عين ليبيا:
2025-02-04@22:08:27 GMT

السودان.. حرب الهويات والغنيمة

تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT

رغم تغطية الإعلام الدولي للحرب في السودان، تصمت معظم الإذاعات العربية عن مأساة الحرب الأهلية في السودان، والتي طالت لعدة عقود، والسبب في ذلك أمرين: الأول اهتمام وسائل الإعلام بالحرب في غزة والتغيير السياسي في سوريا، والأمر الثاني، أن حرب السودان عرقية ناتجة عن التعريف القومي لهوية الدولة تابعها مفهوم الغنيمة، باحتكار النفط سابقا واحتكار والسيطرة على مناجم الذهب حاليا، وهي لا تساعد الحكومات العربية على وضع اللوم على الخارج الإمبريالي كما يوصف دائما.

خلال 40 عاما كان الجنجويد وجلهم من القبائل العربية في دارفور في صدارة الأحداث السودانية، ظهروا في دارفور عقب سقوط النميري ووصول سوار الذهب إلى الحكم لتأمين الطرق، وتشكلت منهم قوة عسكرية في سنة 2003م استغلها عمر البشير لمحاربة فصائل الجنوب، فانفصل عن شماله بعد حرب دامت عقدين من الزمان، ثم استخدم البشير هذه المجموعات لتصفية خصومه المعارضين له في الشمال والغرب.

في سنة 2013م تحولت تلك المجموعات تحت قيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) وبمساعدة جهاز الاستخبارات الوطني إلى قوة ضاربة بعشرات الآلاف من المسلحين تسمى قوة الدعم السريع.

برزت قوة الدعم السريع بعد سقوط نظام البشير وأصبح حميدتي نائب رئيس المجلس العسكري في السودان للفترة الانتقالية بقيادة البرهان، وبذلك أصبح للدعم السريع صلاحيات أكبر منافسة وموازية للجيش، من خلالها لعب الدور الأبرز في قمع المظاهرات في سنة 2019 م عقب الانقلاب العسكري، حيث نفدت قوات الدعم السريع مجزرة القيادة العامة في يونيو 2019 والتي راح ضحيتها 100 من المتضاهرين العزل.

وفي 6 سبتمبر 2023 تمردت قوات الدعم السريع عن الجيش السوداني وبدأ مسلسل الحرب الأهلية مرة أخرى، علما بأن الدعم السريع وقواعدة من الجنجويد في دارفور والجيش السوداني معضمه من السودانيين من أعراق أفريقية.

منذ البداية كان الجيش يتحصل على دعم من الجارة مصر لعدة أسباب منها محاولة نقل تجربة السيسي إلى مصر، وضمان وجود السودان كداعم لمصر في قضية السد الإثيوبي وتقاسم مياه المصب، إضافة إلى روسيا التي تحاول اللعب مع الطرفين.

بالمقابل لجئ حميدتي إلى الإمارات التي لها رغبة أكيدة في وأد أي تجربة ديموقراطية ونهضة عمرانية تؤثر سلبا على موقعها التجاري، فكانت الداعم الأكبر لحميدتي وساهمت في ترويض حفتر ليكون الممول بالسلاح والوقود عبر الصحراء الليبية إلى السودان، مقابل إشراك المرتزقة السودانيين في حرب حفتر على طرابلس وفتح مناجم الذهب للإمارات وجزئيا إلى روسيا، ويقدر كمية الوقود المهرب إلى السودان من المنطقة الشرقية بليبيا عن طريق ميناء ينغازي ما لا يقل عن 3 مليار دولار من مجموع 9 مليار مجموع دعم الوقود في ليبيا، أما الهدف الآخر للإمارات هو الحصول على ميناء بحري على البحر الأحمر لضمان استمرار تجارة العبور التي أصبحت مهددة من موانئ جنوب البحر المتوسط إن ساد في أي منها حكم رشيد.

يتم تمويل قوات الدعم السريع من تهريب الذهب من مناجم السودان حيث تقول التقارير في سنة 2017 تم تهريب أكثر من 145 طن من الذهب الخام من مجموع 250 طن تنتجها السودان جلها يصدر إلى الإمارات وروسيا، وهذه الأموال لا تعود للحكومة المركزية.

