تعتبر الطريقة التي سيتعامل بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب -في ولايته الثانية – مع الأزمة النووية الإيرانية ذات أهمية حاسمة من حيث الديناميكيات الإقليمية.

خلال فترة الانتخابات الرئاسية، بعث ترامب برسائل إيجابية لكل من العالم وإيران. فكانت رسالته إلى العالم مفادها: "أنا من سيمنع اندلاع حرب عالمية ثالثة"، بينما وجه إلى إيران رسالة قال فيها: "لا أريد أن أؤذيك".

وقد ردت إيران على هذه الرسائل الإيجابية بنفس الروح. حيث صرّح نائب الرئيس الإيراني، جواد ظريف، قائلًا: "نأمل أن يفي ترامب بوعده بشأن تجنب الحروب".

وفي حديثه خلال اجتماع، عقد في معهد IRAS يوم الأربعاء 29 يناير/ كانون الثاني 2025، تحت عنوان: "منظور التطورات الإقليمية والعالمية في عهد ترامب"، قيّم جواد ظريف موقف ترامب حتى الآن بأنه "ليس إيجابيًا جدًا، لكنه أيضًا ليس سلبيًا جدًا"، وقال: "قد لا يؤمن ترامب بأن إيران تتجه نحو امتلاك سلاح نووي، ويريد إبرام اتفاق مع إيران لمنع هذا الخطر"، وهو ما يشير إلى أن طهران تستعد لاستئناف المفاوضات النووية في عهد ترامب.

وفي حين أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وأعضاء حكومته يؤيدون بدء عملية تفاوض نووي جديدة مع الولايات المتحدة، فإن موقف المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، آية الله خامنئي، والقادة المحافظين تجاه عملية التفاوض، كان باردًا بشكل ملحوظ.

إعلان

فبعد انسحاب ترامب بشكل أحادي من الاتفاق النووي في عام 2018، أدلى آية الله خامنئي بتصريح لافت، حيث رفض المفاوضات مع الولايات المتحدة في ظل الظروف الحالية، قائلًا في خطابه في أغسطس/ آب 2018: "لقد ارتكبنا خطأ خلال مفاوضات الاتفاق النووي".

ففي تصريح نشرته وكالات الأنباء الإيرانية أولًا ثم حُذف لاحقًا من الأخبار، قال آية الله خامنئي: "مفاوضات الاتفاق النووي كانت خطأ. لقد ارتكبت أخطاء في المفاوضات، وبناءً على إصرار المسؤولين، سمحت بهذه المحاولة التي تجاوزت الخطوط الحمراء المحددة".

استمر آية الله خامنئي في تبني موقف صارم ضد المفاوضات النووية لفترة طويلة، لكنه بعد سنوات، في 11 يونيو/ حزيران 2023، استقبل وفدًا من العلماء النوويين الإيرانيين، ثم أبدى موقفًا أكثر ليونة تجاه المفاوضات النووية مقارنة بمواقفه السابقة.

ومع انتخاب الإصلاحي مسعود بزشكيان، رئيسًا لإيران، بعد وفاة سلفه إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية، وتعيين جواد ظريف -مهندس الاتفاق النووي السابق – نائبًا له، أدى ذلك إلى زيارة رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، رافائيل ماريانو غروسي، لإيران بعد سنوات من القطيعة.

وفي 28 يناير/ كانون الثاني 2025، ألقى قائد الثورة الإيرانية، آية الله خامنئي، خطابًا بمناسبة ذكرى بعثة النبي محمد، بحضور مسؤولي الحكومة والدولة وسفراء الدول الإسلامية.

وصرَّح خلال كلمته قائلًا: "خلف ابتسامات الدبلوماسية تختبئ دائمًا العداوات والضغائن الشيطانية. يجب أن نفتح أعيننا وننتبه إلى من نواجهه، ومع من نتعامل، ومع من نتحدث. عندما يعرف الشخص خصمه، يمكنه التفاوض، لكنه يعلم ما يجب فعله. وبالتالي يجب علينا أيضًا أن نعرف وندرك".

وفُسرت هذه التصريحات على أنها دعم مشروط من خامنئي لحكومة بزشكيان فيما يتعلق بالمفاوضات النووية المرتقبة مع إدارة ترامب.

