لجريدة عمان:
2025-04-07@03:19:32 GMT

«عيني عين الموتر»

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

يحضرني عادة بيت شعر من قصيدة «يا صولي» للشاعر الراحل «جمعان ديوان»، والتي غناها الفنان الراحل سالم علي سعيد.. يقول البيت:

«عيني عين الموتر، رِجْلي رِجْل مطيّة»

هذا البيت البسيط في تركيبته، العميق في مدلوله، يثيرني كلما سمعت الأغنية، أو تهادت إليّ كلماتها..

«باعدتَ يا صولي..قرب «حمران» بشوية»

إنه بيت بقدر بساطته، هو في المقابل هو بيت معقد، وعميق، يحمل دلالاته القريبة والبعيدة، فهذا الوصف الدقيق لرحلة الشاعر إلى ديار محبوبته، وهذا الحرص الشديد، والحذر من عيون الآخرين، خوفا من فضح أمره، أو فضح من هو ذاهب لأجله، ولعله يشير بتلك اللمحة الذكية إلى الظلام الذي يحوّط المكان في ذلك الوقت، حيث لا كهرباء، ولا إضاءة سوى القمر، وروح السماء.

.

فهو هنا يفرش للمشهد العام، ويأتي بوقت رحلته إلى مبتغاه، حيث الليل وهدوؤه، وستره، وغطاؤه، فيستعير «عين» السيارة، وهي المتوافر أمامه في ذلك الوقت، ولكنها سيارة راجلة، لا محرك لها سوى الشوق، والعزيمة، والعناد في لقاء من يحب.

يصور الشاعر «جمعان» في شطر البيت عينه وكأنها مصابيح سيارة، ترى من بعيد، وتنبّه صاحبها إلى أماكن الحذر، ومكامن الخطر، وتراقب أولئك الوشاة الذين يتبعون خطواته، ويريدون الإيقاع به، فعيونه مفتوحة عليهم، يتابعهم في ظلام المكان، ويلاحظ حركاتهم، كي لا يفضحون أمره، فهو يجازف بحياته، ويركب الخطر كي يصل إلى مكان بعيد عن داره، ولا يعلم ما ينتظره.

بينما تشتد رِجله عزما، وقوة، وصلابة، وتساعده في رحلته الشاقة الليلية، فيستعير من الناقة رجلها القوية التي لا تغوص في الرمال، ولا يهمها بعد السفر، ولا ترهقها الرحلات والمسافات، فهي تطيعه كلما احتاج لها، ولا تخذله كلما استعان بها، ولذلك تبقى الناقة «المطيّة» هي الأقرب لتصوير قدرته على الصبر والجلَد، في رحلة محفوفة بالمخاطر، والمشاق، ولكن كل ذلك يهون في سبيل الوصول إلى مبتغاه، يسوقه الشوق، ويعينه العشق.

لقد أبدع «جمعان ديوان» في كامل هذه القصيدة، وهو يصور مشهدا ليليّا، ويستعين بما مكّنته منه البيئة التي حوله من مفردات وأدوات، متكئا على بساطته، وقدرته على التصوير الدقيق لحالة شعورية خاصة، ونشوة انتصار على ذاته، وعلى الوشاة من حوله، وهذه القدرة الفائقة على التصوير تحتاج إلى قريحة فذّة، وشاعرية غير عادية، وهو ما دأب الشاعر جمعان على فعله في معظم قصائده التي تنبع من القلب، وتصل إلى القلب.

رحم الله الشاعر جمعان ديوان ورحم الفنان سالم بن علي سعيد اللذين كانا روحا واحدة في قصيدة مبدعة واحدة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

البيت الأبيض يكشف سبب عدم إدراج روسيا بالرسوم

البيت الأبيض يكشف سبب عدم إدراج روسيا بالرسوم

مقالات مشابهة

  • العيد مناسبة يحتفي بها الشعراء في كل زمان ومكان
  • سوريا.. تحطيم ضريح الشاعر “رهين المحبسين” في مسقط رأسه
  • البيت الأبيض يكشف سبب عدم إدراج روسيا بالرسوم
  • جمعان يتفقد سير أنشطة الدورات الصيفية في عمران
  • يقترب من دائرة خيالية أوسع من الشخص: هل يمكن التنظير للبورتريه الشعري؟
  • جمعان يتفقد الاختبارات الثانوية العامة بعمران
  • توقّعات بأن يزور نتنياهو البيت الأبيض الاثنين
  • الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشاعر عبدالرقيب الوجيه
  • "قصص الحب في السيرة الهلالية".. عرض شعري مسرحي ببيت الشعر العربي
  • أصحاب السمو الملكي يطربون على محبة الأمير خالد الفيصل.. فيديو