سواليف:
2025-04-29@05:17:22 GMT

استراتيجية الفوضى وتصفية دول الجوار

تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT

#استراتيجية_الفوضى وتصفية دول الجوار _ د. #منذر_الحوارات

لم تكن إسرائيل تحلم بأن تحقق هذا الكم من الأهداف خلال أيام معدودة، فهي الآن آمنة من وجود الجيش السوري القوي في جوارها، كما أمنت سابقًا من الجيش العراقي، وتمكنت من تدمير قدرات كبيرة لحزب الله وحركة حماس والجهاد الإسلامي، إضافة إلى احتلال جزء من لبنان وكامل قطاع غزة تقريبًا.

كما باتت تسيطر جيوسياسيًا على فضاء عربي واسع، بل إن الأخطر من ذلك أنها تخطط للسيطرة على الضفة الغربية، تمهيدًا لبدء عملية تهجير منظمة للفلسطينيين بمساعدة إدارة دونالد ترامب، لكن السؤال الجوهري: كيف استطاعت إسرائيل، خلال أيام، أن تحقق ما عجزت عنه في عقود؟ لا شك أن الإجابة قد تبدو معقدة للبعض، لكنها أبسط مما يتوقع الكثيرون: إنها الفوضى!

كانت القناعة راسخة لدى كثيرين بأن إسرائيل لا تريد زعزعة استقرار الدول المحيطة بها، مثل سوريا ولبنان والأردن ومصر، إذ كانت ترى أن بقاء هذه الأنظمة، رغم عدائها لها، يمنع خطرًا آخر أشد تهديدًا، وهو وصول جماعات متطرفة إلى السلطة قد تخلّ بالأمن على حدودها، لذلك حرصت على عدم دعم أي عملية تغيير في هذه الدول، بل إنها حاربت الربيع العربي استنادًا إلى هذه الحجة، لكن فجأة، تغيرت هذه السياسة، ووافقت إسرائيل على إسقاط الأسد، وفي خضم الفوضى الناتجة عن هذا التغيير المفاجئ، تمكنت من تدمير البنية الأساسية للقوة السورية، واحتلت بقية الجولان، لتصبح على بعد 25 كيلومترًا من العاصمة دمشق، وهنا يُطرح السؤال مجددًا: هل استبدلت إسرائيل نظرية الاستقرار التقليدية بنظرية الفوضى، بعدما ثبتت مكاسبها السريعة والمغرية؟

ربما نجد الإجابة في تصريحات ترامب الأخيرة، التي طلب فيها من الأردن ومصر استقبال اللاجئين الغزيين تحت التهديد، إذا دققنا في وضع هاتين الدولتين، نجد أنهما الوحيدتان المستقرتان في الإقليم المجاور لفلسطين، إذ تمتلكان نظامًا سياسيًا وبيروقراطيًا وعسكريًا متماسكًا، إلا أن مشكلتهما الرئيسية تكمن في الاقتصاد، وما يتبعه من بطالة وتراكم ديون، إلى جانب اعتمادهما على المساعدات الأمريكية وضمانات القروض من المؤسسات الدولية، وبناءً على ذلك، ربما ترى إسرائيل أن استمرار استقرار هاتين الدولتين ليس في مصلحتها، ووفقًا لاستراتيجيتها الجديدة القائمة على الفوضى، فقد تكونان هدفها المقبل.

مقالات ذات صلة  الأسرى الفلسطينيون المسيحيون.. الحجارة الحية 2025/02/04

بالتركيز على الأردن، نجد أن التاريخ يقدم إجابة واضحة، ففي عشرينيات القرن الماضي، نشب خلاف أيديولوجي عميق بين اليهود التصحيحيين، بقيادة زئيف جابوتنسكي، من جهة، وبين دافيد بن غوريون والحكومة البريطانية، من جهة أخرى، حول استثناء الأردن من مشروع الدولة اليهودية، فقد كان جابوتنسكي يرى، استنادًا إلى الوعد التوراتي، أن الدولة اليهودية تشمل ضفتي نهر الأردن، واعتبر فصل الأردن عن المشروع الصهيوني “سرقة للأرض اليهودية”، وعلى النقيض، كان بن غوريون أكثر براغماتية، فقبل بفصل شرق النهر، وركّز على إقامة الدولة في الأراضي المتبقية تحت الانتداب البريطاني، ومنذ ذلك الحين، ظل الأردن في نظر التيار الصهيوني المراجعي جزءاً “مسروقًا” من مشروعهم.

