هل تقلل الأسواق المالية من خطورة الحرب التجارية التي أشعلها ترامب؟
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
تشير تقارير اقتصادية حديثة إلى أن الأسواق المالية قد تقلل من خطورة الحرب التجارية التي أشعلها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وسط حالة من التفاؤل الحذر في أسواق وول ستريت.
ورغم أن المكسيك وكندا حصلتا على تأجيل لمدة شهر قبل فرض تعريفات بنسبة 25%، فإن هذه الهدنة قد تزيد من حالة التراخي وعدم الاستعداد لاحتمال اندلاع حرب تجارية شاملة، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال.
وعلى الرغم من المخاوف المتزايدة من حرب تجارية عالمية، فإن الأسواق المالية لم تشهد تقلبات حادة بعد إعلان ترامب عن تعريفاته الجديدة. فقد سجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 أمس الاثنين انخفاضا بنسبة 0.8%، في حين تراجع مؤشر الأسهم الأوروبية ستوكس 600 بنسبة 0.9%، لكن التأثير ظل محدودًا.
وتشير البيانات إلى أن أسهم الشركات المتأثرة مباشرة بالتعريفات، مثل فورد وجنرال موتورز -التي تصنّع سياراتها في المكسيك قبل بيعها في الولايات المتحدة-، لم تنخفض بشكل كبير، في حين استعاد الدولار الكندي والبيزو المكسيكي بعضا مما خسراه بعد الإعلان عن التأجيل.
ويقول التقرير إن المستثمرين في وول ستريت يرون في تهديدات ترامب مجرد تكتيكات تفاوضية لانتزاع تنازلات بشأن قضايا مثل الهجرة غير النظامية وتهريب المخدرات، حيث أكد أحد المحللين أن "الأسواق لم تستوعب بعد التداعيات الحقيقية لهذه التعريفات".
ويرى خبراء الاقتصاد أن سياسات ترامب التجارية الحالية أكثر تطرفا بكثير من تلك التي فرضها خلال ولايته الأولى، حيث كان التركيز آنذاك على ممارسات التجارة غير العادلة والأمن القومي، مع فرض تعريفات على الصين وبعض القطاعات مثل الصلب والألمنيوم بجرعات تدريجية سمحت للشركات بالتكيف.
إعلانأما الآن، إذا رفضت الدول المستهدفة تقديم تنازلات، فقد تصل معدلات التعريفات الجمركية الأميركية إلى أعلى مستوياتها منذ ثلاثينيات القرن الماضي، مما قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة التضخم، فضلًا عن تعطيل سلاسل التوريد العالمية التي أثبتت جائحة كورونا هشاشتها بالفعل.
كندا ترد بقوة وسط إجماع سياسي نادرعلى الرغم من أزمتها السياسية الداخلية، فإن كندا استجابت للتهديدات الأميركية بتوحيد صفوفها، حيث أظهر التقرير أن هناك إجماعًا سياسيا غير مسبوق بين حكومة جاستن ترودو من يسار الوسط، ومعارضيه من اليمين المحافظ.
وقرر رئيس وزراء أونتاريو دوغ فورد، الذي كان يُنظر إليه سابقًا على أنه مقرب من ترامب، اتخاذ إجراءات انتقامية، مثل إزالة المشروبات الكحولية المصنعة في الولايات المتحدة من الأسواق المحلية، وإلغاء عقد الإنترنت العالي السرعة مع شركة "ستارلينك" التابعة لإيلون ماسك.
تداعيات على الأسواق العالميةوفقًا للتقرير، فإن المنتجين الأميركيين قد يواجهون تداعيات طويلة الأمد نتيجة هذه السياسة الحمائية، حيث قد يتحول المستهلكون في الدول المتضررة إلى بدائل محلية أو أوروبية.
ويضيف التقرير أن بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي واجهت تحديات مماثلة، إذ أدى عدم اليقين بشأن المفاوضات التجارية الطويلة إلى تراجع الاستثمارات في قطاع الأعمال، وهو ما قد يتكرر مع الولايات المتحدة في حال تصاعد الحرب التجارية.
هل هناك فوائد اقتصادية محتملة؟يرى بعض الاقتصاديين أن التعريفات الجمركية قد تعود بفوائد على المدى الطويل إذا تم تطبيقها بشكل انتقائي لدعم الإنتاج المحلي، كما حدث في بعض الدول الآسيوية في القرن العشرين.