إعلان سياسة الضغط الأقصى أم طريق جديد؟

بدأت "سياسة الضغط الأقصى" في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال ولايته الأولى، واستمرت في عهد الرئيس السابق جو بايدن، الذي لم يلغِ العقوبات، بل زادها في بعض المجالات، بما في ذلك العقوبات الفردية، وقد صرحت وزيرة الخزانة الأميركية في إدارة بايدن، جانيت يلين، بأن سياسة العقوبات تلك لم تُغير سلوك إيران المزعزع للاستقرار.

وبعد إعادة انتخاب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، صرّح المهندس الرئيسي لسياسة الضغط الأقصى، المبعوث الأميركي السابق الخاص لإيران برايان هوك، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، بأن "سياسة الضغط الأقصى قد عادت، لكنها لا تهدف إلى تغيير النظام في إيران".

ورغم إعلان برايان هوك عن عودة هذه السياسة، فإن مواقف بقية أعضاء فريق الأمن القومي لترامب بشأن كيفية التعامل مع البرنامج النووي الإيراني لا تزال غير واضحة تمامًا.

وفي حين أن سياسة الضغط الأقصى، قد تدفع إيران إلى قبول اتفاق نووي جديد أو تقييد أنشطتها النووية، إلا أنها تحمل أيضًا عواقب خطيرة على أسواق النفط العالمية، مما قد يؤدي إلى اضطرابات اقتصادية على نطاق أوسع.

وحتى لو فضلت إدارة ترامب التفاوض مع إيران بدلًا من سياسة الضغط الأقصى، فلن يكون هذا المسار سهلًا. فعندما انسحب دونالد ترامب من الاتفاق النووي، الذي وقعه باراك أوباما، عام 2018، وصف الاتفاق بأنه "أسوأ اتفاق في تاريخ الولايات المتحدة"، وأعلن عزمه على التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران.

لكنه في حال قرر التفاوض مع إيران، فمن المرجح ألا تقتصر المفاوضات على البرنامج النووي فقط، بل قد تشمل أيضًا برنامج الصواريخ الباليستية والسياسات الإقليمية لإيران.

وإيران من جانبها، ترفض منذ عام 2013 التفاوض على أي موضوع غير نووي، وأكدت مرارًا أنها لن تقبل بأن تكون سياساتها الإقليمية جزءًا من أي مفاوضات. لذلك، فإن إصرار الولايات المتحدة على إدراج هذه القضايا قد يُعرقل التوصل إلى اتفاق جديد.

إعلان

في مثل هذا السيناريو، قد تستخدم الولايات المتحدة سياسة الضغط الأقصى كأداة ضغط لإجبار إيران على قبول إدراج القضايا غير النووية ضمن المفاوضات. وإلا فإن ذلك الضغط الأقصى قد يثير موجة من الاحتجاجات الاقتصادية داخل إيران، مثل تلك التي اندلعت في 2018 و2019 بسبب التدهور الاقتصادي.

وبالتالي، فإن إدارة ترامب تملك خيارين أساسيين في تعاملها مع إيران؛ اتباع سياسة الضغط الأقصى لإجبار طهران على تقديم تنازلات في المفاوضات، أو استخدام ذلك الضغط الأقصى كورقة مساومة أثناء المفاوضات، لدفع إيران إلى قبول شروط أميركية أوسع تتجاوز الملف النووي.

أزمة الثقة

أكبر عائق أمام استئناف المفاوضات النووية المحتملة بين الولايات المتحدة وإيران، هو أزمة الثقة العميقة بين الطرفين؛ فإيران لا تحمل ذكريات جيدة عن فترة ترامب الأولى. إذ لم يكتفِ بالانسحاب من الاتفاق النووي المبرم في عهد أوباما، بل أدرج في عام 2019 الحرس الثوري الإيراني في قائمة المنظمات الإرهابية، وأصدر في 3 يناير/ كانون الثاني 2020 أمرًا باغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، قاسم سليماني.

وردًا على هذه الخطوات، طلبت إيران، في 5 يناير/ كانون الثاني 2021، قبل وقت قصير من انتهاء ولاية ترامب، إصدار نشرة حمراء من الإنتربول ضد ترامب و48 مسؤولًا أميركيًا بتهمة التورط في اغتيال سليماني.

واحدة من أهم الأسباب التي أدت إلى فشل المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة في 2021-2022 بوساطة عمانية، كانت مخاوف إيران من أن أي اتفاق يُتَوَصَّل إليه خلال رئاسة بايدن قد يُتَخَلّى عنه إذا فاز ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

لكن في الوضع الحالي، يُنظر إلى تأكيد ترامب بأنه لن ينسحب من أي اتفاق قد تعقده إدارته مع إيران على أنه عامل إيجابي يعزز موقف طهران تجاه المفاوضات.