واليوم، ومع تحالف اليمين القومي الإسرائيلي، ممثلًا بنتنياهو، مع أنصار الصهيونية الدينية، التي ترى أن الضفة الغربية وقطاع غزة جزء من “أرض الميعاد” وأن استيطانها واجب مقدس، أصبحت هذه الأيديولوجيا أكثر تأثيرًا في صناعة القرار الإسرائيلي، وبعد أحداث “طوفان الأقصى”، تصاعد نفوذ هذا التيار، وأصبح يملك السلطة إلى جانب الأيديولوجيا، وهو ما يفسر الكثير مما يجري حاليًا.

يرى البعض أن إسرائيل تسعى لجعل الأردن وطنًا بديلًا للفلسطينيين، لكن هذا محض هراء، فهي لم تعد تركز على تهجير الفلسطينيين إلى دولة واحدة، بل على تشتيتهم في مختلف أنحاء العالم، ومع ذلك لا شك أن الأردن أصبح هدفًا استراتيجيًا لإسرائيل، التي تسعى إلى استغلال إدارة ترامب المؤمن بأن النظام  العالمي الجديد  يجب أن يقوم على القوة لا القانون،  لكن نظراً لأن الأردن دولة متزنة، تحكمها أسرة مالكة لا ترتكب أخطاء داخلية أو خارجية تمنح إسرائيل ذريعة للتدخل العسكري، فإنها تلجأ إلى استراتيجيتها الجديدة: الفوضى.

من هنا، يمكن فهم دوافع إسرائيل وراء فكرة تهجير الغزيين إلى الأردن، وإقناع ترامب بالضغط على عمان لقبول ذلك، وهي تدرك تمامًا أن الملك عبد الله سيرفض هذا الطرح بشكل قاطع، مما سيدفع ترامب إلى اتخاذ إجراءات اقتصادية ضد الأردن، على أمل أن يؤدي ذلك إلى انهيار الاقتصاد، ومن ثم نشوب فوضى اجتماعية تعصف بالدولة.

ما سبق ليس تحليلًا تآمرياً، بل واقع تؤكده الأدبيات الإسرائيلية، فقد تخلصت إسرائيل من مخاوفها بشأن الفوضى في دول الجوار، بعدما اكتشفت أنها أداة فعالة لاختراق هذه الدول والسيطرة عليها، والأردن، بلا شك، يمثل هدفًا كبيرًا للمشروع الصهيوني، إذ إن الفوضى داخله تخدم المصالح الإسرائيلية بشكل مباشر.

لهذا السبب، يتحرك الملك عبد الله بسرعة وبديناميكية على مختلف الأصعدة لمواجهة هذا المشروع الإسرائيلي– الأمريكي، وبحكم خلفيته العسكرية، فهو يسعى للتحالف مع الدول القادرة على التصدي لهذا المخطط، ويعمل على إقناع الجهات الأمريكية الصديقة بأن ما تطلبه إسرائيل لن يؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى، التي لن تقتصر تداعياتها على المنطقة فحسب، بل ستمتد إلى مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في العالم.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: استراتيجية الفوضى

إقرأ أيضاً:

إسرائيل مأزومة للغاية من الداخل.. فما الذي يمنعها من الانهيار؟

يتّفق المحللون الإسرائيليون على أنّ المذكرةَ التي قدّمها رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار إلى المحكمة العليا، (أعلى سلطة قضائية)، وما تضمّنته من اتهامات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ستعمّق الأزمة الداخلية في إسرائيل، وتنعكس مباشرة على مسار مفاوضات وقف الحرب في قطاع غزّة.

لا جدال حول ما يعيشه نتنياهو اليوم من لحظة تقييم حقيقية، بعد أن حصل في السابق على تفويض غير مشروط لتصعيد الحرب من أجل استعادة الأسرى، وتحقيق أهداف عسكرية، دون أن ينجح فعليًا في أي منها.

