الكاتب الأردني محمد سناجلة: يجب الاهتمام بالبحث العلمي في مجتمعاتنا لسد الفجوة مع الخارج
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
الكاتب الدكتور الأردنى محمد سناجلة، طبيب وكاتب ورائد الأدب الرقمى فى العالم العربى، ورئيس اتحاد كتّاب الإنترنت، أسس نظرية «الواقعية الرقمية»، التى تتناول تأثيرات الثورة الصناعية الرابعة على الإنسان وعلاقاته فى المجتمع، وعلى هامش مشاركته مؤخراً فى فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب تناول قصته مع الأدب الرقمى فى حوار لـ«الوطن».
وقال «سناجلة» إن الأدب الرقمى من تجليات الثورة الصناعية الرابعة، حيث نشر أول رواية رقمية فى 2001، مبيناً طريقة استقبال الثقافة العربية لهذا النوع من الكتابة، كما تناول بالتفصيل فرضيات نظريته المعروفة بالواقعية الرقمية، مشيراً إلى أبرز تداعيات التقدم الفائق من خلال رؤيته التى طرحها إجمالاً فى كتابه «العهد الآتى»، فإلى نص الحوار.
فى البداية ما هى الرواية الرقمية؟
- الرواية الرقمية تستخدم الكلمة المكتوبة و«الهايبر تيكست» بالدرجة الأولى، و«المالتى ميديا»، أو المؤثرات المختلفة مثل الصوت والصورة والحركة، وبالتالى فهى رواية لا تُقرأ فقط، ولكن تُقرأ وتُسمع وتُشاهد معاً، ولا يمكن طباعتها فى كتاب لأنها نص رقمى، وتُقرأ عن طريق الحاسوب، ومستحيل أن تتحول لرواية ورقية، بسبب ما تتضمنه من مواد سمعية وبصرية، وأول رواية رقمية فى العالم ظهرت فى جامعة ييل بأمريكا عام 1986، من خلال مجموعة من العلماء، الذين أسسوا مختبراً إبداعياً، وهذا المختبر أنتج برنامجاً خاصاً لكتابة الرواية الرقمية، ولكنى عندما كتبت روايتى الرقمية الأولى لم أكن أعرف الرواية الأمريكية، وكنت أعتقد أننى أول شخص فى العالم يكتب الرواية الرقمية.
ما أوجه اختلاف كتابة الرواية الرقمية عن الورقية؟
- الكتابة الرقمية تشعبية وليست أفقية مثل الكتابة الورقية، أى خلال القراءة يمكن للمتلقى الانتقال من فقرة مكتوبة إلى محتوى مرئى أو مسموع من خلال الهايبر تيكست، وأنا خلال كتابة النص أتخيل الروابط وأماكنها، وبعدها أنفذ الإخراج فى حدود 4 أشهر مثلما تستغرق عمليات الطباعة فى الكتابة الورقية.
ولماذا اتجهت إلى كتابة الرواية الرقمية؟
- تخرجت فى كلية الطب - قسم الطب الوقائى، وعملت فى تخصصى بالأردن وعدة دول لمدة 7 سنوات، بعد ذلك تركت الطب لأننى لم أكن أحبه واتجهت للكتابة، واحترفت الصحافة منذ 2005، وكان عندى حلم وأنا صغير أن أكتب رواية متفردة لم يكتبها أحد من قبل، لا ماركيز ولا فوكنر، ولا نجيب محفوظ، وفى 1996 دخل الإنترنت إلى الأردن، وبدأت أتعرف عليه وانبهرت به، وأتتنى فكرة؛ لماذا لا أستخدم تقنية الروابط أو «الهايبر تيكست» فى الرواية؟ وبالفعل كتبت أول رواية بهذه التقنية، وكانت أول رواية عربية رقمية بعنوان «ظلال الواحد» فى 2001، ثم نشرت فى 2005 رواية «ظلال العاشق»، وفى العام التالى نشرت رواية «صقيع»، وأسست أنا ومجموعة من الكتّاب المصريين والعرب اتحاد كتّاب الإنترنت من القاهرة فى 2005.
كيف استُقبلت هذه التجربة فى الثقافة العربية؟
- جُوبهت بهجوم شرس فى الأردن وفى العالم العربى، ووصل إلى حد الاعتداء الجسدى علىّ فى الأردن، وكنت أتوقع هذا الهجوم، لكن ليس بالعنف الذى حدث، كنت من 2001 إلى 2005 محل التندر بسبب الرواية الرقمية، معتبرين أن الإنترنت وسيلة تافهة، وأن العلم لا يمكن أن يلتقى بالأدب، وأطلق علىّ البعض «الدجال الرقمى».
ألم تفكر فى التراجع بسبب الهجوم؟
- مطلقاً، بل كان يزيدنى إصراراً، لأننى كنت أعرف أن المستقبل للرواية الرقمية، وللتحول الرقمى، والآن عدد زوار رواية «ظلال العاشق»، تجاوز 400 ألف زائر، وحالياً هناك عدد كبير من رسائل الماجستير والدكتوراه والدراسات عن التجربة، والأدب الرقمى صار يُدرس فى معظم الجامعات العربية، وهذا نجاح كبير، بعد أن كانت المؤسسة الأكاديمية العربية ضدى بالكامل.
