وسائل التواصل الاجتماعي ...عندما تُستخدم في التضليل الإعلامي
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
بقلم/د. وسيم وني
" في حين أن المعلومات الصحيحة هي أوكسجين عصرنا الحديث فإن المعلومات المضللة هي أول أوكسيد الكربون الذي يمكن أن يغير مفاهيمنا ويسمم عقول الأجيال “.
منذُ نشوء البشرية والإنسان بحاجة إلى التواصل مع أقرانه من بني البشر وهنا بدأت العمليات الاتصالية من الاتصال الشخصي وجهاً لوجه إلى الاتصال الجمعي والذي اعتمد على وسائل الإعلام كالصحف، الإذاعة، التلفاز، الإنترنت (وسائل التواصل الاجتماعي) فجميعنا بحاجة إلى التواصل فيما بيننا لمعرفة ما يدور حولنا من أخبار ومن هنا انتشرَ الإعلام الذي يهدف إلى نقل الأخبار من وإلى أنحاء العالم كافة عبر وسائله المختلفة.
فقد شكّلت التطورات التكنولوجية خلال السنوات الأخيرة تحديًا كبيرا لممارسة العمل السياسي والإعلامي في بيئة الإعلام الجديد، حيث تعددت وازدهرت منصات التواصل الاجتماعي (فيسبوك – توتير – انستغرام – واتساب وغيرها)، واتساع نطاق انتشارها ونمو جمهورها الذي أكسبها تأثيرًا قويًا في استقطاب المتابعين وجعلها محورًا رئيسيًا في جهود الدعاية واستقطاب الأصوات في أي صراع أو حرب في المنطقة.
وبالطبع فإن الوسائل الإعلامية منتشرة بكثرة في مجتمعنا وخاصة (مجموعات الواتساب والتليغرام الإخبارية بالذات)، فلا يكاد أي منزل يخلو من شبكة الإنترنت والهواتف الذكية ويُحاول كل فردٍ منّا متابعة الأخبار على طريقته باختياره لتوجهات أو قناعات معينة، ولكن يبقى السؤال الأهم هنا، هل هذه الوسائل الإخبارية التي نستقي منها معلوماتنا تنقل لنا المعلومات بشكل موضوعي وبكل شفافية؟ هل يتم نقلها من أرض الواقع إلينا دون المعالجة أو التضليل أو تزييف بعض الحقائق أو إخفاء بعض الأحداث؟ فلقد أصبحنا نعيش في مدرسة التضليل الاعلامي، والأهم من ذلك آلية توعية الناس والشباب خاصة من اساليب التضليل الاعلامي، وهم أكثر فئة مندمجة في ساحات الاعلام المختلفة والمتضاربة.
لذلك بات عرض جزء من الحقيقة ومحاولة ضمها بوقائع موجّهة إحدى الحيل التي يتم اللجوء إليها لتزييف الوعي والتلاعب بالعقول، أو البناء على حقائق بإعادة تكييفها بطريقة تخدم هدف المرسل وتحقق الغرض من التضليل، وفي نهاية الأمر تعددت الوسائل كثيراً والتضليل واحد.
وهنا لم تعد مهمة الصحفي الكلاسيكية هي نقل الوقائع والأخبار فقط، بل أصبحت البحث عن الحقيقة، والتأكد منها، وهي مهمة ثقيلة على كثيرين استساغوا النشر السهل والتعاطي الساذج أو الماكر مع المزيف على حساب المُثبت والحقائق، قد تنجح صناعة التضليل الإعلامي بكل سهولة في حال التراخي في مقاومتها وبث الوعي في كيفية مواجهتها في جعل المقولة التالية المضحكة حقيقية بكل أسف، فنجاح التضليل سيعني: إقناع الناس أن رجلا ًأخرس قال لرجل أطرش أن أعمى شاهد رجلاً مشلولاً يلحق برجل أعرج. وما خفي كان أعظم.