لم تهدأ الساحة الداخلية الإسرائيلية، ولم تستكن تلك الاحتجاجات الملونة في دعواتها، التي تبدأ بالدفع بالحكومة نحو إبرام صفقة الأسرى مع حركة حماس ووقف النار، ولا تنتهي عند حالات التمرّد داخل المؤسسات العسكرية، والتي شكّلت حالة "توترية" مستحدثة سببتها تلك الرسالة العلنية التي نشرها نحو ألف من أفراد سلاح الجو الإسرائيلي في 10 أبريل/ نيسان الجاري، والتي تدعو إلى إعادة الأسرى ووقف الحرب.

لا شكّ أن الداخل الإسرائيلي يشهد على اهتزازات، لم تعهدها الدولة العبرية في تاريخها، حيث وصلت الحال بزعيم المعارضة الإسرائيلي، يائير لبيد، في تصريحات أطلقها، الأحد 20 أبريل/ نيسان الجاري، إلى حدّ التحذير من أن هناك كارثة ستبدأ من الداخل الإسرائيلي "نتيجة التحريض المستمر"، محملًا رئيسَ جهاز الأمن المسؤولية عن "الفشل في التعامل مع هذه التحديات".

إعلان

كما أضاف لبيد، أنه "وفقًا لمعلومات استخباراتية، نحن مقبلون على كارثة وهذه المرة ستكون من الداخل". ما دام أن جميع المعطيات تتقاطع حول موضوع الانهيار الداخلي الإسرائيلي، فلمَ لم يحصل إذًا؟

عقبات كثيرة تقف عائقًا أمام استمرارية حكومة نتنياهو، وإشكاليات تطرح عليها من الداخل والخارج، وهذا ما برزَ بعد استئناف حربه على قطاع غزة، حيث تناولت وسائل إعلام إسرائيلية تصاعد الضغوط داخل الحكومة على رئيسها، لاتخاذ قرار باحتلال كامل قطاع غزة، في ظلّ مخاوف رئيس الأركان الجديد إيال زامير من الثمن العسكري لمثل هذه الخطوة.

يشير أغلب التقارير إلى أن إطالة أمد الحرب في المنطقة، يصبّ في صالح توفير الحماية لنتنياهو، الذي تحيط به ملفات مشبوهة. هو الذي مثَلَ في مارس/ آذار الماضي أمام المحكمة المركزية في تل أبيب، للردّ على اتهامه بالتورط في فساد وتلقّي رِشا.

كُشفت نوايا نتنياهو من خلال إفشال مسارات التفاوض، ومن الذهاب إلى الخيار العسكري، ولكن الذي ما يزال غامضًا، هو الموقف الأميركي (اللين) تجاه نتنياهو، ورفضه المقترحات التي قدّمها الأميركي لحلّ الأزمة في المنطقة.

هذا (التراخي) الأميركي تجاه نتنياهو، قابله صرامة وصلت إلى حدّ "البهدلة" بالنسبة إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض عقب لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 28 فبراير/شباط الماضي.

لا يوفّر ترامب مناسبة إلا ويتهجم فيها على زيلينسكي، لا بل ذهب بعيدًا في مواقفه، عندما عرض عليه الأربعاء 23 أبريل/ نيسان الجاري، ورقة "الذل" لإنهاء الحرب، طالبًا منه الموافقة على التخلي عن شبه جزيرة القرم، من خلال أخذ كييف إلى الاعتراف بملكيتها لروسيا. لا يتوقف الموضوع عند فرض الاستسلام على كييف، بل ذهب بعيدًا في المطالبة بالاستيلاء على الموارد النادرة في أوكرانيا. رغم أن ترامب أطلق في حملاته الانتخابية مواقف حاسمة تتعلق بإنهاء حالة الحرب في كل من القطاع وأوكرانيا.

إعلان

لا مصالح لأميركا في الحرب الدائرة في أوكرانيا، بل على العكس هناك مكاسب لها تستطيع أن تستغلها لصالح سياساتها في الشرق الأوسط. يفتّش ترامب عن صادقات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، كيف لا وهو يجد في أوكرانيا تسوية كبرى ترتبط بمنطقة الشرق الأوسط.

إنّ جلّ ما يريده الرئيس الأميركي من روسيا ممارسة المزيد من الضغط على حليفتها إيران للتوصل إلى تسويات في المنطقة، بهدف إبعاد شبح الحرب معها.

