وزير الأوقاف: الإسلام يتفاعل مع الواقع والمستجدات عبر 3 آليات
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
شارك الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف - رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، في ندوة بجناح دار الإفتاء المصرية في معرض القاهرة الدولي للكتاب تحت عنوان “الفتوى والشأن العام”، بدعوة كريمة من الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ونخبة من المفكرين والعلماء، من بينهم: الدكتور مصطفى الفقي، المفكر السياسي؛ والدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية.
هدفت الندوة إلى مناقشة أهمية الفتوى في ضبط مسار المجتمع، والحفاظ على التوازن الفكري والديني، وضرورة الالتزام بالضوابط الشرعية في تناولها إعلاميًا، واستشراف مستقبل الفتوى في ظل التطورات التكنولوجية والاجتماعية والاقتصادية.
وقد استهل الدكتور أسامة الأزهري كلمته بتأكيد أن الانتماء الوطني يأتي في مقدمة دوائر الانتماء، يليه الانتماء إلى العروبة، ثم إلى الإسلام، مشيرًا إلى أن هذا الترتيب هو المدخل الصحيح لخدمة الإسلام، إذ لا يمكن أن تُخدم الشريعة على أنقاض أوطان منهارة.
هل يجوز للزوجة أن تتجسس على هاتف زوجها.. احذرنه لـ5 أسباب
هل يجوز إعادة صلاة الوتر مرة أخرى في آخر الليل؟ ..الإفتاء ترد
وأشار إلى أن معرض القاهرة الدولي للكتاب يُعد ملتقىً للعقول والمفكرين من مختلف أنحاء العالم، إذ تقوم مصر من خلاله برسالتها العلمية والمعرفية.
وأوضح أن الإسلام يتفاعل مع الواقع والمستجدات عبر آليات ثلاث:
١. التجديد: الذي تُبعث به روح الإسلام وفق متطلبات العصر، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها".
٢. الاجتهاد الفقهي: وهو استنباط الأحكام الفقهية وفق معطيات الواقع.
٣. الفتوى: التي توجه الأفراد والمجتمعات وفق الضوابط الشرعية.
وأكد وزير الأوقاف أن التجديد هو أوسع هذه الدوائر، بينما يركز الاجتهاد على القضايا الفقهية، والفتوى تعد حلقة الوصل بينهما لتلبية احتياجات المسلمين المعاصرين، مشددًا على أن العالِم بحق هو الذي يدرك طبيعة العصر وتحدياته وتعقيداته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ليصدر الفتوى بمنهج علمي يحقق التوازن، ويحفظ الأوطان، ويضيء العقول.
كما أكد الوزير أن الفتوى التي تتعلق بالشأن العام يجب أن تقتصر على المؤسسات العلمية المعتمدة، نظرًا لتشابكها مع قضايا الدولة والمجتمع، مشددًا على ضرورة إصدار تشريع قانوني يحدد الجهات المخولة بإصدار الفتاوى العامة، حفاظًا على استقرار المجتمعات وصيانة الشريعة.
وفي كلمته، أشار الأستاذ الدكتور أشار نظير عياد إلى أن الفتوى المتعلقة بالشأن العام تختلف عن الفتاوى الشخصية، إذ يجب مراعاة المصلحة العامة، واستحضار التنوع الفكري والديني والاجتماعي عند إصدار الفتوى.
كما أكد أن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح في القضايا الكبرى، وأن على المؤسسات الدينية أن تتعاون مع الجهات التنفيذية والتشريعية لضمان صدور الفتاوى في إطار يحافظ على الاستقرار المجتمعي.
وفي كلمته، أشاد الأستاذ الدكتور مصطفى الفقي بموسوعة الدكتور أسامة الأزهري، مؤكدًا أنها وثقت سير علماء الأزهر في مصر وخارجها بدقة؛ ما يؤكد دوره الفكري والمعرفي الرائد. كما شدد على خطورة الفتوى العشوائية وأثرها السلبي على المجتمعات، داعيًا إلى ضرورة وجود مؤسسات قوية قادرة على ضبط الخطاب الديني وحماية المجتمعات من الفوضى الفكرية.
