بقلم/د. وسيم وني
" في حين أن المعلومات الصحيحة هي أوكسجين عصرنا الحديث فإن المعلومات المضللة هي أول أوكسيد الكربون الذي يمكن أن يغير مفاهيمنا ويسمم عقول الأجيال “.

منذُ نشوء البشرية والإنسان بحاجة إلى التواصل مع أقرانه من بني البشر وهنا بدأت العمليات الاتصالية من الاتصال الشخصي وجهاً لوجه إلى الاتصال الجمعي والذي اعتمد على وسائل الإعلام كالصحف، الإذاعة، التلفاز، الإنترنت (وسائل التواصل الاجتماعي) فجميعنا بحاجة إلى التواصل فيما بيننا لمعرفة ما يدور حولنا من أخبار ومن هنا انتشرَ الإعلام الذي يهدف إلى نقل الأخبار من وإلى أنحاء العالم كافة عبر وسائله المختلفة.



فقد شكّلت التطورات التكنولوجية خلال السنوات الأخيرة تحديًا كبيرا لممارسة العمل السياسي والإعلامي في بيئة الإعلام الجديد، حيث تعددت وازدهرت منصات التواصل الاجتماعي (فيسبوك – توتير – انستغرام – واتساب وغيرها)، واتساع نطاق انتشارها ونمو جمهورها الذي أكسبها تأثيرًا قويًا في استقطاب المتابعين وجعلها محورًا رئيسيًا في جهود الدعاية واستقطاب الأصوات في أي صراع أو حرب في المنطقة.

وبالطبع فإن الوسائل الإعلامية منتشرة بكثرة في مجتمعنا وخاصة (مجموعات الواتساب والتليغرام الإخبارية بالذات)، فلا يكاد أي منزل يخلو من شبكة الإنترنت والهواتف الذكية ويُحاول كل فردٍ منّا متابعة الأخبار على طريقته باختياره لتوجهات أو قناعات معينة، ولكن يبقى السؤال الأهم هنا، هل هذه الوسائل الإخبارية التي نستقي منها معلوماتنا تنقل لنا المعلومات بشكل موضوعي وبكل شفافية؟ هل يتم نقلها من أرض الواقع إلينا دون المعالجة أو التضليل أو تزييف بعض الحقائق أو إخفاء بعض الأحداث؟ فلقد أصبحنا نعيش في مدرسة التضليل الاعلامي، والأهم من ذلك آلية توعية الناس والشباب خاصة من اساليب التضليل الاعلامي، وهم أكثر فئة مندمجة في ساحات الاعلام المختلفة والمتضاربة.

لذلك بات عرض جزء من الحقيقة ومحاولة ضمها بوقائع موجّهة إحدى الحيل التي يتم اللجوء إليها لتزييف الوعي والتلاعب بالعقول، أو البناء على حقائق بإعادة تكييفها بطريقة تخدم هدف المرسل وتحقق الغرض من التضليل، وفي نهاية الأمر تعددت الوسائل كثيراً والتضليل واحد.

وهنا لم تعد مهمة الصحفي الكلاسيكية هي نقل الوقائع والأخبار فقط، بل أصبحت البحث عن الحقيقة، والتأكد منها، وهي مهمة ثقيلة على كثيرين استساغوا النشر السهل والتعاطي الساذج أو الماكر مع المزيف على حساب المُثبت والحقائق، قد تنجح صناعة التضليل الإعلامي بكل سهولة في حال التراخي في مقاومتها وبث الوعي في كيفية مواجهتها في جعل المقولة التالية المضحكة حقيقية بكل أسف، فنجاح التضليل سيعني: إقناع الناس أن رجلا ًأخرس قال لرجل أطرش أن أعمى شاهد رجلاً مشلولاً يلحق برجل أعرج. وما خفي كان أعظم.

فكيف يستطيع المتابع تجنب تضليل بعض وسائل الإعلام، سواء كان هذا التضليل غشاً متعمداً أو خطأ مهنيا غير مقصود؟ هذه بعض المهارات التي تساعدك على ذلك:

•تحلَّ بالشك: والمقصود هنا أن يمحّص المرء ما يقرأ أو يسمع، ولا يعني ذلك أن يصاب بوسواس التشكيك ورهاب الافتراء، بل أن يكون كوصف المغيرة بن شعبة لعمر بن الخطاب: "له عقلٌ يمنعه أن يُخدَع".
•عليك التحقق من مصدر الخبر: لذلك، قد يحتاج القارئ أحيانا أن يراجع المصدر الأصلي للخبر.
•كن فطناُ للأجندات: كن حذرا من التوجيهات والأجندات الخفية.

•قارن الأخبار مع طرف وسيلة إعلامية أخرى: يفضل أن تتجه إلى طرف ثالث محايد، وربما رابع وخامس وسادس بحسب أهمية الموضوع ممن لا تكون أجندته الخاصة مؤثرة في الخبر الذي تبحث فيه.
•لا تغتر بالعناوين الرنانة: عندما ينقل لك العنوان تصريحاً أو يخبرك بنتيجة، فاحرص على أن تقرأ تفاصيل الخبر، وأن تتحقق من النتيجة، ولا تنخدع بأن الكتاب يُعرَف من عنوانه، فكثيرا ما يوضع العنوان ساخناً ليخفي برودة الموضوع.

