قرارات ترامب ومشروع تصفية القضية الفلسطينية
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
منذ دخول الرئيس الأمريكي ترامب البيت الأبيض وهو يوقّع على الأوامر التنفيذية التي تتعلق بشطب تاريخ إدارة بايدن والديمقراطيين خلال السنوات الأربع الماضية حيث اشتبك الرئيس الأمريكي ترامب مع الداخل والخارج على حد سواء من خلال المواجهة المباشرة مع الدولة العميقة وخلخلة رسوخها من خلال الإدارات والأجهزة العسكرية والأمنية وإنذار الآلاف من الطرد من الوظائف العامة خاصة من السلطتَين التنفيذية والقضاء، حيث إن ترامب واجه محاكمات مشهودة طوال السنوات الأخيرة.
النظام السياسي الأمريكي أتاح للرئيس ترامب فرصة تاريخية للترشح من خلال تأجيل عدد من القضايا، ومن هنا فإن الرئيس الأمريكي ترامب بعد فوزه الكاسح خلال الانتخابات الأمريكية ودخوله مجددا للبيت الأبيض كان من المفترض أن يستفيد من تجربته الأولى في البيت الأبيض، وأن يقيس الأمور بمنظور موضوعي بعيدا عن الشطحات والتهديد والوعيد لدول مستقلة، ولعل من أغرب التصريحات لهذا الرئيس الأمريكي الجدلي هو حديثه عن كندا وضرورة ضمها إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتصبح الولاية الحادية والخمسين، كما أراد ضم جرينلاند وهي جزيرة تابعة للدنمارك، كما تحدث عن ضرورة ضم قناة بنما، وغيرها من القرارات والتصريحات المتهورة التي تدل على أن الرجل يتصرف كرجل أعمال وليس شخصية سياسية تقود أقوى دول العالم.
ولم يكتف الرئيس الأمريكي ترامب بذلك بل أراد تكرار صفقة القرن التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال مشروعه غير القانوني بتهجير الشعب الفلسطيني في قطاع غزة إلى عدد من الدول العربية كمصر والأردن واستخدم لغة غير دبلوماسية. كما أن شنه حربا تجارية ضد عدد من الدول اللاتينية وأيضا ضد كندا وأيضا حديثه عن حلفائه في أوروبا يعطي صورة واضحة على أن السنوات الأربع لدونالد ترامب ستكون سنوات مزعجة وكارثية على صعيد القضية الفلسطينية وعلى صعيد الأمن والاستقرار في العالم وعلى صعيد الاقتصاد العالمي.
على صعيد الداخل بدأت إدارة ترامب في طرد آلاف المهاجرين من المكسيك ودول لاتينية أخرى بحجة عدم قانونية الإقامة، كما أن عددا من القرارات التنفيذية سوف تطال قضايا الطاقة والانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، والغريب أن الرئيس الأمريكي ترامب تحدث خلال حفل التنصيب بأنه يريد أن يترك أثرا تاريخيا بعد مغادرته البيت الأبيض ليكون أحد الرؤساء في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، ومن خلال قراراته وتصريحاته فإنه يكرر المشهد نفسه عندما دخل البيت الأبيض عام ٢٠١٦.
إن ظاهرة ترامب أدخلت العالم شرقه وغربه في مأزق حقيقي وكانت ردات الفعل تتراوح بين الوقوف أمامه ورفض مخططاته التي تضر بمصالح تلك الدول وبين دول آثرت مسايرة ترامب لعل المشهد السياسي في الداخل يتغير ويكون هناك سجال داخل الكونجرس الأمريكي رغم سيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ، وقد تحدث مقاومة جادة من مؤسسات الدولة العميقة خاصة المؤسسة العسكرية والأمنية وأيضا من قبل كبرى الشركات الأمريكية التي قد تتضرر مصالحها جراء الحرب التجارية التي أطلقها ترامب من خلال تهديده بفرض رسوم تجارية.
القضية الفلسطينية تعَد أمام مفترق طرق خاصة خلال اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وهو لقاء قد يحدد مسارات عديدة منها مسار الوضع في قطاع غزة وأيضا التحولات الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومسألة قطار التطبيع، والذي سوف يركز عليه ترامب مقابل إنهاء حلم الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وعلى ضوء ذلك فإن الرئيس الأمريكي ترامب يكرر نفس الأخطاء الاستراتيجية وفي تصوري فإن السنوات الأربع القادمة وإن كانت صعبة قد تشهد توترات ولكنه في مجمل التحليل السياسي لا يستطيع مواجهة العالم والشرعية الدولية وحتى الداخل الأمريكي.
وإذا كان ترامب قد يربح بعض الصفقات الوقتية ولكنه سوف يخسر الكثير خلال تلك المواجهات وخلق عداوات حتى مع أقرب الحلفاء في أوروبا والدول العربية.