فكيف يستطيع المتابع تجنب تضليل بعض وسائل الإعلام، سواء كان هذا التضليل غشاً متعمداً أو خطأ مهنيا غير مقصود؟ هذه بعض المهارات التي تساعدك على ذلك:
•تحلَّ بالشك: والمقصود هنا أن يمحّص المرء ما يقرأ أو يسمع، ولا يعني ذلك أن يصاب بوسواس التشكيك ورهاب الافتراء، بل أن يكون كوصف المغيرة بن شعبة لعمر بن الخطاب: "له عقلٌ يمنعه أن يُخدَع".
•عليك التحقق من مصدر الخبر: لذلك، قد يحتاج القارئ أحيانا أن يراجع المصدر الأصلي للخبر.
•كن فطناُ للأجندات: كن حذرا من التوجيهات والأجندات الخفية.
•قارن الأخبار مع طرف وسيلة إعلامية أخرى: يفضل أن تتجه إلى طرف ثالث محايد، وربما رابع وخامس وسادس بحسب أهمية الموضوع ممن لا تكون أجندته الخاصة مؤثرة في الخبر الذي تبحث فيه.
•لا تغتر بالعناوين الرنانة: عندما ينقل لك العنوان تصريحاً أو يخبرك بنتيجة، فاحرص على أن تقرأ تفاصيل الخبر، وأن تتحقق من النتيجة، ولا تنخدع بأن الكتاب يُعرَف من عنوانه، فكثيرا ما يوضع العنوان ساخناً ليخفي برودة الموضوع.
•تحقق من العناصر الأساسية للخبر: لكل لون من الألوان الصحفية عناصر لازمة يمكن أن يلاحظها المتابع بشيء من التدقيق حتى لو لم يكن متخصصا؛ فالخبر مثلا يجب أن يجيب عن الأسئلة الستة المعروفة: ماذا حدث؟، وكيف؟، ومن الذي قام به؟، وأين وقع؟، ومتى؟، ولماذا؟ أو ما السياق الذي وقع فيه؟
•اعزل الأحكام والأوصاف: ومهما كان أسلوب صياغة الخبر محببا أو مزعجا، احرص على ألا تتأثر بما قد يتضمنه من مبالغات وأحكام وتعميمات ومجازفات، فغالبا تكون هذه محل شك.
•اختيار قنوات إعلامية متخصصة: قد يسهل الوصول إلى الخبر، لكن المتخصص يظل أقدر على تقييمه ومعالجته وبيان أهميته، وكذلك وسائل الإعلام المتخصصة، يُتوقّع أن تكون أكثر دقة وشمولا وأحسن طرحا وتحليلا للقضايا والموضوعات التي تتخصص فيها.
•كوّن منصة إعلامية صادقة: لذلك ينبغي أن تبني لنفسك شبكة من منصات الإعلام قد جربتها واختبرتها -لا بناء على السمعة فقط في مجالات مختلفة، تكون مورد أخبارك وإليها ترجع للتحقق مما وردك من خارجها، مراعيا ما سبق للتحقق من المهنية والموضوعية.
وأخيراً لا يُعد التضليل الإعلامي وليد القيم العليا والأخلاق النبيلة وبالطبع لن يكون وسيلة في ارتقاء البشرية وحتى تقدمها، وحتى أنه أداة مطيّعة بأيدي أصحاب الغرف السوداء وأصحاب الأهداف المشبوهة، فقد أدّى التضليل دورًا ناعمًا في تغيير المفاهيم وتزييف الحقائق وهنا علينا لتوقّف على المسؤولية المطلوبة لكل مسؤول فكلنا معنيين للبحث عن الحقيقة فعندما نصغي للحق والحقيقة ونتلمّس أبعاد الخبر، ونوقن بأنّ الذي يستهدف المجتمعات يريد لها أن تسير في ركابه لاستغلالها فقط، هنا نستطيع فقط نميّز الحقيقة من الضلال ونحافظ على مفاهيمنا وأخلاقنا وقيمتا من مخاطر الصراع الخفي في وسائل التواصل الاجتماعي ... خاصة عندما تُستخدم في التضليل الإعلامي.
المصدر: سام برس
كلمات دلالية: التواصل الاجتماعی التضلیل الإعلامی وسائل الإعلام
إقرأ أيضاً:
المملكة المتحدة تدرس حظر وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون سن الـ16
تدرس الحكومة البريطانية فرض حظر على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون سن الـ16، وفقًا لما أعلن عنه وزير التكنولوجيا البريطاني، بيتر كايل، في تصريحاته لبرنامج "توداي" على إذاعة BBC.