•تحقق من العناصر الأساسية للخبر: لكل لون من الألوان الصحفية عناصر لازمة يمكن أن يلاحظها المتابع بشيء من التدقيق حتى لو لم يكن متخصصا؛ فالخبر مثلا يجب أن يجيب عن الأسئلة الستة المعروفة: ماذا حدث؟، وكيف؟، ومن الذي قام به؟، وأين وقع؟، ومتى؟، ولماذا؟ أو ما السياق الذي وقع فيه؟

•اعزل الأحكام والأوصاف: ومهما كان أسلوب صياغة الخبر محببا أو مزعجا، احرص على ألا تتأثر بما قد يتضمنه من مبالغات وأحكام وتعميمات ومجازفات، فغالبا تكون هذه محل شك.

•اختيار قنوات إعلامية متخصصة: قد يسهل الوصول إلى الخبر، لكن المتخصص يظل أقدر على تقييمه ومعالجته وبيان أهميته، وكذلك وسائل الإعلام المتخصصة، يُتوقّع أن تكون أكثر دقة وشمولا وأحسن طرحا وتحليلا للقضايا والموضوعات التي تتخصص فيها.

•كوّن منصة إعلامية صادقة: لذلك ينبغي أن تبني لنفسك شبكة من منصات الإعلام قد جربتها واختبرتها -لا بناء على السمعة فقط في مجالات مختلفة، تكون مورد أخبارك وإليها ترجع للتحقق مما وردك من خارجها، مراعيا ما سبق للتحقق من المهنية والموضوعية.

وأخيراً لا يُعد التضليل الإعلامي وليد القيم العليا والأخلاق النبيلة وبالطبع لن يكون وسيلة في ارتقاء البشرية وحتى تقدمها، وحتى أنه أداة مطيّعة بأيدي أصحاب الغرف السوداء وأصحاب الأهداف المشبوهة، فقد أدّى التضليل دورًا ناعمًا في تغيير المفاهيم وتزييف الحقائق وهنا علينا لتوقّف على المسؤولية المطلوبة لكل مسؤول فكلنا معنيين للبحث عن الحقيقة فعندما نصغي للحق والحقيقة ونتلمّس أبعاد الخبر، ونوقن بأنّ الذي يستهدف المجتمعات يريد لها أن تسير في ركابه لاستغلالها فقط، هنا نستطيع فقط نميّز الحقيقة من الضلال ونحافظ على مفاهيمنا وأخلاقنا وقيمتا من مخاطر الصراع الخفي في وسائل التواصل الاجتماعي ... خاصة عندما تُستخدم في التضليل الإعلامي.

المصدر: سام برس

كلمات دلالية: التواصل الاجتماعی التضلیل الإعلامی وسائل الإعلام

إقرأ أيضاً:

الحبس سنتين مع الشغل لطالب هدد فتاة على موقع التواصل الاجتماعي بسوهاج

قضت محكمة جنايات مستأنف سوهاج، اليوم الاحد، بمعاقبة المتهم "م.م.ا."  23 سنة طالب بالحبس سنتين مع الشغل ، لاتهامه بتهديد المجنى عليها "م.ر.د" وذلك بنشر صور وفيديوهات على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك بدائرة مركز جرجا.

صدر الحكم برئاسة المستشار عبد الفتاح الصغير وعضوية المستشارين نبيل ميلاد الرئيس بالمحكمة ومحمد التاجى الرئيس بالمحكمة بأمانة سر محمد فاروق.

تعود أحداث القضية إلى عام 2023 بدائرة قسم جرجا عندما اتهمت النيابة العامة المتهم بتهديد المجنى عليها، وإفشاء أمور خادشة بنشر مقاطع صور وفيديو  لها على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وابتزازها مقابل مبالغ مالية منها، كما وجهت النيابة العامة للمتهم تهمة الاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية، وحرمة الحياة الخاصة للمجنى عليها ، كما تعمد إزعاج غيره عن طريق إستخدام وسائل الاتصالات.

وبعد تقنين الإجراءات وإجراء التحريات، تم القبض على المتهم، وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة، وتمت إحالته إلى محكمة الجنايات، والتى أصدرت حكمها السابق.







مشاركة

مقالات مشابهة

  • الحبس سنتين مع الشغل لطالب هدد فتاة على موقع التواصل الاجتماعي بسوهاج
  • المليشيا الإرهابية تركب التونسية!
  • مَن هو الأسير الإسرائيلي الذي قبَّل رأس جنود حماس؟.. «المظروف» لم يكن هدية
  • متابعة "رابور" بتهمة نشر مضامين مشينة في مواقع التواصل الاجتماعي
  • وفاة الإعلامي عبدالله الهادي الشيخ
  • مسلسل لام شمسية يطرح حلولا للحد من استخدام طفلك لمواقع التواصل الاجتماعي
  • تغريدة الدويش الغامضة تشعل مواقع التواصل الاجتماعي
  • بيت العائلة المصرية يعزز التعاون الإعلامي مع الهيئة الوطنية للإعلام
  • الاعيسر: عدد من النقاط التي نشرتها بعض وسائل الإعلام حول بنود الوثيقة الدستورية تناولت معلومات غير صحيحة
  • الإعلامي “سليمان السالم”: المنتدى السعودي للإعلام فرصة لاكتشاف أحدث الابتكارات والتقنيات التي تشكل مستقبل الإعلام (خاص)