لجريدة عمان:
2025-02-04@19:55:05 GMT

أَعدم الناس وفقا لهذا الكتاب

تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT

إحدى الأسئلة المهمة التي طرحت على رئيس سوريا الانتقالي أحمد الشرع فـي الأسابيع الأولى بعد سقوط النظام: ما الذي تقرأه وماذا تفضّل من الكتب؟ كان هذا بعد أن انتهى الاجتماع معه وأجاب عن كل الأسئلة التي تتعلق برؤيته لانتقال الحكم، وتعددية المجتمع السوري، والمشاركة فـي الحكم من قبل مؤسسات المجتمع المدني، لكن السائل كان يقصد الكشف عما هو محتجب فـي العادة، مؤمنًا أن ما نفضله من الكتب وما نصرح به حول تفضيلاتنا دون إعداد مسبق قد يكشف عنا شيئًا مهما حاولنا إخفاءه لن ننجح فـي ذلك.

يختلف الأمر عند ترامب وحاشيته، إذ إن تفضيلهم لكتاب «Unhumans: The Secret History of Communist Revolutions (and How to Crush Them)» معلن. هذا الكتاب الذي يعتمد فـيه الكاتب على نماذج أبرزها فرانثيسكو فرانكو وأوغستو بينوشيه اللذان سحقا شعبيهما وتعاملا بعنف مع المعارضين والمنشقين. يعتقد الكاتب أن على ترامب وحكومته أن يتعاملا بالمثل مع اليسار الأمريكي، أو المنشقين مهما كان اللواء الذين ينضوون تحته. لا يعني هذا قتل واستبعاد المعارضين بحسب أفعالهم بحسب، بل وحتى بسبب «الأيدلوجيات» التي يؤمنون بها.

يجد الكاتب الأمريكي حي ناثان روبنسون ذلك مثيرًا للقلق، فكيف لكتاب كهذا أن يكون شعبيًا ممن هم فـي السلطة التنفـيذية. ويجعلنا نتساءل معه عن الحدود التي يستطيع أن يتخذ فـيها ترامب قرارات بهذا الصدد، إذ إن حكم البلاد الجمهوري الذي يعتمد على الدستور يقلص من إمكانية أن يتصرف الرئيس من تلقاء نفسه. أنا نفسي مع كل ما يحدث فـي أمريكا الآن بحثت عن مذكرات دراستي الجامعية عندما درسنا فـي قسم العلوم السياسية بجامعة الكويت نموذج الحكم الجمهوري والنموذج الأمريكي بشكل خاص، مع ذلك يبدو أن فهمنا للسياسية يجري الآن غربلته وإعادة موضعته إزاء كل ما يحدث.

قابل جي ناثان روبنسون كاتب هذا الكتاب وسأله عما يفكر فـيه، وإلى أي مدى ينبغي أن يكون ترامب ديكتاتوريًا ومن هم هؤلاء الأشرار الذين ينبغي عليه استبعادهم بل وقتلهم إن اقتضى الأمر. لكن إجاباته بحسب روبنسون كانت مبهمة ومع ذلك لا يمكن إلا أن تشعر بوقع الشؤم فـيها.

يستخدم الكتاب حجة أن الديمقراطية هي حكم الأغلبية، أي الغوغاء، وأن نماذج كتلك التي أسلفت بالإشارة إليها أعلاه رأت أن الديمقراطية لا تنجح فـي حماية الأبرياء، لقد سمحت الديمقراطية بحسب إيمان الكاتب لكثير من العصابات بنهب وتخريب البلاد فـي إسبانيا وباريس دون أن يكون ذلك خرقًا للقانون.