وقال كايل إنه على استعداد لاتخاذ أي خطوات ضرورية لحماية الأشخاص، وخاصة الأطفال، من مخاطر الإنترنت. وأضاف أن الحكومة بصدد إجراء المزيد من الأبحاث حول تأثير التكنولوجيا مثل الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي على الشباب، مشيرًا إلى أنه لا يوجد حتى الآن "أدلة ثابتة مدعومة من أبحاث علمية موثوقة".
وأوضح كايل في "رسالة نوايا استراتيجية" وجهها إلى هيئة التنظيم البريطانية "أوفكوم" (Ofcom)، التي ستتولى صلاحيات جديدة بموجب قانون السلامة على الإنترنت (OSA)، أن الحكومة تأمل في أن تتخذ الهيئة دورًا أكثر قوة في تنفيذ اللوائح.
وقد رحب "مؤسسة مولي روز" بحذر بالخطوة، مؤكدين أن هذا يعد "إشارة هامة لأوفكوم لتكون أكثر حزمًا". وأضافوا أن القانون الحالي يحتاج إلى مزيد من التعزيز لضمان حماية فعالة للأطفال والشباب على الإنترنت.
النموذج الأسترالي
تناولت المملكة المتحدة هذا الموضوع في ظل تصاعد النقاشات حول مشروع قانون مشابه في أستراليا، حيث أعلنت الحكومة الأسترالية عن خطط لحظر الأطفال دون سن الـ16 من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
وعند سؤاله عما إذا كانت المملكة المتحدة ستتبع نفس النهج، قال كايل إن "كل الخيارات مفتوحة" أمام الحكومة، لكنه أضاف أن الأمر يتطلب المزيد من الأدلة والدراسات العلمية قبل اتخاذ قرار نهائي. وأكد أيضًا أن الحكومة تهدف إلى ضمان أن "أوفكوم" تستخدم الصلاحيات الجديدة بشكل حاسم، وأن الشركات التكنولوجية تتخذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة الأطفال على الإنترنت، مثل التحقق من أعمار المستخدمين.
ضغوط على صناعة التكنولوجيا
تتضمن القوانين الجديدة التي ستدخل حيز التنفيذ العام المقبل فرض غرامات ضخمة على منصات التواصل الاجتماعي التي لا تمتثل لمتطلبات قانون السلامة على الإنترنت. وقد بدأت بعض الشركات بالفعل في تعديل سياساتها، حيث قدمت منصة "إنستغرام" حسابات خاصة بالمراهقين في سبتمبر، بينما قامت "روبلكس" بحظر الرسائل بين الأطفال الصغار في نوفمبر.
على الرغم من هذه التغييرات، يظل هناك انتقاد مستمر للحكومة بسبب عدم اتخاذ خطوات كافية في هذا المجال. وكان من بين المنتقدين والدة المراهقة بريانا غي، التي قُتلت في وقت سابق من العام، حيث اعتبرت أن الإجراءات الحالية غير كافية.
دعوات لمزيد من القيود
إلى جانب مقترح حظر وسائل التواصل الاجتماعي، تدعو بعض الجماعات إلى فرض قيود على استخدام الأطفال للهواتف الذكية بشكل عام. يناقش البرلمان البريطاني مشروع قانون خاص يفحص كيفية جعل الحياة الرقمية للأطفال أكثر أمانًا.
وقالت د. ريبيكا فولجامبي، الطبيبة العامة التي أسست مجموعة "المهنيين الصحيين من أجل شاشات أكثر أمانًا"، إن هناك قلقًا متزايدًا بين المهنيين الصحيين بشأن تأثير الهواتف الذكية على صحة الأطفال.
ورغم أن الحكومة لم تفرض بعد حظرًا على الهواتف في المدارس، إلا أنها أصدرت إرشادات لضمان تطبيق قيود صارمة على استخدامها داخل المؤسسات التعليمية، في خطوة وصفها كايل بأنها "انتصار" في مواجهة مشكلة الهواتف الذكية في المدارس.