية (الغذائية والدوائية).
وبيّن أن سلطنة عُمان قدّمت حوافز ضريبية وجمركية جذابة، شملت إعفاءات ضريبية تصل إلى 10 سنوات في المناطق الصناعية، إلى جانب تخفيض رسوم الاستيراد على المواد الخام، كما أدّت الجهات التمويلية دورًا محوريًّا في دعم الصناعات المحلية، حيث وفّرت قروضًا ميسرة لتشجيع الاستثمارات الصناعية، كما تم تجهيز المناطق الصناعية ببنية أساسية متطورة تشمل أراضي صناعية مجهزة بالكهرباء والمياه؛ مما جعل سلطنة عُمان بيئة استثمارية جاذبة للصناعات المحلية والدولية على حد سواء.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ماذا تحتاج السينما العمانية لتكون صورة ناطقة عن إرث عُمان الحضاري؟
تُعد السينما واحدة من أرقى وسائل التعبير الفني، تعبر عن المكان وما وراءه من قصص وأحداث وتقاليد ميزت سُكانه وخلدتهم في سطور التاريخ، وفي سلطنة عُمان، شمر صناع الأفلام عن سواعدهم، مُعبرين عن مقومات وطنهم، فحولوها إلى مادةٍ خصبةٍ لإبداعاتهم، ليُقدموا للعالم صورةً ناطقةً تحكي قصة عُمان، وتُبرزها كبيئةٍ زاخرةٍ بالقصص التي تستحق أن تُروى وتُشاهد. وعلى الرغم من أن صناعة السينما في عُمان لا تزال في مراحلها الأولى، وتحتاج إلى المزيد من الدعم والرعاية، إلا أن الشباب العُماني لم يَقف عند حدود التحديات، بل سافرت أعمالُهم إلى المحافل الدولية، ونافست وحازت على الكثير من الجوائز.
في هذا الاستطلاع، نُسلط الضوء على دورِ السينما في التعريف بِالتراث العُماني الغني والتنوع الثقافي والطبيعي الذي تتمتع به سلطنة عمان، وسنتطرق إلى التحديات التي تُواجه صُناع الأفلام في عُمان، وَالسُبُل الكفيلة بِدعم هذا القطاع الحيوي وتطويره. كما سنُناقش كيفية استثمار السينما لتعزيز الهوية الوطنية والترويج للسياحة الثقافية.
القصة والترويج الثقافي
يرى الدكتور حميد العامري، المخرج السينمائي ورئيس الجمعية العمانية للسينما سابقًا، أن السينما أداة فعالة للترويج عن الدول حيث يقول: «تعد صناعة الأفلام واحدة من الوسائل الترويجية الأساسية التي تعتمد عليها الدول لتعزيز قطاعاتها السياحية والاقتصادية، بل وحتى الصحية. ويتم ذلك من خلال المحيط الذي تدور فيه الأحداث، والأدوات المستخدمة في الفيلم، بالإضافة إلى الرسائل المضمنة في النصوص الحوارية أو تلك التي تظهر بعد انتهاء العرض. ويُظهر هذا كله مدى تأثير الصورة في نفوس المتلقين». ويضيف: «في سياق سلطنة عمان، فإن الدعم الذي يُقدم للأفلام السينمائية وصناعة المحتوى يُعزز بشكل كبير من التسويق السياحي والثقافي للمدن العمانية، مثل صلالة وصور والحمراء ومسندم ومسقط، وغيرها من المناطق الغنية بمقومات الجذب السياحي، والتي تحتاج إلى الإضاءة الفنية والإعلامية».
وعن التحديات التي تواجه صناع الأفلام، يُلاحظ العامري: «ثمة تحديات مثل قلة المعلومات الخاصة، وقلة التوثيق، والجانب المادي، بالإضافة إلى عدم تفاعل الجهات التي لها علاقة، وحقوق الملكية الفكرية».
أما بالنسبة للقصص التي لم تُبرز بشكل كافٍ، فيريد العامري تسليط الضوء عليها: «بلادنا زاخرة بالكثير من القصص التي يمكن أن تُصنع منها أعمال درامية سينمائية. ما يحتاجه الواقع العماني هو كتاب سيناريو يستطيعون تقديم الحكايات والقصص والروايات والأماكن بصور سينمائية».
عند مناقشة أفلام معينة، يسرد الدكتور العامري أمثلة ناجحة قدمت الهوية الثقافية، قائلًا: «هناك أفلام للدكتور خالد عبدالرحيم مثل فيلم (البوم) وفيلم (أصيل)، اللذين قدما القرية الساحلية والبيئة الصحراوية. كذلك أفلام سالم بهوان مثل فيلم مرة في العمر الذي قدم محافظة ظفار وفيلم (قصة مهرة) الذي قدم محافظة مسندم. هذه الأفلام تُعد ملهمة؛ لأنها تُظهر الأماكن العمانية بشكل جميل ومعبر».