الأمر الآخر المهم أن السودان يوجد به أكثر من 200 مجموعة عرقية و 114 لغة جلها أفريقية، مما حدا بالمشرع في دستور 2005 أن تكون العربية والإنجليزية هما اللغات الرسمية، رغم ذلك تريد مجموعات الجنجويد والإخوان المسلمين أن تكون دولة السودان عربية إسلامية، وهذا النهج افضى إلى انفصال الجنوب عن الشمال بسبب الإقصاء، واليوم تتفكك الدولة في حرب أهلية مدمرة، وهي نتائج لتعريف الهوية بأنها نتاج اللغة السائدة المفروضة من المجموعة الأقوى في الدولة وليس الأكثرية.

إن هذا التعريف القومي المزيف للهوية بأن أساسها الدين والقومية قد نشر الحرب الأهلية في جل الدول العربية المنتفضة بعد 2011 مثل العراق وليبيا واليمن وسوريا والسودان وحتى تونس، وهو إرث ثقيل لم تتخلص منه عقليات شعوب العالم الثالث بعد.

من الملاحظ أن استقرار الدول المتقدمة أحد عواملة الأساسية تعريف هوية الدولة على أسس الجغرافيا والتاريخ المشترك، والتي تشيع اختلاف اللغات والثقافات ضمن الشعب الواحد، فمثلا عند معظم الدول الغربية من تواجد على أرض الوطن لفترة معينة وتقبل قوانينها وسار بنظامها وأصبح له مع موطنوا الدولة تاريخ مشترك (من 5 حتى 20 سنة) يصبح جزء من الدولة، ومواطن فيها وهويته الوطنية التي تجمعه بذلك الشعب جعلته جزء من وعاء الدولة بغض النظر عن اللغة والدين والعرق.

في ليبيا مثلا الإسلاميين السلفيين يريدونها دولة خلافة، وعائلات العهد الملكي تريدها ملكية دستورية، وأنصار حفتر والنظام السابق يريدونها دولة ذات هوية قومية عربية، أما المثقفين والنشطاء المدنيين وجل الأمازيغ والعائدين من المعارضة فيريدونها دولة مواطنة ديموقراطية هويتها الجغرافيا والتاريخ المشترك دون الاهتمام بالعرق والدين واللغة.

في السودان لو تم تأسيس الدولة على هوية جامعة وهي الجغرافيا والتاريخ المشترك لما كان هناك انهيار للدولة ولا مئات الآلاف من القتلى، وأكثر من 10 مليون مشرد معرضين للمجاعة، مع انهيار البنية التحتية، بالمثل تعريف هوية الدولة على أسس اللغة والدين، دمر اليمن والعراق والسودان وسوريا، وعطل قيام الدولة في ليبيا وتونس، وأوجد قلاقل في البحرين والجزائر.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الدعم السریع فی السودان فی سنة

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يواصل تقدمه في ولاية الجزيرة والدعم السريع يرد بالمسيرات

واصل الجيش السُّوداني، الأحد، تقدمه بولاية الجزيرة وسط البلاد حيث سيطر على مناطق واسعة في شمال وشرق الولاية بما في ذلك مواقع متاخمة للعاصمة  الخرطوم.

والسبت، استأنف الجيش ومسانديه العمليات العسكرية بولاية الجزيرة حيث سيطر على مدن رفاعة وتمبول والقرى المحيطة بالمنطقتين من الجهة الشرقية، كما سيطر على محلية الحيصاحيصا شمال الجزيرة والتقدم حتى تخوم محلية الكاملين.

وأعلن قائد قوات درع السُّودان أبوعاقلة كيكل إن "الجيش سيطر على منطقة ود راوة، والنابتي وأنه عازم على التقدم نحو العاصمة الخرطوم".



وقال القائد الميداني العقيد العبادي الطاهر في مقطع فيديو بثه الجيش السوداني عبر حسابه على "فيسبوك": "اليوم تمكنت قواتنا وقوات درع السودان بقيادة أبوعاقلة كيكل من تحرير مدينتي رفاعة والحصاحيصا".

