جنين.. واللحظة المصيرية للقضية الفلسطينية
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
ما يحدث في مخيم جنين للاجئين في شمال الضفة الغربية ليس جديدا رغم أنه «كارثي» كما وصفته اليوم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وكما تنقله شاشات الفضائيات العالمية، إنه امتداد للجرائم الإسرائيلية التي ترتكبها في حق الشعب الفلسطيني منذ عقود طويلة، واستمرار لسلوك دولة الاحتلال تجاه الأبرياء والمدنيين واحتفاء بسفك الدماء الطاهرة.
لقد حوَّل الاحتلال مخيم جنين إلى «مدينة أشباح» وكأنه يلحقه بما حدث في غزة بعد أن دمّر الطرق والمرافق والبنية الأساسية وعمد أخيرا إلى تدمير المباني على رؤوس ساكنيها دون أي إنذار مسبق في إشارة إلى تحوُّل الاحتلال إلى مرحلة جديدة من العنف والوحشية في الضفة الغربية قد تصل إلى مستوى عنفه الاستثنائي في قطاع غزة. وهذه ليست المرة الأولى التي يشهد فيها مخيم جنين مثل هذه المجازر؛ فقد حدث ما هو أبشع منها خلال الانتفاضة الثانية حينما اجتاحت قوات الاحتلال المخيم في عام 2002 ونتج عن ذلك الاجتياح استشهاد أكثر من 500 فلسطيني وتهجير ربع سكان المخيم، وما زالت ندوب ذلك الاجتياح وتلك الدماء التي سالت في المخيم باقية في نفوس الفلسطينيين وهي اليوم تتعمق وتزداد فوق بعضها بعضًا في تراكم لا ينتهي.
لكن الأمر يطرح سؤالا مهما وأساسيا يتمثل في ماذا يريد الاحتلال من هذه العملية بهذا العنف وبهذا المستوى من الإجرام؟
يبدو واضحا أن الاحتلال يسعى إلى تحقيق ما يمكن أن يسمى «صورة نصر» تعوّض إخفاقاته في غزة عبر استهداف الضفة الغربية، وخاصة مخيم جنين.. وكل هذا يأتي ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى تفريغ المخيم من سكانه وتحويله إلى «جزء من الذاكرة» وإلى بناء لحظة رمزية في سياق استراتيجية «التهجير» التي ارتفع حضورها في الخطاب الإسرائيلي وفي خطاب الداعم الدولي له.
ويبدو واضحا أن إسرائيل ستعود إلى استراتيجية كانت قد تحدثت عنها من قبل تهدف إلى ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية قبل أن يتعثر المشروع في خضم أحداث حرب غزة لكن المشروع يستعيد زخمه الآن لتحقيق أهداف كثيرة سابقة على حرب غزة ولاحقة له ومتداخلة معه.
وهذا المخطط ليس جديدا على الفلسطينيين الذين يدركون تماما أبعاده وآليات تنفيذه، أمّا نجاحه فهو مرهون بمستوى الوعي الفلسطيني والقدرة على المواجهة الموحدة بعيدا عن المواجهات المتفرقة. ويدرك الفلسطينيون في هذا المنعطف التاريخي الذي يمرون به منذ بدء حرب غزة أهمية وجود قيادة موحدة تقدمهم للعالم وتحمل رسالة قضيتهم وإلا سيجدون الاحتلال يمضي قدما في تنفيذ مخططاته سواء في ضم أجزاء من الضفة الغربية أو تهجير من بقي على قيد الحياة من سكان قطاع غزة.
هذه لحظة مصيرية تضع الشعب الفلسطيني على المحك الداخلي هذه المرة للوصول إلى رؤية واضحة لمسار النضال خلال المرحلة القادمة من عمر القضية الفلسطينية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الضفة الغربیة مخیم جنین
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تحذر من الآثار الوخيمة لعمليات الاحتلال الصهيوني في الضفة الغربية
يمانيون../ حذر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة (أوتشا)، الجمعة، من أن عدوان جيش الاحتلال “الإسرائيلي” على شمال الضفة الغربية لا يزال يحدث آثارا إنسانية وخيمة.
وقال المكتب، إن “السلطات الإسرائيلية بدأت بهدم أكثر من 16 مبنى في مخيم نور شمس للاجئين، بعد تدمير أكثر من عشرين منزلاً في المنطقة خلال الأسبوع الماضي”.
وأضاف أن “عمليات الهدم تجري في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، في حين أن معظم سكان المخيمات – عشرات الآلاف من الأشخاص – نازحين وغير قادرين على العودة إلى منازلهم”.
وأوضح المكتب أن “النازحين في الملاجئ العامة في جنين وطولكرم يفتقرون إلى المياه والأدوية، ويفتقرون إلى مرافق الفراش والصرف الصحي، فضلا عن مواد النظافة والتنظيف”.
وأشار إلى أنه “لا تزال القيود المفروضة على الوصول تعيق حركة الأشخاص في جميع أنحاء الضفة الغربية”.
وكان وزير حرب العدو الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أعلن توجيه تعليماته لقوات الاحتلال بمواصلة احتلال مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية حتى نهاية العام على أقل تقدير، وذلك أثناء مشاركته، اليوم الجمعة، في مؤتمر “الصهيونية الفيدرالية” في يافا تل أبيب، حسب ما نقلت صحيفة “يسرائيل هيوم”.
واعترف كاتس بتهجير 40 ألف شخص من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في جنين وطولكرم ونور شمس، شمالي الضفة، على خلفية العدوان العسكري الذي تنفذه قوات العدو الإسرائيلي منذ أكثر من شهر. ويجبر جيش العدو الإسرائيلي الفلسطينيين في المخيمات على ترك منازلهم، وفق مؤسسات حقوقية محلية وأممية.
وبدأ جيش العدو الإسرائيلي عدوانه العسكري قبل نحو 50 يوماً في شمال الضفة الغربية المحتلة، تحت مسمى “السور الحديدي”، بدءاً بمخيم جنين، ثم انتقل إلى مخيمي طولكرم ونور شمس في طولكرم، قبل أن يوسع عدوانه في وقت لاحق ليصل إلى مخيم الفارعة في طوباس.
وتخلل الانتهاكات الإسرائيلية اعتقال عشرات الفلسطينيين، وعمليات هدم وحرق واقتحامات لمنازل فلسطينيين ودور عبادة، ما يؤكد أن تل أبيب تضرب عرض الحائط بكل القيم الدينية والأخلاقية والأعراف الدولية والحقوقية، وفق المؤسسات الفلسطينية والأممية. وتحذر السلطات الفلسطينية من أن هذا العدوان الواسع والمدمر يأتي “في إطار مخطط حكومة بنيامين نتنياهو لضم الضفة وإعلان السيادة عليها، وهو ما قد يمثل إعلاناً رسمياً لوفاة حل الدولتين”.