وفي ختام حديثه يوجه الدكتور العامري نصيحة لصناع الأفلام الشباب: «إن الاهتمام بإبراز الهوية العمانية في الأعمال السينمائية هو من أبرز الأولويات، ويجب عليهم العمل على الموروث الثقافي العماني، وتصوير المشاهد في المواقع العمانية وإبرازها بما يتناسب مع حضارة وتاريخ سلطنة عمان، والحرص على إظهار المجتمع بعاداته وتقاليده ومشاركته في أن يكون صانعًا للمستقبل».
الثقافة قوة دافعة
قالت براءة المعمرية -صانعة أفلام: «إن دور السينما والأفلام السينمائية في إبراز ثقافة الوطن وتراثه مهم جدا لما للأفلام من قدرة على ترسيخ ثقافة المجتمعات في عقول المشاهدين ويعزو ذلك للسردية المشوقة والجاذبة التي تتمتع بها الأفلام السينمائية، واهتمام صناع الأفلام في إنتاج أفلام ذات محتوى ثقافي من شأنه أن يدعم هذا الدور المهم للأفلام». مشيرة إلى التحديات التي تواجهها بشكل عام منها صعوبة الوصول للمعلومات الموثوقة التي يُستمد منها موروثنا الثقافي والتراثي، وتطبيقها بالشكل الصحيح والسردية المناسبة.
وتحدثت عن الفرص المتاحة للتغلب على هذه التحديات، حيث ترى أن سلطنة عُمان غنية بالقصص التي يمكن أن تُحاكي مشاعر الناس وتغني الفنون السينمائية وقالت: «إن سلطنة عمان زاخرة بالقصص بكل أنواعها التاريخية والثقافية والتراثية. أرى شخصيًا تقصيرًا في إشراك هذه القصص ودمجها في صناعة الأفلام العمانية، وربما يعود ذلك لقلة الدعم المادي والمهارات الفنية لإنتاج مثل هذه الأفلام. لكن إذا تمكنا من تمكين الشباب - صناع الأفلام - وتدريبهم وصقل مهاراتهم وتوفير الدعم المادي، فلا شك أن الأفلام الثقافية ستحظى باهتمام وشعبية دولية، لما تزخر به البلاد من قصص فريدة».
وفي سياق تعزيز السياحة الثقافية، تقول براءة: «إن معرفتنا الثقافية لوطننا عُمان قليلة، خاصةً بين أفراد الجيل الجديد. لذا، فإن استثمار الأفلام في تغذية عقول أبنائنا وتعريفهم بثقافتنا سيسهم بشكل كبير في زيادة الوعي بها، وهذا من شأنه أن يرفع مستوى السياحة الثقافية في جميع محافظات سلطنة عمان، ويجب على المؤسسات الثقافية والحكومية أن تلعب دورًا في ذلك حيث إن للمؤسسات الثقافية دور محوري في تسهيل الحصول على المعلومات والوثائق الثقافية والتراثية، مما يُسهم في رفع جودة الأفلام. ويتعين على المؤسسات الحكومية أن تسهل الحصول على التصاريح اللازمة لتوثيق هذه القصص وإبرازها بالشكل المطلوب.
وتؤكد المعمرية على أهمية القصة في الأفلام قائلة «نصيحتي للشباب هي ألا يتوانوا عن البحث والتقصي وصناعة فيلم ذو قصة فريدة ومُلهمة. اليوم، مع توفر التكنولوجيا الحديثة، يستطيع صانع الأفلام أن ينتج فيلما ذا جودة عالية بأقل التكاليف. أن تكون القصة ذات قيمة كبيرة في الفيلم بحد ذاته. القصص العمانية لها القدرة أن تجعل الأفلام السينمائية أكثر جاذبية للمشاهدين المحليين والدوليين أيضًا».
السينما كمرآة
من جانبه، يتحدث سلمان المسكري صانع أفلام عن أهمية تمثيل الثقافة العمانية بدقة ووضوح من خلال السينما، واعتبر أن الأفلام تلعب دورًا كبيرًا في تسليط الضوء على التنوع الثقافي في عمان. يقول: «يجب على الفيلم تمثيل الواقع حسب ثقافة البلد ليقتنع المشاهد؛ لأنه من غير المقنع تمثيل تجربة دول أخرى وقولبتها في قالب المجتمع العماني، وتأصيل الفكرة من الأساس يجب أن يكون وفق التنوع الثقافي في عمان ليلامس الفيلم الجمهور المحلي ويشعر بارتباطه بالعمل، وكذلك ليلامس الجمهور الآخر ليعلموا بالتاريخ والثقافة». ويُشير المسكري إلى الصعوبات التي يمكن أن يواجهها صناع الأفلام في إيجاد مصادر للقصص والمعرفة التاريخية. كما يعتبر أن الدعم المادي يُشكل عنصرًا أساسيًا في نجاح الأعمال السينمائية. وينبه، قائلًا: «توجد صعوبة في إيجاد مصادر لبعض القصص والحكايات، ورفض بعض أصحاب القصص الفريدة والتاريخية لتمثيل القصة لعدة أسباب. كذلك ينقص الدعم المادي للسيناريوهات غير المنفذة. نعم هناك صندوق لدعم الأفلام ولكن يجب أن تكون هناك عدة صناديق».