وأفاد الجيش في بيان بأن "قوات الجيش، وقوة درع السودان بقيادة أبوعاقلة كيكل يتقدمون في محاور الحصاحيصا ورفاعة، ويكبدون مليشيا الدعم السريع خسائر فادحة ويطاردون فلول العدو الهاربة".

وبذلك يبسط الجيش السوداني سيطرته على الحصاحيصا ثاني أكبر مدن ولاية الجزيرة التي تبعد 55 كيلومترا عن ود مدني عاصمة الولاية، ومدينة رفاعة التي تعد أكبر مدن شرق ولاية الجزيرة.


وفي 11 يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن الجيش السوداني دخول مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، بعد نحو عام من فقدانها لصالح قوات "الدعم السريع".

وفي 20 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، تجددت الاشتباكات بين الجيش و"الدعم السريع" في ولاية الجزيرة، وذلك عقب انشقاق أبو عاقلة كيكل، الذي ينحدر من الولاية، عن قوات "الدعم السريع" وإعلانه الانضمام إلى الجيش.

وحاليا، انحصرت سيطرة "الدعم السريع" على الأجزاء الشمالية من ولاية الجزيرة والمتاخمة لها، والشمالية الغربية المتاخمة مع ولاية النيل الأبيض.

فيما يسيطر الجيش على أجزاء واسعة بولاية الجزيرة بينها مدن ود مدني والمناقل وأم القرى والمناطق المحيطة بهما، الممتدة جنوبا حتى حدود ولاية سنار (جنوب شرق الجزيرة)، وشرقا حتى حدود ولاية القضارف، وغربا حتى حدود ولاية النيل الأبيض.

ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف نيسان/ أبريل 2023، حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

من جهة أخرى هاجمت قوات الدعم السريع بعدد من المسيرات الانتحارية، فجر الأحد، مدينة تَنْدَلتي غربي ولاية النيل الأبيض، بعد ساعات من زيارة قام بها رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان للمدينة، بحسب قناة الجزيرة.

وقالت القناة إن الدفاعات الجوية للجيش السوداني في المدينة تصدت للمسيرات، في عدد من المواقع بسماء المدينة.

ويأتي استهداف قوات الدعم السريع للمدينة بالمسيرات، بعد ساعات من زيارة قام بها البرهان للمدينة، وشملت زيارته، أيضا، مدينة أُم رُوابة المجاورة، التي أعلن الجيش سيطرته عليها من الدعم السريع، الجمعة.

الاتحاد الأفريقي يعقد قمة استثنائية بشأن السودان
قالت قناة الجزيرة إن مجلس السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي سيعقد قمة استثنائية في منتصف شباط/ فبراير الجاري بشأن السودان.



وأوضح المصدر أن القمة -التي ستعقد على مستوى رؤساء الدول والحكومات- تهدف إلى تقييم الوضع الراهن في السودان، وبحث التطورات المتسارعة، ووضع خارطة طريق لتحقيق وقف إطلاق النار.

ويواجه طرفا النزاع اتهامات بارتكاب جرائم حرب، ولا سيما استهداف مدنيين، وشن قصف عشوائي على منازل وأسواق ومستشفيات، وعرقلة دخول المساعدات الإنسانية وتوزيعها.

مقالات مشابهة

  • مجـ.ـزرة في مستشفى .. قصف قوات الدعم السريع يودي بحياة 6 ويصيب 38 في الخرطوم
  • شبكة أطباء السودان: مقتل 6 وإصابة 37 في قصف الدعم السريع لمستشفى النو بأم درمان
  • السودان.. مصرع 6 أشخاص في قصف مليشيا الدعم السريع مستشفي بالخرطوم
  • مصادر: مقـ.تل قائد كبير لميليشيا الدعم السريع
  • وسائل إعلام سودانية: مقتل قائد قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة
  • شبكة أطباء السودان: 61 قتيلاً وعشرات الجرحى بقصف لقوات الدعم السريع بأمدرمان
  • حزب الأمة القومي: نطالب قوات الدعم السريع بوقف هذه الهجمات
  • الجيش السوداني يواصل تقدمه في ولاية الجزيرة والدعم السريع يرد بالمسيرات
  • السودان.. مقتل 54 شخصًا في هجوم من "الدعم السريع" على سوق بأم درمان