إعلان

كذلك كانت قضية الثقة بين طهران وواشنطن ضمن أولويات وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الذي شدد على أهمية وجود ضمانات قوية لاستدامة أي اتفاق مستقبلي بين الطرفين.

وردًا على سؤال صحفي حول ما إذا كان ترامب قد أرسل رسالة إلى إيران بشأن المفاوضات، أجاب: "لقد توصلنا إلى اتفاق سابقًا، لكنهم أخلّوا به. الآن هناك حالة من انعدام الثقة، وهذه الثقة لا تُستعاد بالكلمات الطيبة فقط، بل يجب أن نرى الأداء على أرض الواقع".

بهذا التصريح، أوضح عراقجي مدى عمق أزمة الثقة بين الطرفين، مما يجعل استئناف المفاوضات أكثر تعقيدًا.

ورغم أن هناك عقبات كثيرة متعلقة بالماضي قد تؤثر سلبًا على استئناف المفاوضات النووية، فإن هناك أسبابًا إقليمية ودولية قد تدفع البلدين إلى العودة إلى طاولة التفاوض.

وربما يكون الحل لتخفيف أزمة الثقة بين البلدين هو اتخاذ خطوات جريئة متبادلة.

ووفقًا لمصدر مقرب من مكتب المرشد الأعلى آية الله خامنئي، فإن إيران تناقش اقتراحًا لتقديم عرض دبلوماسي إلى واشنطن، يتمثل في إقامة علاقات دبلوماسية محدودة تقتصر فقط على تقديم الخدمات القنصلية، كإشارة إلى جدية إيران ورغبتها الصادقة في حل الخلافات، وبدء المفاوضات النووية.

وبالنظر إلى أن أجندة ترامب السياسية مليئة بالمفاجآت وتركّز على مواجهة الصين، فإن وجود عروض مماثلة من جانبه لن يكون أمرًا مستبعدًا.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات سیاسة الضغط الأقصى المفاوضات النوویة الولایات المتحدة آیة الله خامنئی الاتفاق النووی کانون الثانی أزمة الثقة مع إیران فی عهد

إقرأ أيضاً:

حرب أم اتفاق؟.. 5 نقاط تشرح آخر تفاصيل ملف ترامب وإيران

دشن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرحلة جديدة في علاقته بإيران بإعلانه أمس الاثنين إجراء مباحثات مباشرة مع طهران في سابقة قد تنقل الملف بعيدا عن مخاطر الصراع العسكري وتخفف سياسة الضغوط القصوى التي اعتمدها ترامب منذ وصوله إلى البيت الأبيض.

ورغم أن إيران أكدت أن المفاوضات ستكون بشكل غير مباشر في عُمان عبر وفدين بقيادة وزير الخارجية عباس عراقجي والمبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين إيرانيين قولهم إن طهران منفتحة على تفاوض مباشر مع واشنطن إذا سارت المفاوضات غير المباشرة بشكل جيد.

وخلال ولايته الرئاسية الأولى، اعتمد ترامب سياسة "الضغوط القصوى" على إيران، حيث أعلن بشكل أحادي انسحاب بلاده من الاتفاق الدولي بشأن برنامج إيران النووي، وإعادة فرض عقوبات على طهران التي ردت بالتراجع تدريجيا عن التزاماتها ضمن الاتفاق.

وعقب عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي، عاود ترامب اعتماد سياسة "الضغوط القصوى" تجاه طهران، لكنه أكد في موازاة ذلك انفتاحه على الحوار معها لإبرام اتفاق نووي جديد.

ووجه ترامب في مارس/ آذار الماضي رسالة إلى طهران يدعوها إلى إجراء مباحثات بشأن برنامجها النووي، محذّرا في الوقت نفسه من تعرضها إلى "القصف" في حال فشل التفاوض.

إعلان

وتسعى الجزيرة نت في التقرير التالي إلى شرح وتفسير التطورات المتسارعة التي يشهدها ملف العلاقة بين ترامب وإيران والتي يأتي على رأسها الملف النووي الإيراني، وملفات أخرى بالمنطقة مثل الحرب الإسرائيلية على غزة، والمواجهات مع جماعة أنصار الله (الحوثيون) في اليمن.