من جانبه، أكد الدكتور عبد الله النجار أن الوطن جزء لا يتجزأ من الحكم الشرعي، وأن استقرار الدين مرتبط بوجود أرض آمنة مطمئنة بشعبها وجيشها. وأوضح أن الفتاوى التي تتعلق بالشأن العام يجب أن تراعي المصلحة العامة، وتقدم حق الله على حقوق الأفراد إذا تعارض الأمر بينهما، فالدين لا يمكن أن يستقيم في بيئة مضطربة.
اختُتمت الندوة بتأكيد المشاركين أن التجديد الفقهي ضرورة لضمان استمرارية الشريعة في مواكبة العصر، وأن ضبط الفتوى وفق أسس علمية رصينة يسهم في حفظ الأمن الفكري والمجتمعي، كما شددوا على أهمية التعاون بين المؤسسات الدينية والإعلامية لضمان تقديم الفتاوى بطرق دقيقة ومتزنة، تحافظ على مقاصد الشريعة، وتخدم قضايا المجتمع المعاصر.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأوقاف وزير الأوقاف الفتوى المزيد
إقرأ أيضاً:
فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
ما حكم مقاطعة من يقرأ القرآن الكريم؟ وهل يجب على من كان منشغلا بالتلاوة أن يرد السلام؟
فـي إلقاء السلام على المشتغل بقراءة القرآن، خلاف عند أهل العلم، فمن العلماء من يرى بأن ذلك مكروه، فالمشتغل بالقرآن أو بدعاء، وذكر لا ينبغي أن يلقى عليه السلام، يكره أن يلقى عليه السلام، وسيأتي بيان ما يترتب على القارئ نفسه أو المشتغل بالذكر إن ألقي عليه السلام الآن الأقوال فـي حكم إلقاء السلام على قارئ القرآن، أو المشتغل بذكر وطاعة، إذن القول الأول الكراهة، وبعضهم شدد فـي الكراهة، لم يخرج بها إلى حد القول بالحرمة، فـيما اطلعت عليه، لكنهم قالوا أنه يكره بشدة، وبعضهم اكتفى بقول الكراهة.
وهذا القول انتصر له ابن حجر فـي شرح الباري فـي شرح صحيح البخاري، وذهب غيره إلى أنه لا فرق فـي إلقاء السلام بين قارئ القرآن وغيره، أنه يباح إلقاء السلام، حتى ولو كان من يلقى عليه السلام قارئًا للقرآن، فإنه يباح أن يلقى عليه السلام، وفـي كل الأحوال، فإنه إن ألقي عليه السلام يرد.
ولكن اختلفوا، هل يجزئه أن يرد بالإشارة، لأنه مشتغل بالقرآن الكريم، أو مشتغل بذكر مستغرق فـيه، فـيمكن أن يرد على من ألقى عليه السلام بالإشارة قيل، تجزئه الإشارة إذ الأصل أنه ما كان ينبغي أن يلقى عليه السلام، فإذا فرغ من قراءته أو ذكره، فإنه يرد السلام لفظًا، وهل يجب على من كان منشغلا بالتلاوة أن يرد السلام، فإذا فرغ من قراءته أو ذكره، فإنه يرد السلام لفظًا.
ومنهم من قال: لا مع كراهة أن يلقى عليه السلام، وهو القول الأظهر، أي كراهة أن يلقى عليه السلام، فإنه إن ألقي عليه السلام قطع قراءته، ورد السلام، ثم استعاد مرة أخرى، واستأنف قراءته إذن هذا هو فقه هذه المسألة، والأولى ترك إلقاء السلام على من كان قارئًا للقرآن الكريم.
أما لو كان هناك جمع، ففـيهم من هو مشتغل بالقرآن، وفـيهم من هو غير مشتغل بالقرآن ولا بالذكر، فلا حرج حينئذ أن يلقي السلام على غير المشتغل بالقرآن، على هؤلاء الذين هم فـي فراغ من قرآن أو ذكر، وهم الذين يردون السلام، فمثل هذه الأهداف ينبغي أن تراعى، لأن قارئًا وبعضهم شدد فـي المستغرق فـي الذكر أكثر من تشديده فـي قارئ القرآن، لأن المستغرق فـي الذكر تعتريه أحوال، فـيريد أن يغتنم الخشوع والتذلل، وما يعتري نفسه من مزيد استحضار من يخاطبه جل وعلا.
