صوم نينوي.. جذور تاريخية بين الكنيسة المشرقية والقبطية
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في إطار الاحتفال بصوم نينوي (الباعوثا)، الذي تبدأه الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من 10 حتى 13 فبراير من كل عام، تبرز إطلالة تاريخية حول نشأته المثيرة للجدل، والتي تربط بين الشرق الأدنى ومصر عبر قرون من التقاليد الدينية.
جذور في المشرق ووباء القرن السادس
تعود أصول صوم نينوي إلى الكنيسة المشرقية عام 576م، وفقاً للمراجع التاريخية، حيث أُسس خلال فترة مار حزقيال أسقف الزوابي (النعمانية) بمبادرة من مطران باجرمي وأسقف نينوي، كاستجابة لتفشي وباء مدمر في المنطقة.
الكنيسة القبطية والقرن الثالث عشر: أول ظهور موثق
بينما ارتبط الصوم في المشرق بحدث الوباء، تشير الوثائق إلى أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لم تتبنَّه رسمياً إلا بحلول القرن الثالث عشر. فبحسب كتاب "سير البطاركة" للأنبا ساويروس بن المقفع (القرن العاشر)، لم يُذكر هذا الصوم في سجلات الكنيسة المصرية قبل ذلك، كما غاب عن قوانين بطاركة مثل الأنبا خريستوذولوس (1047-1077م) والأنبا كيرلس الثاني (1078-1092م)، اللذين حصروا الأصوام المعتمدة في: "الصوم الكبير، الرسل، الميلاد، والأربعاء والجمعة".
القرن الثالث عشر.. البداية الفعلية في مصر
يُعتبر "المجموع الصفوي" للعلامة الصفي بن العسال (نُشر عام 1908) أول وثيقة قبطية تُدرج صوم نينوي كجزء من التقاليد الكنسية، حيث ورد: "صوم أهل نينوي ثلاثة أيام". كما أكدت مصادر لاحقة مثل "الجوهرة النفيسة" ليوحنا بن زكريا بن سباع (القرن الرابع عشر)، و"مصباح الظلمة" لابن كبر (1334م)، على شرعية هذا الصوم كفترة تكفيرية تشبهاً بتوبة أهل نينوي التوراتيين.
لماذا الارتباط بالأنبا أبرام بن زرعة؟
رغم أن بعض المصادر الشفهية تربط صوم نينوي بالبطريرك الأنبا أبرام بن زرعة (القرن العاشر)، إلا أن غياب أي ذكر له في الوثائق المعاصرة له يطرح تساؤلات. فلم يُوثَّق الصوم في كتابات ساويروس بن المقفع ولا في قوانين ذلك العصر، ما يشير إلى أن تبني الكنيسة القبطية له جاء لاحقاً، ربما عبر تفاعل مع التراث السرياني أو كجزء من تطوير المنظومة الروحية في العصور الوسطى.
يكشف تتبع تاريخ صوم نينوي عن مسارين متوازيين: جذر شرقي قديم مرتبط بأزمة وبائية، وتبنٍّ قبطي لاحق في القرن الثالث عشر، ربما تحت تأثير التبادلات الثقافية بين المذاهب المسيحية. وتظل هذه الرمزية الدينية، رغم اختلاف التأريخ، شاهدة على غنى التراث الكنسي وتشابكه عبر الحضارات.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أقباط أقباط الإرثوذكس الکنیسة القبطیة
إقرأ أيضاً:
هل يجوز صيام من أصبح ولم ينو الصيام؟ دار الإفتاء تجيب
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما مدى اشتراط تبييت النية في صيام الست من شوال؟ فقد استيقظتُ من نومي صباحًا بعد صلاة الفجر في شهر شوال، وأَرَدتُ أن أصوم يومًا من أيام الست من شوال، فهل يصح مني هذا الصوم، أو يشترط أن أَنْويَ ذلك ليلة الصوم؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال إنه ينبغي على مريد صوم النافلة -ومنها صيام الأيام الستة مِن شوال- تبييت نية الصيام من الليل، فإن أَصْبَح مِن غير أَنْ يُبَيِّت النية وأراد الصوم فصومه صحيح حينئذ، تقليدًا لمن أجاز، شريطةَ أن لا يكون قد أتى بمفسد للصوم من أكلٍ أو غيره.
وذكرت دار الإفتاء أن صيام الأيام الستة مِن شوال مِن جملة الصيام الذي يفتقر إلى نيَّةٍ، لكن اختلف الفقهاء في مدى اشتراط تبييت النيَّة في مثل هذا الصوم: فيرى جمهور فقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة: أنَّ صوم النافلة يصح فيه انعقاد النيَّة بعد طلوع الفجر، وقيده الحنفية والشافعية بالزوال، وأطلق الحنابلة القول في أيِّ وقت من النهار، وقد اشترطوا جميعًا أن لا يتقدمها مفسدٌ للصوم من أكل أو غيره.
وقد استدل الجمهور على ذلك بما ثَبت عن سَلَمة بن الأكوع رضي الله عنه، أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بَعَث رجلًا يُنادِي في الناس يوم عاشوراء: «إنَّ مَن أَكَل فَلْيُتِمَّ أو فليَصُم، ومَن لم يَأكُل فلا يَأكُل» أخرجه البخاري في "صحيحه"، ومعناه: أنَّ "من كان نوى الصوم في هذا اليوم فليتم صومه، ومَن كان لم ينو الصوم ولم يأكل أو أكل فليمسك بقية يومه حرمة للوقت"، كما قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (8/ 14، ط. دار إحياء التراث العربي).
وكذلك استدلوا بحديث أُمِّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم: «يا عائشة، هل عندكم شيء؟» قالت: فقلتُ: يا رسول الله، ما عندنا شيء. قال: «فإني صائم» أخرجه مسلم في "صحيحه".
نية صوم النافلةوقد اشترط القائلون بصحة عقد نية صوم النافلة بعد الفجر: أَلَّا يكون النَّاوي قد أَتَى بشيءٍ مِن الـمفطرات عامدًا -أي: ناويًا بذلك عدم الصوم- مِن بعد طلوع الفجر إلى وقت عَقْد النية؛ وإلَّا لم يحصل مقصود الصوم.
بينما ذهب المالكيةُ والمُزَني من الشافعية إلى اشتراط تبييت النية مِن الليل في صوم التطوع، وذلك كصوم الفرض، وذلك بانعقادها قبل الصوم في جزء من الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.
بناء على ذلك: فينبغي على مريد صوم النافلة -ومنها صيام الأيام الستة مِن شوال- تبييت نية الصيام من الليل، فإن أَصْبَح مِن غير أَنْ يُبَيِّت النية وأراد الصوم فيصح ذلك منه، تقليدًا لمن أجاز.