1- ما أبرز الملفات الخلافية بين ترامب وإيران؟

يتصدر الملف النووي قائمة القضايا الخلافية، إذ تشتبه بلدان غربية تتقدمها الولايات المتحدة، في أن طهران تسعى إلى التزوّد بالسلاح النووي. وتنفي طهران هذه الاتهامات وتؤكد أن برنامجها النووي مصمّم لأغراض مدنية.

ولا يخفي ترامب امتعاضه من "النفوذ الإقليمي لإيران" ويرى في دعم طهران لجماعات مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والفصائل المسلحة في العراق، تهديدا للاستقرار الإقليمي وحلفاء واشنطن.

وأشار مسؤولون في إدارة ترامب إلى أن الضربات الأميركية على مواقع لجماعة الحوثيين في اليمن خلال الأسابيع الماضية، وجهت رسالة تحذير إلى طهران.

وزادت العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضها ترامب على إيران وإشرافه على عمليات مثل اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليمان من حدة الخلافات ودفعتها إلى حافة المواجهة العسكرية.

2- ما دور إسرائيل؟

تعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها، ويتبادل الطرفان منذ سنوات اتهامات بالمسؤولية عن أعمال تخريب وهجمات إلكترونية.

ويسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الدفع باتجاه حسم عسكري مع إيران، وعمل على خطط لتوسيع دائرة الحرب التي يشنها على غزة باعتبارها "حربا متعددة الجبهات ستغير وجه الشرق الأوسط".

وتبادلت إسرائيل وإيران خلال العام الماضي الهجمات الصاروخية، وفي الأسابيع التي تلت عودة ترامب إلى البيت الأبيض عززت إسرائيل استعدادتها لمواجهة هجوم واسع يشمل إطلاق مئات الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة تجاه أهداف إسرائيلية.

إعلان

واعترفت مصادر إسرائيلية بخيبة أمل من حديث ترامب أمس عن مفاوضات مباشرة مع إيران، وذكرت صحيفة إسرائيل هيوم أن مصدرا في الوفد الإسرائيلي أكد أن الصدمة كانت واضحة على وجوه الوفد الإسرائيلي في واشنطن عقب الإعلان عن المفاوضات.

وقال مسؤول إيراني في وقت سابق لرويترز إن إن هناك فرصة محتملة تقارب الشهرين للتوصل إلى اتفاق، مشيرا إلى مخاوف من أن إسرائيل قد تشن هجوما إذا طال أمد المحادثات.

3- أي خيار بين المفاوضات والحرب؟

يؤكد ترامب، الذي عزز الوجود العسكري الأميركي في المنطقة منذ توليه منصبه في يناير/ كانون الثاني الماضي، أنه يفضل التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج إيران النووي على المواجهة العسكرية.

ولا يستبعد الرئيس الأميركي اللجوء للخيار العسكري، وقال أمس الاثنين "إيران لا يمكن أن تملك سلاحا نوويا، وإذا لم تنجح المحادثات، أعتقد أنه سيكون يوما سيئا للغاية بالنسبة لإيران".

في المقابل، قال المرشد الإيراني علي خامنئي إن تهديدات واشنطن "لن توصلها إلى أيّ مبتغى"، فيما حذّر علي لاريجاني مستشار المرشد من أن طهران لا تسعى لامتلاك سلاح نووي لكن "لن يكون أمامها خيار سوى القيام بذلك" في حال تعرّضت لهجوم.

4- ما الذي يمكن أن تسفر عنه المفاوضات؟

أبرم اتفاق العام 2015، واسمه الرسمي "خطة العمل الشاملة المشتركة"، بين إيران و6 قوى كبرى بعد سنوات من المفاوضات والتوتر. وهدف الاتفاق إلى ضمان سلمية برنامج طهران مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها.

وعقب انسحاب ترامب من الاتفاق، عادت إيران إلى تخصيب اليورانيوم بمستويات أعلى من المسموح به في الاتفاق، وقال مدير معهد العلاقات الدولية مجيد زواري -في تصريح سابق للجزيرة نت- إن نسبة تخصيب اليورانيوم في إيران لم تتجاوز 20% قبيل التوصل إلى الاتفاق السابق، وتقلصت بموجبه إلى 3.67%، وبالتالي فإنه من غير المنطقي أن تقبل طهران في المرحلة الراهنة -حيث تخصب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%- بالتراجع إلى مستويات متدنية على غرار 2015.