فلا ينبغي أن يكدر عليه، أو أن يقطع عليه ولكن لا يظهر هذه التفرقة، فمثل هذه الأحوال عامة فـي قراءة القرآن، قد يكون هذا الذي يقرأ القرآن أيضًا قد يكون مستغرقًا، متدبرًا، متأملًا، مستجيبة نفسه مع ما يقرأ، فحينما يأتي ما يقطع عليه فإنه يشوش له، يعني خلوته تلك وتدبره، فليس حال الذاكر أو الداعي بأشد من حال تالي القرآن الكريم، والأولى اجتناب إلقاء السلام على هؤلاء فـي مثل هذه الأحوال، والله تعالى أعلم.
ما حكم تقبيل المصحف ووضعه على الجبهة تبركًا بعد الانتهاء من تلاوة القرآن الكريم؟
تقبيل المصحف أيضًا مما اختلفت فـيه هذه الأمة قديمًا وحديثًا بين مشدد فـيه ومرخص إلى حد أنه ينسب إلى الإمام أحمد ثلاثة أقوال فـي هذه المسألة تحديدًا، فمنهم من يقول بمنع تقبيل المصحف، ومنهم من يقول باستحباب ذلك، ومنهم من يقول بأنه من المباحات، إذا قصد به التعظيم، كل هذه الأقوال إنما هي فـي حالة قصد تعظيم كلام الله عز وجل بتقبيله، ووضعه على الجبهة منشأ الخلاف أنه لم يرد دليل يمكن أن يستند إليه، وإنما روي فـيما أذكر عن عكرمة بن أبي جهل أنه كان يضع المصحف على جبينه أو على وجهه، ويقول: «كتاب ربي، كتاب ربي» فأخذ منه بعض أهل العلم أن فـي الأمر سعة ما دام المقصود تعظيم كلام الله تبارك وتعالى.
ومنهم من قال: هو أمر حادث لم يكن عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يرشد إليه، وما فعله إلا الأفراد القلائل من الصحابة والتابعين فالأولى أن يجتنب، ومنهم من قال بالمنع منه الذين قالوا: لم يرد فـيه دليل، اختلفوا، فمنهم من منع، ومنهم من قال بالكراهة والقول بالإباحة أظهر، لأن ذلك من تعظيم كلام الله عز وجل.
طبعًا من ممن قال بالإباحة أو بالاستحباب قاس على تقبيل الحجر الأسود، قاس على تعظيم شعائر الله تبارك وتعالى واستأنس بما روي عن عكرمة وعن بعض أيضًا التابعين من بعد، مما يدل على أن هذه المسألة مسألة فرعية تحتمل الخلاف، وأن من قلد من يرى الجواز فـيسعه، ذلك إذا كان مقصوده أن يعظم كلام الله تبارك وتعالى.
ولكن مع ذلك، لا ينبغي الإكثار منه فـي المحافل وعند مشاهد الناس، إن كان ذلك فـي خاصة نفسه، أو فـي بعض الأحوال ففـي الأمر سعة إن شاء الله تعالى وفـي كل الأحوال، فإن تعظيم كلام الله تبارك وتعالى إنما يكون بالالتزام بما فـيه، وبتدبر معانيه، وبالاهتداء بأنواره وهداياته، والاتعاظ بمواعظه، والسير على ما فـيه من مراشد وهدى ونور.
إذ لا ينفع التقبيل إذا كانت القلوب قاسية، والعقول مغلفة، فلا استجابة ولا التزام بما فـي كتاب الله عز وجل، ما الذي ينفعه من بعد التقبيل، فلذلك، يعني، الترك أولى، ولكن فـي الأمر سعة، والله تعالى أعلم.
هل يمكن أن يقرأ له إنسان القرآن الكريم ثم يتصدق به؟
أيضًا هذه المسألة مما اختلف فـيه أهل العلم فمنهم من يرى جواز ذلك، ويستند إلى أن هذا أشبه بعموم الصدقات التي يمكن أن يُهدى أجرها إلى الغير ومنهم من يرى أنه لا دليل على جواز هبة ثواب قراءة القرآن للغيب، فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيّن أن الأجر لمن قرأ، وقال: «من قرأ حرفًا من القرآن فله عشر حسنات، لا أقول: ألف لام ميم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف»، فالأجر هنا للقارئ ولكن مع ذلك، وجد أيضًا من علماء المسلمين من المتقدمين والمتأخرين من ألحق قراءة القرآن بعموم الصدقات التي دل الدليل على أنها تنفع الميت أو يُهدى ثوابها.