وما قصة تأسيس اتحاد كتّاب الإنترنت؟
- كنت أنا وكتّاب الإنترنت من الشباب بحاجة إلى مؤسسة تجمعنا وتدافع عنا، وأسسنا ومجموعة من الكتّاب المصريين والعرب اتحاد كتّاب الإنترنت خلال معرض القاهرة الدولى للكتاب فى 2005، ومقرنا فى الإنترنت، ويتزايد عددنا يوماً بعد يوم، وهذه الفكرة أيضاً تم استقبالها برفض شديد من كل الاتحادات العربية.
متى حقق الأدب الرقمى عائداً مادياً لك؟
- فى البداية كانت رواياتى كلها مجانية، يعنى مفتوحة للجمهور، لكى أنتشر، وقبل سنتين فقط حولتها بمقابل 15 دولاراً، ومتاحة مجاناً للطلاب، وعموماً هذه الروايات أقل تكلفة من الأدب الورقى، لكن لها دخل بطريقة غير مباشرة من خلال المشاركة فى ندوات ومؤتمرات.
ماذا عن الأدب الرقمى؟
- بالتأكيد، كل زمن يصنع أدبه وأدواته منذ العصر الرعوى كانوا يكتبون على الجلود، وفى العصر الزراعى كتبوا على ورق الشجر ثم البردى، وفى العصر الصناعى اخترعوا المطبعة وكتبوا الكتاب المطبوع، وفى العصر الرقمى صار عندنا الكتاب الإلكترونى والأدب الرقمى.
لك كتاب عن نظرية الواقعية الرقمية فما أبرز فرضيات هذه النظرية؟
- الواقعية الرقمية لها شقان؛ الأول يتناول كيفية استخدام تقنيات العصر فى إنتاج العمل الروائى وهو الأدب الرقمى، والشق الثانى عن الإنسان الافتراضى الذى يعيش فى المجتمع الرقمى، وعلاقاته داخل هذا المجتمع سواء كان عملاً أو دراسة وحباً، ونحن الآن نعيش فى حالة بين واقع حقيقى وواقع افتراضى، أى مرحلة انتقالية ما بين الواقعى والافتراضى، وأناقش فى أعمالى الإنسان عندما يتحول من كينونته الواقعية لكينونته الافتراضية، وعلاقاته داخل المجتمع الرقمى، ونحن نعيش فى زمن الثورة الصناعية الرابعة، وأحدث تجلياتها الإنترنت والميتافيرس، والانتقال من استخدام حاستى السمع والبصر إلى استخدام الحواس كلها، وأنا أطلق عليه «الإنسان المنغمس»، الذى يستخدم جميع حواسه، وهو واقع قادم وحتمى، والمسافة خرافة فى الزمن الرقمى، وهذا مستقبل الكتاب أيضاً.
تحدثت عن مستقبل الإنسان فى كتابك «العهد الآتى» فكيف ترى تداعيات هذا التقدم؟
- كتابى «العهد الآتى» يتضمن تصورات عن المستقبل، ولن تحل الآلة محل الإنسان، والذكاء الاصطناعى سيقضى على 80 مليون وظيفة حول العالم، وسيفتح الباب لنحو 95 مليون وظيفة جديدة، غير موجودة حالياً، سيخترعها الذكاء الاصطناعى، ولو نظرنا فى تاريخ الثورات الصناعية وما قضت عليه من مهن وما استجدته من وظائف سنستوعب الأمر، وسيكون هو الواقع.
إلى أى مدى ستتغير منظومة القيم بالثورة الصناعية؟
- فى كتابى «العهد الآتى» أتحدث عن الواقع فى الحاضر والماضى، ولكل مجتمع أمراضه، ومع الثورة الصناعية الرابعة سيتم علاج أغلب الأمراض الموجودة حالياً، وستكون الأمراض النفسية والكآبة هى أمراض الزمن المقبل، وربما تزيد من تعاسة الإنسان، فى العالم كله ستؤدى إلى تغييرات اجتماعية هائلة، وسيصبح الإنسان أكثر فردية وأكثر أنانية، والقادم ليس سهلاً، وأنا لا أُبشر به ولا أحذر منه، نحن فى المجتمعات العربية ما زالت لدينا قيم اجتماعية يتم توريثها للأجيال، والترابط الاجتماعى ما زال موجوداً إلى الآن، ونسب الانتحار لدينا أقل، وربما لا تتأثر القيم بالثورة الصناعية لو حافظنا عليها، وصار موجوداً لدينا التوحد الرقمى، خصوصاً فى الأطفال، وأعراضه أن يكون الطفل مهملاً وأكثر عصبية وعدوانية ومهملاً لدراسته، وأكبر خطأ يرتكبه الأب والأم إعطاء الموبايل للطفل فى سن صغيرة، وبيل جيتس، أبو الثورة الرقمية، لم يسمح لأولاده بامتلاك موبايل إلا فى سن 14 سنة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: معرض القاهرة للكتاب معرض القاهرة الدولي للكتاب معرض الكتاب الثورة الصناعیة الرابعة أول روایة فى العالم من خلال
إقرأ أيضاً:
"أبوشقة" يطالب بتفعيل المواد 23 و66 بالدستور لتطوير البحث العلمي وتنظيم البعثات للخارج
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال المستشار بهاء أبوشقة، وكيل مجلس الشيوخ؛ إن الموضوعان المطروحان للمناقشة بشأن البحث العلمي وتنظيم البعثات للخارج ذات أهمية، وذلك لارتباطهما بالاستحقاقات الدستورية التي نص عليها الدستور في تفعيل المادتين 23 و66.