إعلان

وأكد زواري أن طهران ستنظر إلى المقترحات التي ستعرض عليها في المفاوضات الجديدة من زاوية "الربح والفائدة"، موضحا أنها دفعت ثمنا باهظا جدا من الاتفاق السابق، لكنها تعاني اليوم من عجز في الطاقة ونفاد بعض الأدوية من الصيدليات جراء العقوبات الغربية، بينما كانت تعول على الاتفاق لتحسين المعيشة في البلاد.

بدوره، قال الباحث الأول في مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية عباس أصلاني إن إيران تريد مفاوضات ندية ومتوازنة على أساس الاحترام المتبادل، لكي تحصل على امتيازات تتناسب والقيود الي ستقبل بها على برنامجها النووي، مشددا على أن مدى قبولها بقيود مرتبط بالامتيازات التي ستقبل واشنطن بتقديمها لها وضمان تنفيذها "حتى لا تُلسع طهران من جحر الاتفاق النووي مرتين".

في المقابل، ستركز مطالب الولايات المتحدة في المفاوضات المرتقبة على الحد من نفوذ طهران وتقييد برامجها العسكرية والنووية وإخضاعها لتفتيش دولي دوري مكثف، مقابل أن تحصل إيران على تخفيف للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها في قطاعات مثل النفط والبنوك والتجارة، ما يتيح لها الحصول على مداخيل إضافية لتلبية الاحتياجات الأساسية للبلاد.

5- ما موقف القوى الأبرز في العالم؟

سارعت روسيا والصين إلى الإشادة بتوجه الرئيس الأميركي لعقد مباحثات مباشرة مع طهران، وأكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين دعم موسكو للتسوية الدبلوماسية والسياسية لأنها "قد تسهم في تهدئة التوتر المرتبط بإيران".

ووطدت روسيا وإيران علاقاتهما الدبلوماسية والعسكرية منذ أن دفعت موسكو بعشرات الآلاف من قواتها إلى أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، وسبق أن عرضت روسيا تقديم المساعدة في تسهيل المحادثات بين طهران وواشنطن.

من جانبها، حضت الصين الولايات المتحدة على إبداء "صدق" في المحادثات النووية مع إيران، وقال الناطق باسم الخارجية الصينية لين جيان في مؤتمر صحفي "باعتبارها الدولة التي انسحبت أحاديا من الاتفاق النووي وتسببت في الوضع الحالي، يجب على الولايات المتحدة أن تظهر صدقا سياسيا واحتراما متبادلا".

إعلان

وأضاف لين أن واشنطن يجب أن "تشارك في الحوار والمشاورات، وفي الوقت نفسه (يجب) أن تتوقف عن ممارستها الخاطئة المتمثلة في استخدام القوة لممارسة الضغوط القصوى".

ولم تصدر بعد ردود فعل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا بشأن المفاوضات المرتقبة بين واشنطن وطهران، ولكن الدول الثلاث التي شاركت في اتفاق 2015 سبق لها وأن أكدت على ضرورة الحفاظ على الدبلوماسية كأداة لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، ورفض التصعيد العسكري  مع ضرورة العودة للاتفاق السابق أو التوصل إلى صيغة محدثة تضمن تقييد برنامج إيران النووي مقابل رفع العقوبات

مقالات مشابهة

  • اعتبرها مراقبون ممارسة لإستراتيجية الضغط قبيل التفاوض.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على إيران
  • رغم العودة للمفاوضات.. الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة على إيران
  • البيت الأبيض وطهران وتل أبيب.. ردود حول الملف النووي الإيراني
  • إيران تتمسك بشروطها بمحادثات النووي وأميركا تجدد تحذيراتها
  • حرب أم اتفاق؟.. 5 نقاط تشرح آخر تفاصيل ملف ترامب وإيران
  • نتنياهو: سنمنع إيران من الحصول على الأسلحة النووية
  • ترامب: نجري مباحثات مباشرة مع إيران.. ومن مصلحة طهران نجاح المفاوضات
  • ترامب يعلن عن تطور بشأن المحادثات النووية مع إيران
  • أستاذ قانون: دونالد ترامب أكثر عدائية خلال فترة الولاية الثانية
  • الكرملين: روسيا مستعدة للمساعدة في حل التوترات النووية بين إيران وأمريكا