فعلى سبيل المثال، يمكن للولايات المتحدة فرض تعريفات لحماية صناعة السيارات الكهربائية كما فعلت الصين سابقًا، مما قد يعزز قدرتها التنافسية عالميًا. لكن في الوقت نفسه، يُحذر الخبراء من أن السياسات الحمائية الشاملة غالبًا ما تؤدي إلى نتائج عكسية كما حدث في أميركا اللاتينية في الخمسينيات والستينيات.
إعلان من "أميركا أولا" إلى "التعريفات أولا"؟تشير الصحيفة إلى أن سياسات ترامب التجارية تفتقر إلى رؤية اقتصادية واضحة، إذ إن فرض تعريفات واسعة النطاق دون أهداف محددة قد يؤدي إلى ركود صناعي بدلًا من تحفيز الاقتصاد.
ويضيف التقرير أن المستثمرين في الأسواق المالية قد يساهمون دون قصد في تصعيد الأزمة، إذ إن تجاهلهم للتداعيات المحتملة قد يشجع الإدارة الأميركية على اتخاذ خطوات أكثر تشددًا، مما يزيد من مخاطر حدوث أزمة تجارية عالمية.
ومع تصاعد الحمائية الاقتصادية الأميركية، يتزايد القلق من أن الأسواق المالية تقلل من خطورة الوضع وسط تفاؤل مفرط بأن التعريفات مجرد أداة تفاوضية.
لكن الواقع يشير إلى أن الحرب التجارية قد تتحول إلى أزمة حقيقية إذا لم تتمكن الدول المتضررة من إيجاد بدائل، مما قد يؤدي إلى موجة من عدم الاستقرار الاقتصادي العالمي.
ويبقى السؤال الأهم: هل تستطيع الأسواق التكيف مع عالم تقوده سياسة "التعريفات أولا"؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الأسواق المالیة الحرب التجاریة فرض تعریفات إلى أن
إقرأ أيضاً:
ترامب ينتقد الهند.. ويتوعد بضمها إلى قائمة التعريفات الجمركية
جدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتقاداته، للرسوم الجمركية المرتفعة للغاية التي تفرضها الهند، مشيراً إلى أن البلاد مازالت هدفاً للرسوم الجمركية المماثلة، المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في الثاني من أبريل (نيسان) المقبل.
وقال ترامب، أمس الخميس، خلال فعالية في المكتب البيضاوي: "الهند دولة تفرض تعريفات جمركية مرتفعة للغاية"، ووصف التعريفات الجمركية المماثلة القادمة بأنها "الكبيرة بين العديد من الرسوم الجمركية التي تعهد بها"، بحسب وكالة "بلومبرغ" للأنباء.
Trump slams India’s ‘very high’ tariffs as PM Modi seeks reprieve
Read more on????https://t.co/kdGGpUmQr4#DonaldTrump #USA #Tariffs #PrimeMinister #NarendraModi
ومن المتوقع أن تتأثر الهند بشدة بالرسوم الجمركية المماثلة، نظراً للتعريفات الجمركية المرتفعة التي تفرضها مقارنة بالولايات المتحدة. وتعتبر تصريحات ترامب أحدث هجوم للرئيس الأمريكي على الحواجز التجارية الهندية، والتي قال إنها تعاقب الشركات الأمريكية بشكل غير عادل.
وتأتي تلك التصريحات في الوقت الذي يزور فيه وزير التجارة الهندي بيوش جويال، الولايات المتحدة هذا الأسبوع، للقاء مسؤولي إدارة ترامب لبحث السياسة التجارية بين البلدين.
Jairam Ramesh jabs PM over Trump threat: Only interested in 'tareef' not tariffs https://t.co/eHIDowXy3S
— IndiaToday (@IndiaToday) March 7, 2025وكان ترامب قد وقع على خطة لزيادة الرسوم الجمركية على جميع الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، لتناسب الرسوم التي تفرضها هذه الدول على السلع الأمريكية على أساس قاعدة المعاملة بالمثل، وأثارت هذه الخطوة قلقاً فورياً لدى بعض الشركاء التجاريين العالميين، الذين هددوا بالرد على الرسوم التي تفرضها الولايات المتحدة عليهم.
وحذرت منظمة التجارة العالمية، من اندلاع حرب تجارية بسبب الرسوم الجمركية، من شأنها أن تؤثر على التجارة العالمية.