جاء ذلك خلال الجلسة العامة لمجلس الشيوخ برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، إثناء مناقشة طلبي مناقشة عامة مقدم من ناجح جلال لاستيضاح "سياسة الحكومة، بشأن تطوير منظومة التعليم الجامعي والبحث العلمي في مصر"، بالإضافة إلى طلب مناقشة عامة مقدم من النائب عادل اللمعي لاستيضاح سياسة الحكومة، بشأن "آليات تحسين جودة النظام البحثي والتكنولوجي، وسبل توجيه البحث العلمي نحو التخصصات ذات الأولوية، وتطوير نظام البعثات الخارجية، وتعزيز مشاركة العلماء المصريين بالخارج".
وتابع "أبوشقة": إن المادة 23 من الدستور نصت على: "تكفل الدولة حرية البحث العلمي وتشجيع مؤسساته، باعتباره وسيلة لتحقيق السيادة الوطنية، وبناء اقتصاد المعرفة، وترعى الباحثين والمخترعين، وتخصص له نسبة من الإنفاق الحكومي لا تقل عن 1% من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. كما تكفل الدولة سبل المساهمة الفعالة للقطاعين الخاص والأهلي وإسهام المصريين في الخارج في نهضة البحث العلمي".
وأضاف: "والمادة 66 تكفل الدولة للمواطنين حرية البحث العلمي، والإبداع الأدبي، والفني، والثقافي، وتنهض بالعلوم، والفنون، والآداب، وترعى المبدعين، والمخترعين، وتحمى إبداعاتهم، وابتكاراتهم، وتعمل على تطبيقها لمصلحة المجتمع. وتلتزم الدولة بالحفاظ على التراث الثقافي، والحضاري، والوطني، وتعمل على نشر الخدمات الثقافية".
واقترح وكيل مجلس الشيوخ، خطوات تفعيل حرية وتحسين جودة النظام البحثي والتكنولوجي كالتالي:
إعداد رؤية واضحة: يجب أن يتم وضع إستراتيجية وطنية شاملة للبحث العلمي على المدى الطويل، والتي تركز على تطوير القدرات البشرية وتوجيه الجهود البحثية إلى المجالات الحيوية التي تدعم التنمية المستدامة والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة تطوير تقنيات التواصل الرقمي مثل الندوات الإلكترونية والاجتماعات الافتراضية بين العلماء المصريين في الخارج والمراكز البحثية في مصر، بالإضافة إلى التعاون بين مختلف الجهات الحكومية و القطاع الخاص، إضافة إلى تحفيز الباحثين المحليين والدوليين لفتح آفاق جديدة للبحث العلمي في مصر.
وأكد وكيل مجلس الشيوخ، أنه لتحقيق هذا الغرض يتطلب نصوص تشريعية واضحة تفعيلًا لنص المادتين (23)، (66) من الدستور.
أما فيما يخص تفعيل حرية البحث العلمي وتعزيز مشاركة العلماء المصريين في الخارج، يجب أن يتم صياغة نصوص قانونية تفعل النصوص الدستورية وتسهم في تحفيز البحث العلمي، دعم التعاون الدولي، وحماية الحقوق الأكاديمية للعلماء خصوصا أن قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون 49 لسنة 1972 أصبح قاصراً عن مواكبة أمام النصوص الدستورية وعاجز عن أن يواكب التطورات التكنولوجية الحديثة في البحث العلمي.
ويعد تطوير نظام البعثات الخارجية للبحث العلمي وتعديل مشاركة العلماء المصريين في الخارج يعتبران جزءاً أساسياً من إستراتيجية التنمية العلمية والبحثية في مصر، يتمثل الهدف في تعزيز دور العلماء المصريين في الخارج وتحفيزهم على المشاركة في المشاريع البحثية، كما يسعى إلى تحسين نظام البعثات ليكون أكثر فاعلية في تلبية احتياجات التنمية الوطنية.
واستكمل "أبوشقة": "لقد حرص الدستور المصري على حرية البحث العلمي وذلك المادتين (23، 66) من الدستور، وتفعيل المادتين سالفتي البيان يكون من خلال تطوير نظام البعثات الخارجية وتعديل مشاركة العلماء المصريين في الخارج، يمكن لمصر تحقيق تقدم كبير في المجالات البحثية والتكنولوجية، مما يدعم جهودها في تحقيق التنمية المستدامة".