أفصح نتنياهو عن "تهديد وجودي" يداهم إسرائيل من خطورة التسوية التي تقودها أميركا مع إيران، ورفع من مستوى خطابه تجاه إيران. فعبّر قائلًا الأربعاء 23 أبريل/ نيسان، إن "إيران تمثل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل وخطرًا على مستقبلها"، مؤكدًا عزم حكومته على مواصلة التصدي لما وصفه بـ"الخطر الإيراني" حتى لو اضطرت إسرائيل للتحرك بمفردها".

هذا السقف العالي من التهديدات تحتاجه إدارة ترامب، كي تستغلّه لفرض شروطها في المفاوضات مع الجانب الإيراني. وبهذا يتبلور ما تخطط له واشنطن في المنطقة، بعيدًا عن التوجّسات الإسرائيلية، مستغلة تهديدات نتنياهو تجاه إيران.

إنّ زيارة وزير الطاقة الأميركي، كريس رايت، إلى الرياض، السبت 19 أبريل/ نيسان الجاري، وإعلانه عن "طريق مشتركة" لاتفاق نووي مدني مع السعودية، دليل واضح على ما تراه الإدارة الأميركية للمرحلة القادمة في المنطقة، ودليل إضافي على أن النظرة الأميركية تختلف كل الاختلاف عن نظرة نتنياهو.

في السبعينيات، قام نيكسون ووزير خارجيته في حينها "هنري كيسنجر" ببلورة مبادئ ما سُمي "سياسة الركيزتين" ووقتها الخطة استهدفت ضمان استقرار إقليمي، ووفرة النفط ومساعدة متبادلة ضد النفوذ السوفياتي، بينما اليوم تتوجه ضد النفوذ الصيني.

وقعت المملكة مع الولايات المتحدة على اتفاقية المادة 123 التي تطرق إليها قانون الطاقة النووية الأميركية من العام 1954، والذي يسمح لواشنطن بنقل التكنولوجيا النووية إلى دول أخرى. قد تهدف واشنطن من هذا الاتفاق إلى خلق تقاربات إقليمية تعتمد على ركائز متنافسة، بدل اللجوء إلى خيار الحروب المباشرة، التي يحتاجها نتنياهو.

إعلان

ليس صحيحًا أن يد نتنياهو مطلقة التصرف، بل الأصح هو أن لواشنطن حساباتها في المنطقة، وأن نتنياهو أصبح أداة تدار من قبل الإدارة الأميركية، التي تتصرف بما ينسجم مع مصالحها.

فنتنياهو يدمر غزة لأجل تحقيق الممر الاقتصادي الهندي، وبناء "ريفيرا الشرق"؛ تمهيدًا لفتح الاستثمارات الأميركية تحديدًا الخدماتية والسياحية.

لهذا لن يتخلَّى ترامب في المدى المنظور عن نتنياهو، ولن يُسمح للداخل الإسرائيلي بالتهور وأخذ الأمور نحو الانهيار، ما دام لم تُرسم المنطقة بحسب مع تريده واشنطن، ولم يزل النظام الدولي يرسم أطره العامة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • كاتب أمريكي: ليس كل اليهود مشمولين بحماية ترامب.. فقط من يؤيد إسرائيل
  • كاتب أمريكي: ليس كل اليهود مشمولون بحماية ترامب.. فقط من يؤيد إسرائيل
  • كاتب أمريكي: ليس كل اليهود مشمولون بحماية ترامب.. فقط من يؤيد من إسرائيل
  • أطباء السودان تدفع مطالب عاجلة بعد مجزرة جماعية وتصفية مدنيين في ميدان عام
  • الأردن.. وحلّ جماعة الإخوان الإرهابية
  • هآرتس: خسائر الجيش تكشف مأزق إسرائيل عسكريا وسياسيا
  • اليمن تعلن مهاجمتها بمسيرتين هدفين داخل إسرائيل
  • وول ستريت جورنال: إسرائيل هزمت أعداءها وأحرجت شركاءها
  • غلوبس: رسوم ترامب تخفّض نمو ناتج إسرائيل بمليارات الشيكلات
  • إسرائيل مأزومة للغاية من الداخل.. فما الذي يمنعها من الانهيار؟