توقفتُ عند هذا التصريح كثيرًا، إذ إن السؤال المهم فـي هذه الحالة هو المساحة التي سيتحرك فـيها اليمين الشعبوي فـي العالم كله ما لم يكن النظام ديمقراطيًا، والحدود التي نادى بها اليسار بالمناسبة وفـي سياقات عديدة، بين ميوعة حرية التعبير والفهم الحقيقي لهذه الحرية وأخلاقيات التعبير التي لا ينبغي أن تُطبع مع خطابات الكراهية مثلًا، تساءلت ترى ما الذي سيحدث لو كان هنالك حرية تعبير لا على مقاس السوق الحرة وإنما وفقًا للأدبيات التي لطالما ناقشها اليسار العالمي، الذي ينبغي أن ننزع عنه اليوم الديمقراطية بحسب الكاتب متهمين إياها لا اللاعبين والفاعلين الذين استغلوها لوصول وتكريس أنفسهم. هل يا ترى يحمل هؤلاء بذرة موتهم؟

وهكذا وبدلًا من نقد الديمقراطية وحكم الأقلية فـيها حتى وإن ادعت العكس أي أنها تمثيل للغالبية، ينبغي وحصرًا بعد وصول اليمينين المتشددين أن تُلغى وأن نعتمد على مواقفهم للانطلاق منها فـي حكم البلاد. ألا يبدو هذا تهريجًا؟ لكنني بالمناسبة لا أنفر من هذا التهريج، إن أهم ما تقدمه لنا هذه الأطروحة ومن يقف وراءها أنها تشكل نموذجًا متناغمًا بشدة مع طبيعة العالم الوحشي الذي نعيش فـيه. هذا ما يليق بهذا العالم فـي هذه اللحظة التاريخية. إن عالمًا شهدنا فـيه القتل العلني وتبخير الجثث فـي غزة لا يمكن أن ينتج عنه إلا حكما «كاريكتوريًا» كهذا، وشخصيات «كرتونية» أفضل من هذه التي نراها.

ومع ذلك لا يكف الكاتب فـي لقائه مع روبنسون للتمييز بين موقفه ومن يسميهم «اليمين الرجعي» الواضح فـي عنصريته، حتى وإن لم يكن هنالك ما يشير بوضوح للفرق بين موقفه وموقفهم. مرة أخرى يستغل هؤلاء إذن انعدام «ردلكة/ جذرية» الفضاء العام الذي يتحرك فـي سماء السوق الحرة المفتوح بلا نهاية، لإيهامنا بشيء ما، والتصرف بعكسه.

لم يمض وقت طويل على صدور هذا الكتاب، تُرى هل سيترجم للعربية، وكم واحدًا من أولئك الذين نعرفهم سيحمله بين يديه، مستخدمًا إياه لمزيد من التسلط والعنف الذي تمارسه الدول بحق الشعب وأفكاره وروحه وما يتطلع إليه. لا شك بأنهم كثر أولئك الذي يقولون على غير استحياء فـي مجالسنا الخاصة «لسنا مستعدين للديمقراطية... ليس بعد». فالتنويعات على ترامب ومن يشبهونه قريبة بشكل قد لا نتخيله أحيانًا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هذا الکتاب

إقرأ أيضاً:

أزمات متلاحقة داخل الوكالة الأمريكية للتنمية.. هل تنتهي على أيدي ترامب؟

جدل واسع أثير خلال الأيام الماضية بشأن الأزمات المتعلقة بوكالة التنمية الأمريكية الدولية، خاصة بعدما نشر البيت الأبيض، مؤخرا، تقرير صادم حول النفقات المتعلقة بالوكالة حيث أظهرت وثائق قيل إنها تدعم مشاريع غير منطقية دون رقابة حقيقية بعضها مرتبط بضخ مئات الآلاف من الدولارات في منظمات غير ربحية لها صلات وثيقة بجماعات متطرف بجانب أنشطة أخرى. 

تشديد الرقابة على الوكالة الأمريكية 

وفي ظل تشديد الرقابة على الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، تم تعليق حسابها الرسمي على منصة التدوينات القصيرة «إكس» ووضع موقعها الإلكتروني خارج الخدمة وفقا لموقع بلومبرج، وفي الوقت ذاته قدم الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، القائم بأداء وزارة الكفاءة الحكومية إعلان بإغلاق الوكالة الأمريكية للمساعدات الخارجية، متابعا أن الوكالة لا يمكن إصلاحها مشيراً إلي ضرورة إغلاقها، بحسب تدوينة عبر منصة «إكس». 