ففـي الحديث أيضًا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، فذكر صدقة جارية، فقالوا: هذه من عموم الصدقات، ولما سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن وفاء كفارة نذر عن الغير، أجاز ذلك، ومن سأله أيضًا عن الحج عن الغير، أجاز له ذلك.
فقالوا: أجر ثواب قراءة القرآن لا يخرج عن مثل هذه الأحوال التي أجاز فـيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم النيابة عن الغير ففـي المسألة، كما قلت، خلاف، وقد تقدم جواب مطول فـي البرنامج يمكن الرجوع إليه، لكن خلاصته هي هذه التي ذكرتها الآن، والله تعالى أعلم.
هل هناك تشريع معين يتعلق بالتصرف مع بقايا الطعام؟
قبل النظر فـي بقايا الطعام، وحسنًا فعل السائل بذكر هذه المسألة، لا بد من التنبيه إلى البعد عن الإسراف والتبذير، إذ إن الذي يحصل فـي شهر الصيام، الشهر الذي يجتهد فـيه المسلمون فـي عبادة الله تبارك وتعالى، ويحفظون مكارم هذا الدين، ويظهرون أخلاق هذا الدين وشعائره، إذا بهم، للأسف الشديد، يستكثرون من الأطعمة والأشربة إلى حد مبالغ فـيه، إلى حد الإسراف والتبذير، وهذا لا شك منهي عنه فـي عموم الأحوال، هو منهي عنه، فالله تبارك وتعالى يقول: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفـين) وقال: (ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين، وكان الشيطان لربه كفورا).
وأمرنا ربنا تبارك وتعالى بالقصد والاعتدال، وهذه من أعلى خصال المسلمين فـي كل شؤونهم: فـي إنفاقهم، فـي مأكلهم، ومشربهم، فـي ملبسهم، فـي كل أحوالهم هم يسيرون بمنهج معتدل، قصد وسط بعيد عن الإسراف والتبذير، وبعيد عن الشح والتقطير، وهم أولى بالتزام منهج الاعتدال والقصد فـي شهر رمضان هذا شهر يُريد من الصائمين أن يتعرفوا على ما يشعر به الفقراء والمساكين، لأجل أن تمتد إليهم أياديهم بما تجود به نفوسهم، ولأجل أن يتصوروا المسغبة والفقر والجوع الذي يعاني منه بعض إخوانهم فـي مجتمعاتهم.
فإذا كانت بطونهم ملأى بأصناف الأطعمة والأشربة، وإذا كانت، للأسف الشديد، مزابل وحاويات القمامة ممتلئة، بل إنها فائضة تتكدس حولها الأكياس من بقايا الطعام والشراب كل ليلة، فهذا يعني أنهم بعيدون عن هدي هذا الدين وخلقه القويم، وأنهم سيفوتون على أنفسهم ما كان من حكم هذا الصيام أن يلتفتوا إلى الفقراء والمساكين، وأن يبسطوا إليهم أياديهم، وأن يتحروا مرضاة ربهم تبارك وتعالى بهذه العبادة، فهو تذكير بالعودة إلى مسلك القصد والاعتدال، والبعد عن الإسراف والتبذير، لأن عاقبة الإسراف والتبذير وخيمة فـي الدنيا وفـي الآخرة.
فإن حصل وبقي شيء من الطعام، فالأولى أن يعد ويهيأ لمن كان محتاجًا إليه فإن تعذر ذلك، فـيُدفع إلى البهائم والحيوانات بدلًا من أن يُرمى، ويتنبه من بعد حتى لا يكثر من صنع هذه الأطعمة وهذه الموائد أطنانا من بقايا الطعام تُرمى للأسف الشديد هذا لا يليق بمجتمعات المسلمين، وهي إشارة إلى ما يجب أن نحذر منه، وهو كفران النعمة.
فإن شكر نعمة الله تبارك وتعالى إنما يكون بأداء حقوقها بالعدل، والاقتصاد فـيها، ثم بأداء الحقوق أما هذا الإسراف أو التبذير، فهو أبعد ما يكون عن شكر نعمة الله عز وجل وإن لم يشكر العباد نعم الله عز وجل عليهم، فإن ذلك يمكن أن يكون إعراضًا وجحودًا، إيذانًا بزوال هذه النعم وتحول أحوالهم، نسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظ نعمته علينا، وأن يبعدنا عن الإسراف والتبذير، إنه تعالى سميع مجيب.