ومن هنا فإن المشهد السياسي في العالم يتعرض لظاهرة ترامب مجددا ومن المهم أن تكون هناك مقاومة سياسية وشعبية للوقوف أمام المخطط الأساسي الذي يهمنا كعرب وهو دعم القضية الفلسطينية وإفشال مخطط التهجير الذي يذكرنا بالنكبة عام ١٩٤٨، كما أن الاقتصاد العالمي سوف يتأثر بشكل كبير إذا أصر ترامب على الحرب التجارية مع دول العالم خاصة الصين وأوروبا ودول أمريكا اللاتينية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الرئیس الأمریکی ترامب القضیة الفلسطینیة البیت الأبیض على صعید من خلال کما أن
إقرأ أيضاً:
البيت الأبيض: ترامب سيحظر تمويل وكالة الأونروا
في خطوة أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والدولية، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرر وقف تمويل الولايات المتحدة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وجاء القرار ضمن توجه أوسع للإدارة الأمريكية آنذاك لإعادة النظر في سياساتها تجاه القضية الفلسطينية، وهو ما اعتُبر جزءًا من استراتيجية الضغط على القيادة الفلسطينية لإجبارها على تقديم تنازلات سياسية.
خلفيات القرارمنذ وصوله إلى السلطة عام 2017، تبنّى ترامب سياسات حازمة تجاه القضية الفلسطينية، شملت الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، إضافة إلى تقليص المساعدات المقدمة للفلسطينيين. وفي أغسطس 2018، أعلن البيت الأبيض رسميًا وقف تمويل الأونروا، متهمًا الوكالة بأنها "منظمة منحازة تُكرّس أزمة اللاجئين الفلسطينيين بدلًا من حلّها".
وفقًا للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية آنذاك، هيذر ناورت، فإن واشنطن "لن تموّل الأونروا بعد الآن بسبب نموذجها المالي غير المستدام وتحميلها المجتمع الدولي عبء اللاجئين الفلسطينيين لعقود دون إيجاد حلول دائمة".
ردود الفعل الدوليةأثار القرار ردود فعل متباينة على المستوى الدولي. فقد انتقدت الأمم المتحدة القرار، مشددة على أن الأونروا تقدم خدمات ضرورية لملايين اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن ولبنان وسوريا. كما أعرب الاتحاد الأوروبي ودول عربية عدة عن قلقهم من تداعيات هذا القرار على الاستقرار الإقليمي والوضع الإنساني للفلسطينيين.
من جهته، وصف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس القرار بأنه "عدوان صارخ على حقوق اللاجئين"، مشددًا على أن "الولايات المتحدة لم تعد وسيطًا نزيهًا في عملية السلام".
تداعيات القرار على اللاجئين الفلسطينيينتعتمد الأونروا بشكل رئيسي على التمويل الدولي، وكانت الولايات المتحدة حتى عام 2018 أكبر مانح للوكالة، حيث قدمت نحو 365 مليون دولار سنويًا. ومع توقف هذا الدعم، واجهت الأونروا أزمة مالية خانقة أثرت على خدماتها الأساسية، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والإغاثة الغذائية.
في غزة، حيث يعيش أكثر من مليوني شخص تحت الحصار الإسرائيلي، تسبّب نقص التمويل في تقليص الخدمات المقدمة في المدارس والمراكز الصحية، مما زاد من تفاقم الأزمة الإنسانية. كما أدى القرار إلى تسريح عدد كبير من الموظفين العاملين في الوكالة، مما أثار احتجاجات واسعة في المناطق التي تعتمد على خدماتها.
هل كان القرار جزءًا من "صفقة القرن"؟يرى محللون أن قطع التمويل عن الأونروا كان جزءًا من خطة إدارة ترامب المعروفة بـ"صفقة القرن"، التي هدفت إلى إعادة تشكيل معالم القضية الفلسطينية وفقًا لرؤية أمريكية - إسرائيلية. فقد سعت واشنطن إلى إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر تقويض الأونروا، وهو ما اعتُبر محاولة لإلغاء حق العودة، أحد أبرز القضايا العالقة في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.
مع تغير الإدارة الامريكية وتولي الرئيس السابق جو بايدن السلطة، أعلنت واشنطن في 2021 استئناف تمويل الأونروا جزئيًا، في محاولة لإعادة بناء العلاقات مع الفلسطينيين. إلا أن الأونروا لا تزال تواجه تحديات مالية، وسط ضغوط إسرائيلية مستمرة لإنهاء عملها بحجة أنها تعيق جهود السلام.
في ظل الأوضاع السياسية الراهنة، يبقى مصير الأونروا مرتبطًا بالتوازنات الدولية ومواقف القوى الكبرى، فيما يظل اللاجئون الفلسطينيون الحلقة الأضعف في هذا الصراع المستمر.
قرار ترامب بوقف تمويل الأونروا كان خطوة غير مسبوقة أدت إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية للاجئين الفلسطينيين، كما أثّر على التوازنات السياسية في المنطقة. وبينما تحاول الوكالة التكيف مع الواقع الجديد، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الأونروا من الصمود في وجه الضغوط، أم أن القضية الفلسطينية ستشهد تحولات جذرية في ظل المتغيرات الدولية؟