ومن جانبه، اعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأشخاص الذين يديرون الوكالة مجموعة من المجانين معلنا عزمه علي التخلص منها قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن أنشطتها وفقا لموقع «أكسيوس» الأمريكي. 

وبعد حديث ترامب، أصدر البيت الأبيض مناقشات الرئيس الأمريكي مع فريقه حول دمج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في وزارة الخارجية لتقليص العمال بالوكالة من أجل الكفاءة؛ ليعين ماركو روبيو، وزير الخارجية الأمريكي، قائما بأعمال رئيس الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)؛ معلقا الأخير بعدها بأن الوكالة الأمريكية أصبحت لا تراعي المصالح الوطنية وتقوض عمل السلطات الأمريكية. 

بداية الأزمة 

وتعود بداية أزمة الوكالة مع بداية تنصيب ترامب في البيت الأبيض، والذي قام بالتوقيع علي أمر تنفيذي بتعليق المساعدات الخارجية لدول أجنبية، منتقدا وقتها ما تقدمه (USAID) بالمساهمة في زعزعة السلام العالمي والترويج لأفكار خاطئة. 

وبعدها أعلنت وكالة التنمية الدولية الأمريكية عن إقالة مسؤولين أمنيين كبيرين حاولوا منع ممثلين وزارة الكفاءة من الدخول لأماكن محظورة بمبني الوكالة، متابعة بأن الإقالة شملت عشرات الموظفين في مناصب مختلفة.

وفي أعقاب تلك الأزمات، دعت مجموعة من الديمقراطيين في مجلس الشيوخ إلى مراجعة شاملة للأوضاع في الوكالة، مشيرين إلى قلقهم من احتمال وصول ممثلي وزارة الكفاءة الحكومية (DOGE) إلى الوكالة بشكل غير مصرح به، فضلاً عن الفصل المحتمل لكبار الموظفين في الوكالة.

وأثناء ولاية ترامب الأولي، اقترح الرئيس الأمريكي تخفيض الإنفاق التقديري الدفاعي وغير الدفاعي المقدم من وكالة التنمية الدولية علي عمليات الطوارئ في الخارج  في أفغانستان وأوغندا وغيرها بقيمة تخفيض 1.9تريليون دولار، وفقاً لـ«واشنطن بوست».

وتعتبر وكالة التنمية الأمريكية جهة تابعة للحكومة الفيدرالية مسؤولة عن إدارة المساعدات الخارجية المقدمة للمدنيين تضمن عدة برامج تتركز أغلبها علي تنمية وحماية الإنسان والبيئة وتوفير الرعاية الصحية والتعليم وحالات الإغاثة من الكوارث والفقر وتقدم الوكالة الدعم التقني والمادي لكل دول العالم المتضررة وفقاً للموقع الرسمي الخاص بالوكالة. 

مقالات مشابهة

  • أزمات متلاحقة داخل الوكالة الأمريكية للتنمية.. هل تنتهي على أيدي ترامب؟
  • ترامب: ينبغي أن تزود أوكرانيا أمريكا بمعادن نادرة مقابل الدعم
  • ضوابط صارمة لتأمين المباني من مخاطر الحرائق وفقا للقانون
  • أردوغان: ينبغي ألا نترك غزة وحدها
  • ما الذي تقترحه الصين على ترامب لتجنب حرب تجارية؟
  • معرض الكتاب يحتفى بمئوية الدكتور صوفي أبو طالب
  • حدث ليلا: أمريكا تستهدف داعش.. ولقاء مرتقب بين نتنياهو وترامب.. والعالم على أعتاب حرب تجارية.. عاجل
  • نتنياهو يستعد لزيارة أمريكا بدعوة من ترامب.. ماذا حدث في مكالمته مع ويتكوف؟
  • إقبال جماهيري كثيف على حفل توقيع الكاتب السعودي أسامة مسلم في معرض الكتاب